فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قصة أبي طالب

( قَولُهُ بَابُ قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ)
وَاسْمُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ عَبْدُ مَنَافٍ وَشَذَّ مَنْ قَالَ عِمْرَانَ بل هُوَ قَول بَاطِل نَقله بن تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضِيِّ أَنَّ بَعْضَ الرَّوَافِضِ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عمرَان أَنَّ آلَ عِمْرَانَ هُمْ آلُ أَبِي طَالِبٍ وَأَنَّ اسْمَ أَبِي طَالِبٍ عِمْرَانُ وَاشْتُهِرَ بِكُنْيَتِهِ وَكَانَ شَقِيقَ عَبْدِ اللَّهِ وَالِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِذَلِكَ أَوْصَى بِهِ عبد الْمطلب عِنْد مَوته إِلَيْهِ فَكَفَلَهُ إِلَى أَنْ كَبِرَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى نَصْرِهِ بَعْدَ أَنْ بُعِثَ إِلَى أَنْ مَاتَ أَبُو طَالِبٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الشِّعْبِ وَذَلِكَ فِي آخِرِ السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنَ الْمَبْعَثِ وَكَانَ يَذُبُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرُدُّ عَنْهُ كُلَّ مَنْ يُؤْذِيهِ وَهُوَ مُقِيمٌ مَعَ ذَلِكَ عَلَى دِينِ قومه وَقد تقدم قَرِيبا حَدِيث بن مَسْعُودٍ.
وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ وَأَخْبَارُهُ فِي حِيَاطَتِهِ وَالذَّبِّ عَنْهُ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ وَمِمَّا اشْتُهِرَ مِنْ شِعْرِهِ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا وَقَولُهُ كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نَبْزِي مُحَمَّدًا وَلَمَّا نُقَاتِلْ حَوْلَهُ وَنُنَاضِلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذِه القصيدة فِي كتاب الاسْتِسْقَاء وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ يَشْهَدُ لِذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ



[ قــ :3704 ... غــ :3883] .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَحْيَى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ بن عُمَيْر وَعبد الله بن الْحَارِث هُوَ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالْعَبَّاسُ عَمُّ جَدِّهِ .

     قَوْلُهُ  مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ يَعْنِي أَبَا طَالِبٍ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَحُوطُكَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْحِيَاطَةِ وَهِيَ الْمُرَاعَاةُ وَفِيه تلميح إِلَى مَا ذكره بن إِسْحَاقَ قَالَ ثُمَّ إِنَّ خَدِيجَةَ وَأَبَا طَالِبٍ هَلَكَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَكَانَتْ خَدِيجَةُ لَهُ وَزِيرَةَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلَامِ يَسْكُنُ إِلَيْهَا وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ لَهُ عَضُدًا وَنَاصِرًا عَلَى قَوْمِهِ فَلَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ نَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَذَى مَا لَمْ تَطْمَعْ بِهِ فِي حَيَاةِ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى اعْتَرَضَهُ سَفِيه من سُفَهَاء قُرَيْش فنثر عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا فَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَهُ يَقُولُ مَا نَالَتْنِي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ .

     قَوْلُهُ  وَيَغْضَبُ لَكَ يُشِيرُ إِلَى مَا كَانَ يَرُدُّ بِهِ عَنْهُ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ .

     قَوْلُهُ  هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُهْمَلَتَيْنِ هُوَ اسْتِعَارَةٌ فَإِنَّ الضَّحْضَاحَ مِنَ الْمَاءِ مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَ وَيُقَال أَيْضا لما قَرُبَ مِنَ الْمَاءِ وَهُوَ ضِدُّ الْغَمْرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْهُ الْعَذَابُ وَقَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ثَالِثَ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دماغه وَوَقع فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ لَهُ نَعْلَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ أَبَا طَالِبٍ وَلِلْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ قَالَ أَخْرَجْتُهُ مِنَ النَّارِ إِلَى ضَحْضَاحٍ مِنْهَا وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الرِّقَاقِ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ نَحْوَهُ وَفِي آخِرِهِ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ بِالْقُمْقُمِ وَالْمِرْجَلُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ الْإِنَاءُ الَّذِي يَغْلِي فِيهِ الْمَاءُ وَغَيْرُهُ وَالْقُمْقُمُ بِضَمِّ الْقَافَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ الْأُولَى مَعْرُوفٌ وَهُوَ الَّذِي يُسَخَّنُ فِيهِ المَاء قَالَ بن الْأَثِيرِ كَذَا وَقَعَ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ بِالْقُمْقُمِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ وَهَذَا أَوْضَحُ إِنْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَةُ انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَقِيلَ الْقُمْقُمُ هُوَ الْبُسْرُ كَانُوا يَغْلُونَهُ عَلَى النَّارِ اسْتِعْجَالًا لِنُضْجِهِ فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا زَالَ الْإِشْكَالُ تَنْبِيهٌ فِي سُؤَالِ الْعَبَّاسِ عَنْ حَالِ أَبِي طَالِبٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ مَا أخرجه بن إِسْحَاق من حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ فِيهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا تَقَارَبَ مِنْهُ الْمَوْتُ بَعْدَ أَنْ عَرَضَ عَلَيْهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَبَى قَالَ فَنَظَرَ الْعَبَّاسُ إِلَيْهِ وَهُوَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْه فأصغى إِلَيْهِ فَقَالَ يَا بن أَخِي وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَ أَخِي الْكَلِمَةَ الَّتِي أَمَرْتَهُ أَنْ يَقُولَهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ كَانَ طَرِيقُهُ صَحِيحًا لَعَارَضَهُ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وبن خُزَيْمَة وبن الْجَارُودِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ قَالَ اذْهَبْ فَوَارِهِ.

قُلْتُ إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا فَقَالَ اذْهَبْ فَوَارِهِ الْحَدِيثَ وَوَقَفْتُ عَلَى جُزْءٍ جَمَعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الرَّفْضِ أَكْثَرَ فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَاهِيَةِ الدَّالَّةِ عَلَى إِسْلَامِ أَبِي طَالِبٍ وَلَا يَثْبُتُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ لَخَّصْتُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ كِتَابِ الْإِصَابَةِ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :3705 ... غــ :3884] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ هُوَ بن غَيْلَانِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ هُوَ حَزْنٌ بِفَتْحِ الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي أَي بن أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيُّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْغَرْغَرَةِ .

     قَوْلُهُ  أُحَاجُّ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَأَصْلُهُ أُحَاجِجُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ بِلَفْظِ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ وَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَهِمَ مِنَ امْتِنَاعِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الشَّهَادَةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَنَّهُ ظَنَّ ان ذَلِك لاينفعه لِوُقُوعِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فَلِذَلِكَ ذَكَرَ لَهُ الْمُحَاجَجَةَ.
وَأَمَّا لَفْظُ الشَّهَادَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون ظن ان ذَلِك لاينفعه إِذْ لَمْ يَحْضُرْهُ حِينَئِذٍ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَيَّبَ قَلْبَهُ بِأَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِهَا فَيَنْفَعَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ يَقُولُونَ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ إِلَّا جَزَعُ الْمَوْتِ لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ واخرج بن إِسْحَاق من حَدِيث بن عَبَّاسٍ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُميَّة أَي بن الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ وَهُوَ أَخُو أُمِّ سَلَمَةَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقد اسْلَمْ عبد الله هَذَا يَوْمَ الْفَتْحِ وَاسْتُشْهِدَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فِي غَزَاةِ حُنَيْنٍ .

     قَوْلُهُ  عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى .

     قَوْلُهُ  فَنَزَلَتْ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُم أَنهم أَصْحَاب الْجَحِيم وَنزلت انك لَا تهدي من أَحْبَبْت أَمَّا نُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ فَوَاضِحٌ فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ.
وَأَمَّا نُزُولُ الَّتِي قَبْلَهَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْآيَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالِاسْتِغْفَارِ نَزَلَتْ بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ بِمُدَّةٍ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي حَقِّهِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ بِلَفْظِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذين آمنُوا الْآيَةَ وَأَنْزَلَ فِي أَبِي طَالِبٍ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فَأَنْزَلَ الله انك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مَاتَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ وَيُضَعِّفُ مَا ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ رأى فِي بعض كتب المَسْعُودِيّ أَنَّهُ أَسْلَمَ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُعَارِضُ مَا فِي الصَّحِيحِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ





[ قــ :3706 ... غــ :3885] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي بْنِ الْهَادِ هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ يَزِيدَ بِهَذَا أَيِ الْإِسْنَادِ والمتن الا مانبه عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ أَيِ الْمَدَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ مَوْلَاهُمْ وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْمَدَنِيِّينَ وَلَمْ أَرَ لَهُ رِوَايَةً عَنْ غَيْرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْ أَقْرَانِهِ وَمَنْ بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ زَادَ فِي رِوَايَة أُخْرَى عَن بن الْهَادِ الْآتِيَةِ فِي الرِّقَاقِ أَبُو طَالِبٍ وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَنَّ الذَّاكِرَ هُوَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأَنَّهُ الَّذِي سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ تَابِعًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُمْلَتِهِ إِلَّا أَنَّهُ اسْتَمَرَّ ثَابِتَ الْقَدَمِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ فَسُلِّطَ الْعَذَابُ عَلَى قَدَمَيْهِ خَاصَّةً لِتَثْبِيتِهِ إِيَّاهُمَا عَلَى دِينِ قَوْمِهِ كَذَا قَالَ وَلَا يَخْلُو عَن نظر .

     قَوْلُهُ  يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِيهَا يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ الْمُرَادُ أُمُّ رَأْسِهِ وَأُطْلِقَ عَلَى الرَّأْسِ الدِّمَاغُ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا يُقَارِبُهُ وَيُجَاوِرُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ حَتَّى يَسِيلَ عَلَى قَدَمِهِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ زِيَارَةِ الْقَرِيبِ الْمُشْرِكِ وَعِيَادَتِهِ وَأَنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ وَلَوْ فِي شِدَّةِ مَرَضِ الْمَوْتِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْمُعَايَنَةِ فَلَا يُقْبَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا باسنا وَأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا شَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ نَجَا مِنَ الْعَذَابِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَأَنَّ عَذَابَ الْكُفَّارِ مُتَفَاوِتٌ وَالنَّفْعُ الَّذِي حَصَلَ لِأَبِي طَالِبٍ مِنْ خَصَائِصِهِ بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا عَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يَقُلْ فِيهَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لِأَنَّ الْكَلِمَتَيْنِ صَارَتَا كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو طَالِبٍ كَانَ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَكِنْ لَا يُقِرُّ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأَبْيَاتِ النُّونِيَّةِ وَدَعَوْتَنِي وَعَلِمْتُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلَقَدْ صَدَقْتَ وَكُنْتَ قَبْلُ أَمينا فاقتصر على امْرَهْ لَهُ بِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ تَكْمِلَةٌ مِنْ عَجَائِبِ الِاتِّفَاقِ أَنَّ الَّذِينَ أَدْرَكَهُمُ الْإِسْلَامُ مِنْ أَعْمَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَأَسْلَمَ اثْنَانِ وَكَانَ اسْمُ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ يُنَافِي أَسَامِيَ الْمُسْلِمَيْنِ وَهُمَا أَبُو طَالِبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ وَأَبُو لَهَبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى بِخِلَافِ مَنْ اسْلَمْ وهما حَمْزَة وَالْعَبَّاس