فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر

باب الزَّكَاةِ عَلَى الزَّوْجِ وَالأَيْتَامِ فِي الْحَجْرِ.
قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر) .
بفتح الحاء وكسرها ( قاله) أي ما ذكره في الترجمة ( أبو سعيد) الخدري -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) كما سبق موصولاً في باب الزكاة على الأقارب.


[ قــ :1408 ... غــ : 1466 ]
- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-.
قَالَ فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بِمِثْلِهِ سَوَاءً قَالَتْ: "كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ.
وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا.
فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامِي فِي حَجْرِي مِنَ الصَّدَقَةِ؟ فَقَالَ: سَلِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي.
فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلاَلٌ فَقُلْنَا: سَلِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي

وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي.
وَقُلْنَا: لاَ تُخْبِرْ بِنَا.
فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَنْ هُمَا؟ قَالَ زَيْنَبُ: قَالَ: أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ.
قَالَ: نَعَمْ، ولَهَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا عمر بن حفص) قال: ( حدّثنا أبي) حفص بن غياث بن طلق قال: ( حدَّثنا الأعمش) سليمان بن مهران ( قال: حدَّثني) بالإفراد ( شقيق) أبو وائل ( عن عمرو بن الحرث) بفتح العين وسكون الميم ابن أبي ضرار بكسر الضاد المعجمة الخزاعي له صحبة وهو أخو جويرية بنت الحرث أم المؤمنين ( عن زينب) بنت معاوية أو بنت عبد الله بن معاوية بن عتاب الثقفية وتسمى أيضًا برايطة ( امرأة عبد الله) بن مسعود ( -رضي الله عنهما-، قال:) الأعمش: ( فذكرته) أي الحديث ( لإبراهيم) بن يزيد النخعي ( فحدَّثني) بالإفراد ( إبراهيم) النخعي ( عن أبي عبيدة) بضم العين وفتح الموحدة عامر بن عبد الله بن مسعود ( عن عمرو بن الحرث عن زينب امرأة عبد الله) بن مسعود ( بمثله) أي بمثل هذا الحديث ( سواء قالت: كنت في المسجد) النبوي ( فرأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال:) يا معشر النساء.
( تصدقن ولو من حليكن) .
بضم الحاء وكسر اللام وتشديد المثناة التحتية جمعًا كذا في الفرع وأصله، ويجوز فتح الحاء وسكون اللام مفردًا ( وكانت زينب تنفق على) زوجها ( عبد الله) بن مسعود ( وأيتام في حجرها) .
لم يعرف الحافظ ابن حجر اسمهم ( فقالت:) ولغير أبي ذر، وابن عساكر.
قال: فقالت: ( لعبد الله) زوجها ( سل رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيجزئ) بضم الياء وآخره همزة، وفي بعض الأصول وهو الذي في اليونينية: أيجزي بفتح الياء أي هل يكفي ( عني أن أنفق عليك وعلى أيتامي) بياء الإضافة ولأبي ذر على أيتام ( في حجري من الصدقة) الواجبة أو أعلم.
( فقال) ابن مسعود ( سلي أنت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
قالت زينب: ( فانطلقت إلى النبي) ولأبي ذر: إلى رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فوجدت امرأة من الأنصار) هي زينب امرأة أبي مسعود يعني عقبة بن عمرو الأنصاري كما عند ابن الأثير في أسد الغابة، وفي رواية الطيالسي: فإذا امرأة من الأنصار يقال لها زينب ( على الباب حاجتها مثل حاجتي فمرّ علينا بلال) المؤذن ( فقلنا) له: ( سل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبجزئ) بضم الياء أو فتحها ( عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري) .
بإفراد الضمير فيها، وكان الظاهر أن يقال عنا وننفق وكذا باقيها.

وأجاب الكرماني: بأن المراد كل واحدة منا أو اكتفت في الحكاية بحال نفسها، لكن قال البرماوي فيه نظر، وفي رواية النسائي على أزواجنا وأيتام في حجورنا، وللطيالسي: أنهم بنو أخيها وبنو أختها، وللنسائي أيضًا من طريق علقمة لإحداهما فضل مال وفي حجرها بنو أخ لها أيتام وللأخرى فضل مال وزوج خفيف ذات اليد أي فقير.

( وقلنا) أي السائلتان.
وللحموي والمستملي والكشميهني: فقلنا بالفاء بدل الواو لبلال ( لا تخبر بنا) بجزم الراء أي لا تعين اسمنا بل قل تسألك امرأتان ( فدخل) بلال على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فسأله) عن ذلك ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( من هما؟) المرأتان ( قال) بلال معينًا لإحداهما لوجوبه عليه بطلب الرسول عليه الصلاة والسلام هي ( زينب.
قال:)
عليه الصلاة والسلام ( أي الزيانب) ؟ أيَ أيّ
زينب منهن فعرف باللام مع كونه علمًا لما نكر حتى جمع ( قال) بلال: زينب ( امرأة عبد الله) بن مسعود ولم يذكر بلال في الجواب معها زينب امرأة أبي مسعود الأنصاري اكتفاء باسم من هي أكبر وأعظم.
( قال:) عليه الصلاة والسلام، ولأبوي ذر، والوقت: فقال ( نعم) .
يجزي عنها ( ولها أجران: أجر القرابة) أي صلة الرحم ( وأجر الصدقة) أي ثوابها.
قال المازري: الأظهر حمله على الصدقة الواجبة لسؤالها عن الإجزاء، وهذا اللفظ إنما يستعمل في الواجبة انتهى.
وعليه يدل تبويب البخاري لكن ما ذكره من أن الإجزاء إنما يستعمل في الواجب إن أراد قولاً واحدًا فليس كذلك لأن الأصوليين اختلفوا في المسألة، فذهب قوم إلى أن الإجزاء يعم الواجب والمندوب وخصه آخرون بالواجب ومنعوه في المندوب، واعتمده المازري ونصره القرافي والأصفهاني واستبعده الشيخ تقي الدين السبكي وقال: إن كلام الفقهاء يقتضي أن المندوب يوصف بالإجزاء كالفرض، وقد
تعقب القاضي عياض المازري بأن قوله: ولو من حليكن، وقوله فيما ورد في بعض الروايات عند الطحاوي وغيره أنها كانت امرأة صنعاء اليدين فكانت تنفق عليه وعلى ولده يدلان على أنها صدقة تطوّع وبه جزم النووي وغيره.
وتأوّلوا قوله: أتجزئ عني أي في الوقاية من النار كأنها خافت أن صدقتها على زوجها لا تحصل لها المراد.

وقد سبق الحديث في باب الزكاة على الأقارب وفيه أنها شافهت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالسؤال وشافهها وهاهنا لم تقع مشافهة فقيل: تحمل الأولى على المجاز وإنما هي على لسان بلال: والظاهر أنهما قضيتان: إحداهما في سؤالها عن تصدّقها بحليها على زوجها وولده، والأخرى في سؤالها عن النفقة.

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول، ورواته كلهم كوفيون إلا عمرو بن الحرث، وفيه رواية صحاب عن صحابية وتابعي عن تابعي عن صحابيّ، وفي الطريق الثانية أربعة من التابعين وهم: الأعمش وشقيق وإبراهيم وأبو عبيدة، وأخرجه مسلم في الزكاة، والنسائي في عشرة النساء، وابن ماجة في الزكاة.




[ قــ :1409 ... غــ : 1467 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِيَ أَجْرٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى بَنِي أَبِي سَلَمَةَ؟ إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ.
فَقَالَ: أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ، فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ".
[الحديث 1467 - طرفه في: 5369] .

وبه قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن أبي شيبة بفتح المعجمة واسمه إبراهيم وعثمان أخو أبي بكر بن أبي شيبة قال: ( حدّثنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن سليمان ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن زينب) برة بفتح الموحدة وتشديد الراء ( ابنة) ولأبي ذر: بنت ( أم سلمة) بفتح السين واللام أم المؤمنين وهي بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية ربيبة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولدت بأرض الحبشة وحفظت عن

النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وروت عنه وعن أزواجه.
وذكرها العجلي في ثقات التابعين قال في الإصابة: كأنه كان يشترط للصحبة البلوغ، وذكرها ابن سعد فيمن لم يرو عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا وروى عن أزواجه ( قالت:) أي زينب، ولأبي ذر: عن أم سلمة وهو الصواب كما لا يخفى، وأم سلمة هي أم المؤمنين هند قالت ( قلت يا رسول الله ألي) بفتح الياء أي هل لي ( أجر أن أنفق على بني أبي سلمة) ؟ ابن عبد الأسد، وكان تزوّجها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعده ولها من أبي سلمة سلمة وعمر ومحمد وزينب ودرة ( إنما هم بني) منه بفتح الموحدة وكسر النون وتشديد الياء وأصله بنون، فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت نون الجمع فصار بنوي فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون فأدغمت الواو بعد قلبها ياء في الياء فصار بني بضم النون وتشديد الياء ثم أبدل من ضمة النون كسرة لأجل الياء فصار بني ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( أنفقي عليهم) ، بفتح الهمزة وكسر الفاء ( فلك أجر ما أنففت عليهم) بإضافة أجر لتاليه فما موصولة، وجوّز بعضهم التنوين فتكون ما ظرفية قال في فتح الباري: وليس في الحديث تصريح بأن الذي كانت تنفقه عليهم من الزكاة فكان القدر المشترك من الحديث حصول الإنفاق على الأيتام انتهى.

وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول، ورواته ما بين كوفي ومدني، وفيه رواية تابعي عن تابعي هشام وأبوه وصحابية عن صحابية زينب وأمها.