فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الغدوة والروحة في سبيل الله، وقاب قوس أحدكم من الجنة

باب الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ
(باب الغدوة والروحة في سبيل الله)، بفتح الغين المعجمة المرة الواحدة من الغدو وهو الخروج في أي وقت كان من أوّل النهار إلى انتصافه والروحة بفتح الراء المرة الواحدة من الرواح وهو الخروج في أي وقت كان من زوال الشمس إلى غروبها (وقاب قوس أحدكم من الجنة) بجر قاب عطفًا على الغدوة المجرورة بالإضافة وبالرفع على الاستئناف ما بين الوتر والقوس، أو قدر طولها، أو ما بين السية والمقبض، أو قدر ذراع أو ذراع يقاس به فكأن المعنى بيان فضل قدر الذراع من الجنة، ولأبي ذر عن الكشمميهني: في الجنة.


[ قــ :2664 ... غــ : 2792 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».
[الحديث 2792 - طرفاه في: 2796، 6568] .

وبه قال: (حدّثنا معلى بن أسد) العمي البصري قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد البصري قال: (حدّثنا حميد) هو الطويل (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه (قال):
(لغدوة في سبيل الله) مبتدأ تخصص بالصفة وهي قوله في سبيل الله والتقدير لغدوة كائنة في سبيل الله واللام في لغدوة للتأكيد.
وقال ابن حجر: للقسم، ولأبي ذر عن الكشميهني: الغدوة في سبيل الله (أو روحة) عطف عليه وأو للتقسيم أي لخرجة واحدة في الجهاد من أوّل النهار أو آخره (خير من الدنيا وما فيها).
أي ثواب ذلك الزمن القليل في الجنة خير من الدنيا وما اشتملت عليه، وكذا قوله: لقاب قوس أحدكم أي ما صغر في الجنة من الموضع كلها بساتينها وأرضها فأخبر أن قصير الزمان وصغير المكان في الجنة خير من طويل الزمان وكبير المكان في الدنيا تزهيدًا وتصغيرًا لها وترغيبًا في الجهاد، فينبغي أن يغتبط صاحب الغدوة والروحة بغدوته وروحته أكثر مما يغتبط أن لو حصلت له الدنيا بحذافيرها نعيمًا محضًا غير محاسب عليه مع أن هذا لا يتصور.

وهذا الحديث من هذا الوجه من أفراد البخاري.




[ قــ :665 ... غــ : 793 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَقَابُ قَوْسٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ.
.

     وَقَالَ : لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ».
[الحديث 793 - طرفه في: 353] .

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي بالحاء المهملة والزاي الأسدي قال: ( حدّثنا محمد ابن فليح قال: حدّثني) بالإفراد ( أبي) فليح اسمه عبد الملك بن سليمان ( عن هلال بن علي) الفهري المدني ( عن عبد الرحمن بن أبي عمرة) بفتح العين وسكون الميم الأنصاري واسم أبي عمرو بن محصن ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لقاب قوس) مبتدأ واللام للتأكيد ( في الجنة) صفة لقاب قوس ( خير مما عليه تطلع الشمس وتغرب) لا تدخل الجنة مع الدنيا تحت أفضل إلا كما يقال: العسل أحلى من الخل، والغدوة أو الروحة في سبيل الله وثوابها خير من نعيم الدنيا كلها لو ملكها وتصور تنعمه بها كلها لأنه زائل ونعيم الآخرة باقٍ ( وقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( لغدوة) ولأبي ذر: الغدوة ( أو روحة في سبيل الله خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب) .




[ قــ :667 ... غــ : 794 ]
- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الرَّوْحَةُ وَالْغَدْوَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».
[الحديث 794 - أطرافه في: 89، 350، 6415] .

وبه قال: ( حدّثنا قبيصة) بن عقبة قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن أبي حازم) سلمة بن دينار المدني ( عن سهل بن سعد) الساعدي ( -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( الروحة والغدوة) ولمسلم من طريق وكيع عن سفيان غدوة أو روحة ( في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها) وهو معنى تطلع عليه الشمس وتغرب، وقد يقال: إن بينهما تفاوتًا فإن حديث: وما فيها يشمل ما تحت طباقها مما أودعه الله تعالى فيها من الكنوز وغيرها، وحديث: ما طلعت عليه الشمس وغربت يشمل ما تطلع وتغرب عليه من بعض السماوات لأنها في الرابعة أو السابعة على الخلاف وللمتكلمين قولان في حقيقة الدنيا أحدهما: أنها ما على الأرض من الهواء والجوّ، والثاني: أنها كل المخلوقات من الجواهر والأعراض الموجودة قبل الدار الآخرة، والحاصل من أحاديث هذا الباب أن المراد تسهيل أمر الدنيا وتعظيم أمر الجهاد وأن من حصل له من الجنة قدر سوط يصير كأنه حصل له أعظم من جميع ما في الدنيا فكيف بمن حصل له منها أعلى الدرجات.