فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب لبس الحرير وافتراشه للرجال، وقدر ما يجوز منه

( قَولُهُ بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ وَقَدْرِ مَا يَجُوزُ مِنْهُ)
أَيْ فِي بَعْضِ الثِّيَابِ وَوَقَعَ فِي شرح بن بطال ومستخرج أَبِي نُعَيْمٍ زِيَادَةُ افْتِرَاشِهِ فِي التَّرْجَمَةِ وَالْأَوْلَى مَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَدْ تَرْجَمَ لِلِافْتِرَاشِ مُسْتَقِلًّا كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ وَالْحَرِيرُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ عَرَبِيٌّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِخُلُوصِهِ يُقَالُ لِكُلِّ خَالِصٍ مُحَرَّرٌ وَحَرَّرْتُ الشَّيْءَ خَلَّصْتُهُ مِنَ الِاخْتِلَاطِ بِغَيْرِهِ وَقِيلَ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَالتَّقْيِيدُ بِالرِّجَالِ يُخْرِجُ النِّسَاء وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة مُسْتَقلَّة قَالَ بن بَطَّالٍ اخْتُلِفَ فِي الْحَرِيرِ فَقَالَ قَوْمٌ يَحْرُمُ لُبْسُهُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ حَتَّى عَلَى النِّسَاءِ نقل ذَلِك عَن عَليّ وبن عمر وَحُذَيْفَة وَأبي مُوسَى وبن الزبير وَمن التَّابِعين عَن الْحسن وبن سِيرِينَ.

     وَقَالَ  قَوْمٌ يَجُوزُ لُبْسُهُ مُطْلَقًا وَحَمَلُوا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ لُبْسِهِ عَلَى مَنْ لَبِسَهُ خُيَلَاءَ أَوْ عَلَى التَّنْزِيهِ.

قُلْتُ وَهَذَا الثَّانِي سَاقِطٌ لِثُبُوتِ الْوَعِيدِ عَلَى لُبْسِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ عِيَاضٍ حَمَلَ بَعْضُهُمُ النَّهْيَ الْعَامَّ فِي ذَلِكَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ فقد تعقبه بن دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ قَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَن الْإِجْمَاع انْعَقَد بعد بن الزُّبَيْرِ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ وَإِبَاحَتِهِ لِلنِّسَاءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ على قَول بن الزُّبَيْرِ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ أَلَا لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْحَرِيرَ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْآتِيَ فِي الْبَابِ قَالَ فَإِثْبَاتُ قَوْلٍ بِالْكَرَاهَةِ دُونَ التَّحْرِيمِ إِمَّا أَنْ يَنْقُضَ مَا نَقَلَهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ وَإِمَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الْحُكْمَ الْعَامَّ قَبْلَ التَّحْرِيمِ عَلَى الرِّجَالِ كَانَ هُوَ الْكَرَاهَةَ ثُمَّ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى التَّحْرِيمِ عَلَى الرِّجَالِ وَالْإِبَاحَةِ لِلنِّسَاءِ وَمُقْتَضَاهُ نَسْخُ الْكَرَاهَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَقِيَ عُمَرُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَنَهَاهُ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ فَقَالَ لَوْ أَطَعْتَنَا لَلَبِسْتَهُ مَعَنَا وَهُوَ يَضْحَكُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَهِمَ مِنْ أَذِنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ نَسْخَ التَّحْرِيمِ وَلَمْ يَرَ تَقْيِيدَ الْإِبَاحَةِ بِالْحَاجَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ عَلَى رَأْيَيْنِ مَشْهُورَيْنِ أَحَدُهُمَا الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ وَالثَّانِي لِكَوْنِهِ ثَوْبَ رَفَاهِيَةٍ وزينة فَيَلِيقُ بِزِيِّ النِّسَاءِ دُونَ شَهَامَةِ الرِّجَالِ وَيَحْتَمِلُ عِلّة ثَالِثَة وَهِي التَّشَبُّه بالمشركين قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهَذَا قَدْ يَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مِنْ سِمَةِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ يَكُونُ الْمَعْنَيَانِ مُعْتَبَرَيْنِ إِلَّا أَنَّ الْمَعْنَى الثَّانِيَ لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي الْأُمِّ وَلَا أَكْرَهُ لِبَاسَ اللُّؤْلُؤِ إِلَّا لِلْأَدَبِ فَإِنَّهُ زِيُّ النِّسَاءِ وَاسْتَشْكَلَ بِثُبُوتِ اللَّعْنِ لِلْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي مَنْعَ مَا كَانَ مَخْصُوصًا بِالنِّسَاءِ فِي جِنْسِهِ وَهَيْئَتِهِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ عِلَّةً أُخْرَى وَهِيَ السَّرَفُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عُمَرَ ذَكَرَهُ مِنْ طُرُقٍ الْأُولَى



[ قــ :5514 ... غــ :5828] .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَالَ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ كَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ وَشَذَّ عُمَرُ بن عَامِرٍ فَقَالَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ فَذَكَرَ الْمَرْفُوعَ وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَأَشَارَ إِلَى تَفَرُّدِهِ بِهِ فَلَوْ كَانَ ضَابِطًا لَقُلْنَا سَمِعَهُ أَبُو عُثْمَانَ مِنْ كِتَابِ عُمَرَ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَكِنْ طُرُقُ الْحَدِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَنْ عُمَرَ لَا عَنْ عُثْمَانَ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عُمَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْكِتَابَةِ إِلَيْهِ هُوَ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ وَأَبُو عُثْمَانَ سَمِعَ الْكِتَابَ يُقْرَأُ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ رِوَايَتُهُ لَهُ عَنْ عُمَرَ بِطَرِيقِ الْوِجَادَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِوَاسِطَةِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ وَهُوَ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عُتْبَةَ وَقَدْ نَبَّهَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلٌ فِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْكِتَابَةِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اسْتَدْرَكَهُ عَلَيْهِمَا وَفِي ذَلِكَ رُجُوعٌ مِنْهُ عَنِ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ سُمِّيَ أَبُوهُ بِاسْمِ النَّجْمِ وَاسْمُ جَدِّهِ يَرْبُوعُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ مَالِكٍ السُّلَمِيُّ وَيُقَالُ إِنَّ يَرْبُوعَ هُوَ فَرْقَدٌ وَأَنَّهُ لَقَبٌ لَهُ وَكَانَ عُتْبَةُ أَمِيرًا لِعُمَرَ فِي فُتُوحِ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ .

     قَوْلُهُ  بِأَذْرَبِيجَانَ تَقَدَّمَ ضَبْطُهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَذَكَرَ الْمُعَافَى فِي تَارِيخِ الْمَوْصِلِ أَنَّ عُتْبَةَ هُوَ الَّذِي افْتَتَحَهَا سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ أُمِّ عَاصِمٍ امْرَأَةِ عُتْبَةَ أَنَّ عُتْبَةَ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَتَيْنِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُعَافَى إِنَّهُ شَهِدَ خَيْبَرَ وَقَسَمَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا فَلَمْ يُوَافِقْ على ذَلِك وَإِنَّمَا أول مشاهده حنين وروينا فِي الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ لِلطَبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ أُمِّ عَاصِمٍ امْرَأَةِ عُتْبَةَ عَنْ عُتْبَةَ قَالَ أَخَذَنِي الشَّرَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فَأَمَرَنِي فَتَجَرَّدْتُ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى بَطْنِي وَظَهْرِي فَعَبِقَ بِي الطِّيبُ مِنْ يَوْمئِذٍ قَالَتْ أُمُّ عَاصِمٍ كُنَّا عِنْدَهُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فَكُنَّا نَجْتَهِدُ فِي الطِّيبِ وَمَا كَانَ هُوَ يَمَسُّهُ وَإِنَّهُ كَانَ لَأَطْيَبَنَا رِيحًا .

     قَوْلُهُ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ أَمَّا بَعْدُ فَاتَّزِرُوا وَارْتَدُوا وَانْتَعِلُوا وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إِسْمَاعِيلَ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ وَتَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا وَاخْلَوْلَقُوا وَاقْطَعُوا الرَّكْبَ وَانْزُوا نَزْوًا وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ فَإِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ أَيْ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا هَكَذَا زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهَكَذَا .

     قَوْلُهُ  وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الْإِبْهَامَ الْمُشِيرُ بِذَلِكَ يَأْتِي فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ .

     قَوْلُهُ  اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الْإِبْهَامَ يَعْنِي السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ .

     قَوْلُهُ  فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الْأَعْلَامَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ عَلَمٍ بِالتَّحْرِيكِ أَيِ الَّذِي حَصَلَ فِي عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْتَثْنَى الْأَعْلَامُ وَهُوَ مَا يَكُونُ فِي الثِّيَابِ مِنْ تَطْرِيفٍ وَتَطْرِيزٍ وَنَحْوِهِمَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ فَمَا بِفَتْحِ الْفَاءِ بَعْدَهَا حَرْفُ نَفْيٍ عَتَّمْنَا بِمُثَنَّاةٍ بَدَلَ اللَّامِ أَيْ مَا أَبْطَأْنَا فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِمَا سَمِعْنَاهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَاتِمُ الْبَطِيءُ يُقَالُ عَتَّمَ الرَّجُلُ الْقرى إِذا أَخّرهُ





[ قــ :5515 ... غــ :589] قَوْله حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس هُوَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ نُسِبَ لِجَدِّهِ وَهُوَ بِذَلِكَ أَشْهَرُ وَشَيْخُهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَبُو خَيْثَمَة الْجعْفِيّ وَعَاصِم هُوَ بن سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ هَذَا فَبَيَّنَ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي سِيَاقِهِ .

     قَوْلُهُ  كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ كَتَبَ إِلَيْهِ أَيْ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ وَكِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ صَوَابٌ فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْأَمِيرِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَاطِبُهُ وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ كُلِّهِمْ بِالْحُكْمِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ فِيهِ مُسْلِمٌ قَبْلَ هَذَا يَا عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّكَ وَلَا كَدِّ أَبِيكَ فَأَشْبِعِ الْمُسْلِمِينَ فِي رِحَالِهِمْ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِكَ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ وَلُبْسَ الْحَرِيرِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَبَيَّنَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ سَبَبَ قَوْلِ عُمَرَ ذَلِكَ فَعِنْدَهُ فِي أَوَّلِهِ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ مَعَ غُلَامٍ لَهُ بِسِلَالٍ فِيهَا خَبِيصٌ عَلَيْهَا اللُّبُودُ فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ قَالَ أَيَشْبَعُ الْمُسْلِمُونَ فِي رِحَالِهِمْ مِنْ هَذَا قَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ لَا أُرِيدُهُ وَكَتَبَ إِلَى عُتْبَةَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّكَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  وَرَفَعَ زُهَيْرٌ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ وَضَمَّهُمَا الطَّرِيقُ الثَّالِثَةُ





[ قــ :5516 ... غــ :5830] .

     قَوْلُهُ  يَحْيَى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ .

     قَوْلُهُ  عَنِ التَّيْمِيِّ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ فَجَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ وَكَذَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ .

     قَوْلُهُ  لَا يلبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا إِلَّا لم يلبس مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْآخِرَةِ كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَالسَّرَخْسِيِّ يُلْبَسُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَكَذَا لِلنَّسَفِيِّ.

     وَقَالَ  فِي الْآخِرَةِ مِنْهُ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ لَا يَلْبَسُ الْحَرِير فِي الدُّنْيَا إِلَّا لم يلبس مِنْهُ شَيْئًا فِي الْآخِرَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّجُلُ الْمُكَلَّفُ وَأَوْرَدَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِلَفْظِ إِلَّا مَنْ لَمْ يَلْبَسْهُ قَالَ وَفِي أُخْرَى إِلَّا مَنْ لَيْسَ يَلْبَسُ مِنْهُ اهـ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورَةِ لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ إِلَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  وَأَشَارَ أَبُو عُثْمَانَ بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ لَا يُخَالف مَا فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ فَيُجْمَعُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ أَوَّلًا ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْهُ عُمَرُ فَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْضُ رُوَاتِهِ صِفَةَ الْإِشَارَةِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عمر أَي بن شَقِيقٍ الْجَرْمِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَبُو عَلِيٍّ الْبَلْخِيُّ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْكَلَابَاذِيُّ وَآخَرُونَ وشذ بن عدي فَقَالَ هُوَ بن عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ.

قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ لهَذَا الْعَبْدي على تَرْجَمَة إِلَّا أَن بن حِبَّانَ قَالَ فِي الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ الثِّقَاتِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَوَى عَنْ شُعْبَةَ فَلَعَلَّهُ هَذَا وَقَدْ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُزْهِرِ أَنَّهُ يُكَنَّى أَبَا بَصِيرٍ وَأَنَّهُ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَأَنَّهُ أَخْرَجَ لَهُ حَدِيثَيْنِ وَأَنَّهُ أَخْرَجَ لِلْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ شَبَّةً وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ وَلَمْ أَرَ فِي جَمِيعِ الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا فِي بَابِ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ قَالَ فِيهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَهَذَا وَآخَرُ مِثْلُ هَذَا فِي الِاسْتِئْذَانِ وَالرَّابِعُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ فَسَاقَهُ كَمَا فِي سِيَاقِ الْحَجِّ سَوَاءً فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ.
وَأَمَّا هَذَا وَالَّذِي فِي الِاسْتِئْذَانِ فَعَلَى الِاحْتِمَالِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَمَا قَالَ الْأَكْثَرُ قَوْله مُعْتَمر هُوَ بن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَأَشَارَ أَبُو عُثْمَانَ بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى يُرِيدُ أَنَّ مُعْتَمِرَ بْنَ سُلَيْمَانَ رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ كِتَابِ عُمَرَ وَزَادَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّ رِوَايَةَ الْأَكْثَرِ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي قَبْلَهَا الَّتِي خَلَتْ عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي الَّتِي أَوْرَدَهَا فِيهِ فَإِنَّ هَذَا الْقدر زَاده مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الَّذِي زَادَهُ مُعْتَمِرٌ تَفْسِيرَ الْإِصْبَعَيْنِ فَإِنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ وَمِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ جَمِيعًا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ.

     وَقَالَ  فِي سِيَاقِهِ كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ يُحَدِّثُهُ بِأَشْيَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَفِيمَا كَتَبَهُ إِلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ فَعُرِفَ أَنَّ زِيَادَةَ مُعْتَمِرٍ تَسْمِيَةُ الْإِصْبَعَيْنِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ.

     وَقَالَ  فِيهِ بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الْإِبْهَامَ فَرَأَيْنَاهَا أَزْرَارَ الطَّيَالِسَةِ حِينَ رَأَيْنَا الطَّيَالِسَةَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْأَزْرَارُ جَمْعُ زِرٍّ بِتَقْدِيمِ الزَّايِ مَا يُزَرَّرُ بِهِ الثَّوْبُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَطْرَافُ الطَّيَالِسَةِ وَالطَّيَالِسَةُ جَمْعُ طَيْلَسَانِ وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي لَهُ عَلَمٌ وَقَدْ يَكُونُ كِسَاءً وَكَانَ لِلطَّيَالِسَةِ الَّتِي رَآهَا أَعْلَامٌ حَرِيرٌ فِي أطرافها قلت وَقد أغفل صَاحب الْمَشَارِق وَالنِّهَايَة فِي مَادَّةِ ط ل س ذِكْرَ الطَّيَالِسَةِ وَكَأَنَّهُمَا تَرَكَا ذَلِكَ لِشُهْرَتِهِ لَكِنِ الْمَعْهُودُ الْآنَ لَيْسَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمُرَادُ بِأَزْرَارِ الطَّيَالِسَةِ أَطْرَافُهَا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرِوَانِيَّةٍ فَقَالَتْ هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّيَالِسَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُلْبَسُ فَيَشْمَلُ الْجَسَدَ لَا الْمَعْهُودُ الْآنَ وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي اسْتِثْنَاءٍ مَا يَجُوزُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا ذِكْرُ الْإِصْبَعَيْنِ لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا وَهَكَذَا إِصْبَعَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَاللَّامِ الْخَفِيفَتَيْنِ أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ فَقَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْنِ أَوْ ثَلَاث أَو أَربع وأو هُنَا للتنويع والتخيير وَقد أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ إِنَّ الْحَرِيرَ لَا يَصْلُحُ مِنْهُ إِلَّا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي أُصْبُعَيْنِ وَثَلَاثًا وَأَرْبَعًا وَجَنَحَ الْحَلِيمِيُّ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ كُمٍّ قَدْرُ إِصْبَعَيْنِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةِ سُوَيْدٍ لَمْ يُرَخَّصْ فِي الدِّيبَاجِ إِلَّا فِي مَوْضِعِ أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :5517 ... غــ :5831] .

     قَوْلُهُ  الْحَكَمُ هُوَ بن عتيبة بمثناة ثمَّ مُوَحدَة مصغر وبن أَبِي لَيْلَى هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ عَنْ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ غَلَطٌ لَكِن كتب فِي الْهَامِش الصَّوَاب بن أبي ليلى قَوْله كَانَ حُذَيْفَة هُوَ بن الْيَمَانِ وَقَدْ مَضَى شَرْحُ حَدِيثِهِ هَذَا فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ .

     قَوْلُهُ  الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ مَنَعَ اسْتِعْمَالَ النِّسَاءِ لِلْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ لِأَنَّ حُذَيْفَةَ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الشُّرْبِ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ جَمِيعًا فَيَكُونُ الْحَرِيرُ كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْخِطَابَ بِلَفْظِ لَكُمْ لِلْمُذَكَّرِ وَدُخُولُ الْمُؤَنَّثِ فِيهِ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ عَدَمُ دُخُولِهِنَّ وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ إِبَاحَةُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ قَرِيبًا وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُخْتَصَرٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخِطَابُ فِي ذَلِكَ لِلذُّكُورِ وَحُكْمُ النِّسَاءِ فِي الِافْتِرَاشِ سَيَأْتِي فِي بَابِ افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ قَرِيبًا وَقَولُهُ هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالْفُرُوعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ هِيَ شِعَارُهُمْ وَزِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْإِذْنِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ شَرْعًا الْحَدِيثُ الثَّالِثُ





[ قــ :5518 ... غــ :583] .

     قَوْلُهُ  قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ أَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ شَدِيدًا عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ سَأَلْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ صُهَيْبٍ عَنْ الْحَرِيرِ فَقَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا فَقُلْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ شَدِيدًا وَهَذَا الْجَوَابُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرًا لِكَوْنِهِ مَرْفُوعًا إِنَّمَا حَفِظَهُ حِفْظًا شَدِيدًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِنْكَارًا أَيْ جَزْمِي بِرَفْعِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقَعُ شَدِيدًا عَلَيَّ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَفَعَ صَوْتَهُ رَفْعًا شَدِيدًا.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ لَفْظَةُ شَدِيدًا صِفَةٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ الْغَضَبُ أَيْ غَضِبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مِنْ سُؤَالِ شُعْبَةَ غَضَبًا شَدِيدًا كَذَا قَالَ وَوَجْهُهُ غَيْرُ وَجِيهٍ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ عِنْدِي أَوْجَهُ وَلَكِنَّهُ يُؤَيِّدُ الثَّانِي أَنَّ أَحْمَدَ أَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ فِيهِ سَمِعْتُ أَنَسًا يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ هَذَا الْحَدِيثُ الرَّابِعُ





[ قــ :5519 ... غــ :5833] .

     قَوْلُهُ  عَن ثَابت هُوَ الْبنانِيّ قَوْله سَمِعت بن الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ زَادَ النَّسَائِيُّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَخْرَجَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِهِ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادٍ بِلَفْظِ يَخْطُبُنَا .

     قَوْلُهُ  قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم هَذَا من مُرْسل بن الزُّبَيْرِ وَمَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ مُحْتَجٌّ بِهَا عِنْدَ جُمْهُورِ مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِالْمَرَاسِيلِ لِأَنَّهُمْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا عَنْ تَابِعِيٍّ لِوُجُودِ رِوَايَةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ نَادِرٌ لَكِنْ تَبَيَّنَ من الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بعد هَذِه أَن بن الزُّبَيْرِ إِنَّمَا حَمَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَاسِطَةِ عُمَرَ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ الْمُتَّفِقَةِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ رَوَاهُ بِلَفْظِ لَنْ بَلِ الْحَدِيثُ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ بِلَفْظِ لَمْ وَاللَّهُ أعلم وبن الزُّبَيْرِ قَدْ حَفِظَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّةَ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُهُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمِنْهَا حَدِيثُهُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو هَكَذَا وَعقد بن الزُّبَيْرِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَمِنْهَا حَدِيثُهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عِنِ نَبِيذِ الْجَرِّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  لَنْ يَلْبَسَهُ فِي الْآخِرَةِ كَذَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ عَنْ ثَابِتٍ وَهُوَ أَوْضَحُ فِي النَّفْيِ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ





[ قــ :550 ... غــ :5834] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي ذِبْيَانَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنة ثمَّ تَحْتَانِيَّة هُوَ التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ مَاله فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ بِظَاءٍ مُشَالَةٍ بَدَلَ الذَّالِ وَهُوَ خَطَأٌ وَأَشَدُّ خَطَأٍ مِنْهُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ الْفَرَبْرِيِّ عَنْ أَبِي دِينَارٍ بِمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَنُونٌ ثُمَّ رَاءٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيُّ .

     قَوْلُهُ  سَمِعت بن الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ كَعْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لَا تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْحَرِيرَ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ فَلَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ فِي إِسْنَادِهِ وَشُعْبَةُ أَحْفَظُ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ .

     قَوْلُهُ  مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَنْ يَلْبَسَهُ وَالْمَحْفُوظُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَمْ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ فِي آخِرِهِ وَمَنْ لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ الله تَعَالَى ولباسهم فِيهَا حَرِير وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ على بن الزُّبَيْرِ بَيَّنَ ذَلِكَ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ فَذَكَرَ مِثْلَ سَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِي آخِره قَالَ بن الزُّبَيْرِ فَذَكَرَ الزِّيَادَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُ فَقَالَ بن الزُّبَيْرِ مِنْ رَأْيِهِ وَمَنْ لَمْ يَلْبَسِ الْحَرِيرَ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ولباسهم فِيهَا حَرِير وَقد جَاءَ مثل ذَلِك عَن بن عُمَرَ أَيْضًا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ خَطَبنَا بن الزُّبَيْرِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ وَزَادَ فَقَالَ قَالَ بن عُمَرَ إِذًا وَاللَّهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَالَ الله ولباسهم فِيهَا حَرِير وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ مِثْلَ حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا فِي الْبَابِ وَزَادَ وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَبِسَهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ هُوَ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا مُدْرَجًا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الرَّفْعُ مَحْفُوظًا فَهُوَ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ بِالْمُكَلَّفِينَ مِنَ الرِّجَالِ لِلْأَدِلَّةِ الْأُخْرَى بِجَوَازِهِ لِلنِّسَاءِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى مَعْنَى الْوَعِيدِ فِيهِ قَرِيبًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى لرِوَايَة بن الزُّبَيْرِ عَنْ عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَجَّاجِ وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَنْهُ بِالتَّحْدِيثِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَيَحْيَى بْنُ مُعَلَّى الرَّازِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَوْله حَدثنَا عبد الْوَارِث هُوَ بن سَعِيدٍ وَيَزِيدُ هُوَ الضُّبَعِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالرِّشْكِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَمُعَاذَةُ هِيَ الْعَدَوِيَّةُ وَالْإِسْنَادُ مِنْ مُبْتَدَئِهِ إِلَى مُعَاذَةَ بَصْرِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَتْنِي أُمُّ عَمْرِو بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ جَزَمَ أَبُو نَصْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّهَا بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَلَمْ أَرَهَا مَنْسُوبَةً فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ سَمِعْتُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ .

     قَوْلُهُ  نَحْوُهُ سَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِلَفْظِ فَإِنَّهُ لَا يُكْسَاهُ فِي الْآخِرَةِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ فَلَا كَسَاهُ اللَّهُ فِي الْآخِرَةِ طَرِيقٌ أُخْرَى لِحَدِيثِ عُمَرَ





[ قــ :551 ... غــ :5835] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ هُوَ بُنْدَارٌ وَعُثْمَان هُوَ بن عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ إِلَى عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ بَصْرِيُّونَ وَعِمْرَانُ هُوَ السَّدُوسِيُّ كَانَ أَحَدَ الْخَوَارِجِ مِنَ الْعَقَدِيَّةِ بَلْ هُوَ رَئِيسُهُمْ وشاعرهم وَهُوَ الَّذِي مدح بن مُلْجِمٍ قَاتِلَ عَلِيٍّ بِالْأَبْيَاتِ الْمَشْهُورَةِ وَأَبُوهُ حِطَّانُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ ثَقِيلَةٌ وَإِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْمُبْتَدِعِ إِذَا كَانَ صَادِقَ اللَّهْجَةِ مُتَدَيِّنًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ عِمْرَانَ تَابَ مِنْ بِدْعَتِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقِيلَ إِنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ حَمَلَهُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْتَدِعَ فَإِنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ أَقَارِبِهِ تَعْتَقِدُ رَأْيَ الْخَوَارِجِ لِيَنْقُلَهَا عَنْ مُعْتَقَدِهَا فَنَقَلَتْهُ هِيَ إِلَى مُعْتَقَدِهَا وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ مُتَابَعَةٌ وَآخَرُ فِي بَابِ نَقْضِ الصُّوَرِ .

     قَوْلُهُ  سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْحَرِيرِ فَقَالَتِ ائْتِ بن عَبَّاس فسله قَالَ فَسَأَلته فَقَالَ سل بن عُمَرَ كَذَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَفِي رِوَايَةِ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ الَّتِي تُذْكَرُ عَقِبَ هَذِهِ بِالْعَكْسِ أَنه سَأَلَ بن عَبَّاسٍ فَقَالَ سَلْ عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ سَلِ بن عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي أَبُو حَفْصٍ يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَذَا فِي الْأَصْلِ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ صَدَقَ وَمَا كَذَبَ أَبُو حَفْصٍ هُوَ قَوْلُ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ هُوَ الْغُدَانِيُّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي هَذَا بِتَحْدِيثِهِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا حَرْب هُوَ بن شَدَّاد وَزعم الْكرْمَانِي أَنه بن مَيْمُونٍ وَنَسَبَهُ لِصَاحِبِ الْكَاشِفِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّ صَاحِبَ الْكَاشِفِ لَمْ يَرْقُمْ لِحَرْبِ بْنِ مَيْمُونٍ عَلَامَةَ الْبُخَارِيِّ وَإِنَّمَا قَالَ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ رَوَى عَنْ حَرْبِ بْنِ مَيْمُونٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ رَوَى عَنْهُ أَنْ لَا يَرْوِي عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ بَلْ رِوَايَتُهُ عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا وَيحيى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ تَصْرِيحَ يَحْيَى بِتَحْدِيثِ عِمْرَانَ لَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  وَقَصَّ الْحَدِيثَ سَاقَهُ النَّسَائِيُّ مَوْصُولًا عَنْ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ بِلَفْظِ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا فَلَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ خَطَأٌ وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَسُقِ اللَّفْظَ لِهَذَا الْمَعْنَى وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بَيَانٌ وَاضِحٌ لِمَنْ قَالَ يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِلْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ مَعْنَاهُ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ فِي شَرْحِ أَوَّلِ حَدِيثٍ مِنْهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا وَاحِدٌ وَهُوَ نَفْيُ اللُّبْسِ وَنَفْيُ الشُّرْبِ فِي الْآخِرَةِ وَفِي الْجَنَّةِ وَحَاصِلُ أَعْدَلِ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْفِعْلَ الْمَذْكُورَ مُقْتَضٍ لِلْعُقُوبَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ يَتَخَلَّفُ ذَلِكَ لِمَانِعٍ كَالتَّوْبَةِ وَالْحَسَنَاتُ الَّتِي تُوَازِنُ وَالْمَصَائِبُ الَّتِي تُكَفِّرُ وَكَدُعَاءِ الْوَلَدِ بِشَرَائِطَ وَكَذَا شَفَاعَةُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ وَأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَفْوُ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ لُبْسَ الْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ إِذَا كَانَ فِي الثَّوْبِ وَخَصَّهُ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَجَازَ الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ مُطْلَقًا وَلَوْ زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ مَنَعَ الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ مُطْلَقًا وَهُوَ ثَابِتٌ عَن الْحسن وبن سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا مَنَعُوهُ وَرَعًا وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَقَدْ نُقِلَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ مَذْهَبٌ مَرْدُودٌ وَكَذَا مَذْهَبُ مَنْ أَجَازَ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمُطَرَّزِ بِالْحَرِيرِ وَهُوَ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ طِرَازُ حَرِيرٍ مُرَكَّبٍ وَكَذَلِكَ الْمُطَرَّفُ وَهُوَ مَا سُجِفَتْ أَطْرَافُهُ بِسَجَفٍ مِنْ حَرِيرٍ بِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ يَكُونُ التَّطْرِيزُ فِي نَفْسِ الثَّوْبِ بَعْدَ النَّسْجِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الثَّوْبِ الَّذِي يُخَالِطُهُ مِنَ الْحَرِيرِ مِقْدَارُ الْعَلَمِ سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مَجْمُوعًا أَوْ مُفَرَّقًا وَهُوَ قَوِيٌّ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِك فِي بَاب القسي بعد بَابَيْنِ