فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء} [آل عمران: 128]

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)
ذكر فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ شَرْحِهِ وَتَسْمِيَتِهِ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِمْ فِي غَزْوَةِ أحد قَالَ بن بَطَّالٍ دُخُولُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ مِنْ جِهَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَذْكُورِينَ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُذْعِنُوا لِلْإِيمَانِ لِيَعْتَصِمُوا بِهِ مِنَ اللَّعْنَةِ وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ الله يهدي من يَشَاء انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْإِشَارَةَ إِلَى الْخِلَافِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَهِيَ هَلْ كَانَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ أَوْ لَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ قَبْلَ ثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ



[ قــ :6953 ... غــ :7346] .

     قَوْلُهُ  عَبْدُ الله هُوَ بن الْمُبَارك وَسَالم هُوَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى عَنِ بن الْمُبَارَكِ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ عَن بن عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ قَالَ ذَلِكَ حَالَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ جَعَلَ ذَلِكَ الْقَوْلَ كَالْفِعْلِ اللَّازِمِ أَيْ يَفْعَلُ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ أَوْ هُنَاكَ شَيْءٌ مَحْذُوفٌ.

قُلْتُ لَمْ يَذْكُرْ تَقْدِيرَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى قَائِلًا أَوْ لَفْظُ قَالَ الْمَذْكُورُ زَائِدًا وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى بِلَفْظِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَقُولُ اللَّهُمَّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ الْقُنُوتِ عِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ لَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَقَولُهُ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مُعَيِّنٌ لِكَوْنِ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الِاعْتِدَالَ وَقَولُهُ فِي الْأَخِيرَة أَي الرَّكْعَة الْآخِرَة وَهِيَ الثَّانِيَةُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى وَظَنَّ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْآخِرَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَمْدِ وَأَنَّهُ بَقِيَّةُ الذِّكْرِ الَّذِي قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاعْتِدَالِ فَقَالَ فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ بِالْآخِرَةِ مَعَ أَنَّ لَهُ الْحَمْدَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ نَعِيمَ الْآخِرَةِ أَشْرَفُ فَالْحَمْدُ عَلَيْهِ هُوَ الْحَمْدُ حَقِيقَةً أَوِ الْمُرَادُ بِالْآخِرَةِ الْعَاقِبَةُ أَيْ مَآلُ كُلِّ الْحُمُودِ إِلَيْهِ انْتَهَى وَلَيْسَ لَفْظُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل هُوَ من كَلَام بن عُمَرَ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي جَمْعِهِ الْحَمْدَ عَلَى حُمُودٍ .

     قَوْلُهُ  فُلَانًا وَفُلَانًا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ يَعْنِي رَعْلًا وَذَكْوَانَ وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا سَمَّى نَاسًا بِأَعْيَانِهِمْ لَا الْقَبَائِلَ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي تَفْسِير آل عمرَان