فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهود

كتاب في الخصومات
( في الخصومات) جمع خصومة ( بسم الله الرحمن الرحيم) وسقط لغير أبي ذر قوله في الخصومات.


باب مَا يُذْكَرُ فِي الإِشْخَاصِ، وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِ
( باب ما يذكر) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًا للمفعول ( في الأشخاص) بكسر الهمزة وسكون الشين وبالخاء المعجمتين أي إحضار الغريم من موضع إلى موضع، ولأبي ذر زيادة: والملازمة وهي مفاعلة من اللزوم والمراد أن يمنع الغريم غريمه من التصرف حتى يعطيه حقه ( و) ما يذكر في ( الخصومة بين المسلم واليهود) ولأبي ذر والأصيلي: واليهودي بالإفراد.


[ قــ :2308 ... غــ : 2410 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ النَّزَّالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ: "سَمِعْتُ رَجُلاً قَرَأَ آيَةً سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خِلاَفَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ.
قَالَ شُعْبَةُ أَظُنُّهُ قَالَ: لاَ تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا".
[الحديث 2410 - طرفاه في: 3408، 3414، 3476، 4813، 5063، 6517، 7428، 7477] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال عبد الملك بن ميسرة) الهلالي الكوفي التابعي الزرّاد بزاي فراء مشددة ( أخبرني) هو من تقديم الراوي على الصيغة وهو جائز عندهم ( قال: سمعت النزال) بتشديد النون والزاي زاد أبو ذر عن الكشميهني ابن سبرة بفتح السين المهملة وسكون الموحدة الهلالي التابعي الكبير وذكره بعضهم في الصحابة لإدراكه، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث عن ابن مسعود وآخر في الأشربة عن عليّ قال: ( سمعت عبد الله) يعني ابن مسعود -رضي الله عنه- ( يقول: سمعت رجلاً) قال الحافظ ابن حجر في

المقدمة: لم أعرف اسمه، وقال في الفتح: يحتمل أن يفسر بعمر -رضي الله عنه- ( قرأ آية) في صحيح ابن حبان أنها من سورة الرحمن ( سمعت من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلافها فأخذت بيده فأتيت به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد في روايته عن آدم بن أبي إياس في بني إسرائيل فأخبرته فعرفت في وجهه الكراهية ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( كلاكما محسن) فإن قلت: كيف يستقيم هذا القول مع إظهار الكراهية؟ أجيب: بأن معنى الإحسان راجع إلى ذلك الرجل لقراءته وإلى ابن مسعود لسماعه من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم تحرّيه في الاحتياط والكراهة راجعة إلى جداله مع ذلك الرجل كما فعل عمر بهشام كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى لأن ذلك مسبوق بالاختلاف، وكان الواجب عليه أن يقرّه على قراءته ثم يسأل عن وجهها.

وقال المظهري: الاختلاف في القرآن غير جائز لأن كل لفظ منه إذا جاز قراءته على وجهين أو أكثر فلو أنكر أحد واحدًا من ذينك الوجهين أو الوجوه فقد أنكر القرآن، ولا يجوز في القرآن القول بالرأي لأن القرآن سُنّة متّبعة بل عليهما أن يسألا عن ذلك ممن هو أعلم منهما.

( قال شعبة) بن الحجاج بالسند السابق ( أظنه قال) : ( لا تختلفوا) أي في القرآن وفي معجم البغوي عن أبي جهيم بن الحرث بن الصمة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فلا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر ( فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا) وسقط لأبي الوقت عن الكشميهني لفظ كان.

ومطابقة الحديث للترجمة قال العيني في قوله: لا تختلفوا لأن الاختلاف الذي يورث الهلاك هو أشد الخصومة.
وقال الحافظ ابن حجر في قوله فأخذت بيده فأتيت به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: فإنه المناسب للترجمة انتهى.
فهو شامل للخصومة وللأشخاص الذي هو إحضار الغريم من موضع إلى آخر والله أعلم".




[ قــ :309 ... غــ : 411 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "اسْتَبَّ رَجُلاَنِ: رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، قَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَدَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لاَ تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ".


وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن قزعة) بالقاف والزاي والعين المهملة المفتوحات قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني نزيل بغداد ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح وأحاديثه عن الزهري مستقيمة روى له الجماعة ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( وعبد الرحمن) بن هرمز ( الأعرج) كلاهما ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: استب رجلان رجل من المسلمين) هو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كما أخرجه سفيان بن عيينة في جامعه وابن أبي الدنيا في كتاب البعث لكن في تفسير سورة الأعراف من حديث أبي سعيد الخدري التصريح بأنه من الأنصار فيحمل على تعدد القصة ( ورجل من اليهود) زعم ابن بشكوال أنه فنحاص بكسر الفاء وسكون النون وبمهملتين وعزاه لابن إسحاق قال في الفتح: والذي ذكره ابن إسحاق لفنحاص مع أبي بكر قصة أخرى عند نزول قوله تعالى: { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} [آل عمران: 181] ( قال المسلم) أبو بكر -رضي الله عنه- أو غيره ولأبي ذر فقال المسلم: ( والذي اصطفى محمدًا على العالمين فقال اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين) وفي رواية عبد الله بن الفضل بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئًا كرهه فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر ( فرفع المسلم يده عند ذلك) أي عند سماع قول اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين لما فهمه من عموم لفظ العالمين فيدخل فيه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد تقرر عند المسلم أن محمدًا أفضل ( فلطم وجه اليهودي) عقوبة له على كذبه عنده ( فذهب اليهودي إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم فدعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسلم فسأله عن ذلك فأخبره) وفي رواية عبد الله بن الفضل فقال اليهودي: يا أبا القاسم إن لي ذمةً وعهدًا فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: لِمَ لطمت وجهه فذكره فغضب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى ريء في وجهه ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لا تخيروني على موسى) تخييرًا يؤدي إلى تنقيصه أو تخييرًا يفضي بكم إلى الخصومة أو قاله تواضعًا أو قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم ( فإن الناس يصعقون) بفتح العين من صعق بكسرها إذا أغمي عليه من الفزع ( يوم القيامة فأصعق معهم فأكون أول من يفيق) لم يبين في رواية الزهري محل الإفاقة من أيّ الصعقتين، ووقع في رواية عبد الله بن الفضل فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من يشاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث ( فإذا موسى باطش جانب العرش) آخذ بناحية منه بقوّة ( فلا أدري كان) بهمزة الاستفهام ولأبي الوقت كان ( فيمن صعق فأفاق قبلي) فيكون ذلك له فضيلة ظاهرة ( أو كان ممن استثنى الله) في قوله تعالى: { فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} [الزمر: 68] فلم يصعق فهي فضيلة أيضًا.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التوحيد وفي الرقاق ومسلم في الفضائل وأبو داود في السنة والنسائي في النعوت.




[ قــ :310 ... غــ : 41 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ جَاءَ يَهُودِيٌّ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ.
فَقَالَ: مَنْ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ.
قَالَ: ادْعُوهُ.
فَقَالَ: أَضَرَبْتَهُ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، قُلْتُ: أَىْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى".
[الحديث 41 - أطرافه في: 3398، 4638، 6916، 6917، 747] .

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري التبوذكي قال: ( حدّثنا وهيب) بالتصغير ابن خالد قال: ( حدّثنا عمرو بن يحيى) بفتح العين وسكون الميم ( عن أبيه) يحيى بن عمارة الأنصاري ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك ( الخدري -رضي الله عنه-) أنه ( قال: بينما) بالميم ولأبوي ذر والوقت: بينا ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جالس جاء يهودي) قيل اسمه فنحاص كما مرّ ( فقال: يا أبا القاسم ضرب وجهي رجل من أصحابك فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( من؟ قال) اليهودي: ضربني ( رجل من الأنصار) سبق أنه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وهو معارض بقوله هنا من الأنصار فيحمل الأنصار على المعنى الأعم أو على التعدد ( قال) عليه الصلاة والسلام ( ادعوه) فدعوه فحضر ( فقال) له عليه الصلاة والسلام: ( أضربته؟ قال) : نعم ( سمعته بالسوق يحلف والذي اصطفى موسى على البشر) ولأبي ذر عن الكشميهني: على النبيين ( قلت: أي) حرف نداء أي يا ( خبيث) أأصطفي موسى ( على محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ؟ استفهام إنكاري ( فأخذتني غضبة ضربت وجهه، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا تخيروا بين الأنبياء) تخيير تنقيص وإلا فالتفضيل بينهم ثابت قال تعالى: { ولقد فضّلنا بعض النبيين على بعض} [الإسراء: 55] و { تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض} [البقرة: 53] ( فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أوّل من تنشق عنه الأرض) أي أوّل من يخرج من قبره قبل الناس أجمعين من الأنبياء وغيرهم ( فإذا أنا بموسى) هو ( آخذ بقائمة من قوائم العرش) أي بعمود من عمده ( فلا أدري أكان فيمن صعق) أي فيمن غشي عليه من نفخة البعث فأفاق قبلي ( أم حوسب بصعقة) الدار ( الأولى) وهي صعقة الطور المذكور في قوله تعالى: { وخرّ موسى صعقًا} [الأعراف: 143] ولا منافاة بين قوله في الحديث السابق أو كان ممن استثنى الله وبين قوله هنا: أم حوسب بصعقه الأولى لأن المعنى لا أدري أي هذه الثلاثة كانت من الإفاقة أو الاستثناء أو المحاسبة.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله عليه الصلاة والسلام ( ادعوه) فإن المراد به إشخاصه بين يديه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.


والحديث أخرجه المؤلّف في التفسير والدّيات وأحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والتوحيد، ومسلم في أحاديث الأنبياء، وأبو داود في السُّنّة مختصرًا لا تخيروا بين الأنبياء.




[ قــ :311 ... غــ : 413 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: "أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.
قِيلَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ، أَفُلاَنٌ أَفُلاَنٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ".
[الحديث 413 - أطرافه في: 746، 595، 6876، 6877، 6879، 6884، 6885] .

وبه قال: ( حدّثنا موسى) هو ابن إسماعيل التبوذكي قال: ( حدّثنا همّام) هو ابن يحيى بن دينار البصري ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس -رضي الله عنه- أن يهوديًّا رضَّ) بتشديد الضاد المعجمة أي دق ( رأس جارية) لم تسم هي ولا اليهودي.
نعم في رواية أبي داود أنها كانت من الأنصار ( بين حجرين) وعند الطحاوي عدا يهودي في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على جارية فأخذ أوضاحًا كانت عليها ورضخ رأسها والأرضاح نوع من الحلي يعمل من الفضة، ولمسلم فرضح رأسها بين حجرين، وللترمذي خرجت جارية عليها أوضاح فأخذها يهودي فرضح رأسها وأخذ ما عليها من الحلي قال: فأدركت وبها رمق فأتي بها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قيل) :
( من فعل هذا) الرض ( بك أفلان) فعله؟ استفهام استخباري ( أفلان) فعله قاله مرتين وفائدته أن يعرف المتهم ليطالب ( حتى سمى) القائل ( اليهودي) ولغير أبي ذر: حتى سمي بضم السين وكسر الميم مبنيًّا للمفعول اليهودي بالرفع نائب عن الفاعل ( فأومت) ولأبي ذر: فأومأت بهمزة بعد الميم أي أشارت ( برأسها) أي نعم ( فأخذ اليهودي) بضم الهمزة وكسر الخاء المعجمة واليهودي رفع ( فاعترف) أنه فعل بها ذلك ( فأمر به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرضّ رأسه بين حجرين) احتجّ به المالكية والشافعية والحنابلة والجمهور على أن من قتل بشيء يقتل بمثله وعلى أن القصاص لا يختص بالمحدّد بل يثبت بالمثقل خلافًا لأبي حنيفة حيث قال: لا قصاص إلا في القتل بمحدد، وتمسك المالكية بهذا الحديث لمذهبهم في ثبوت القتل على المتهم بمجرد قول المجروح وهو تمسك باطل لأن اليهودي اعترف كما ترى وإنما قتل باعترافه قال النووي.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الوصايا والدّيات، ومسلم في الحدود، وابن ماجة في الدّيات.