فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من شاق شق الله عليه

باب مَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( من شاق) على الناس بأن أدخل عليهم المشقّة ( شق الله عليه) جزاء وفاقًا لأعمالهم.


[ قــ :6770 ... غــ : 7152 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الْجُرَيْرِىِّ، عَنِ طَرِيفٍ أَبِى تَمِيمَةَ قَالَ شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهْوَ يُوصِيهِمْ فَقَالُوا: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالُوا: أَوْصِنَا فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ إِلاَّ طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ».
.

قُلْتُ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ مَنْ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جُنْدَبٌ قَالَ: نَعَمْ جُنْدَبٌ.

وبه قال: ( حدّثنا إسحاق) بن شاهين أبو بشر ( الواسطي) قال: ( حدّثنا خالد) هو ابن عبد الله الطحان ( عن الجريري) بضم الجيم وفتح الراء نسبة إلى جرير بن عباد واسمه سعيد بن إياس ( عن طريف) بالطاء المهملة آخره فاء بوزن عظيم ( أبي تميمة) بالفوقية بوزن عظيمة ابن مجالد بضم الميم وتخفيف الجيم الجهيمي بضم الجيم مصغرًا نسبة إلى بني الجهيم بطن من تميم وكان مولاهم أنه ( قال: شهدت صفوان) بن محرز بن زياد التابعي البصري ( وجندبًا) بضم الجيم والدال المهملة بينهما نون ساكنة ابن عبد الله البجلي الصحابي المشهور ( وأصحابه) أي أصحاب صفوان ( وهو) أي صفوان بن محرز ( يوصيهم) بسكون الواو وعند الكرماني الضمير راجع إلى جندب وكذا هو في الأطراف للمزي، ولفظه: شهدت صفوان وأصحابه وجندبًا يوصيهم ( فقالوا) أي صفوان وأصحابه لجندب ( هل سمعت من رسول الله شيئًا؟ قال) : نعم ( وسمعته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يقول) :
( من سمع سمع الله به يوم القيامة) بفتح السين والميم المشددة أي من عمل للسمعة يظهر الله للناس سريرته ويملأ أسماعهم بما ينطوي عليه، وقيل سمع الله به أي يفضحه يوم القيامة وقيل معناه من سمع بعيوب الناس وأذاعها أظهر الله عيوبه، وقيل أسمعه المكروه، وقيل أراه الله ثواب ذلك من غير أن يعطيه إياه لكون حسرة عليه، وقيل من أراد أن يعلمه الناس أسمعه الله الناس وكان ذلك حظه.

( قال) عليه الصلاة والسلام: ( ومن يشاقق) ولأبي ذر عن الكشميهني بإسقاط إحدى القافين أي يضر الناس ويحملهم على ما يشق من الأمر أو يقول فيهم أمرًا قبيحًا ويكشف عن عيوبهم ومساويهم ( يشقق الله عليه) يعذبه ( يوم القيامة) ويشاقق ويشقق بلفظ المضارع وفك القاف فيهما ( فقالوا) له: ( أوصنا.
فقال)
جندب ( إن أول ما ينتن) بضم التحتية وسكون النون وكسر الفوقية قال في الصحاح نتن الشيء وأنتن بمعنى فهو منتن ومنتن بكسر الميم إتباعًا لكسرة التاء والنتن الرائحة الكريهة ( من الإنسان) بعد موته ( بطنه فمن استطاع أن لا يأكل إلاّ طينًا) أي حلالاً ( فليفعل ومن استطاع أن لا يحال) بضم التحتية وفتح الحاء المهملة مبنيًّا للمفعول وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني أن لا يحول ( بينه وبين الجنة ملء كفه) كذا للكشميهني ملء بغير حرف الجر ورفع ملء على أنه فاعل بفعل محذوف دل عليه المتقدم أي يحول بينه وبين الجنة ملء كفه ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بملء كف ( من دم) بغير ضمير ومن بيانية ( أهراقه) بفتح الهمزة وسكون الهاء صبه بغير حقه ( فليفعل) .

وهذا الحديث وإن كان ظاهره أنه موقوف فهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال بالرأي.
نعم وقع مرفوعًا عند الطبراني من طريق الأعمش من أبي تميمة بلفظ قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يحولن بين أحدكم وبين الجنة" فذكر نحو رواية الجريري.

قال الفربري ( قلت لأبي عبد الله) محمد بن إسماعيل البخاري ( من يقول سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جندب؟ قال: نعم جندب) وفي الفرع كأصله سقوط قوله قلت إلخ لأبي ذر، وقال في الفتح: وقد خلت رواية النسفي من ذلك.