فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به

باب يُقَاتَلُ مِنْ وَرَاءِ الإِمَامِ، وَيُتَّقَى بِهِ
هذا ( باب) بالتنوين ( يقاتل) بضم المثناة التحتية وفتح الفوقية مبنيًّا للمفعول ( من وراء الإمام) القائم بأمور الأنام ( ويتقى به) بضم أوّله وفتح ثالثه.


[ قــ :2825 ... غــ : 2956 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( قال: حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان ( أن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( حدّثه أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( نحن الآخرون) في الدنيا ( السابقون) في الآخرة.

وهذا طرف من حديث، وقد سبق الكلام فيه في كتاب الطهارة والجمعة.

ومطابقته لما ترجم له هنا غير بيّنة، لكن قال ابن المنير: إن معنى يقاتل من ورائه أي من أمامه فأطلق الوراء على الإمام لأنهم وإن تقدموا في الصورة فهم أتباعه في الحقيقة والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تقدم غيره عليه بصورة الزمان، لكن المتقدم عليه مأخوذ عهده أن يؤمن به وينصره كآحاد أمته، ولذلك ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام مأمومًا فهم في الصورة أمامه وفي الحقيقة خلفه فناسب ذلك قوله يقاتل من ورائه وهذا كما تراه في غاية من التكلف، والظاهر أنه إنما ذكره جريًا على عادته أن يذكر الشيء كما سمعه جملة لتضمنه موضع الدلالة المطلوب منه وإن لم يكن باقيه مقصودًا.




[ قــ :86 ... غــ : 957 ]
- وَبِهَذَا الإِسْنَادِ «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي، وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ.
فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا، وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ».
[الحديث 957 - طرفه في: 7137] .

( وبهذا الإسناد) السابق قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( من أطاعني) فيما أمرت به ( فقد أطاع الله) لأنه عليه الصلاة والسلام في الحقيقة مبلّغ والآمر هو الله عز وجل ( ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير) أمير السرية أو الأمراء مطلقًا فيما يأمرونه به ( فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني) قيل: وسبب قوله عليه الصلاة والسلام ذلك أن قريشًا ومن يليهم من العرب لا يعرفون الإمارة ولا يطيعون غير رؤساء قبائلهم، فأعلمهم عليه الصلاة والسلام أن طاعة الأمراء حق واجب ( وإنما الإمام) القائم بحقوق الأنام ( جنّة) بضم الجيم وتشديد النون سترة ووقاية يمنع العدوّ من أذى المسلمين ويحمي بيضة الإسلام ( يقاتل) بضم أوله مبنيًّا للمفعول معه الكفار والبغاة ( من ورائه) أي
أمامه فعبر بالوراء عنه كقوله تعالى: { وكان وراءهم ملك} [الكهف: 79] .
أي أمامهم فالمراد المقاتلة للدفع عن الإمام سواء كان ذلك من خلفه حقيقة أو قدامه فإن لم يقاتل من ورائه وأبى عليه مرج أمر الناس وسطا القوي على الضعيف وضيعت الحدود والفرائض ( ويتقى به) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول فلا يعتقد من قاتل عنه أنه حماه، بل ينبغي أن يعتقد أنه احتمى به لأنه فئته وبه قويت همته وفيه إشارة إلى صحة تعدّد الجهات وأن لا يعدّ من التناقض وإن توهّم فيه ذلك لأن كونه جنّة يقتضي أن يتقدم وكونه يقاتل من أمامه يقتضي أن يتأخر فجمع بينهما باعتبارين وجهتين ( فإن أمر) رعيته ( يتقوى الله وعدل) ( فإن له بذلك) الأمر والعدل ( أجرًا، وإن قال) أي أم وحكم ( بغيره) أي بغير تقوى الله وعدله ( فإن عليه منه) .
وزرًا كذا ثبتت هذه في بعض طرق الحديث كما سيأتي إن شاء الله تعالى وحذفت هنا لدلالة مقابله السابق عليه ومنه للتبعيض، فيكون المراد أن بعض الوزر عليه أو المراد أن الوبال الحاصل منه عليه لا على المأمور، وحكى صاحب الفتح أنه وقع في رواية أبي زيد المروزي: فإن عليه منه بضم الميم وتشديد النون بعدها هاء تأنيث قال: وهي تصحيف بلا ريب، وبالأولى جزم أبو ذر.