فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء»

باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَلاَكُ أُمَّتِى عَلَى يَدَىْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ»
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هلاك أمتي على يدي) بالتثنية ( أغيلمة) بضم الهمزة وفتح الغين المعجمة وسكون التحتية وكسر اللام وفتح الميم بعدها هاء تأنيث صبيان أو الضعفاء العقول والتدبير والدين ولو كانوا بالغين زاد في بعض النسخ عن أبي ذر من قريش ( سفهاء) .


[ قــ :6685 ... غــ : 7058 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى جَدِّى قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ فِى مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ: «هَلَكَةُ أُمَّتِى عَلَى يَدَىْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ».
فَقَالَ مَرْوَانُ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِى فُلاَنٍ وَبَنِى فُلاَنٍ لَفَعَلْتُ: فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّى إِلَى بَنِى مَرْوَانَ حِينَ مَلَكُوا بِالشَّأْمِ: فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا قَالَ لَنَا عَسَى هَؤُلاَءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ؟ قُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا عمرو بن يحيى) بفتح العين ( ابن سعيد بن عمرو بن سعيد) بكسر عين سعيد فيهما وفتح عين عمرو وسقط لابن عساكر ابن عمرو بن سعيد ( قال: أخبرني) بالإفراد ( جدي) سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المدني ثم الدمشقي ثم الكوفي ( قال: كنت جالسًا مع أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( في مسجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمدينة) زمن معاوية -رضي الله عنه- ( ومعنا مروان) بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الذي ولي الخلافة بعد ذلك ( قال أبو هريرة سمعت الصادق) في نفسه ( المصدوق) عند الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يقول) :
( هلكة أمتي على يدي) بفتح الدال تثنية يد ولأبي ذر عن الحموي والكشميهني أيدي بزيادة همزة بصيغة الجمع ( غلمة) بكسر المعجمة وسكون اللام ( من قريش) .
وعند أحمد والنسائي من رواية سماك عن أبي ظالم عن أبي هريرة: إن فساد أمتي على يدي غلمة سفهاء من قريش وبزيادة سفهاء تقع المطابقة بين الحديث والترجمة.
وعند ابن أبي شيبة من وجه آخر عن أبي هريرة رفعه: أعوذ بالله من إمارة الصبيان قال إن أطعتموهم هلكتم أي في دينكم وإن عصيتموهم أهلكوكم أي في دنياكم بإزهاق النفس أو بإذهاب المال أو بهما، وعند ابن أبي شيبة أن أبا هريرة كان يمشي في السوق يقول: اللهم لا تدركني سنة ستين ولا إمارة الصبيان.
قالوا وما إمارة الصبيان؟ وقد استجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة.
قال في الفتح: وفي هذا اشارة إلى أن أوّل الأغيلمة كان في سنة ستين وهو كذلك فإن يزيد بن معاوية استخلف فيها وبقي إلى سنة أربع وستين فمات ثم ولي ولده معاوية ومات بعد أشهر.

( فقال مروان) بن الحكم المذكور ( لعنة الله عليهم غلمة) بالنصب على الاختصاص ( فقال أبو هريرة) -رضي الله عنه-: ( لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت) وكان أبا هريرة كان يعرف أسماءهم وكان ذلك من الجراب الذي لم يبثه فلم يبين أسامي أمراء الجور وأحوالهم نعم كان يكني عن بعضه ولا يصرح به خوفًا على نفسه، وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان وما ولد أخرجها الطبراني وغيره غالبها فيه مقال وبعضها جيد قال عمرو بن يحيى ( فكنت أخرج مع جدي) سعيد بن عمرو ( إلى بني مروان) بن الحكم ( حين ملكوا) ولّوا الخلافة ( بالشام) وغيرها
ولأبي ذر حين ملكوا بضم الميم وكسر اللام مشددة ( فإذا رآهم غلمانًا أحداثًا) جمع حدث أي شبانًا وأوّلهم يزيد ولابن عساكر غلمان أحداث ( قال لنا: عسى هؤلاء أن يكونوا منهم) فقال أولاده وأتباعه ممن سمع منه ذلك ( قلنا) له ( أنت أعلم) وإنما تردّد عمرو في أنهم المراد بحديث أبي هريرة من جهة كون أبي هريرة لم يفصح بأسمائهم.


تنبيه:
قال التفتازاني وقد اختلفوا في جواز لعن يزيد بن معاوية فقال في الخلاصة وغيرها أنه لا ينبغي اللعن عليه ولا على الحجاج لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن لعن المصلين ومن كان من أهل القبلة، وأما ما نقل عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من اللعن لبعض أهل القبلة فلما أنه يعلم من أحوال الناس ما لا يعلمه غيره وبعضهم أطلق اللعن عليه لما أنه كفر حين أمر بقتل الحسين -رضي الله عنه-، واتفقوا على جواز اللعن على من قتله أو أمر به أو أجازه أو رضي به، والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين -رضي الله عنه- وإهانته أهل البيت النبوي مما تواتر معناه وإن كانت تفاصيله آحادًا فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه انتهى.

والحديث سبق في علامات النبوّة وأخرجه مسلم.