فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {وإن يونس لمن المرسلين} [الصافات: 139]

باب قَوْلِهِ: { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}
هذا ( باب) بالتنوين ( قوله) تعالى: ( { وإن يونس لمن المرسلين} ) [الصافات: 139] وسقط باب لغير أبي ذر.


[ قــ :4544 ... غــ : 4804 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِنِ ابْنِ مَتَّى».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل بفتح الجيم الثقفي قال: ( حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد الضبي ( عن الأعمش) سليمان ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن عبد الله) هو ابن مسعود ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما ينبغي لأحد أن يكون خيرًا من ابن متى) أي في نفس النبوّة إذ لا تفاضل فيها.
نعم بعض النبيين أفضل من بعض كما هو مقرر، ولأبي ذر: من يونس بن متى أي ليس لأحد أن يفضل نفسه عليه أو ليس لأحد أن يفضلني عليه، وفي سورة النساء ما ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى قاله تواضعًا ولا يعارضه تحدّثه بنعمة الله عليه حيث قال: أنا سيد ولد آدم.




[ قــ :4545 ... غــ : 4805 ]
- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَدْ كَذَبَ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( إبراهيم بن المنذر) القرشي الحزامي قال: ( حدّثنا محمد بن فليح) بضم الفاء مصغرًا ابن سليمان الأسلمي المدني قال: ( حدّثني) بالإفراد ( أبي) فليح ( عن هلال بن عليّ) العامري ( من بني عامر بن لؤي) بضم اللام وفتح الهمزة وتشديد التحتية المدني ( عن عطاء بن يسار) بالتحتية والمهملة المخففة ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( مَن قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب) قاله زجرًا وسدًّا للذريعة من توهّم حطّ مرتبة يونس لما في قوله تعالى: { ولا تكن كصاحب الحوت} [القلم: 48] ونفس النبوة لا تفاضل فيها إذ كلهم فيها على حدٍّ سواء كما مرّ.

وسبق هذا الحديث مرات.


[38] سورة ص
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .

( [38] سورة صَ)
مكية وآيها ست أو ثمان وثمانون، ولأبي ذر سورة ص ( بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر.




[ قــ :4546 ... غــ : 4806 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ السَّجْدَةِ فِي ص قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْجُدُ فِيهَا.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة هو بندار العبدي البصري قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن العوّام) بفتح العين والواو المشددة ابن حوشب بن يزيد الشيباني الواسطي أنه ( قال: سأل مجاهدًا عن السجدة في ص.
قال: سئل ابن عباس)
أي عنها ( فقال: { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90] ) في سورة الأنعام فقال نبيكم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ممن أمر أن يقتدي بهم أي وقد سجدها داود فسجدها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اقتداء به ( وكان ابن عباس يسجد فيها) .




[ قــ :4547 ... غــ : 4807 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ ص فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ؟ فَقَالَ: أَوَمَا تَقْرَأُ { وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 84 - 90] فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ، فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
عُجَابٌ عَجِيبٌ.
الْقِطُّ: الصَّحِيفَةُ هُوَ هَا هُنَا صَحِيفَةُ الْحَسَنَاتِ.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ فِي عِزَّةٍ مُعَازِّينَ: { الْمِلَّةِ الآخِرَةِ} : مِلَّةُ قُرَيْشٍ.
الاِخْتِلاَقُ: الْكَذِبُ.
{ الأَسْبَابُ} : طُرُقُ السَّمَاءِ فِي أَبْوَابِهَا.
{ جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ} : يَعْنِي قُرَيْشًا.
{ أُولَئِكَ الأَحْزَابُ} : الْقُرُونُ الْمَاضِيَةُ.
{ فَوَاقٍ} : رُجُوعٍ.
قِطَّنَا عَذَابَنَا.
{ اتَّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيًّا} : أَحَطْنَا بِهِمْ.
{ أَتْرَابٌ} : أَمْثَالٌ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ { الأَيْدُ} : الْقُوَّةُ فِي الْعِبَادَةِ.
الأَبْصَارُ: الْبَصَرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ.
{ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} : مِنْ ذِكْرٍ.
طَفِقَ { مَسْحًا} : يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا.
الأَصْفَادِ: الْوَثَاقِ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( محمد بن عبد الله) هو الذهلي كما قاله الكلاباذي وابن طاهر ونسبه إلى جده لأن اسم أبيه يحيى أو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرّمي قال: ( حدّثنا محمد بن عبيد الطنافسي) بفتح الطاء وكسر الفاء ( عن العوام) بن حوشب أنه ( قال: سألت مجاهدًا عن سجدة ص) ولأبي ذر عن سجدة في ص ( فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت) أي من أيّ دليل ( فقال أو ما تقرأ { ومن ذريته داود وسليمان أُولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} [الأنعام: 84 - 90] فكان داود ممن أمر نبيكم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يقتدي به) زاد أبو ذر فسجدها داود عليه السلام
( فسجدها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهي سجدة شكر عند الشافعية لحديث النسائي سجدها داود توبة ونسجدها شكرًا أي على قبول توبته فتسنّ عند تلاوتها في غير صلاة ولا تدخل فيها.

( عُجاب) أي ( عجيب) وذلك أن التفرّد بالألوهية خلاف ما عليه آباؤهم مطلقًا وتصوّروه من أن الإله الواحد لا يسع الخلق كلهم.

( القط) في قوله تعالى: { وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} [ص: 16] هو ( الصحيفة) مطلقًا لأنها قطعة من القرطاس من قطه إذا قطعه لكنه ( هو ها هنا صحيفة الحسنات) قال سعيد بن جبير: يعنون حظنا ونصيبنا من الجنة التي تقول، ولأبي ذر عن الكشميهني صحيفة الحساب بالموحدة آخره بدل الفوقية وإسقاط النون وكسر المهملة أي عجل لنا كتابنا في الدنيا قبل يوم الحساب قالوه على سبيل الاستهزاء لعنهم الله وعند عبد بن حميد من طريق عطاء أن قائل ذلك هو النضر بن الحارث وفيه تفسير آخر يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى.

( وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه ( في عزة) أي ( معازين) بضم الميم وبعد العين ألف فزاي مشددة وقال غيره في استكبار عن الحق أي ما كفر من كفر به لخلل وجده فيه بل كفروا به استكبارًا وحمية جاهلية.

( { الملة الآخرة} ) في قوله: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة [ص: 7] هي ( ملة قريش) التي كانت عليها آباؤهم أو دين النصرانية وفي الملة متعلق بسمعنا أي لم يسمع في الملة الآخرة بهذا الذي جئت به أو بمحذوف على أنه حال من هذا أي ما معنا بهذا كائنًا في الملة الآخرة أي لم نسمع من الكهان ولا من أهل الكتب أنه يحدث توحيد الله في الملة الآخرة وهذا من فرط كذبهم.

( الاختلاق) في قوله: { إن هذا إلا اختلاق} [ص: 7] هو ( الكذب) المختلق.

( { الأسباب} ) في قوله تعالى: { فليرتقوا في الأسباب} [ص: 10] هي ( طرق السماء في أبوابها) قاله مجاهد وكل ما يوصلك إلى شيء من باب أو طريق فهو سببه وهذا أمر توبيخ وتعجيز أي إن ادّعوا أن عندهم خزائن رحمة ربك أو لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء فليأتوا منها بالوحي إلى مَن يختارون وهذا في غاية التهكّم بهم.

( { جند} ) ولأبي ذر قوله: جند ( { ما هنالك مهزوم} ) [ص: 11] قال مجاهد أيضًا فيما وصله الفريابي ( يعني قريشًا) وهنالك مشار به إلى موضع التقاول والمحاورة بالكلمات السابقة وهو مكة أي سيهزمون بمكة وهو إخبار بالغيب وصحح الإمام فخر الدين كون ذلك في فتح مكة قال لأن المعنى أنهم جند سيصيرون منهزمين في الموضع الذي ذكروا فيه هذه الكلمات اهـ وهذا معارض بما أخرجه الطبري من طريق سعيد بن قتادة قال وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم
جند المشركين فجاء تأويلها ببدر وهنالك إشارة إلى بدر ومصارعهم وسقط من قوله جند إلى آخر قوله قريشًا لأبي ذر.

( أولئك الأحزاب) أي ( القرون الماضية) قالَه مجاهد أيضًا أي كانوا أكثر منكم وأشد قوّة وأكثر أموالًا وأولادًا فما دفع ذلك عنهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمرُ الله.

( { فواق} ) بالرفع لأبي ذر أي ( رجوع) هو من أفاق المريض إذا رجع إلى صحته وإفاقة الناقة ساعة يرجع اللبن إلى ضرعها يريد قوله تعالى: { وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق} [ص: 15] ولغير أبي ذر فواق رجوع بجرهما وقرأ حمزة والكسائي فواق بضم الفاء وهما لغتان بمعنى واحد وهما الزمان الذي بين حلبتي الحالب.

( قطنا) أي ( عذابنا) قاله مجاهد وغيره ( { اتخذناهم سخريًّا} ) [ص: 63] بضم السين وهي قراءة نافع والكسائي أي ( أحطنا بهم) من الإحاطة وقال الدمياطي في حواشيه لعله أخطأناهم وحذف مع ذلك القول الذي هذا تفسيره وهو أم زاغت عنهم الأبصار.
اهـ.

وعند ابن أبي حاتم من طريق مجاهد أخطأناهم أم هم في النار لا يعلم مكانهم، وقال ابن عطية: المعنى ليسوا معنا أم هم معنا لكن أبصارنا تميل عنهم، وقال ابن كيسان أم كانوا خيرًا منّا ونحن لا نعلم فكأن أبصارنا تزيغ عنهم في الدنيا فلا نعدّهم شيئًا.

( { أتراب} ) في قوله تعالى: { وعندهم قاصرات الطرف أتراب} [ص: 5] أي ( أمثال) على سن واحد قيل بنات ثلاث وثلاثين سنة واحدها ترب وقيل متواخيات لا يتباغضن ولا يتغايرن.

( وقال ابن عباس) فيما وصله الطبري ( { الأيد} ) بالرفع في قوله تعالى: { واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أُولي الأيد والأبصار} [ص: 45] هو ( القوة في العبادة) والعامة على ثبوت الياء في الأيدي جمع يد وهي إما الجارحة وكُنِّيَ بها عن الأعمال لأن أكثر الأعمال إنما تزاول باليد أو المراد النعمة وقرئ لأيد بغير ياء اجتزاء عنها بالكسرة.

( الأبصار) هو ( البصر في أمر الله) قاله ابن عباس أيضًا.

( { حب الخير عن ذكر ربي} ) [ص: 3] أي ( من ذكر) ربي فعن بمعنى من والخير المال الكثير والمراد به الخيل التي شغلته والراء تعاقب اللام ويحتمل أنه سماها خيرًا لتعلق الخير بها قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم.

( طفق { مسحًا} ) في قوله تعالى: { فطفق مسحًا بالسوق والأعناق} [ص: 33] أي ( يمسح أعراف الخيل وعراقيبها) حبالها ومسحًا نصب بفعل مقدر هو خبر طفق أي طفق بمسح مسحًا.

( الأصفاد) أي ( الوثاق) وسقط هذا لأبي ذر.