فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} [يوسف: 7]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]
( باب قول الله تعالى { لقد كان في يوسف وإخوته} ) أي في قصتهم ( { آيات} ) علامات على قدرته تعالى أو على نبوتك ( { للسائلين} ) [يوسف: 7] لمن سأل عن قصتهم أو عبرة للمعتبرين فإنها تشتمل على رؤيا يوسف وما حقق الله منها وعلى صبر يوسف عن قضاء الشهوة وعلى الرق والسجن، وما آل إليه أمره من الملك وعلى حزن يعقوب وصبره، وما آل إليه أمره من الوصول إلى المراد، ووصفها الله تعالى بأنها أحسن القصص إذ ليس في القصص غيرها ما فيها من العبر والحكم مع اشتمالها على ذكر الأنبياء والصالحين وسير الملوك والمماليك والتجار والنساء وحيلهن ومكرهن والتوحيد وتعبير الرؤيا والسياسة والمعاشرة وتدبير المعاش، وجمل الفوائد التي تصلح للدين والدنيا، وذكر الحبيب والمحبوب وسيرهما.


[ قــ :3228 ... غــ : 3383 ]
- حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ.
قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.
قَالَ: فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ.
قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.
قَالَ: فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ النَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا».

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ بن سلام أَخْبَرَني عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَذَا.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا ( عبيد بن إسماعيل) بضم العين من غير إضافة لشيء وكان اسمه عبد الله الهباري الكوفي ( عن أبي أسامة) حماد بن أسامة ( عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر العمري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه قال ( سئل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أكرم الناس) ؟ عند الله ( قال) :
أكرمهم ( أتقاهم لله) عز وجل أي أشدهم لله تقوى ( قالوا: ليس عن هذا نسألك.
قال فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله)
يعقوب ( ابن نبي الله) إسحاق ( ابن خليل الله) إبراهيم.
قال في
الكواكب: وأصل الكرم كثرة الخير، وقد جمع يوسف عليه السلام مكارم الأخلاق مع شرف النبوة وكونه ابن ثلاثة أنبياء متناسلين ومع شرف رياسة الدنيا وملكها بالعدل والإحسان ( قالوا: ليس عن هذا نسألك.
قال: فعن معادن العرب)
أي أصولها التي ينتسبون إليها ( تسألوني) ؟ ولأبي ذر: تسألونني بنونين ( الناس معادن) زاد الطيالسي وغيره في حديث في الخير والشر والعسكري كمعادن الذهب والفضة ( خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) بضم القاف وكسرها كما مرّ فيجتمع لهم شرف النسب مع شرف العلم وسبق في باب قول الله تعالى: { واتخذ الله إبراهيم خليلاً} [النساء: 125] ما في ذلك فليراجع.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: أخبرنا ( محمد بن سلام) البيكندي.
وثبت ابن سلام لأبي ذر قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: أخبرني بالإفراد ( عبدة) بن سليمان ( عن عبيد الله) بضم العين العمري ( عن سعيد) المقبري ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا) الحديث.




[ قــ :39 ... غــ : 3384 ]
- حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا: «مُرِي أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
قَالَتْ: إِنَّهُ رَجُلٌ أَسِيفٌ، مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ رَقَّ.
فَعَادَ، فَعَادَتْ.
قَالَ شُعْبَةُ: فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ -أَوِ الرَّابِعَةِ-: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ ... ».

وبه قال: ( حدّثنا بدل بن المحبر) بفتح الموحدة والدال المهملة آخره لام والمحبر بضم الميم وفتح الحاء المهملة والموحدة المشددة ابن منير اليربوعي قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج ( عن سعد بن إبراهيم) بسكون العين ابن عبد الرَّحمن بن عوف أنه ( قال: سمعت عروة بن الزبير) بن العوام ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها) في مرض موته:
( مري) بوزن كلي من غير همز ( أبا بكر) الصديق ( يصلي بالناس) الظهر أو العصر أو العشاء ( قالت: إنه رجل أسيف) بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وبعد التحتية الساكنة فاء أي شديد الحزن رقيق القلب سريع البكاء ( متى يقم مقامك) جزم بحذف الواو بمتى الشرطية ولأبي ذر عن الكشميهني متى يقوم بإثباتها ووجهه ابن مالك بأنها أهملت حملاً على إذا كما عملت إذا حملاً على متى في قوله إذا أخذتما مضاجعكما تكبرًا أربعًا وثلاثين والمعنى متى ما يقم مقامك في الإمامة ( رق) قلبه فلا يسمع الناس ( فعاد) عليه الصلاة والسلام إلى قوله: مري أبا بكر الصديق يصلّي بالناس ( فعادت) عائشة إلى قولها إنه رجل أسيف.

( قال شعبة) بن الحجاج بالسند السابق ( فقال) عليه الصلاة والسلام ( في الثالثة أو الرابعة) بالشك من الراوي ( إنكن) بلفظ الجمع على إرادة الجنس وكان الأصل أن يقول إنك بلفظ المفردة ( صواحب يوسف) تظهرن خلاف ما تبطن كهن، وكان غرض عائشة أن لا يتطير الناس بوقوف أبيها مكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كإظهار زليخا إكرام النسوة بالضيافة ومقصودها أن ينظرن إلى حسن
يوسف ليعذرنها في محبته ( مروا) بصيغة الجمع، ولأبي ذر: مري ( أبا بكر) ... الحديث.
وساقه هنا مختصرًا وسبق بتمامه في أبواب الإمامة من كتاب الصلاة.




[ قــ :330 ... غــ : 3385 ]
- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «مَرِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَقَالَتْ عَائِشَةَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ كَذَا-فَقَالَ مِثْلَهُ، فَقَالَتْ مِثْلَهُ- فَقَالَ: مُرُوهُ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ -فَأَمَّ أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-».
.

     وَقَالَ  حُسَيْنٌ: عَنْ زَائِدَةَ «رَجُلٌ رَقِيقٌ».

وبه قال: ( حدّثنا الربيع) ولأبي ذر ربيع ( بن يحيى) الأشناني بضم الهمزة وسكون المعجمة ( البصري) سقط البصري لأبي ذر وفي نسخة الصغاني: حدّثنا ربيع بن يحيى، حدّثنا النضر بالنون المفتوحة والضاد المعجمة، حدّثنا زائدة وفي حاشية اليونينية وقع في أصل السماع حدّثنا النضر وهو غلط وتصحيف من البصري حقق ذلك من أصول الحفاظ أبي ذر والأصيلي وأبي القاسم الدمشقي وأصل أبي صادق مرشد وغير ذلك من الأصول قال: ( حدّثنا زائدة) بن قدامة الثقفي أبو الصلت الكوفي ( عن عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم مصغرًا ابن سويد اللخمي حليف بني عدي الكوفي الفرسي بفتح الفاء والراء بعدها سين مهملة نسبة إلى فرس له سابق ( عن أبي بردة) بضم الموحدة عامر ( بن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ( عن أبيه) أنه ( قال: مرض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مرضه الذي توفي فيه وحضرت الصلاة ( فقال) :
( مروا أبا بكر فليصلّ بالناس) فقالت: إن ولأبي ذر ( فقالت عائشة: إن أبا بكر رجل كذا) زاد أبو ذر يعني رجل أسيف ( فقال) عليه الصلاة والسلام ( مثله) : مروا أبا بكر فليصل بالناس ( فقالت مثله) أي رجل أسيف ( فقال: مروه) ولأبي ذر: مروا أبا بكر أي فليصل بالناس ( فإنكن صواحب يوسف) عبّر بالجمع في إنكن، والمراد عائشة، وفي قوله: صواحب والمراد زليخا ( فأمّ أبو بكر) بالناس ( في حياة رسول الله) ولأبي ذر في حياة النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فقال بالفاء ولأبي ذر: ( وقال حسين) هو ابن عليّ الجعفي: ( عن زائدة) بن قدامة ( رجل رقيق) وهذا وصله المؤلّف في الصلاة.




[ قــ :331 ... غــ : 3386 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) عن عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرَّحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : يدعو لرجال من المسلمين يسميهم بأسمائهم فيقول:
( اللهم أنج) بهمزة قطع ( عياش بن أبي ربيعة) أخا أبي جهل بن هشام لأمه ( اللهم أنج سلمة بن هشام) بفتح اللام وهو أخو أبي جهل ( اللهم أنج الوليد بن الوليد) المخزومي أخا خالد بن الوليد وسقط ابن الوليد لأبي ذر ( اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين) من عطف العام على الخاص ( اللهم اشدد) بهمزة وصل ( وطأتك) بفتح الواو وسكون المهملة وفتح الهمزة أي بأسك وعقوبتك ( على) كفار قريش أولاد ( مضر) بن نزار بن معدّ بن عدنان ( اللهم اجعلها) أي الموطأة أو الأيام أو السنين ( سنين كسني يوسف) الصدّيق في القحط وسقطت نون سنين للإضافة جريًا على اللغة العالية فيه وهي إجراؤه مجرى جمع المذكر السالم لكنه شاذ لأنه غير عاقل، والمراد من هذا الحديث قوله: كسني يوسف، ومرّ في باب يهوي بالتكبير حين يسجد من كتاب الصلاة.




[ قــ :33 ... غــ : 3387 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ابْنِ أَخِي جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي لأَجَبْتُهُ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ابن أخي جويرية) بضم الجيم مصغرًا ولأبي ذر هو ابن أخي جويرية قال: ( حدّثنا جويرة بن أسماء) الضبعي ( عن مالك) الإمام ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد) بضم العين مصغرًا سعد بن عبيد مولى عبد الرحمن بن الأزهر ( أخبراه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يرحم الله لوطًا) بن هاران بن آزر ابن أخي إبراهيم الخليل ( لقد كان يأوي إلى ركن شديد) أشار إلى قوله تعالى: { قال لو أن لي بكم قوّة أو آوي إلى ركن شديد} [هود: 80] قال الطيبي وهذا تمهيد ومقدمة للخطاب المزعج كما في قوله تعالى: { عفا الله عنك لم أذنت لهم} [التوبة: 43] وقال البيضاوي: استعظام لما قاله واستغراب لما بدر منه حيثما أجهده قومه فقال: { أو آوي إلى ركن شديد} [هود: 80] إذ لا ركن أشد من الركن الذي كان يأوي إليه وهو عصمة الله تعالى وحفظه.
( ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته) .
يريد به قوله تعالى: { فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله} [يوسف: 50] قال التوربشتي وهو منبئ عن إحماده صبر يوسف وتركه الاستعجال بالخروج عن السجن مع امتداد مدة الحبس عليه.

وروى ابن حبان عن أبي هريرة مرفوعًا: "رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قالها: { اذكرني عند ربك ما لبث في السجن} [يوسف: 43] ".




[ قــ :333 ... غــ : 3388 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: "سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانَ وَهْيَ أُمُّ عَائِشَةَ لمَّا قِيلَ فِيهَا مَا قِيلَ قَالَتْ: بَيْنَمَا أَنَا مَعَ عَائِشَةَ جَالِسَتَانِ، إِذْ وَلَجَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَهْيَ تَقُولُ: فَعَلَ اللَّهُ بِفُلاَنٍ وَفَعَلَ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: لِمَ؟ قَالَتْ:
إِنَّهُ نَمَا ذِكْرَ الْحَدِيثِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَيُّ حَدِيثٍ؟ فَأَخْبَرَتْهَا.
قَالَتْ: فَسَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ.
فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا لِهَذِهِ؟ قُلْتُ: حُمَّى أَخَذَتْهَا مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ.
فَقَعَدَتْ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَذَرْتُ لاَ تَعْذِرُونِي، فَمَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، { وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} .
فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَنْزَلَ، فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ".
[الحديث 3388 - أطرافه في: 4143، 4691، 4751] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن سلام) البيكندي قال: ( أخبرنا ابن فضيل) محمد وجده غزوان الكوفي قال: ( حدّثنا حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين مصغرًا ابن عبد الرحمن ( عن شقيق) أبي وائل هو ابن سلمة وفي الفرع وأصله عن سفيان ( عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه ( قال: سألت أم رومان) بضم الراء بنت عامر ( وهي أم عائشة) أم المؤمنين -رضي الله عنهما-، وقد قيل إن مسروقًا لم يسمع من أم رومان لتقدم وفاتها فيكون حديثه منقطعًا، وقال أبو نعيم: بقيت بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دهرًا طويلاً.
وحينئذٍ فالحديث متصل وهو الراجح.
وقول عليّ بن زيد بن جدعان الراوي أن وفاة أم رومان سنة ست ضعيف لا يحتج به، وقول الخطيب الصواب أن يقرأ سئلت أم رومان مبنيًّا للمفعول مردود بقول مسروق في المغازي حدّثتني أم رومان ( عما) ولأبي ذر عن الكشميهني لما ( قيل فيها) أي في عائشة ( ما قيل) من الإفك ( قالت: بينما) بالميم ( أنا مع عائشة جالستان إذ ولجت) أي دخلت ( علينا امرأة من الأنصار) لم تسم ( وهي تقول: فعل الله بفلان) مسطح بن أثاثة ( وفعل.
قالت)
أم رومان: ( فقلت) للأنصارية ( لم) ؟ تقولين فعل الله بفلان وفعل ( قالت إنه نمى ذكر الحديث) أي حديث الإفك ونمى بتخفيف الميم في الفرع ونسبه في المطالع لأبي ذر: وقال الحربي وغيره مشدد وأكثر المحدّثنين يخففونه يقال نميت الحديث أنمية إذا بلغته على وجه الإصلاح وطلب الخير فإذا بلغته على وجه الإفساد والنميمة قلت نميته بالتشديد.
( فقالت عائشة: أيّ حديث) ؟ نماه قالت أم رومان ( فأخبرتها) بقول أهل الإفك ( قالت: فسمعه أبو بكر ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت) أم رومان: ( نعم) .
سمعاه ( فخرّت) عائشة ( مغشيًا عليها فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض) ، أي ملتبسة بارتعاد ( فجاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( ما لهذه) ؟ يعني عائشة قالت أم رومان ( قلت: حمى أخذتها من أجل حديث تحدث) بضم الفوقية والحاء المهملة مبنيًّا للمفعول ( به) عنها ( فقعدت) عائشة ( فقالت: والله لئن حلفت) لكم إني لم أفعل ما قيل ( لا تصدقوني) ولأبي ذر لا تصدقونني ( ولئن اعتذرت لا تعذروني) ولأبي ذر لا تعذرونني ( فمثلي ومثلكم) أي صفتي وصفتكم ( كمثل يعقوب وبنيه) حيث صبر صبرًا جميلاً وقال: ( والله المستعان على ما تصفون) أي على احتمال ما تصفونه، ( فانصرف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأنزل الله) عز وجل ( ما أنزل) في براءتها ( فأخبرها) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك ( فقالت: بحمد الله لا بحمد أحد) قال بعض أصحاب عبد الله بن المبارك له: أنا أستعظم هذا القول.
فقال: ولت الحمد أهله ذكره فى
المصابيح، ولعلها تمسكت بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام لها: "احمدي الله" كما في الرواية الأخرى ففهمت منه أنه أمرها بإفراد الله بالحمد.




[ قــ :334 ... غــ : 3389 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: "أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَرَأَيْتِ قَوْلِ اللهِ: { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا} أَوْ كُذِبُوا؟ قَالَتْ: بَلْ كَذَّبَهُمْ قَوْمُهُمْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ.
فَقَالَتْ: يَا عُرَيَّةُ، لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ.
قُلْتُ: فَلَعَلَّهَا "أَوْ كُذِبُوا".
قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ، لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا،.
وَأَمَّا هَذِهِ الآيَةُ قَالَتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ وَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلاَءُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَتْ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ".
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: { اسْتَيْأَسُوا} اسْتَفْعَلُوا مِنْ يَئِسْتُ، { مِنْهُ} مِنْ يُوسُفَ { لاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} مَعْنَاهُ مِنَ الرَّجَاءُ.
[الحديث 3389 - أطرافه في: 455، 4695، 4696] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عروة) بن الزبير ( أنه سأل عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فقال لها ( أرأيت قوله) تعالى أي أخبريني عن قوله ولأبي ذر قول الله ( { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} ) [يوسف: 110] بالتشديد ( أو كذبوا) بالتخفيف ( قالت) : عائشة ليس الظن على بابه كما فهمت ( بل كذبهم قومهم) ، بالتشديد فهو بمعنى اليقين وهو سائغ كما في قوله تعالى: { وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} [التوبة: 118] وقال عروة: ( فقلت) لها: ( والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم) وفي نسخة الصغاني قد كذبوهم ( وما هو بالظن: فقالت) عائشة رادّة عليه: ( يا عرية) بضم العين وفتح الراء المهملة وتشديد المثناة التحتية تصغير عروة وأصله يا عريوة اجتمعت الياء والواو وسبق الأول بالسكون فقلبوا الواو ياء وأدغموا الأول في الثاني وليس التصغير هنا للتحقير ( لقد استيقنوا بذلك.
قلت: فلعلها أو كذبوا قالت: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك)
أي إخلاف الوعد ( بربها، وأما هذه الآية قالت) فالمراد من الظانين فيها ( هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم) أي وصدّقوا الرسل ( وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأست) أي الرسل ( ممن كذبهم من قومهم وظنوا أن أتباعهم كذبوهم وجاءهم نصر الله) .
وظاهر هذا أن عائشة أنكرت قراءة التخفيف بناء على أن الضمير للرسل ولعلها لم تبلغها، فقد ثبتت في قراءة الكوفيين ووجهت بأن الضمير في وظنوا عائد على المرسل إليهم لتقدمهم في قوله تعالى: { كيف عاقبة الذين من قبلهم} [فاطر: 44] ولأن الرسل تستدعي مرسلاً إليه أي وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم بالدعوة والوعيد، وقيل الأول للمرسل
إليهم، والثاني للرسل أي وظنوا أن الرسل قد كذبوا وأخلفوا فيما وعد لهم من النصر وخلط الأمر عليهم.

قال في الأنوار كالكشاف: وما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الرسل ظنوا أنهم أخلفوا ما وعدهم من النصر إن صح فقد أراد بالظن ما يهجس في القلب على طريق الوسوسة اهـ.
وهذا فيه شيء فإنه لا يجوز أن يقال أراد بالظن ما يهجس في القلب على طريق الوسوسة فإن الوسوسة من الشيطان وهم معصومون منه.

وهذا الحديث يأتي إن شاء الله تعالى في التفسير.

( قال أبو عبد الله) : البخاري ( استيأسوا) وزنه ( افتعلوا من يئست) وللأصيلي استفعلوا بالسين والتاء الفوقية وهو الصواب واستفعل هنا بمعنى فعل المجرد يقال يئس واستيأس بمعنى نحو عجب واستعجب وسخر واستسخر والسين والتاء زيدتا للمبالغة ( منه) أي ( من يوسف) وعند ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق فلما استيأسوا أي لما حصل لهم اليأس من يوسف اهـ.
أي أيسوا منه أن يجيبهم إلى ما سألوا.
وقال أبو عبيدة: استيأسوا استيقنوا أن الأخ لا يرد إليهم ( لا تيأسوا من روح الله معناه الرجاء) ولأبي ذر: من الرجاء.
وقال ابن عباس من رحمة الله، وعن قتادة فضل الله، وقرئ من روح الله بضم الراء.
قال ابن عطية: كأن معنى هذه القراءة لا تيأسوا من حيّ معه روح الله الذي وهبه فإن من بقي روحه يرجى ومن هذا قول الشاعر:
وفي غير من قد وارت الأرض فاطمع
وقرأ عبد الله من فضل الله وأبي: من رحمة الله تفسيرًا لا تلاوة.
قال ابن عباس: إن المؤمن من الله على خير يرجوه في البلاء ويحمده في الرخاء.




[ قــ :335 ... غــ : 3390 ]
- أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمِ السَّلاَمُ».

وبه قال: ( أخبرني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن عبد الله أبو سهل الصفار الخزاعي البصري قال: ( حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث البصري ( عن عبد الرحمن عن أبيه) عبد الله بن دينار ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي) وفي اليونينية عن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف) الصديق ( بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم) الخليل نبي ابن نبيّ ابن نبي ابن نبيّ ( عليهم السلام) .
وهذا الحديث قد مرّ في باب { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت} [البقرة: 133] .