فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الزيارة يوم النحر

باب الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ
وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم- "أَخَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزِّيَارَةَ إِلَى اللَّيْلِ" وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي حَسَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ أَيَّامَ مِنًى".

( باب الزيارة) أي زيارة الحاج البيت للطواف به وهو طواف الإفاضة ويسمى طواف الصدر والركن ( يوم النحر وقال أبو الزبير) بضم الزاي وفتح الموحدة وسكون التحتية محمد بن مسلم بن تدرس بلفظ المخاطب من المضارع من الدراسة، وقد وثقه الجمهور وضعفه بعضهم لكثرة التدليس وغيره، ولم يرو له المؤلّف سوى حديث واحد في البيوع قرنه بعطاء عن جابر وعلق له عدّة أحاديث، واحتج به مسلم والباقون وسمع من ابن عباس، وفي سماعه من عائشة نظر مما وصله الترمذي وأبو داود وأحمد ( عن عائشة وابن عباس -رضي الله عنهم-) أنهم قالا: ( أخر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
الزيارة)
أي طوافها ( إلى الليل) أي أخره إلى ما بعد الزوال، وأما الحمل على ما بعد الغروب فبعيد

جدًّا، فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه عليه الصلاة والسلام طاف يوم النحر نهارًا، أو يحمل على ما رواه ابن حبان أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رمى جمرة العقبة ونحر ثم تطيب للزيارة ثم أفاض وطاف بالبيت طواف الزيارة ثم رجع إلى منى فصلّى الظهر بها والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بها، ثم ركب إلى البيت ثانيًا وطاف به طوافًا آخر بالليل، وروى البيهقي أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يزور البيت كل ليلة من ليالي منى.

( ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه ( عن أبي حسان) بالصرف وعدمه مسلم بن عبد الله العدوي البصري المشهور بالأجرد والأعرج أيضًا مما وصله الطبراني في الكبير والبيهقي كما قاله الحافظ ابن حجر ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يزور البيت) العتيق ( أيام منى) أي بعد اليوم الأول أيام التشريق.


[ قــ :1658 ... غــ : 1732 ]
- وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّهُ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، ثُمَّ يَقِيلُ، ثُمَّ يَأْتِي مِنًى" يَعْنِي يَوْمَ النَّحْرِ.
وَرَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ.

( وقال لنا أبو نعيم) الفضل بن دكين مما وصله الإسماعيلي: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري ( عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) ( إنه طاف طوافًا واحدًا) للإفاضة ( ثم يقيل) بفتح المثناة التحتية وكسر القاف من القيلولة أي بمكة ( ثم يأتي منى) يحتمل أن يكون في وقت الظهر لأن النهار كان طويلاً، وقد ثبت أنه صلّى الظهر بمنى ( يعني يوم النحر) .

قال أبو نعيم ( ورفعه) أي الحديث ( عبد الرزاق) إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما وصله الإسماعيلي في مستخرجه ( قال: أخبرنا عبيد الله) العمري.




[ قــ :1659 ... غــ : 1733 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ "حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ.
قَالَ: حَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ.
قَالَ: اخْرُجُوا".

وَيُذْكَرُ عَنِ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ وَالأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- "أَفَاضَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ النَّحْرِ".

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد ( عن جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل ابن حسنة القرشي ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( قال: حدثني) بالإفراد ( أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( أن عائشة -رضي الله عنها- قالت) :

( حججنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حجة الوداع ( فأفضنا يوم النحر) طفنا طواف الإفاضة ( فحاضت صفية) بنت حيي أم المؤمنين -رضي الله عنها- أي بعدما أفاضت ( فأراد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منها) قبيل وقت النفر ( ما يريد الرجل من أهله) قالت عائشة: ( فقلت يا رسول الله إنها حائض قال) : عليه الصلاة والسلام ( حابستنا هي) عن السفر حتى تطوف طواف الإفاضة، والجملة اسمية مقدمة الخبر على المبتدأ ولا يجوز العكس إلا أن يقال همزة الاستفهام مقدرة قبل حابستنا فيجوز الأمر أن حينئذ.
( قالوا: يا رسول الله أفاضت يوم النحر) .
قبل أن تحيض، واستشكل إرادته عليه الصلاة والسلام منها الوقاع مع عدم تحققه لحلها من الإحرام كما أشعر ذلك بقوله: أحابستنا هي.

وأجيب: بأنه عليه الصلاة والسلام كان يعلم إفاضة نسائه فظن أن صفية أفاضت معهن فلما قيل له إنها حائض خشي أن يكون الحيض تقدم على الإفاضة فلم تطف فقال أحابستنا هي فلما قيل له إنها طافت قبل أن تحيض.

( قال) ( أخرجوا) أي ارحلوا ورخص لها في ترك طواف الوداع وهو غير واجب عند المالكية بل مندوب إليه ولا دم في تركه فلو حاضت المرأة تركته لهذا الحديث.
وقال الشافعية: هو واجب على من أراد سفرًا فلو لم يطفه جبر بالدم لتركه نسكًا واجبًا.
فإن عاد بعد خروجه قبل مسافة القصر وطافه سقط عنه الدم لأنه في حكم المقيم لا أن عاد بعدها فلا يسقط عنه لاستقراره بالسفر الطويل ولا يلزم الطواف حائضًا طهرت خارج مكة ولو في الحرم بخلاف ما لو طهرت قبل خروجها.

وهذا الحديث أخرجه النسائي في الحج.

( ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه ( عن القاسم) بن محمد مما أخرجه مسلم ( وعروة) بن الزبير مما وصله المصنف في المغازي ( والأسود) مما وصله المؤلّف في باب الادلاج من المحصب الثلاثة ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها قالت: ( أفاضت صفية يوم النحر) فلم ينفرد أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة بذلك وإنما لم يجزم به بل قال ويذكر لأنه أورده بالمعنى.