فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك

باب مَا يُنْهَى عَنِ النَّوْحِ وَالْبُكَاءِ، وَالزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ
( باب ما ينهى عن النوح) أي باب النهي عنه، فما مصدرية ولأبي ذر، وابن عساكر من النوح، بمن البيانية بدل عن ( والبكاء، والزجر عن ذلك) أي الردع عنه.


[ قــ :1256 ... غــ : 1305 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- تَقُولُ "لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ -وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ- فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ -وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ- فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ، ثُمَّ أَتَى فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ.
فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ، ثُمَّ أَتَى فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي -أَوْ غَلَبْنَنَا، الشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَوْشَبٍ- فَزَعَمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ.
فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْعَنَاءِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الله بن حوشب) بفتح الحاء المهملة، وسكون الواو، وفتح الشين المعجمة، ثم موحدة، الطائفي نزيل الكوفة، قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي، قال: ( حدّثنا يحيى بن سعيد) الأنصاري ( قال: أخبرتني) بالإفراد ( عمرة) بنت عبد الرحمن ( قالت: سمعت عائشة، رضي الله عنها، تقول) :
( لما جاء قتل زيد بن حارثة و) قتل ( جعفر) هو: ابن أبي طالب ( و) قتل ( عبد الله بن رواحة) في غزوة مؤتة إلى النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( جلس النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في المسجد حال كونه ( يعرف فيه الحزن وأنا أطلع من شق الباب-) بفتح الشين المعجمة، أي: الموضع الذي ينظر منه ( فأتاه رجل) لم يعرف اسمه ( فقال: يا رسول الله) ولأبي ذر، فقال: أي رسول الله ( إن نساء جعفر) امرأته أسماء بنت عميس، ومن حضر عندها من النسوة.
وخبر إن محذوف يدل عليه قوله ( -وذكر بكاءهن-) الزائد على القدر المباح ( فأمره) النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بأن ينهاهن) عما ذكره مما ينهى عنه شرعًا، وللأصيلي: أن ينهاهن، بحذف الموحدة أول أن ( فذهب الرجل) إليهن ( ثم أتى) النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال) له: ( قد نهيتهن.
وذكر أنهن)
ولأبي ذر، وابن عساكر: أنه ( لم يطعنه) لكونه لم يصرّح لهن بأن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، نهاهن ( فأمره) عليه الصلاة والسلام المرة ( الثانية أن ينهاهن.
فذهب)
الرجل إليهن ( ثم أتى) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال والله لقد غلبنني -أو غلبننا) بسكون الموحدة فيهما، قال المؤلّف: ( الشك من محمد بن حوشب) نسبه لجده، ولأبي ذر: من محمد بن عبد الله بن حوشب، قالت عمرة: ( فزعمت) أي: قالت عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال:) للرجل.

( فاحث) بضم المثلثة من حثا يحثو، وبالكسر من: حثى يحثي ( في أفواههن التراب) وللمستملي: من التراب، قالت عائشة: ( فقلت) للرجل: ( أرغم الله أنفك) أي: ألصقه بالرغام وهو التراب، إهانة وذلاًّ ( فوالله ما أنت بفاعل) ما أمرك به رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من النهي الموجب لانتهائهن ( وما تركت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من العناء) بفتح العين والمدّ، وهو التعب.




[ قــ :157 ... غــ : 1306 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لاَ نَنُوحَ، فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ: أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأُمِّ الْعَلاَءِ، وَابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوِ ابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٍ أُخْرَى".
[الحديث 1306 - طرفاه في: 489، 715] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن عبد الوهاب) هو: الحجبي، قال: ( حدّثنا حماد بن زيد) وسقط لابن عساكر لفظ: ابن زيد، قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني، ولابن عساكر: عن أيوب ( عن محمد) هو: ابن سيرين ( عن أم عطية) نسيبة، ( رضي الله عنها قالت) : ( أخذ علينا النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عند البيعة) بفتح الموحدة، أي: لما بايعهن على الإسلام ( أن لا ننوح) على ميت.
و: أن مصدرية، وهذا موضع الترجمة.
لأن النوح، لو لم يكن منهيًّا عنه لما أخذ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليهن في البيعة تركه.
( فما وفت) بتشديد الفاء، ولم يشدّدها في اليونينية ( منا امرأة) بترك النوح، أي: ممن بايع معها في الوقت الذي بايعت فيه من النسوة المسلمات، ( غير خمس نسوة) .
وليس المراد أنه لم يترك النياحة من النساء المسلمات غير خمس، و: غير، بالرفع والنصب: ( أم سليم) بضم السين وفتح اللام، خبر مبتدأ محذوف أي: إحداهن أم سليم، وبالجر بدل من: خمس نسوة، وكذا يجوز

الوجهان فيما بعده مما عطف عليه.
واسم أم سليم: سهلة على اختلاف فيه، وهي ابنه ملحان، ووالدة أنس رضي الله عنه.
( وأم العلاء) بفتح العين والمد الأنصارية ( وابنه أبي سبرة) بفتح السين المهملة، وسكون الموحدة، وهي ( امرأة معاذ) أي: ابن جبل ( وامرأتين) بالجر عطفًا على السابق، إن خفض، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: وامرأتان بالرفع، عطفًا عليه إن رفع.
فالثلاثة بحسب المعطوف عليه رفعًا وخفضًا ( أو ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ) شك من الراوي هل: ابنة أبي سبرة هي امرأة معاذ أو غيرها؟ قال في الفتح: والذي يظهر لي أن الرواية بواو العطف أصح، لأن امرأة معاذ هي: أم عمرو بنت خلاد بن عمرو السلمية، ذكرها ابن سعد، وعلى هذا فابنة أبي سبرة غيرها ( وامرأة أخرى) .

ورواة الحديث كلهم بصريون وأخرجه مسلم والنسائي.