فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قبول الهدية

باب قَبُولِ الْهَدِيَّةِ
( باب قبول الهدية) قال الحافظ ابن حجر: كذا ثبت لأبي ذر وهو تكرار بغير فائدة، وهذه الترجمة بالنسبه إلى ترجمة قبول هدية الصيد من العام بعد الخاص ووقع عند النسفيّ باب من قبل الهدية.


[ قــ :2462 ... غــ : 2574 ]
- حَدَّثَني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدَةُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: "أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ يَبْتَغُونَ بِهَا -أَوْ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ- مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث 2574 - أطرافه في: 2580، 2581، 3775] .

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( إبراهيم بن موسى) الفرّاء الرازي الصغير قال: ( حدّثنا عبدة) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة ابن سليمان قال: ( حدّثنا هشام) هو ابن عروة بن الزبير ( عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-) ( أن الناس كانوا يتحرّون) أي يقصدون ( بهداياهم يوم) نوبة ( عائشة) حين يكون عليه الصلاة والسلام عندها حال كونهم ( يبتغون) أي يطلبون ( بها) أي بهداياهم ( أو يبتغون بذلك) أي بالتحرّي ( مرضاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح ميم مرضاة مصدر ميمي بمعنى الرضا وعند أبي ذر مرضاه بكتب التاء هاء وفي الفرع وأصله يبتغون في الموضعين بموحدة بعدها فوقية ثم غين معجمة من الابتغاء فالشك إنما هو في بها أو بذلك وفي غيره يتبعون بها بتقديم المثناة مشددة وكسر الموحدة وبالعين المهملة من الاتباع أو يبتغون بذلك بالغين المعجمة من الابتغاء.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفضائل والنسائي في عشرة النساء.




[ قــ :463 ... غــ : 575 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ -خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ- إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الأَقِطِ وَالسَّمْنِ وَتَرَكَ الأضَّبَّ تَقَذُّرًا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث أطرافه في: 5489، 540، 7358] .

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا جعفر بن إياس) بكسر الهمزة وتخفيف الياء كالسابق هو ابن أبي وحشية ( قال: سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال) : ( أهدت أم حفيد) بالحاء المهملة المضمومة والفاء المفتوحة آخره مهملة مصغرًا واسمها هزيلة تصغير هزلة بالزاي وهي أُخت أُم المؤمنين ميمونة ( خالة ابن عباس
إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقطًا)
بفتح الهمزة وكسر القاف بعدها طاء مهملة لبنًا مجفّفًا ( وسمنًا وأضبًّا) بفتح الهمزة وضم الضاد المعجمة وتشديد الموحدة جمع ضب بفتح الضاد وللحموي والمستملي: وضبًّا على الإفراد دويبة لا تشرب الماء وتعيش سبعمائة سنة فصاعدًا ويقال أنها تبول في كل أربعين يومًا قطرة ولا يسقط لها سن ( فأكل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن الأقط والسمن وترك الضب) ولأبي ذر: وترك الأضب بلفظ الجمع ( تقدّرًا) بالقاف والذال المعجمة والنصب على التعليل أي لأجل التقذّر أي كراهة ( قال ابن عباس: فأكل) أي الضب ( على مائدة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولو كان حرامًا ما أكل على مائدة رسول
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
.

قال الشافعي: حديث ابن عباس موافق حديث ابن عمر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امتنع من أكل الضب لأنه عافه لا لأنه حرَّمه فأكل الضب حلال انتهى.

ومباحث الحديث تأتي في الأطعمة إن شاء الله تعالى ومطابقة الحديث لما ترجم له في قوله: فأكل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الأقط والسمن لأن أكله دليل على قبول الهدية.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الأطعمة والاعتصام، ومسلم في الذبائح، وأبو داود في الأطعمة، والنسائي في الصيد.




[ قــ :464 ... غــ : 576 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ: أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ قَالَ لأَصْحَابِهِ: كُلُوا، وَلَمْ يَأْكُلْ.
وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ، ضَرَبَ بِيَدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلَ مَعَهُمْ".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( إبراهيم بن المنذر) الحزامي بالحاء المهملة والزاي الأسدي، ولأبي ذر: ابن منذر بدون الألف واللام قال: ( حدّثنا معن) هو ابن عيسى بن يحيى القزاز المدني ( قال: حدّثني) بالإفراد ( إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء الخراساني أحد الأئمة وثّقه ابن معين والجمهور وتكلم فيه بالإرجاء وقد ذكر الحاكم أنه رجع عنه ( عن محمد بن زياد) القرشي الجمحي مولى آل عثمان بن مظعون المدني سكن البصرة ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال) :
( كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أُتي بطعام) زاد أحمد وابن حبان من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن زياد من غير أهله ( سأل عنه أهدية أم صدقة) بالرفع فيهما على الخبر أي هذا ويجوز النصب بتقدير أجئتم به هدية أم صدقة؟ ( فإن قيل صدقة) بالرفع ( قال لأصحابه: كُلُوا ولم يأكل) لأنها حرام عليه ( وإن قيل هدية) بالرفع ( ضرب بيده) أي شرع في الأكل مسرعًا ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقطت التصلية لأبي ذر

( فأكل معهم) ومطابقته للترجمة في قوله: وإن قيل هدية إلخ ... لأن أكله معهم يدل على قبول الهدية.




[ قــ :465 ... غــ : 577 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "أُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، قَالَ: هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني ( محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة ابن عثمان العبدي البصري أبو بكر بندار قال: ( حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر الهذلي البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه ( قال) :
( أُتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلحم) فسأل عنه ( فقيل تصدق) به ( على بريرة.
قال: هو لها صدقة ولنا هدية)
أي حيث أهدته بريرة لنا لأن الصدقة يسوغ للفقير التصرف فيها بالبيع وغيره كتصرف سائر الملاك في أملاكهم.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الزهد ومسلم في الزكاة، وأخرجه أيضًا أبو داود والنسائي.




[ قــ :466 ... غــ : 578 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: "أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، وَأَنَّهُمُ اشْتَرَطُوا وَلاَءَهَا، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَذَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ.
وَخُيِّرَتْ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: زَوْجُهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ؟ قَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ عَنْ زَوْجِهَا، قَالَ: لاَ أَدْرِي أَحُرٌّ أَمْ عَبْد".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني ( محمد بن بشار) هو العبدي السابق قال: ( حدّثنا غندر) الهذلي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي الفقيه أبي محمد المدني الإمام ولد في حياة عائشة -رضي الله عنها- ( قال) أي شعبة ( سمعته) أي الحديث الآتي إن شاء الله تعالى ( منه) أي من عبد الرحمن ( عن القاسم) أبيه ( عن عائشة -رضي الله عنها- أنها أرادت أن تشتري بريرة) من أهلها ( وأنهم اشترطوا) على عائشة ( ولاءها فذكر) بضم المعجمة مبنيًّا للمفعول أي ذكر ما اشترطوه على عائشة ( للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لعائشة:
( اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق) ومباحث هذا سبقت مرات.

( وأهدي) بضم الهمزة ( لها) أي لبريرة ( لحم) وفي نسخة وأهدت لها لحمًا ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( ما هذا؟ قلت تصدق) مبنيًّا للمفعول زاد في نسخة به ( على بريرة) ولأبي ذر بعد قوله لحم فقيل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا تصدق به على بريرة ( فقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( هو لها صدقة ولنا هدية) ومفهومه أن

التحريم إنما هو على الصفة لا على العين وعلى الرواية الأولى يكون السؤال والجواب من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والثانية أصوب.

( وخيرت بريرة) أي صارت مخيرة بين أن تفارق زوجها وأن تبقى تحت نكاحه ( قال عبد الرحمن) بن القاسم الراوي ( زوجها) مغيث ( حرّ أو عبد.
قال شعبة)
بن الحجاج ( سألت) وفي نسخة ثم سألت ( عبد الرحمن) بن القاسم ( عن زوجها؟ قال: لا أدري أحرّ أم عبد) بهمزة الاستفهام وبالميم بعد الهمزة الأخرى، ولأبي ذر: حرّ أو عبد والمشهور وهو قول مالك والشافعي أنه عبد وخالف أهل العراق فقالوا: إنه كان حرًّا.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في العتق والزكاة بقصد الهدية والنسائي في البيوع والفرائض والطلاق والشروط.




[ قــ :467 ... غــ : 579 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: "دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَقَالَ: عِنْدَكُمْ شَىْءٌ؟ قَالَتْ: لاَ، إِلاَّ شَىْءٌ بَعَثَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بُعِثْتَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّدَقَةِ.
قَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن) الكسائي نزيل بغداد ثم مكة قال: ( أخبرنا خالد بن عبد الله) الطحان الواسطي ( عن خالد الحذاء) بالحاء المهملة والذال المعجمة ( عن حفصة بنت سيرين عن أُم عطية) نسيبة الأنصارية أنها ( قالت: دخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على عائشة -رضي الله عنها- فقال: لها) :
( عندكم) ولأبي ذر: أعندكم بإثبات همزة الاستفهام ( شيء) ( قالت) عائشة ( لا) شيء ( إلاّ شيء بعثت به أم عطية من الشاة التي بعثت إليها من الصدقة) بفتح الموحدة وسكون المثلثة وتاء الخطاب، ولأبي ذر بعثت بضم الموحدة مبنيًّا للمفعول قال في الفتح: وهو الصواب ( قال) عليه الصلاة والسلام ( إنها) أي الشاة وللحموي والمستملي إنه ( قد بلغت محلها) بفتح الميم وكسر الحاء المهملة يقع على الزمان والمكان أي صارت حلالاً بانتقالها من الصدقة إلى الهدية.

وهذا الحديث قد مرّ في باب إذا تحوّلت الصدقة من كتاب الزكاة.