فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب جنين المرأة

باب جَنِينِ الْمَرْأَةِ
( باب جنين المرأة) بفتح الجيم بوزن عظيم حمل المرأة ما دام في بطنها سمي بذلك لاستتاره.


[ قــ :6541 ... غــ : 6904 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي الحافظ قال: ( أخبرنا مالك) الإمام.
وقال البخاري أيضًا ( وحدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثنا مالك) الإمام ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى) في مسند أحمد الرامية هي أم عفيف بنت مسروح، والأخرى مليكة بنت عويمر، وفي رواية البيهقي وأبي نعيم في المعرفة عن ابن عباس أن المرأة الأخرى أم عطيف وهاتان المرأتان كانتا ضرتين وكانتا عند حمل ابن النابغة الهذلي كما عند الطبراني من طريق عمر أن ابن عويمر قال: كانت أختي مليكة وامرأة منا يقال لها أم عفيف بنت مسروح
تحت حمل بن النابغة فضربت أم عفيف مليكة وحمل بفتح الحاء المهملة والميم، وفي رواية الباب التالي لهذا فرمت إحداهما الأخرى بحجر وزاد عبد الرحمن فأصاب بطنها وهي حامل ( فطرحت جنينها) ميتًا فاختصموا إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقضى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها بغرّة عبد أو أمة) بالجر بدلاً من الغرة، وروي بإضافة غزة لتاليه.
قال عياض: والتنوين أوجه لأنه بيان للغِرة ما هي وعلى الإضافة تكون من إضافة الشيء إلى نفسه ولا يجوز إلا بتأويل وأو للتنويع على الراجح، والغرة بضم الغين المعجمة وتشديد الراء مفتوحة مع تنوين التاء وهي في الأصل بياض في الوجه واستعمل هنا في العبد والأمة ولو كانا أسودين واشترط الشافعية كونهما مميزين بلا عيب لأن الغرة الخيار وغير المميز والمعيب ليسا من الخيار وأن لا يكونا هرمين وأن تبلغ قيمتهما عشر دية الأم.

والحديث مرّ في كتاب الطب.




[ قــ :654 ... غــ : 6905 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ عُمَرَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِى إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: قَضَى النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ.
قَالَ: ائْتِ مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، فَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِهِ.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري ويقال له التبوذكي قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء ابن خالد قال: ( حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن المغيرة بن شعبة عن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنه- أنه استشارهم) أي الصحابة ولمسلم استشار الناس أي طلب ما عندهم من العلم في ذلك وهل سمع أحد منهم من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذلك شيئًا كما صرح بذلك في بعض الطرق ولا يعارض هذا ما في بعض الطرق أنه استشار بعض أصحابه وفسر بأنه عبد الرحمن بن عوف فيكون من إطلاق الناس عليه كقوله تعالى: { إن الناس قد جمعوا لكم} [آل عمران: 173] فإنه أريد به نعيم بن مسعود الأشجعي أو أربعة كما نص عليه الشافعي في الرسالة أو أنه استشار الناس عمومًا واستشار عبد الرحمن خصوصًا ( في إملاص المرأة) بكسر الهمزة وسكون الميم آخره صاد مهملة مصدر أملص يأتي متعديًا كأملصت الشيء أي أزلقته فسقط ويأتي قاصرًا كأملص الشيء إذا تزلق وسقط يقال أملصت المرأة ولدها وأزلقته بمعنى وضعته قبل أوانه فالمصدر هنا مضاف إلى فاعله والمفعول به محذوف يعني أي فيما يجب على الجاني في إجهاض المرأة الجنين أو بالجنين على تقديري التعدي واللزوم ونسب الفعل إليها لأن بالجناية عليها كأنها الفاعلة لذلك ( فقال المغيرة) بن شعبة وفيه تجريد إذ الأصل أن يقول فقلت كما هو في رواية المصنف في الاعتصام من طريق أبي معاوية ( قضى) أي حكم ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ويحتمل أن يكون المراد الإخبار عن حكم الله والإفتاء به ( بالغرة) في الجنين ( عبدًا أو أمة) بالجر فيهما على البدلية بدل كل من كل والغرة بضم الغين المعجمة وتشديد الراء.
قال الجوهري: في صحاحه عبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
عن الجسم كله بالغرة.
قال أبو عمرو بن العلاء: المراد الأبيض لا الأسود ولولا أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أراد بالغرة معنى زائدًا على شخص العبد والأمة لما ذكرها.
قال النووي: وهو خلاف ما اتفق عليه الفقهاء من إجزاء الغرة السوداء أو البيضاء.
قال أهل اللغة: الغرة عند العرب أنفس الشيء أطلقت هنا على الإنسان لأن الله تعالى خلقه في أحسن تقويم فهو من أنفس المخلوقات قال تعالى: { ولقد كرمنا بني آدم} [الإسراء: 70] .

( قال: ائت من) وعند الإسماعيلي من طريق سفيان بن عيينة فقال عمر: من ( يشهد معك) وفي رواية وكيع عند مسلم فقال ائتني بمن يشهد معك ( فشهد محمد بن مسلمة) الخزرجي البدري -رضي الله عنه- ( أنه شهد) أي حضر ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قضى به) .
ولفظ الشهادة في قوله فشهد المراد به الرؤية وقد شرط الفقهاء في وجوب الغرة انفصال الجنين ميتًا بسبب الجناية فإن انفصل حيًّا فإن مات عقب انفصاله أو دام ألمه ومات فدية لأنا تيقنا حياته وقد مات بالجنايةان بقي زمنًا ولا ألم به ثم مات فلا ضمان فيه لأنا لم نتحقق موته بالجناية.

والحديث أخرجه أبو داود في الدّيات أيضًا.




[ قــ :6543 ... غــ : 6907 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنْ عُمَرَ نَشَدَ النَّاسَ مَنْ سَمِعَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى فِى السِّقْطِ.

     وَقَالَ  الْمُغِيرَةُ: أَنَا سَمِعْتُهُ قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ.

وبه قال: ( حدّثنا عبيد الله) بضم العين ( ابن موسى) أبو محمد العبسي الحافظ أحد الأعلام على تشيعه وبدعته ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( أن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( نشد الناس) بفتح الشين المعجمة استحلف الصحابة ( من سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قضى في السقط) بتثليث السين والضم رواية أبي ذر ( وقال) بالواو ولأبي ذر فقال ( المغيرة) بن شعبة: ( أنا سمعته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قضى فيه) في السقط ( بغرة) بالتنوين ( عبد أو أمة) بالجر فيهما بدل كل من كل ونكرة من نكرة.




[ قــ :6543 ... غــ : 6908 ]
- قَالَ: ائْتِ مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِثْلِ هَذَا.

( قال: ائت من يشهد معك على هذا) الذي ذكرته وأت بهمزة ساكنة فعل أمر من الإتيان وحذفت الموحدة من بمن في الفرع، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي آنت بهمزة الاستفهام ثم نون ساكنة فمثناة فوقية استفهامًا على إرادة الاستئناف للمخاطب أي أانت تشهد ثم استفهمه ثانيًا فقال ( من يشهد معك على هذا؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا أشهد على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمثل) ما شهد ( هذا) أي المغيرة.

قال في الفتح: وهذا الحديث في حكم الثلاثيات لأن هشامًا تابعي، وقوله عن أبيه أن عمر صورته صورة الإرسال لأن عروة لم يسمع عمر لكن تبين من الرواية السابقة واللاحقة أن عروة حمله عن المغيرة وإن لم يصرح به في هذه الرواية.




[ قــ :6543 ... غــ : 6908 ]
- حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ فِى إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ مِثْلَهُ.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: بالجمع ( محمد بن عبد الله) هو محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي قال: ( حدّثنا محمد بن سابق) الفارسي البغدادي روى عنه البخاري بغير واسطة في باب الوصايا فقط قال: ( حدّثنا زائدة) بن قدامة بضم القاف قال: ( حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه أنه سمع المغيرة بن شعبة يحدث عن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- ( أنه استشارهم) أي الصحابة ( في إملاص المرأة مثله) أي مثل رواية وهيب المذكورة في هذا الباب.
قال ابن دقيق العيد: واستشارة عمر في ذلك أصل في سؤال الإمام عن الحكم إذا كان لا يعلمه أو كان عنده شك أو أراد الاستثبات، وفيه أن الوقائع الخاصة قد تخفى على الأكابر ويعلمها من هو دونهم.