فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه

( قَولُهُ بَابُ شِرَاءِ الْمَمْلُوكِ مِنَ الْحَرْبِيِّ وَهِبَتِهِ وعتقه)
قَالَ بن بَطَّالٍ غَرَضُ الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِثْبَاتُ مِلْكِ الْحَرْبِيِّ وَجَوَازُ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهَا إِذْ أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلْمَانَ عِنْدَ مَالِكِهِ مِنَ الْكُفَّارِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَاتِبَ وَقَبِلَ الْخَلِيلُ هِبَةَ الْجَبَّارِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  وقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَلْمَانَ أَيْ الْفَارِسِيِّ كَاتِبْ وَكَانَ حُرًّا فَظَلَمُوهُ وَبَاعُوهُ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ من طَرِيق بن إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا فَارِسِيًّا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارٌ فَحَمَلُونِي مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا قَدِمُوا بِي وَادِيَ الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ قَالَ فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ ودية وَأخرجه بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ عَنْ سَلْمَانَ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو أَحْمَدَ وَأَبُو يَعْلَى وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بِمَعْنَاهُ تَنْبِيهٌ .

     قَوْلُهُ  كَانَ حُرًّا فَظَلَمُوهُ وَبَاعُوهُ مِنْ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ لَخَّصَهُ مِنْ قِصَّتِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي عَلَّقَهُ وَظَنَّ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قَوْلِهِ لِسَلْمَانَ كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ فَقَالَ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ حُرًّا حَالٌ مِنْ قَالَ النَّبِيُّ لَا مِنْ قَوْلِهِ كَاتِبْ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ أَمَرَهُ بِالْكِتَابَةِ وَهُوَ حُرٌّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْكِتَابَةِ صُورَتَهَا لَا حَقِيقَتَهَا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ افْدِ نَفْسَكَ وَتَخَلَّصْ مِنَ الظُّلْمِ كَذَا قَالَ وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَانَ حُرًّا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَعَيَّنُ مِنْهُ حَمْلُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمَجَازِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَكَانَ حُرًّا أَيْ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَلَدِهِ فَيَقَعَ فِي أَسْرِ الَّذِينَ ظَلَمُوهُ وَبَاعُوهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ تَقْرِيرُ أَحْكَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَقَدْ قَالَ الطَّبَرِيُّ إِنَّمَا أَقَرَّ الْيَهُودِيَّ عَلَى تَصَرُّفِهِ فِي سَلْمَانَ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ سَلْمَانُ عَلَى هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَإِنَّمَا كَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَحُكْمُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ مَنْ غَلَبَ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى نَفْسِ غَيْرِهِ أَوْ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنِ الْمَغْلُوبُ فِيمَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْغَالِبِ .

     قَوْلُهُ  وَسُبِيَ عَمَّارٌ وَصُهَيْبٌ وَبِلَالٌ أَمَّا قِصَّةُ سَبْيِ عَمَّارٍ فَمَا ظَهَرَ لِي الْمُرَادُ مِنْهَا لِأَنَّ عَمَّارًا كَانَ عَرَبِيًّا عَنْسِيًّا بِالنُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ سَبْيٌ وَإِنَّمَا سَكَنَ أَبُوهُ يَاسِرٌ مَكَّةَ وَحَالَفَ بَنِي مَخْزُومٍ فَزَوَّجُوهُ سُمَيَّةَ وَهِيَ مِنْ مَوَالِيهِمْ فَوَلَدَتْ لَهُ عَمَّارًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْرِكُونَ عَامَلُوا عَمَّارًا مُعَامَلَةَ السَّبْيِ لِكَوْنِ أُمِّهِ مِنْ مَوَالِيهِمْ دَاخِلًا فِي رِقِّهِمْ.
وَأَمَّا صُهَيْبٌ فَذَكَرَ بن سَعْدٍ أَنَّ أَبَاهُ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ وَكَانَ عَامِلًا لِكِسْرَى فَسَبَتِ الرُّومُ صُهَيْبًا لَمَّا غَزَتْ أَهْلَ فَارِسَ فَابْتَاعَهُ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُدْعَانَ وَقِيلَ بَلْ هَرَبَ مِنَ الرُّومِ إِلَى مَكَّة فحالف بن جُدْعَانَ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى قِصَّتِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الثَّالِثِ.
وَأَمَّا بِلَالٌ فَقَالَ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ كَانَ بِلَالٌ لِأَيْتَامِ أَبِي جَهْلٍ فَعَذَّبَهُ فَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا فَقَالَ اشْتَرِ لِي بِلَالًا فَأَعْتَقَهُ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلْعَبَّاسِ اشْتَرِ لِي بِلَالًا فَاشْتَرَاهُ فَأَعْتَقَهُ أَبُو بَكْرٍ وَفِي الْمَغَازِي لِابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرَّ أَبُو بَكْرٍ بِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَهُوَ يُعَذِّبُ بِلَالًا فَقَالَ أَلَّا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذَا الْمِسْكِينِ قَالَ أَنْقِذْهُ أَنْتَ مِمَّا تَرَى فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ غُلَامًا أَجْلَدَ مِنْهُ وَأَخَذَ بِلَالًا فَأَعْتَقَهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ أُمَيَّةَ وَأَبِي جَهْلٍ كَانَ يُعَذِّبُ بِلَالًا وَلَهُمَا شَوْبٌ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  وقَال اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرزق الْآيَةَ مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَلَى مَا ملكت أَيْمَانهم فَأَثْبَتَ لَهُمْ مِلْكَ الْيَمِينِ مَعَ كَوْنِ مِلْكِهِمْ غَالِبًا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ مَقْصُودُهُ صِحَّةُ مِلْكِ الْحَرْبِيِّ وَمِلْكِ الْمُسْلِمِ عَنْهُ وَالْمُخَاطَبُ فِي الْآيَةِ الْمُشْرِكُونَ وَالتَّوْبِيخُ الَّذِي وَقَعَ لَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عَامَلُوا بِهِ أَصْنَامَهُمْ مِنَ التَّعْظِيمِ وَلَمْ يُعَامِلُوا رَبَّهُمْ بِذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ غَرَضِ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام وَسَارَةَ مَعَ الْجَبَّارِ وَفِيهِ أَنَّهُ أَعْطَاهَا هَاجَرَ وَوَقَعَ هُنَا آجَرُ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الْهَاءِ وَقَولُهُ



[ قــ :2131 ... غــ :2217] كَبَتَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ أَيْ أَخْزَاهُ وَقِيلَ رَدَّهُ خَائِبًا وَقِيلَ أَحْزَنَهُ وَقِيلَ صَرَعَهُ وَقِيلَ صَرَفَهُ وَقِيلَ أَذَلَّهُ حَكَاهَا كلهَا بن التِّينِ.

     وَقَالَ  إِنَّهَا مُتَقَارِبَةٌ وَقِيلَ أَصْلُ كَبَتَ كَبَدَ أَيْ بَلَغَ الْهَمُّ كَبِدَهُ فَأُبْدِلَتِ الدَّالُ مُثَنَّاةً وَقَولُهُ أَخْدَمَ أَيْ مَكَّنَ مِنَ الْخِدْمَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُ الْكَافِرِ أَعْطُوهَا هَاجَرَ وَقَبُولُ سَارَةَ مِنْهُ وَإِمْضَاءُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِكَ فَفِيهِ صِحَّةُ هِبَةِ الْكَافِرِ ثَانِيهَا حَدِيثُ عَائِشَة فِي قصَّة بن وَلِيدَةِ زَمْعَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ ثَمَّ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ تَقْرِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِلْكَ زَمْعَةَ لِلْوَلِيدَةِ وَإِجْرَاءُ أَحْكَامِ الرِّقِّ عَلَيْهَا ثَالِثُهَا حَدِيثُ صُهَيْبٍ



[ قــ :133 ... غــ :19] قَوْله عَن سعد أَي بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لِصُهَيْبٍ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُدْعَ إِلَى غَيْرِ أَبِيكَ كَانَ صُهَيْب يَقُول إِنَّه بن سِنَانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ عُقَيْلٍ وَيَسُوقُ نَسَبًا يَنْتَهِي إِلَى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ وَأَنَّ أُمَّهُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَكَانَ لِسَانُهُ أَعْجَمِيًّا لِأَنَّهُ رُبِّيَ بَيْنَ الرُّومِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ لِسَانُهُمْ وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنِ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ لِصُهَيْبٍ مَا وَجَدْتُ عَلَيْكَ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ اكْتَنَيْتَ أَبَا يَحْيَى وَأَنَّكَ لَا تُمْسِكُ شَيْئًا وَتُدْعَى إِلَى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ فَقَالَ أَمَّا الْكُنْيَةُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّانِي.
وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ من شَيْء فَهُوَ يخلفه وَأما النّسَب فَلَو كنت من رَوْثَة لَا نتسبت إِلَيْهَا وَلَكِنْ كَانَ الْعَرَبُ يَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَسَبَانِي نَاسٌ بَعْدَ أَنْ عَرَفْتُ مَوْلِدِي وَأَهْلِي فَبَاعُونِي فَأَخَذْتُ بِلِسَانِهِمْ يَعْنِي لِسَانَ الرُّومِ وَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا وَأحمد وَأَبُو يعلى وبن سَعْدٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُكَنَّى أَبَا يَحْيَى وَيَقُولُ إِنَّهُ مِنَ الْعَرَبِ وَيُطْعِمُ الْكَثِيرَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّانِي وَإِنِّي رَجُلٌ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ مِنْ أَهْلِ الْمُوصِلِ وَلَكِنْ سَبَتْنِي الرُّومُ غُلَامًا صَغِيرًا بَعْدَ أَنْ عَقَلْتُ قَوْمِي وَعَرَفْتُ نَسَبِي.
وَأَمَّا الطَّعَامُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى صُهَيْبٍ فَلَمَّا رَآهُ صُهَيْبٌ قَالَ يَا نَاسُ يَا نَاسُ فَقَالَ عمر مَاله يَدْعُو النَّاسَ فَقِيلَ إِنَّمَا يَدْعُو غُلَامَهُ يُحَنَّسَ فَقَالَ يَا صُهَيْبُ مَا فِيكَ شَيْءٌ أَعِيبُهُ إِلَّا ثَلَاثَ خِصَالٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ وَأَمَا انْتِسَابِي إِلَى الْعَرَبِ فَإِنَّ الرُّومَ سَبَتْنِي وَأَنَا صَغِيرٌ وَإِنِّي لَأَذْكُرُ أَهْلَ بَيْتِي وَلَوْ أَنِّي انفلقت عَن رَوْثَة لَا نتسبت إِلَيْهَا فَهَذِهِ طُرُقٌ تَقَوَّى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَلَعَلَّهُ اتَّفَقَتْ لَهُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمَرَ مرّة بَينه وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أُخْرَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اخْتِلَاف السِّيَاق رباعها حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ مَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ مِنْ وُقُوعِ الصَّدَقَةِ وَالْعَتَاقَةِ مِنَ الْمُشْرِكِ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ صِحَّةَ مِلْكِ الْمُشْرِكِ إِذْ صِحَّةُ الْعِتْقِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى صِحَّةِ الْمِلْكِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ أَتَحَنَّثُ هَلْ هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوِ الْمُثَنَّاةِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَذَكَرَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ رَوَى هُنَا أَتَحَبَّبُ بِمُوَحَّدَتَيْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَنْسُبَهَا لِقَائِلِهَا