فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب المجن ومن يترس بترس صاحبه

قَوْله بَاب الْمِجَن)
فِي رِوَايَة بن شَبُّوَيْهِ التِّرَسَةِ جَمْعُ تُرْسٍ وَالْمِجَنُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَتَثْقِيلِ النُّونِ أَيِ الدَّرَقَةُ قَالَ بن الْمُنِيرِ وَجْهُ هَذِهِ التَّرَاجِمِ دَفْعُ مَنْ يَتَخَيَّلُ أَن اتِّخَاذ هَذِهِ الْآلَاتِ يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَالْحَقُّ أَنَّ الْحَذَرَ لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ وَلَكِنْ يُضَيِّقُ مَسَالِكَ الْوَسْوَسَةِ لِمَا طُبِعَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ



[ قــ :2774 ... غــ :2902] .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ يَتَّرِسُ بِتُرْسِ صَاحِبِهِ أَيْ فَلَا بَأْسَ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَنَسٍ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَرِّسُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتُرْسٍ وَاحِدٍ الْحَدِيثَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَسَيَأْتِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فِي الْمَنَاقِبِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ قِيلَ إِنَّ الرَّامِيَ يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَسْتُرُهُ لِشَغْلِهِ يَدَيْهِ جَمِيعًا بِالرَّمْيِ فَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْرُسُهُ بِتُرْسِهِ ثَانِيهَا حَدِيث سهل وَهُوَ بن سَعْدٍ لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ الْحَدِيثَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ





[ قــ :775 ... غــ :903] .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي الْمِجَنِّ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى قَرِيبًا وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثَالِثُهَا حَدِيثُ عُمَرَ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ الْحَدِيثَ ذَكَرَ مِنْهُ طَرَفًا وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ فَرْضِ الْخُمُسِ وَفِي الْفَرَائِضِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ





[ قــ :776 ... غــ :904] .

     قَوْلُهُ  هُنَا ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً لِأَنَّ الْمِجَنَّ مِنْ جُمْلَةِ آلَاتِ السِّلَاحِ كَمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَتْ عِنْدَهُ دَرَقَةٌ فَقَالَ لَوْلَا أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِي احْبِسْ سِلَاحَكَ لَأَعْطَيْتُ هَذِه الدرقة لبَعض أَوْلَادِي رَابِعهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ارْمِ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْمَنَاقِبِ وَفِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَقَولُهُ



( قَولُهُ بَابُ مَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)
أَيْ فَضْلُهُ



[ قــ :777 ... غــ :905] .

     قَوْلُهُ  لَا يُكْلَمُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ يُجْرَحُ .

     قَوْلُهُ  أَحَدٌ قَيَّدَهُ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْمُسْلِمِ قَوْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ قَصَدَ بِهَا التَّنْبِيهَ عَلَى شَرْطِيَّةِ الْإِخْلَاصِ فِي نَيْلِ هَذَا الثَّوَابِ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِيَةِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذَا طُعِنَتْ تُفَجَّرُ دَمًا .

     قَوْلُهُ  وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَالْعَرْفُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ وَهُوَ الرَّائِحَةُ ولأصحاب السّنَن وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً فَإِنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ لَوْنُهَا الزَّعْفَرَانُ وَرِيحُهَا الْمِسْكُ وَعُرِفَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالشَّهِيدِ بَلْ هِيَ حَاصِلَةٌ لِكُلِّ مَنْ جُرِحَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْجُرْحِ هُوَ مَا يَمُوتُ صَاحِبُهُ بِسَبَبِهِ قَبْلَ انْدِمَالِهِ لَا مَا يَنْدَمِلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ أَثَرَ الْجِرَاحَةِ وَسَيَلَانَ الدَّمِ يَزُولُ وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فَضْلٌ فِي الْجُمْلَةِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا وَجُرْحُهُ كَذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقع عِنْد بن حِبَّانَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ الْمَذْكُورِ عَلَيْهِ طَابِعُ الشُّهَدَاءِ وَقَولُهُ كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ كَهَيْئَتِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ لَا يُنْقَصُ شَيْئًا بِطُولِ الْعَهْدِ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحِكْمَةُ فِي بَعْثِهِ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شَاهِدٌ بِفَضِيلَتِهِ بِبَذْلِهِ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ يُدْفَنُ بِدِمَائِهِ وَثِيَابِهِ وَلَا يُزَالُ عَنْهُ الدَّمُ بِغُسْلٍ وَلَا غَيْرِهِ لِيَجِيءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا يُبْعَثَ كَذَلِكَ وَيُغْنِي عَنْ الِاسْتِدْلَالِ لِتَرْكِ غُسْلِ الشَّهِيدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي مَكَانِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى





[ قــ :777 ... غــ :905] فِيهِ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ هُوَ بن عُقْبَةَ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَزَعَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ أَنَّ لَفْظَ قَبِيصَةَ هُنَا تَصْحِيفٌ مِمَّنْ دُونَ الْبُخَارِيِّ وَأَنَّ الصَّوَابَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وعَلى هَذَا فسفيان هُوَ بن عُيَيْنَةَ لِأَنَّ قُتَيْبَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الثَّوْرِيِّ لَكِنْ لَا أَعْرِفُ لِإِنْكَارِهِ مَعْنًى إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ السُّفْيَانَيْنِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ هُنَا عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى أَيْضًا وَدُخُولُ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ رُكْنَيِ التَّرْجَمَةِ وَقَدْ أَثْبَتَ بن شَبُّوَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ قَبْلَهُ لَفْظَ بَابٌ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ بِالتَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الرَّامِيَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ شَيْءٍ يَقِي بِهِ عَنْ نَفْسِهِ سِهَامَ مَنْ يُرَامِيهِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ جَوَازُ التَّفْدِيَةِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ بِأَدِلَّتِهِ وَبَيَانُ مَا يُعَارِضُهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (