فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: لا يدخل الدجال المدينة

باب لاَ يَدْخُلُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ
هذا ( باب) بالتنوين ( لا يدخل الدجال المدينة) .


[ قــ :1793 ... غــ : 1879 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، لَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مَلَكَانِ».
[الحديث 1879 - طرفاه في: 7125، 7126] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي ( قال: حدثني) بالإفراد ( إبراهيم بن سعد عن أبيه) سعد بن إبراهيم الزهري القرشي ( عن جده) إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي بكرة) نفيع بن الحرث بن كلدة الثقفي ( -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال) بضم الراء أي ذعره وخوفه والدجال من الدجل وهو الكذب والخلط لأنه كذاب خلاط وإذا لم يدخل رعبه فالأولى أن لا يدخل ( لها) أي للمدينة ( يومئذ سبعة أبواب على كل باب) وللكشميهني لكل باب ( ملكان) يحرسانها منه.

ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون وفيه تابعي والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في الفتن وهو من أفراده.





[ قــ :1794 ... غــ : 1880 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ، لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ».
[الحديث 1880 - طرفاه في: 5731، 7133] .

وبه قال: ( حدثنا إسماعيل) بن أبي أويس عبد الله المدني ( قال: حدثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ( عن نعيم بن عبد الله المجمر) بضم الميم الأولى وكسر الثانية بينهما جيم ساكنة آخره راء مولى آل عمر المدني ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( على أنقاب المدينة) جمع نقب بفتح النون وسكون القاف وهو جمع قلة وجمع الكثرة نقاب، وسيأتي أيضًا إن شاء الله تعالى.
قال ابن وهب يعني مداخل المدينة وهي أبوابها وفوّهات طرقها التي يدخل إليها منها كما جاء في الحديث الآخر: على كل باب منها ملك، وقيل طرقها والنقب بفتح النون وضمها وسكون القاف.
قال في القاموس: الطريق في الجبل ( ملائكة) يحرسونها ( لا يدخلها الطاعون) الموت الذريع الفاشي أي لا يكون بها مثل الذي يكون بغيرها كالذي وقع في طاعون عمواس والجارف، وقد أظهر الله تعالى صدق رسوله فلم ينقل قط أنه دخلها الطاعون وذلك ببركة دعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللهم صححها لنا: ( ولا) يدخلها ( الدجال) قال الطيبي: وجملة لا يدخلها مستأنفة بيان لموجب استقرار الملائكة على الأنقاب.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الفتن والطب، ومسلم في الحج، والنسائي في الطب والحج.




[ قــ :1795 ... غــ : 1881 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلاَّ سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ، إِلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ إِلاَّ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا.
ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ».
[الحديث 1881 - أطرافه في: 714، 7134، 7473] .

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي بالزاي قال: ( حدّثنا الوليد) بن مسلم الدمشقي القرشي ثقة لكنه كثير التدليس قال: ( حدّثنا أبو عمرو) بفتح العين هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي قال: ( حدّثنا إسحاق) بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري المدني قال: ( حدثني) بالإفراد ( أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( ليس من بلد) أي من البلدان يسكن الناس فيه وله شأن ( إلا سيطؤه) سيدخله ( الدجال) قال الحافظ ابن حجر: هو على ظاهره وعمومه عند الجمهور، وشذ ابن حزم فقال: المراد لا يدخله بعثه وجنوده وكأنه استبعد إمكان دخول الدجال جميع البلاد لقصر مدته وغفل عما ثبت في صحيح مسلم أن بعض أيامه يكون قدر السنة اهـ.


قال العيني: يحتمل أن يكون إطلاق قدر السنة على بعض أيامه ليس على حقيقته بل لكون الشدة العظيمة الخارجة عن الحد فيه أطلق عليه كأنه قدر السنة.

( إلا مكة والمدينة) لا يطؤهما وهو مستثنى من المستثنى لا من بلد أي في اللفظ وإلاّ ففي المعنى منه لأن الضمير في سيطؤه عائد على البلد وعند الطبري من حديث عبد الله بن عمر: وإلا الكعبة وبيت المقدس، وزاد أبو جعفر الطحاوي ومسجد الطور، وفي بعض الروايات فلا يبقى له موضع إلا ويأخذه غير مكة والمدينة وبيت المقدس وجبل الطور فإن الملائكة تطرده عن هذه المواضع ( ليس له) سقط لأبي الوقت: له ( من نقابها) بكسر النون أي من نقاب المدينة ( نقب إلا عليه الملائكة) حال كونهم ( صافين) حال كونهم ( يحرسونها) منه وهو من الأحوال المتداخلة وسقط في رواية أبي الوقت لفظ له ونقب ( ثم ترجف المدينة) أي تزلزل ( بأهلها) الباء يحتمل أن تكون سببية أي تزلزل وتضطرب بسبب أهلها التنفض إلى الدجال الكافر والمنافق وأن تكون حالاً أي ترجف متلبسة بأهلها.
وقال المظهري ترجف المدينة بأهلها أي تحركهم وتلقي ميل الدجال في قلب من ليس بمؤمن خالص فعلى هذا فالباء صلة الفعل ( ثلاث رجفات) بفتحات ( فيخرج الله) في الثالثة منها ( كل كافر ومنافق) ويبقى بها المؤمن الخالص فلا يسلط عليه الدجال، وللحموي والكشميهني: فيخرج الله إلى الدجال كل كافر ومنافق، وهذا لا يعارضه ما في حديث أبي بكرة الماضي أنه لا يدخل المدينة رعب الدجال لأن المراد بالرعب ما يحصل من الفزع من ذكره والخوف من عتوّه لا الرجفة التي تقع بالزلزلة لإخراج من ليس بمخلص.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا مسلم في الفتن والنسائي في الحج.




[ قــ :1796 ... غــ : 188 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه- قَالَ: "حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا بِهِ أَنْ قَالَ: يَأْتِي الدَّجَّالُ -وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ- بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ -أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ- فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا عَنْكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَهُ.
فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ.
فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ.
فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَقْتُلُهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ".

[الحديث 188 - طرفه في: 713] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي مولاهم المصري ثقة في الليث وتكلموا في سماعه من مالك قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بضم العين في الأول مصغرًا وسكون الفوقية في الثالث بعد الضم ابن مسعود الهذلي المدني

( إن أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: حدّثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثًا طويلاً عن الدجال) عن حاله وفعله وسقط في رواية أبي الوقت قوله حديثًا ( فكان فيما حدّثنا به أن قال) : أن مصدرية أي قوله:
( يأتي الدجال -وهو محرّم عليه أن يدخل) أي دخوله ( نقاب المدينة ينزل) جملة مستأنفة كأن قائلاً قال إذا كان الدخول عليه حرامًا فكيف يفعل قال ينزل: ( بعض السباخ التي بالمدينة) ، بكسر السين جمع سبخة وهي الأرض تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت شيئًا والمعنى أنه ينزل خارج المدينة على أرض سبخة من سباخها وسقط في رواية أبي ذر عن الكشميهني قوله ينزل ( فيخرج إليه) أي إلى الدجال ( يومئذ رجل هو خير الناس -أو من خير الناس-) شك من الراوي وذكر إبراهيم بن سفيان الراوي عن مسلم كما في صحيحه أنه يقال إنه الخضر وكذا حكاه معمر في جامعه، وهذا إنما يتم على القول ببقاء الخضر كما لا يخفى ( فيقول) : الرجل ( أشهد أنك الدجال الذي حدّثنا عنك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثه) ( فيقول الدجال) : لمن معه من أوليائه ( أرأيت) أي أخبرني ( إن قتلت هذا) الرجل ( ثم أحييته هل تشكون في الأمر؟ فيقولون لا) أي اليهود ومن يصدقه من أهل الشقاوة أو العموم يقولون ذلك خوفًا منه لا تصديقًا له أو يقصدون بذلك عدم الشك في كفره وأنه دجال ( فيقتله ثم يحييه) بقدرة الله تعالى ومشيئته.
وفي مسلم: فيأمر الدجال به فيشج فيقول خذوه فيوسع ظهره وبطنه ضربًا فيقول: أو ما تؤمن بي؟ قال فيقول: أنت المسيح الكذاب فيؤشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له قم فيستوي قائمًا ( فيقول: حين يحييه والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم) لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر بأن علامة الدجال أنه يحيي المقتول فزادت بصيرته بتلك العلامة.
وفي بعض النسخ: أشد مني بصيرة اليوم فالمفضل والمفضل عليه كلاهما هو نفس المتكلم لكنه مفضل باعتبار غيره ( فيقول الدجال أقتله فلا يسلط عليه) أي على قتله لأن الله يعجزه بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره وحينئذ يبطل أمره.

وفي مسلم ثم يقول أي الرجل: يا أيها الناس أنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس قال فيأخذه الدجال حتى يذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسًا فلا يستطيع إليه سبيلاً قال: فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنه قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين".

وحديث الباب أخرجه المؤلّف في الفتن وكذا مسلم وأخرجه النسائي في الحج.