فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الغضب في الموعظة والتعليم، إذا رأى ما يكره

( قَولُهُ بَابُ الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ)


[ قــ :90 ... غــ :90] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن كثير هُوَ الْعَبْدي وَلم يخرج للصنعاني شَيْئًا .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ عَنِ بن أَبِي خَالِدٍ هُوَ إِسْمَاعِيلُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ قِيلَ هُوَ حَزْمُ بْنُ أَبِي كَعْبٍ .

     قَوْلُهُ  لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطِيلُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ لِأَنَّ التَّطْوِيلَ يَقْتَضِي الْإِدْرَاكَ لَا عَدَمَهُ قَالَ فَكَأَنَّ الْأَلِفَ زِيدَتْ بَعْدَ لَا وَكَأَنَّ أُدْرِكُ كَانَتْ أَتْرُكُ.

قُلْتُ هُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ لَوْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَةُ.

     وَقَالَ  أَبُو الزِّنَادِ بْنُ سِرَاجٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ بِهِ ضَعْفٌ فَكَانَ إِذَا طَوَّلَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ لَا يَبْلُغُ الرُّكُوعَ إِلَّا وَقَدِ ازْدَادَ ضَعْفُهُ فَلَا يَكَادُ يُتِمُّ مَعَهُ الصَّلَاةَ.

قُلْتُ وَهُوَ مَعْنًى حَسَنٌ لَكِنْ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا فَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ إِنِّي لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ أَيْ لَا أَقْرُبُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ بَلْ أَتَأَخَّرُ عَنْهَا أَحْيَانًا مِنْ أَجْلِ التَّطْوِيلِ وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ فِي الصَّلَاةِ وَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي اسْمِ الشَّاكِي وَالْمَشْكُوِّ .

     قَوْلُهُ  أَشَدَّ غَضَبًا قِيلَ إِنَّمَا غَضِبَ لِتَقَدُّمِ نَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَذَا الْحَاجَةِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ وَذُو الْحَاجَةِ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى مَوْضِعِ اسْمِ إِنَّ قَبْلَ دُخُولِهَا أَوْ هُوَ اسْتِئْنَاف



[ قــ :91 ... غــ :91] .

     قَوْلُهُ  سَأَلَهُ رَجُلٌ هُوَ عُمَيْرٌ وَالِدُ مَالِكٍ وَقِيلَ غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي اللُّقَطَةِ .

     قَوْلُهُ  وِكَاءَهَا هُوَ بِكَسْرِ الْوَاوِ مَا يُرْبَطُ بِهِ وَالْعِفَاصُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الْوِعَاءُ بِكَسْرِ الْوَاوِ .

     قَوْلُهُ  فَغَضِبَ إِمَّا لِأَنَّهُ كَانَ نَهَى قَبْلَ ذَلِكَ عَنِ الْتِقَاطِهَا وَإِمَّا لِأَنَّ السَّائِلَ قَصَّرَ فِي فَهْمِهِ فَقَاسَ مَا يَتَعَيَّنُ الْتِقَاطُهُ عَلَى مَا لَا يَتَعَيَّنُ .

     قَوْلُهُ  سِقَاؤُهَا هُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَجْوَافُهَا لِأَنَّهَا تَشْرَبُ فَتَكْتَفِي بِهِ أَيَّامًا .

     قَوْلُهُ  وَحِذَاؤُهَا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَالْمُرَادُ هُنَا خُفُّهَا وَسَتَأْتِي مَبَاحِثُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى





[ قــ :9 ... غــ :9] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ تَقَدَّمَ هَذَا الْإِسْنَادُ فِي بَابِ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَانَ مِنْهَا السُّؤَالُ عَنِ السَّاعَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمسَائِل كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْمَائِدَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الْقُرَشِيُّ السَّهْمِيُّ كَمَا سَمَّاهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْآتِي .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ آخَرُ هُوَ سَعْدُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى شَيْبَةَ بْنِ ربيعَة سَمَّاهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ فِي تَرْجَمَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مِنْهُ وَأَغْفَلَهُ فِي الِاسْتِيعَابِ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الشَّارِحِينَ وَلَا مَنْ صَنَّفَ فِي الْمُبْهَمَاتِ وَلَا فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ صَحَابِيٌّ بِلَا مِرْيَةٍ لِقَوْلِهِ فَقَالَ مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ مُقَاتِلٍ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ قَالَ مَنْ أَبِي قَالَ سَعْدٌ نَسَبَهُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ بِخِلَاف بن حُذَافَةَ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمَائِدَة قَوْله فَلَمَّا رأى عمر هُوَ بن الْخَطَّابِ مَا فِي وَجْهِهِ أَيْ مِنَ الْغَضَبِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ أَيْ مِمَّا يُوجِبُ غَضَبَكَ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْآتِي بَعْدُ أَنَّ عُمَرَ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ بِأَنَّهُ قَالَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَنَقَلَ كُلٌّ مِنَ الصَّحَابِيَّيْنِ مَا حَفِظَ وَدَلَّ عَلَى اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ اشْتِرَاكُهُمَا فِي نَقْلِ قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ تَنْبِيهٌ قَصَرَ الْمُصَنِّفُ الْغَضَبَ عَلَى الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ دُونَ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ مَأْمُورٌ أَنْ لَا يَقْضِيَ وَهُوَ غَضْبَانُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاعِظَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ فِي صُورَةِ الْغَضْبَانِ لِأَنَّ مَقَامَهُ يَقْتَضِي تَكَلُّفَ الِانْزِعَاجِ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الْمُنْذِرِ وَكَذَا الْمُعَلِّمُ إِذَا أَنْكَرَ عَلَى مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ سُوءَ فَهْمٍ وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَدْعَى لِلْقَبُولِ مِنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لَازِمًا فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُتَعَلِّمِينَ.
وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَهُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَضَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَالِ غَضَبِهِ حَيْثُ قَالَ أَبُوكَ فُلَانٌ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ أَوَّلًا لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْحُكْمِ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَيُقَالُ هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ لِمَحَلِّ الْعِصْمَةِ فَاسْتَوَى غَضَبُهُ وَرِضَاهُ وَمُجَرَّدُ غَضَبِهِ مِنَ الشَّيْءِ دَالٌّ عَلَى تَحْرِيمِهِ أَوْ كَرَاهَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ