فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب اغتباط صاحب القرآن

( قَولُهُ بَابُ اغْتِبَاطِ صَاحِبِ الْقُرْآنِ)
تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْعِلْمِ بَابُ الِاغْتِبَاطِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ تَفْسِيرَ الْغِبْطَةِ وَالْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَسَدِ وَأَنَّ الْحَسَدَ فِي الْحَدِيثِ أُطْلِقَ عَلَيْهَا مَجَازًا وَذَكَرْتُ كَثِيرًا مِنْ مَبَاحِثِ الْمَتْنِ هُنَاكَ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ هُنَا تَرْجَمَةُ الْبَابِ اغْتِبَاطُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ وَهَذَا فِعْلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ فَهُوَ الَّذِي يَغْتَبِطُ وَإِذَا كَانَ يَغْتَبِطُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُسَرُّ وَيَرْتَاحُ بِعَمَلِ نَفْسِهِ وَهَذَا لَيْسَ مُطَابِقًا.

قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمَّا كَانَ دَالًّا عَلَى أَنَّ غَيْرَ صَاحِبِ الْقُرْآنِ يَغْتَبِطُ صَاحِبَ الْقُرْآنِ بِمَا أُعْطِيَهُ مِنَ الْعَمَلِ بِالْقُرْآنِ فَاغْتِبَاطُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ بِعَمَلِ نَفْسِهِ أَوْلَى إِذَا سَمِعَ هَذِهِ الْبِشَارَةَ الْوَارِدَةَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ



[ قــ :4756 ... غــ :5025] .

     قَوْلُهُ  لَا حَسَدَ أَيْ لَا رُخْصَةَ فِي الْحَسَدِ إِلَّا فِي خَصْلَتَيْنِ أَوْ لَا يَحْسُنُ الْحَسَدُ إِنْ حَسُنَ أَوْ أَطْلَقَ الْحَسَدَ مُبَالَغَةً فِي الْحَثِّ عَلَى تَحْصِيلِ الْخَصْلَتَيْنِ كَأَنَّهُ قِيلَ لَوْ لَمْ يَحْصُلَا إِلَّا بِالطَّرِيقِ الْمَذْمُومِ لَكَانَ مَا فيهمَا من الْفضل حَامِلا على الإقسام عَلَى تَحْصِيلِهِمَا بِهِ فَكَيْفَ وَالطَّرِيقُ الْمَحْمُودُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُمَا بِهِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ تَعَالَى فاستبقوا الْخيرَات فَإِنَّ حَقِيقَةَ السَّبْقِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ فِي الْمَطْلُوبِ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ الْمَاضِي وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ تِلْوَ هَذَا إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ تَقُولُ حَسَدْتُهُ عَلَى كَذَا أَيْ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ لَهُ.
وَأَمَّا حَسَدْتُهُ فِي كَذَا فَمَعْنَاهُ حَسَدْتُهُ فِي شَأْنِ كَذَا وَكَأَنَّهَا سَبَبِيَّةٌ .

     قَوْلُهُ  وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنَ الْبُخَارِيِّ وَفِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ وَكَذَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ بِهِ الْعَمَلُ بِهِ تِلَاوَةً وَطَاعَةً .

     قَوْلُهُ 





[ قــ :4757 ... غــ :506] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْوَاسِطِيُّ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَاسْمُ جَدِّهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ الْيَشْكُرِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ مُتْقِنٌ عَاشَ بَعْدَ الْبُخَارِيِّ نَحْو عشْرين سنة وَقيل بن أشكاب وَهُوَ عَليّ بن الْحُسَيْن بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِشْكَابَ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ وَبِهَذَا جزم بن عَدِيٍّ وَقِيلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ وَهُوَ قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ وَسَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ رِوَايَةُ الْفَرَبْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ.

     وَقَالَ  الْحَاكِمُ قِيلَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقِيلَ الْوَاسِطِيُّ .

     قَوْلُهُ  روح هُوَ بن عبَادَة وَقد تَابعه بشر بن مَنْصُور وبن أَبِي عَدِيٍّ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ رَفَعَهُ هَؤُلَاءِ وَوَقَفَهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ الْأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ هُوَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ.

قُلْتُ وَلِشُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ.

قُلْتُ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى مَتْنِ أَبِي كَبْشَةَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ مِنْ سِيَاقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي زَيْدٍ الْهَرَوِيِّ عَنْ شُعْبَةَ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِالْإِسْنَادَيْنِ مَعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ مُتَغَايِرَانِ سَنَدًا وَمَتْنًا اجْتَمَعَا لِشُعْبَةَ وَجَرِيرٍ مَعًا عَنِ الْأَعْمَشِ وَأَشَارَ أَبُو عَوَانَةَ إِلَى أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يُخَرِّجْ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاضِحٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عِلَّةٌ قَادِحَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فِيهِ احْتِرَاسٌ بَلِيغٌ كَأَنَّهُ لَمَّا أَوْهَمَ الْإِنْفَاقَ فِي التَّبْذِيرِ مِنْ جِهَةِ عُمُومِ الْإِهْلَاكِ قَيَّدَهُ بِالْحَقِّ وَالله أعلم