فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب المكث بين السجدتين

باب الْمُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
( باب المكث بين السجدتين) ولأبي ذر عن الحموي بين السجود.


[ قــ :797 ... غــ : 818 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ "أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ قَالَ لأَصْحَابِهِ: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ وَذَاكَ فِي غَيْرِ حِينِ صَلاَةٍ- فَقَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ هُنَيَّةً، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ هُنَيَّةً -فَصَلَّى صَلاَةَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ شَيْخِنَا هَذَا- قَالَ أَيُّوبُ: كَانَ يَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَهُ، كَانَ يَقْعُدُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) السدوسي ( قال: حدّثنا حماد) ولأبي ذر والأصيلي: حماد بن زيد ( عن أيوب) السختياني ( عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي ( أن مالك بن الحويرث) بضم الحاء المهملة وفتح الواو آخره مثلثة ( قال لأصحابه: ألا أنبئكم صلاة رسول الله) وللأصيلي: صلاة النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

الإنباء يتعدى بنفسه، قال تعالى { من أنبأك هذا} وبالباء قال تعالى: { قل أؤنبئكم بخير من ذلكم} [آل عمران: 15] ( قال) أبو قلابة ( وذاك) أي الإنباء الذي دل عليه: أنبئكم ( في غير حين صلاة) من الصلوات المفروضة.

( فقام) أي: مالك، فأحرم بالصلاة ( ثم ركع فكبر ثم رفع رأسه) من الركوع ( فقام هنية) بضم الهاء وفتح النون وتشديد المثناة التحتية أي قليلاً ( ثم سجد، ثم رفع رأسه هنية) هذا موضع الترجمة، لأنه يقتضي الجلوس بين السجدتين قدر الاعتدال.

قال أبو قلابة: ( فصلّى صلاة عمرو بن سلمة) بكسر اللام ( شيخنا هذا) بالجر عطف بيان لعمرو والمجرور بالإضافة، أي: كصلاته.


( قال أيوب) السختياني بالسند المسوق إليه: ( كان) أي الشيخ المذكور ( يفعل شيئًا لم أرهم يفعلونه، كان يقعد) أي يجلس آخر ( الثالثة و) ( الرابعة) ذا في الفرع، والرابعة بغير ألف، وعزاها ابن التين لأبي ذر، وقال وأراه غير صحيح.
اهـ.
ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر والأصيلي مما في الفرع وأصله أو الرابعة، بالشك من الراوي أيّهما قال: والمتردّد فيه واحد، لأن المراد بدء الرابعة، لأن الذي بعدها جلوس التشهد وذلك انتهاء الثالث.

وفيه استحباب جلسة الاستراحة، وبه قال الشافعي وإن خالفه الأكثر.




[ قــ :797 ... غــ : 819 ]
- قَالَ: "فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ فَقَالَ: «لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى أَهْلِيكُمْ، صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ».

( قال) ابن الحويرث: أسلمنا أو أرسلنا قومنا ( فأتينا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قأقمنا عنده) زاد في رواية ابن عساكر: شهرًا ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( لو) أي إذا، أو إن ( رجعتم إلى أهليكم) بسكون الهاء.
ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر والأصيلي: أهاليكم بفتح الهاء ثم ألف بعدها ( صلوا صلاة كذا، في حين كذا، صلوا) وللأصيلي وابن عساكر: وصلوا، لزيادة واو قبل الصاد ( صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم) .




[ قــ :798 ... غــ : 80 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: "كَانَ سُجُودُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرُكُوعُهُ وَقُعُودُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الرحيم) المعروف بصاعقة ( قال: حدّثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله الزبيري) بضم الزاي وفتح الموحدة وبالراء بعد المثناة التحتية ( قال: حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون المهملة، ابن كدام ( عن الحكم) بفتح الحاء والكاف، ابن عتيبة الكوفي ( عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء) بن عازب أنه ( قال كان سجود النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) اسم كان وتاليه معطوف عليه، وهو قوله: ( وركوعه وقعوده بين السجدتين) أي: كان زمان سجوده وركوعه وجلوسه بين السجدتين ( قريبًا من السواء) بالمدّ أي المساواة.

قال الخطابي: هذا أكمل صفة صلاة الجماعة، وأما الرجل وحده فله أن يطيل في الركوع والسجود أضعاف ما يطيل بين السجدتين وبين الركوع والسجدة.




[ قــ :799 ... غــ : 81 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "إِنِّي لاَ آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِنَا -قَالَ ثَابِتٌ: كَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ

أَرَكُمْ تَصْنَعُونَهُ- كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي ( قال: حدّثنا حماد بن زيد) هو ابن درهم ( عن ثابت) البناني ( عن أنس) رضي الله عنه، ولأبي ذر والأصيلي زيادة: ابن مالك ( قال: إني لا آلو) بمدّ الهمزة وضم اللام، أي: لا أقصر ( أن أصلي بكم كما رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي بنا قال ثابت: كان أنس) ولأبي ذر والأصيلي: كان أنس بن مالك ( يصنع شيئًا في صلاته لم أركم تصنعونه) في صلاتكم ( كان إذا رفع رأسه من الركوع قام) فيمكث معتدلاً ( حتى يقول القائل: قد نسي) بفتح النون ( و) يمكث جالسًا ( بين السجدتين، حتى يقول القائل: قد نسي) أي من طول قيامه.

قال في فتح الباري: وفيه إشعار بأن من خاطبهم ثابت كانوا لا يطيلون بين السجدتين، ولكن السُّنّة إذا ثبتت لا يبالي من تمسك بها مخالفة من خالفها.