فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت راجما بغير بينة»

باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ»
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لو كنت راجمًا) أحدًا أنكر ( بغير بيّنة) لرجمته.


[ قــ :5024 ... غــ : 5310 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ التَّلاَعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلاَّ لِقَوْلِي.
فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلًا آدَمَ كَثِيرَ اللَّحْمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اللَّهُمَّ بَيِّنْ»، فَجَاءَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ، فَلاَعَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُمَا قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ: هِيَ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ» فَقَالَ: لاَ.
تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلاَمِ السُّوءَ، قَالَ أَبُو صَالِحٍ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ خَدِلًا.
[الحديث 5310 - أطرافه في: 5316، 6855، 6856، 7238] .

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) بالعين المهملة والفاء مصغرًا ونسبه لجده واسم أبيه كثير بالمثلثة مولى الأنصار المصري قال: ( حدّثني) بالإفراد ( الليث) بن سعد الإمام ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق فعبد الرحمن يروي عن أبيه القاسم ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( أنه) قال: ( ذكر التلاعن) بضم الذال المعجمة مبنيًّا للمجهول أي ذكر حكم الرجل الذي يرمي امرأته بالزنا فعبّر عنه بالتلاعن باعتبار ما آل إليه الأمر بعد نزول الآية.
( عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال عاصم بن عدي) الأنصاري ( في ذلك قولًا) لا يليق به نحو ما يدل على عجب النفس والنخوة والغيرة وعدم الحوالة إلى إرادة الله وحوله وقوّته قاله الكرماني ونقل عن ابن بطال أنه قال لو وجد مع امرأته رجلًا يضربه بالسيف حتى يقتله ( ثم انصرف) عاصم بن عدي من عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فأتاه رجل من قومه) هو عويمر لا هلال بن أمية ( يشكو إليه أنه قد وجد مع امرأته) خولة ( رجلًا فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا) ولأبي ذر بهذا الأمر إلا ( لقولي) أي لسؤالي عما لم يقع فعوقبت بوقوع ذلك في رجل من قومي، وفي مرسل مقاتل بن حيان عند ابن أبي حاتم فقال عاصم: إنّا لله وإنا إليه راجعون هذا والله سؤالي عن هذا الأمر بين الناس فابتليت به ( فذهب به) فذهب عاصم وعويمر ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبره بالذي وجد عليه امرأته) خولة من خلوتها بالرجل الأجنبي ( وكان) بالواو، ولأبي الوقت فكان ( ذلك الرجل مصفرًّا) بتشديد الراء كثير الصفرة ( قليل اللحم) نحيفًا ( سبط الشعر) بسكون الموحدة وفتح العين مسترسلة غير جعدة ( وكان الذي ادّعى عليه أنه وجده عند أهله خدلًا) بفتح الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة وتخفيف اللام في اليونينية وللأصيلي مما ذكره في التوضيح بكسر الدال، وحكى السفاقسي تخفيف اللام وتشديدها.
قال في القاموس: الخدل الممتلئ والضخم وساق خدلة بيّنة الخدل محركة والخدلة المرأة الغليظة الساق المستديرتها الجمع خدال أو ممتلئة الأعضاء كالخدلاء.
( آدم) بمد الهمزة من الأدمة وهي السمرة ( كثير اللحم فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( اللهم بيّن) لنا حكم هذه المسألة ( فجاءت) ولدت ولدًا ( شبيهًا بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده) معها ( فلاعن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينهما) ظاهره صدور الملاعنة بعد وضع الولد لكنه محمول على أن قوله فلاعن معقب بقوله فذهب به إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، واعترض قوله: وكان ذلك الرجل إلى آخره بين الجملتين، والحامل على ذلك أن رواية القاسم هذه موافقة حديث سهل بن سعد، وفيه أن اللعان وقع بينهما قبل أن تضع ( قال رجل) اسمه عبد الله بن شداد بن الهاد وهو ابن خالة ابن عباس ( لابن عباس في المجلس) هذه المرأة ( هي التي قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لو رجمت أحدًا بغير بيّنة رجمت هذه) أي امرأة عويمر ( فقال) ابن عباس -رضي الله عنهما- ( لا تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء) تعلن بالفاحشة ولكن لم يثبت عليها ذلك ببينة ولا اعتراف ولم يسمها ( قال أبو صالح) عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد فيما أخرجه المؤلّف في
المحاربين ( وعبد الله بن يوسف) التنيسي مما وصله في الحدود ( خدلًا) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال للأصيلي وبسكونها للأكثر وهي الرواية السابقة.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المحاربين ومسلم في اللعان والنسائي في الطلاق.