فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال

( قَولُهُ بَابُ تَسْلِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ)
أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى رَدِّ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بَلَغَنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ وَالنِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ أَوْ مُعْضَلٌ وَالْمُرَادُ بِجَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَذَكَرَ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ يُؤْخَذُ الْجَوَازُ مِنْهُمَا وَوَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَهُوَ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَيْسَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فَاكْتَفَى بِمَا هُوَ عَلَى شَرْطِهِ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ.

     وَقَالَ  الْحَلِيمِيُّ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِصْمَةِ مَأْمُونًا مِنَ الْفِتْنَةِ فَمَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِالسَّلَامَةِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِلَّا فَالصَّمْتُ أَسْلَمُ وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ مَرْفُوعا يسلم الرِّجَال على النِّسَاء وَلَا يسلم النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ وَسَنَدُهُ وَاهٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ مِثْلُهُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ حَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يغْتَسل فَسلمت عَلَيْهِ الحَدِيث الأول



[ قــ :5919 ... غــ :6248] قَوْله بن أَبِي حَازِمٍ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَاسْمُ أَبِي حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ .

     قَوْلُهُ  كُنَّا نَفْرَحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِيَوْمِ بِزِيَادَةِ مُوَحَّدَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ بِلَفْظِ كُنَّا نَتَمَنَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ سَبَبَ الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ كُنَّا نَفْرَحُ بِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ لِسَهْلٍ وَلِمَ بِكَسْرِ اللَّامِ لِلِاسْتِفْهَامِ وَالْقَائِلُ هُوَ أَبُو حَازِمٍ رَاوِي الْحَدِيثِ وَالْمُجِيبُ هُوَ سَهْلٌ .

     قَوْلُهُ  كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ فِي الْجُمُعَةِ امْرَأَةٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا .

     قَوْلُهُ  تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَبِتَخْفِيفِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بالصَّاد الْمُهْملَة قَوْله قَالَ بن مَسْلَمَةَ نَخْلٌ بِالْمَدِينَةِ الْقَائِلُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَهُوَ الْقَعْنَبِيُّ وَفَسَّرَ بُضَاعَةَ بِأَنَّهَا نَخْلٌ بِالْمَدِينَةِ وَالْمُرَادُ بِالنَّخْلِ الْبُسْتَانُ وَلِذَلِكَ كَانَ يُؤْتَى مِنْهَا بِالسِّلْقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّهَا كَانَتْ مَزْرَعَةً لِلْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ وَفَسَّرَهَا غَيْرُهُ بِأَنَّهَا دُورُ بَنِي سَاعِدَةَ وَبِهَا بِئْرٌ مَشْهُورَةٌ وَبِهَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِ الْمَدِينَةِ كَذَا قَالَ عِيَاضٌ وَمُرَادُهُ بِالْمَالِ الْبُسْتَانُ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ بِئْرَ بُضَاعَةَ بِئْرُ بُسْتَانٍ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَبِي سَعِيدٍ فِي حَدِيثِهِ يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ أَنَّهَا كَانَتْ تُطْرَحُ فِيهَا خِرَقُ الْحُيَّضِ وَغَيْرُهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُطْرَحُ فِي الْبُسْتَانِ فَيُجْرِيهَا الْمَطَرُ وَنَحْوُهُ إِلَى الْبِئْرِ.

قُلْتُ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ أَنَّهُ رَأَى بِئْرَ بُضَاعَةَ وَزَرْعَهَا وَرَأَى مَاءَهَا وَبَسَطَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ سُنَنِهِ وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ سَيْحًا وَرَوَى ذَلِكَ عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ اسْتِيعَابِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فِي قِدْرٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي الْقِدْرِ وَتُكَرْكِرُ أَيْ تَطْحَنُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْكَرْكَرَةُ الطَّحْنُ وَالْجَشُّ وَأَصْلُهُ الْكَرُّ وَضُوعِفَ لِتَكْرَارِ عَوْدِ الرَّحَى فِي الطَّحْنِ مَرَّةً أُخْرَى وَقَدْ تَكُونُ الْكَرْكَرَةُ بِمَعْنَى الصَّوْتِ كَالْجَرْجَرَةِ وَالْكَرْكَرَةُ أَيْضًا شِدَّةُ الصَّوْتِ لِلضَّحِكِ حَتَّى يَفْحُشَ وَهُوَ فَوْقَ الْقَرْقَرَةِ .

     قَوْلُهُ  حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ بَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهَا قَبْضَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ شَرْحِهِ هُنَاكَ الْحَدِيثَ الثَّانِي





[ قــ :590 ... غــ :649] قَوْله بن مقَاتل هُوَ مُحَمَّد وَعبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ .

     قَوْلُهُ  يَا عَائِشَةُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْمَنَاقِبِ وَحَكَى بن التِّينِ أَنَّ الدَّاوُدِيَّ اعْتَرَضَ فَقَالَ لَا يُقَالُ لِلْمَلَائِكَةِ رِجَالٌ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذَكَّرَهُمْ بِالتَّذْكِيرِ وَالْجَوَابُ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صُورَةِ الرَّجُلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ سَلَامُ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ جَائِزٌ إِذَا أُمِنَتِ الْفِتْنَةُ وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَمَنَعَ مِنْهُ رَبِيعَةُ مُطْلَقًا.

     وَقَالَ  الْكُوفِيُّونَ لَا يُشْرَعُ لِلنِّسَاءِ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَى الرِّجَالِ لِأَنَّهُنَّ مُنِعْنَ مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ قَالُوا وَيُسْتَثْنَى الْمَحْرَمُ فَيَجُوزُ لَهَا السَّلَامُ عَلَى مَحْرَمِهَا قَالَ الْمُهَلَّبُ وَحُجَّةُ مَالِكٍ حَدِيثُ سَهْلٍ فِي الْبَابِ فَإِنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ كَانُوا يَزُورُونَهَا وَتُطْعِمُهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ مَحَارِمِهَا انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْمُتَوَلِّي إِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ زَوْجَةٌ أَوْ مَحْرَمٌ أَوْ أَمَةٌ فَكَالرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً نَظَرَ إِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً يُخَافُ الِافْتِتَانُ بِهَا لَمْ يُشْرَعِ السَّلَامُ لَا ابْتِدَاءً وَلَا جَوَابًا فَلَوِ ابْتَدَأَ أَحَدُهُمَا كُرِهَ لِلْآخَرِ الرَّدُّ وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا يُفْتَتَنُ بِهَا جَازَ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ التَّفْصِيلُ فِي الشَّابَّةِ بَيْنَ الْجَمَالِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّ الْجَمَالَ مَظِنَّةُ الافتتان بِخِلَافِ مُطْلَقِ الشَّابَّةِ فَلَوِ اجْتَمَعَ فِي الْمَجْلِسِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ جَازَ السَّلَامُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ شُعَيْبٌ.

     وَقَالَ  يُونُسُ وَالنُّعْمَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَبَرَكَاتُهُ أَمَّا مُتَابَعَةُ شُعَيْبٍ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الرِّقَاقِ.
وَأَمَّا زِيَادَةُ يُونُسَ وَهُوَ بن يَزِيدَ فَتَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ بِتَمَامِهِ مَوْصُولًا فِي كتاب المناقب وَأما مُتَابعَة النُّعْمَان وَهُوَ بن رَاشد فَوَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَوَقَعَتْ لَنَا بِعُلُوٍّ فِي جُزْءِ هِلَالٍ الْحَفَّارِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَدْ أخرجنَا فِيهِ من حَدِيث بن الْمُبَارَكِ وَبَرَكَاتُهُ وَكَانَ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْبُنَانِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى كِلَاهُمَا عَن بن الْمُبَارَكِ وَكَذَا قَالَ عُقَيْلٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أبي زِيَاد عَن الزُّهْرِيّ