فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب السرعة في السير

باب السُّرْعَةِ فِي السَّيْرِ
قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيُعَجِّلْ».

( باب السرعة في السير) عند الرجوع إلى الوطن ( قال) ولأبي ذر وقال: ( أبو حميد) بضم الحاء المهملة عبد الرحمن الساعدي مما سبق في حديث مطوّلاً في الزكاة ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( إني متعجل) بميم مضمومة ففوقية فعين مفتوحتين فجيم مكسورة ( إلى المدينة فمن أراد أن يتعجل معي فليعجل) بضم التحتية وكسر الجيم مشددة ولأبي ذر فليتعجل بفتح التحتية والفوقية والجيم.
قال المهلب: تعجله عليه الصلاة والسلام إلى المدينة ليريح نفسه ويفرح أهله.


[ قــ :2866 ... غــ : 2999 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ -رضي الله عنهما-كَانَ يَحْيَى يَقُولُ: وَأَنَا أَسْمَعُ، فَسَقَطَ عَنِّي- عَنْ مَسِيرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: فَكَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ.
فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ.
وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ".

وبه قال: ( حدّثنا ابن المثنى) العنزي البصري ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن هشام) هو ابن عروة ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير ( قال: سئل أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-) قال البخاري قال ابن المثنى ( كان يحيى) القطان ( يقول) : تعليقًا عن عروة أو مسندًا إليه سئل أسامة ( وأنا أسمع) السؤال قال يحيى: ( فسقط عني) لفظ وأنا أسمع عند رواية الحديث كأنه لم يذكرها أوّلاً واستدركه آخرًا وهذه الجملة معترضة بين قوله سئل أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- وبين قوله ( عن مسير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حجة الوداع) حين أفاض من عرفة فقوله عن مسير متعلق بقوله سئل على ما لا يخفى ( قال) : أي أسامة ولأبي ذر فقال: ( فكان يسير العنق) .
بفتح العين المهملة والنون وهو السير السهل ( فإذا وجد فجوة) بفتح الفاء وسكون الجيم الفرجة بين الشيئين ( نص) .
بفتح النون وتشديد الصاد المهملة ( والنص) السير الشديد حتى يستخرج أقصى ما عنده فهو ( فوق العنق) .
المفسر بالسير السهل وإنما تعجل عليه الصلاة والسلام إلى المزدلفة ليتعجل الوقوف بالمشعر الحرام.




[ قــ :867 ... غــ : 3000 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ -هُوَ ابْن
أَسْلَمَ- عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ شِدَّةُ وَجَعٍ فَأَسْرَعَ السَّيْرَ, حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا.

     وَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا".

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن أبي مريم) نسبه لجدّه الأعلى وإلا فهو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم الجمحي البصري قال: ( أخبرنا محمد بن جعفر) المدني ( قال: أخبرني) بالإفراد ( زيد هو ابن أسلم عن أبيه) أسلم ( قال: كنت مع عبد الله بن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنهما- بطريق مكة فبلغه عن) زوجته ( صفية بنت أبي عبيد) بالتصغير الصحابية الثقفية أخت المختار وكانت من العابدات ( شدّة وجع فأسرع السير) ليدرك من حياتها ما يمكنه أن تعهد إليه بما لا تعهده إلى غيره ( حتى إذا كان بعد غروب الشفق ثم نزل) عن دابته ( فصلّى المغرب والعتمة يجمع بينهما) ولأبي ذر جمع بينهما بصيغة الماضي ( وقال: إني رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا جدّ به السير) أي اشتد قاله صاحب المحكم وقال القاضي عياض: أسرع كذا قال وكأنه نسب الإسراع إلى السير توسعًا ( أخّر المغرب وجمع بينهما) أي المغرب والعشاء كذلك.




[ قــ :868 ... غــ : 3001 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن سمي) بضم السين وفتح الميم ( مولى أبي بكر) أي ابن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام ( عن أبي صالح) ذكوان السمان ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه) نصب بنزع الخافض أي من نومه أو مفعول ثانٍ ليمنع لأنه يطلب مفعولين كأعطى ( وطعامه وشرابه) أي كمال نومه وكمال طعامه وشرابه ولذة ذلك لما فيه من المشقّة والتعب ومعاناة الحر والبرد والخوف والسرى ومفارقة الأهل والأصحاب وخشونة العيش ( فإذا قضى أحدكم نهمته) بفتح النون أي بلغ همته من مطلوبه ( فليعجل) بضم التحتية وكسر الجيم ( إلى أهله) .
هذا موضع الترجمة على ما لا يخفى.
قال في معالم السُّنّة: فيه الترغيب في الإقامة لئلا تفوته الجمعات والجماعات والحقوق الواجبة للأهل والقرابات وهذا في الأسفار غير الواجبة.

ألا تراه يقول عليه الصلاة والسلام ( فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله) أشار إلى السفر الذي له نهمة وأرب من تجارة أو غيرها دون السفر الواجب كالحج والغزو.