فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب سؤال الإمام المقر: هل أحصنت

باب سُؤَالِ الإِمَامِ الْمُقِرَّ هَلْ أَحْصَنْتَ؟
( باب سؤال الإمام) الأعظم أو نائبه ( المقر) بالزنا ( هل أحصنت) أي تزوجت ووطئت.


[ قــ :6470 ... غــ : 6825 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى اللَّيْثُ، حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ، فَنَادَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَجَاءَ لِشِقِّ وَجْهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِى أَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ «أَبِكَ جُنُونٌ»؟ قَالَ: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: «أَحْصَنْتَ»؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: «اذْهَبُوا فَارْجُمُوهُ».

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين المهملة وفتح الفاء وبعد التحتية الساكنة راء جد سعيد واسم أبيه كثير أبو عثمان الأنصاري المصري الحافظ ( قال: حدثني) بالإفراد ( الليث) بن سعد الإمام قال: ( حدثني) بالإفراد أيضًا ( عبد الرَّحمن بن خالد) أمير مصر ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن ابن السيب) سعيد ( وأبي سلمة) بن عبد الرَّحمن بن عوف ( أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( قال: أتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجل من الناس) ليس من أكابرهم ولا بالمشهور فيهم ( وهو) أي والحال أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( في المسجد فناداه يا رسول الله: إني زنيت يريد نفسه) ليبين أنه لم يكن مستفتيًا من جهة الغير بل مسند ذلك لنفسه ( فأعرض عنه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتنحى) بالحاء المهملة أي انتقل الرجل ( لشق وجهه) بكسر الشين المعجمة للجانب ( الذي أعرض قبله) بكسر القاف وفتح الموحدة مقابلاً له ( فقال: يا رسول الله إني زنيت فأعرض) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عنه فجاء لشق وجه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي أعرض عنه فلما شهد على نفسه أربع شهادات) أنه زنى وجواب لما قوله ( دعاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( أبك جنون) الهمزة للاستفهام وجنون مبتدأ والجار متعلق بالخبر والمسوغ للابتداء بالنكرة تقدم الخبر في الظرف وهمزة الاستفهام ( قال: لا) ليس بي جنون ( يا رسول الله.
فقال: أحصنت)
؟ استفهام حذفت منه الأداة ( قال: نعم) أحصنت ( يا رسول الله.
قال)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( اذهبوا فارجموه) .
ولأبي ذر: اذهبوا به والباء باء التعدية، ويحتمل الحال أي اذهبوا مصاحبين له فارجموه.




[ قــ :6470 ... غــ : 686 ]
- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرًا قَالَ: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ.

( قال ابن شهاب) الزهري بالسند السابق: ( أخبرني) بالإفراد ( من سمع جابرًا) هو أبو سلمة بن عبد الرَّحمن ( قال) : وفي نسخة يقول ( فكنت فيمن رجمه) سبق أن تعلقت بالذوات كما هنا تعدت إلى مفعولين الثاني فعل مضارع من الأفعال الصوتية، وقيل هو في محل حال إن كان
الأوّل معرفة أو في محل صفة إن كان نكرة وخبر كان في المجرور ومن بمعنى الذي وصلتها جملة رجمه والمعنى في جماعة من رجمه وأعاد على لفظ ولو أعاد على معناها لقال فيمن رجموه ( فرجمناه بالمصلّى) أي عند مصلّى الجنائز بالبقيع وفي الكلام تقديم وتأخير أي: فرجمناه بالمصلّى فكنت فيمن رجمه أو كنت فيمن أراد حضور رجمه فرجمناه ( فلما أذلقته) بالذال المعجمة الساكنة والقاف أقلقته أو أوجعته.
وقال النووي: أي أصابته بحدّها ( الحجارة جمز) بفتح الجيم والميم والزاي وثب مسرعًا وليس بالشديد العدو بل كالقفز، وفي حديث أبي سعيد فاشتد واشتددنا خلفه ( حتى أدركناه بالحرة) خارج المدينة ( فرجمناه) زاد في الرواية السابقة في باب الرجم بالمصلّى حتى مات.
وعند الترمذي من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: في قصة ماعز: فلما وجد مسّ الحجارة فرّ يشتد حتى مرّ برجل معه لحي جمل فضربه به وضربه الناس حتى مات.
وعند أبي داود والنسائي من رواية يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه في هذه القصة وجد مسّ الحجارة فخرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه فنزع له وظيف بعير فرماه به فقتله.
قال في الفتح: وظاهر هذا يخالف رواية أبي هريرة أنهم ضربوه معه ويجمع بأن قوله فقتله أي كان سببًا في قتله.

وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لماعز لأنه استمر على طلب إقامة الحدّ عليه مع توبته ليتم تطهيره ولم يرجع عن إقراره مع أن الطبع البشري يقتضي أن لا يستمر، على الإقرار بما يقتضي إزهاق نفسه فجاهد نفسه على ذلك وقوي عليها، وفيه التثبت في إزهاق نفس المسلم والمبالغة في صيانته لما وقع في هذه القصة من ترديده والإيماء إليه بالرجوع والإشارة إلى قبول دعواه إن ادعى خطأ في معنى الزنا ومباشرة دون الفرج مثلاً وأن إقرار المجنون لاغ.