فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى و {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59]

( قَولُهُ بَابُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)
فِي هَذَا إِشَارَةٌ مِنَ الْمُصَنِّفِ إِلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ الصَّائِرِ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ نَزَلَتْ فِي الْعُلَمَاءِ وَقَدْ رَجَّحَ ذَلِكَ أَيْضًا الطَّبَرِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِهَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ بَسْطُ الْقَوْلِ فِي ذَلِك.

     وَقَالَ  بن عُيَيْنَةَ سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ عَنْهَا وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بَعْدَ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ مِثْلُهُ فَقَالَ اقْرَأْ مَا قَبْلَهَا تَعْرِفْ فَقَرَأْتُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تحكموا بِالْعَدْلِ الْآيَةَ فَقَالَ هَذِهِ فِي الْوُلَاةِ وَالنُّكْتَةُ فِي إِعَادَةِ الْعَامِلِ فِي الرَّسُولِ دُونَ أُولِي الْأَمْرِ مَعَ أَنَّ الْمُطَاعَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى كَوْنُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ مَا يَقَعُ بِهِ التَّكْلِيفُ هُمَا الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ فَكَأَنَّ التَّقْدِيرَ أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا نَصَّ عَلَيْكُمْ فِي الْقُرْآنِ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فِيمَا بَيَّنَ لَكُمْ مِنَ الْقُرْآنِ وَمَا يَنُصُّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ السُّنَّةِ أَوِ الْمَعْنَى أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ مِنَ الْوَحْيِ الْمُتَعَبَّدِ بِتِلَاوَتِهِ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فِيمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ مِنَ الْوَحْيِ الَّذِي لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَمِنْ بَدِيعِ الْجَوَابِ قَوْلُ بَعْضِ التَّابِعِينَ لِبَعْضِ الْأُمَرَاءِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ لَمَّا قَالَ لَهُ أَلَيْسَ اللَّهُ أَمَرَكُمْ أَنْ تُطِيعُونَا فِي قَوْلِهِ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم فَقَالَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ نُزِعَتْ عَنْكُمْ يَعْنِي الطَّاعَةَ إِذَا خَالَفْتُمُ الْحَقَّ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه قَالَ الطَّيِّبِيّ أعَاد الْفِعْل فِي قَوْله وَأَطيعُوا الرَّسُول إِشَارَةً إِلَى اسْتِقْلَالِ الرَّسُولِ بِالطَّاعَةِ وَلَمْ يُعِدْهُ فِي أُولِي الْأَمْرِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ يُوجَدُ فِيهِمْ مَنْ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِك بقوله فان تنازعتم فِي شَيْء كَأَنَّهُ قِيلَ فَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا بِالْحَقِّ فَلَا تُطِيعُوهُمْ وَرُدُّوا مَا تَخَالَفْتُمْ فِيهِ إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أبي هُرَيْرَة



[ قــ :6755 ... غــ :7137] قَوْله عبد الله هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُنْتَزَعَةٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ أَيْ لِأَنِّي لَا آمُرُ إِلَّا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَمَنْ فَعَلَ مَا آمُرُهُ بِهِ فَإِنَّمَا أَطَاعَ مَنْ أَمَرَنِي أَنْ آمُرَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِطَاعَتِي فَمَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ أَمْرَ اللَّهِ لَهُ بِطَاعَتِي وَفِي الْمَعْصِيَةِ كَذَلِكَ وَالطَّاعَةُ هِيَ الْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَالِانْتِهَاءُ عَنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالْعِصْيَانُ بِخِلَافِهِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَالْأَعْرَجِ وَغَيْرِهِمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَمَنْ أَطَاعَ الْأَمِيرَ وَيُمْكِنُ رَدُّ اللَّفْظَيْنِ لِمَعْنًى وَاحِدٍ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَأْمُرُ بِحَقٍّ وَكَانَ عَادِلًا فَهُوَ أَمِيرُ الشَّارِعِ لِأَنَّهُ تَوَلَّى بِأَمْرِهِ وَبِشَرِيعَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ تَوْحِيدُ الْجَوَابِ فِي الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  فَقَدْ أَطَاعَنِي أَيْ عَمِلَ بِمَا شَرَعْتُهُ وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي تَخْصِيصِ أَمِيرِهِ بِالذِّكْرِ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَقْتَ الْخِطَابِ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ وُرُودِ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا الْحُكْمُ فَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ أَيْضًا وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ وَكَذَا وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي وَهُوَ أَدْخَلَ فِي إِرَادَةِ تَعْمِيمِ مَنْ خُوطِبَ وَمَنْ جَاءَ من بعد ذَلِك قَالَ بن التِّينِ قِيلَ كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ يَلِيهَا مِنَ الْعَرَبِ لَا يَعْرِفُونَ الْإِمَارَةَ فَكَانُوا يَمْتَنِعُونَ عَلَى الْأُمَرَاءِ فَقَالَ هَذَا الْقَوْلُ يُحِثُّهُمْ عَلَى طَاعَةِ مَنْ يُؤَمِّرُهُمْ عَلَيْهِمْ وَالِانْقِيَادِ لَهُمْ إِذَا بَعَثَهُمْ فِي السَّرَايَا وَإِذَا وَلَّاهُمُ الْبِلَادَ فَلَا يَخْرُجُوا عَلَيْهِمْ لِئَلَّا تَفْتَرِقَ الْكَلِمَةُ.

قُلْتُ هِيَ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ ذَكَرَهُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا وَعَجِبْتُ لِبَعْضِ شُيُوخِنَا الشُّرَّاحِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ كَيْفَ قنع بِنِسْبَة هَذَا الْكَلَام إِلَى بن التِّين معبرا عَنهُ بِصِيغَة قيل وبن التِّينِ إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ بْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَإِنَّ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ طَاعَتِي قَالُوا بَلَى نَشْهَدُ قَالَ فَإِنَّ مِنْ طَاعَتِي أَنْ تُطِيعُوا أُمَرَاءَكُمْ وَفِي لَفْظٍ أَئِمَّتَكُمْ وَفِي الْحَدِيثِ وُجُوبُ طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِغَيْرِ الْأَمْرِ بِالْمَعْصِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْفِتَنِ وَالْحِكْمَةُ فِي الْأَمْرِ بِطَاعَتِهِمُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى اتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ لِمَا فِي الِافْتِرَاقِ مِنَ الْفَسَادِ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :6756 ... غــ :7138] قَوْله حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَقَعَ هُنَا وَكَذَا فِي الْعِتْقِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ كَذَلِكَ وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عُبَيْدِ الله بن عمر بِهَذَا فَقَالَ عَن بن عُمَرَ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخْبَرَهُ فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْجِنَانِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ.

     وَقَالَ  كُلُّكُمْ رَاعٍ الْحَدِيثَ هَكَذَا أَوْرَدَهُ فِي مُسْنَدِ أَبِي لُبَابَةَ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْبَابِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ.

     وَقَالَ  مَعْطُوف على بن عُمَرَ لَا عَلَى أَبِي لُبَابَةَ وَثَبَتَ أَنَّهُ من مُسْند بن عُمَرَ لَا مِنْ مُرْسَلِهِ .

     قَوْلُهُ  أَلَا كُلُّكُمْ رَاع كَذَا فِيهِ والا بِتَخْفِيفِ اللَّامِ حَرْفُ افْتِتَاحٍ وَسَقَطَتْ مِنْ رِوَايَةِ نَافِع وَسَالم عَن بن عُمَرَ وَالرَّاعِي هُوَ الْحَافِظُ الْمُؤْتَمَنُ الْمُلْتَزِمُ صَلَاحَ مَا اؤْتُمِنَ عَلَى حِفْظِهِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ بِالْعَدْلِ فِيهِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ .

     قَوْلُهُ  فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ أَيِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمَاضِيَةِ فِي الْعِتْقِ فَالْأَمِيرُ بَدَلَ الْإِمَامُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَلَمْ يَقُلْ الَّذِي على النَّاس قَوْله رَاع وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ فِي رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ الْمَاضِيَةِ فِي الْجُمُعَةِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكَذَا فِي الْجَمِيعِ بِحَذْفِ وَهُوَ وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ وَثَبَتَتْ فِي الِاسْتِقْرَاضِ .

     قَوْلُهُ  وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ .

     قَوْلُهُ  وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَفِي رِوَايَةِ سَالِمٍ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمِثْلُهُ لِمُوسَى لَكِنْ قَالَ عَلَى .

     قَوْلُهُ  وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالْعَبْدُ بَدَلَ الْخَادِمُ وَزَادَ سَالِمٌ فِي رِوَايَتِهِ وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَفِي رِوَايَةِ الِاسْتِقْرَاضِ سَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسَبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ اشْتَرَكُوا أَيِ الْإِمَامُ وَالرَّجُلُ وَمَنْ ذُكِرَ فِي التَّسْمِيَةِ أَيْ فِي الْوَصْفِ بِالرَّاعِي وَمَعَانِيهِمْ مُخْتَلِفَةٌ فَرِعَايَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ حِيَاطَةُ الشَّرِيعَةِ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْعَدْلِ فِي الْحُكْمِ وَرِعَايَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ سِيَاسَتُهُ لِأَمْرِهِمْ وَإِيصَالُهُمْ حُقُوقَهُمْ وَرِعَايَةُ الْمَرْأَةِ تَدْبِيرُ أَمْرِ الْبَيْتِ وَالْأَوْلَادِ وَالْخَدَمِ وَالنَّصِيحَةُ لِلزَّوْجِ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَرِعَايَةُ الْخَادِمِ حِفْظُ مَا تَحْتَ يَدِهِ وَالْقِيَامُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ خدمته قَوْله أَلا فكلكم رَاع وكلكم مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ فِي النِّكَاحِ مِثْلُهُ وَفِي رِوَايَةِ سَالِمٍ فِي الْجُمُعَةِ وَكُلُّكُمْ وَفِي الِاسْتِقْرَاضِ فَكُلُّكُمْ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ نَافِعٍ قَالَ الطِّيبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّاعِيَ لَيْسَ مَطْلُوبًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا أُقِيمَ لِحِفْظِ مَا اسْتَرْعَاهُ الْمَالِكُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إِلَّا بِمَا أَذِنَ الشَّارِعُ فِيهِ وَهُوَ تَمْثِيلٌ لَيْسَ فِي الْبَابِ أَلْطَفُ وَلَا أَجْمَعُ وَلَا أَبْلَغُ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَجْمَلَ أَوَّلًا ثُمَّ فَصَّلَ وَأَتَى بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ مُكَرَّرًا قَالَ وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ أَلا فكلكم جَوَاب شَرط مَحْذُوف وَختم بِمَا يُشْبِهُ الْفَذْلَكَةَ إِشَارَةً إِلَى اسْتِيفَاءِ التَّفْصِيلِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ دَخَلَ فِي هَذَا الْعُمُومِ الْمُنْفَرِدُ الَّذِي لَا زَوْجَ لَهُ وَلَا خَادِمَ وَلَا وَلَدَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَاعٍ عَلَى جَوَارِحِهِ حَتَّى يَعْمَلَ الْمَأْمُورَاتِ وَيَجْتَنِبَ الْمَنْهِيَّاتِ فِعْلًا وَنُطْقًا وَاعْتِقَادًا فَجَوَارِحُهُ وَقُوَاهُ وَحَوَاسُّهُ رَعِيَّتُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الِاتِّصَافِ بِكَوْنِهِ رَاعِيًا أَنْ لَا يَكُونَ مَرْعِيًّا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مثل حَدِيث بن عُمَرَ فَزَادَ فِي آخِرِهِ فَأَعِدُّوا لِلْمَسْأَلَةِ جَوَابًا قَالُوا وَمَا جَوَابُهَا قَالَ أَعْمَالُ الْبِرِّ أَخْرَجَهُ بن عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا مِنْ رَاعٍ إِلَّا يُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَقَامَ أَمْرَ اللَّهِ أَمْ أَضَاعَهُ وَلِابْنِ عَدِيٍّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ إِنَّ اللَّهَ سَائِلُ كُلِّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ حَفِظَ ذَلِكَ أَوْ ضَيَّعَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ يُؤَاخَذُ بِالتَّقْصِيرِ فِي أَمْرِ مَنْ هُوَ فِي حُكْمِهِ وَتَرْجَمَ لَهُ فِي النِّكَاحِ بَابُ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَعَلَى أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ سَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالْوَلَدُ وَتَرْجَمَ لِكَرَاهَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ هُنَاكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ كَذِبِ الْخَبَرِ الَّذِي افْتَرَاهُ بَعْضُ الْمُتَعَصِّبِينَ لِبَنِي أُمَيَّةَ قَرَأْتُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ لِأَبِي عَلِيٍّ الْكَرَابِيسِيِّ أَنْبَأَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ عَمِّهِ هُوَ مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ دخل بن شِهَابٍ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ إِنَّ اللَّهَ إِذَا اسْتَرْعَى عَبْدًا الْخِلَافَةَ كَتَبَ لَهُ الْحَسَنَاتِ وَلَمْ يَكْتُبْ لَهُ السَّيِّئَاتِ فَقَالَ لَهُ هَذَا كَذِبٌ ثُمَّ تَلَا يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْض إِلَى قَوْله بِمَا نسوا يَوْم الْحساب فَقَالَ الْوَلِيدُ إِنَّ النَّاسَ لَيُغْرُونَنَا عَنْ دِينِنَا