فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الربط والحبس في الحرم

باب الرَّبْطِ وَالْحَبْسِ فِي الْحَرَمِ
وَاشْتَرَى نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ دَارًا لِلسِّجْنِ بِمَكَّةَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَلَى أَنَّ عُمَرَ إِنْ رَضِيَ فَالْبَيْعُ بَيْعُهُ.
وَإِنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُمِائَةٍ.
وَسَجَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ.

( باب الربط والحبس) للغريم ( في المحرم واشترى نافع بن عبد الحرث) الخزاعي وكان من فضلاء الصحابة وكان من جملة عمال عمر واستعمله على مكة ( دارًا للسجن بمكة) بفتح السين مصدر سجن يسجن من باب نصر ينصر سجنًا بالفتح ( من صفوان بن أمية) الجمحيّ المكي الصحابي ( على أن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- بفتح الهمزة وتشديد النون ( إن رضي) بكسر الهمزة وتسكين النون، ولأبي ذر: على أن عمر رضي الله بكسر الهمزة وسكون النون أدخل على إن الشرطية نظرًا إلى المعنى كانه قال هذا الشرط ( فالبيع بيعه وإن لم يرض عمر) بالابتياع المذكور ( فلصفوان) في مقابلة الانتفاع إلى أن يعود الجواب من عمر ( أربعمائة) ولأبي ذر زيادة دينار.

واستشكل بأن البيع بمثل هذا الشرط فاسد.
وأجيب: بأنه لم يدخل الشرط في نفس العقد بل هو وعد يقتضيه العقد أو بيع بشرط الخيار لعمر بعد أن أوقع العقد له كما صرح به في رواية عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي حيث ذكروه موصولاً من طرق عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن فروخ به.
قال في الفتح: ووجهه ابن المنير بأن العهدة في البيع على المشتري وإن ذكر أنه يشتري لغيره لأنه المباشر للعقد قال وكأن ابن المنير وقف مع ظاهر اللفظ ولم ير سياقه تامًّا فظن أن الأربعمائة هي الثمن الذي اشترى به نافع وليس كذلك، وإنما كان الثمن أربعة آلاف اهـ.

وقال العيني: يحتمل أن تكون هذه الأربعة آلاف دراهم أو دنانير، لكن الظاهر الدراهم وكانت من بيت المال وبعيد أن عمر -رضي الله عنه- كان يشتري دارًا للسجن بأربعة آلاف دينار لشدة احترازه على بيت المال اهـ.
ولينظر قوله في رواية أبي ذر: أربعمائة دينار.

( وسجن ابن الزبير) عبد الله أي المديون ( بمكة) أيام ولايته عليها.
وهذا وصله ابن سعد من طريق ضعيف وكذا وصله خليفة بن خياط في تاريخه وأبو الفرج الأصبهاني في الأغاني.


[ قــ :2320 ... غــ : 2423 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( قال: حدّثني) بالإفراد ( سعيد بن أبي سعيد) المقبري أنه ( سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث

النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خيلاً)
فرسانًا ( قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد) .

وهذا الحديث قد سبق في الباب المتقدم بأتم منه، وقد أشار المؤلّف بما ساقه هنا إلى ردّ ما رواه ابن أبي شيبة من طريق قيس بن سعد عن طاوس أنه كان يكره السجن بمكة ويقول: لا ينبغي لبيت عذاب أن يكون في بيت رحمة، فأراد المؤلّف -رحمه الله- أن يعارضه بأثر عمر وابن الزبير وصفوان ونافع وهم من الصحابة وقوي ذلك بقصة ثمامة وقد ربط في مسجد المدينة وهو أيضًا حرم فلم يمنع ذلك من الربط فيه قاله في فتح الباري.