فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة

( قَولُهُ بَابُ الْخُبْزِ الْمُرَقَّقِ وَالْأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ)
أَمَّا الْخُبْزُ الْمُرَقَّقُ فَقَالَ عِيَاضٌ .

     قَوْلُهُ  مُرَقَّقًا أَيْ مُلَيَّنًا مُحَسَّنًا كَخُبْزِ الْحَوَارِيِّ وَشَبَهِهِ وَالتَّرْقِيقُ التَّلْيِينُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَنَاخِلُ وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَقَّقُ الرَّقِيقَ الْمُوَسَّعَ اه وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَارف وَبِه جزم بن الْأَثِيرِ قَالَ الرِّقَاقُ الرَّقِيقُ مِثْلُ طِوَالٍ وَطَوِيلٍ وَهُوَ الرَّغِيف الْوَاسِع الرَّقِيق وَأغْرب بن التِّينِ فَقَالَ هُوَ السَّمِيدُ وَمَا يُصْنَعُ مِنْهُ من كعك وَغَيره.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ هُوَ الْخَفِيفُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الرِّقَاقِ وَهِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُرَقَّقُ بِهَا.
وَأَمَّا الْخِوَانُ فَالْمَشْهُورُ فِيهِ كَسْرُ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ إِخْوَانٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَسُئِلَ ثَعْلَبٌ هَلْ يُسَمَّى الْخِوَانُ لِأَنَّهُ يُتَخَوَّنُ مَا عَلَيْهِ أَيْ يُنْتَقَصُ فَقَالَ مَا يَبْعُدُ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ وَيُجْمَعُ عَلَى أَخْوِنَةٍ فِي الْقِلَّةِ وَخُونٍ مَضْمُومِ الْأَوَّلِ فِي الْكَثْرَةِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الْخِوَانُ الْمَائِدَةُ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا طَعَامٌ.
وَأَمَّا السُّفْرَةُ فَاشْتُهِرَتْ لِمَا يُوضَعُ عَلَيْهَا الطَّعَامُ وَأَصْلُهَا الطَّعَامُ نَفْسُهُ



[ قــ :5093 ... غــ :5385] .

     قَوْلُهُ  كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنْ قَتَادَةَ كُنَّا نَأْتِي أَنَسًا وَخَبَّازُهُ قَائِم زَاد بن مَاجَهْ وَخِوَانُهُ مَوْضُوعٌ فَيَقُولُ كُلُوا وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ رَاشِدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ قَالَ كَانَ لأنس غُلَام يعْمل لَهُ النقانق ويطبخ لَهُ لَوْنَيْنِ طَعَامًا وَيَخْبِزُ لَهُ الْحُوَّارَى وَيَعْجِنُهُ بِالسَّمْنِ اه وَالْحُوَّارَى بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْخَالِصُ الَّذِي يُنْخَلُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ .

     قَوْلُهُ  مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا مُرَقَّقًا وَلَا شَاةً مَسْمُوطَةً الْمَسْمُوطُ الَّذِي أُزِيلَ شَعْرُهُ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ وَشُوِيَ بِجِلْدِهِ أَوْ يُطْبَخُ وَإِنَّمَا يُصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرِ السِّنِّ الطَّرِيِّ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْمُتْرَفِينَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُبَادَرَةُ إِلَى ذَبْحِ مَا لَوْ بَقِيَ لَازْدَادَ ثَمَنُهُ وَثَانِيهُمَا أَنَّ الْمَسْلُوخَ يُنْتَفَعُ بِجِلْدِهِ فِي اللُّبْسِ وَغَيْرِهِ وَالسَّمْطُ يُفْسِدُهُ وَقد جرى بن بَطَّالٍ عَلَى أَنَّ الْمَسْمُوطَ الْمَشْوِيُّ فَقَالَ مَا مُلَخَّصُهُ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ وَحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهَا قَرَّبَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنْبًا مَشْوِيًّا فَأَكَلَ مِنْهُ بِأَنْ يُقَال يحْتَمل أَنْ يَكُونَ لَمْ يُتَّفَقْ أَنْ تُسُمِّطَ لَهُ شَاةٌ بِكَمَالِهَا لِأَنَّهُ قَدِ احْتَزَّ مِنَ الْكَتِفِ مَرَّةً وَمِنَ الْجَنْبِ أُخْرَى وَذَلِكَ لَحْمٌ مَسْمُوطٌ أَوْ يُقَالُ إِنَّ أَنَسًا قَالَ لَا أَعْلَمُ وَلَمْ يُقْطَعْ بِهِ وَمَنْ عَلِمَ حُجَّةً عَلَى من لم يعلم وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَزِّ الْكَتِفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ كَانَتْ مَسْمُوطَةً بَلْ إِنَّمَا حَزُّهَا لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ عَادَتُهَا غَالِبًا أَنَّهَا لَا تُنْضِجُ اللَّحْمَ فَاحْتِيجَ إِلَى الْحَزِّ قَالَ وَلَعَلَّ بن بَطَّالٍ لَمَّا رَأَى الْبُخَارِيَّ تَرْجَمَ بَعْدَ هَذَا بَابُ شَاةٍ مَسْمُوطَةٍ وَالْكَتِفِ وَالْجَنْبِ ظَنَّ أَنَّ مَقْصُودَهُ إِثْبَاتُ أَنَّهُ أَكَلَ السَّمِيطَ.

قُلْتُ وَلَا يَلْزَمُ أَيْضًا مِنْ كَوْنِهَا مَشْوِيَّةً وَاحْتَزَّ مِنْ كَتِفِهَا أَوْ جَنْبِهَا أَنْ تَكُونَ مَسْمُوطَةً فَإِنَّ شَيَّ الْمَسْلُوخِ أَكْثَرُ مِنْ شَيِّ الْمَسْمُوطِ لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَكَلَ الْكُرَاعَ وَهُوَ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا مَسْمُوطًا وَهَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى أَنَسٍ فِي نَفْيِ رِوَايَةِ الشَّاةِ الْمَسْمُوطَةِ وَقَدْ وَافَقَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى نَفْيِ أَكْلِ الرُّقَاقِ أخرجه بن ماجة من طَرِيق بن عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ زَارَ قَوْمَهُ فَأَتَوْهُ بِرُقَاقٍ فَبَكَى.

     وَقَالَ  مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا بِعَيْنِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُ أَنَسٍ مَا أَعْلَمُ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ نَفَى الْعِلْمَ وَأَرَادَ نَفْيَ الْمَعْلُومِ وَهُوَ مِنْ بَابِ نَفْيِ الشَّيْءِ بِنَفْيِ لَازِمِهِ وَإِنَّمَا صَحَّ هَذَا مِنْ أَنَسٍ لِطُولِ لُزُومِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ لَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ





[ قــ :5094 ... غــ :5386] .

     قَوْلُهُ  عَنْ يُونُسَ قَالَ عَنْ عَلِيٍّ هُوَ الْإِسْكَافُ عَلِيٌّ هُوَ شَيْخُ البُخَارِيّ فِيهِ وَهُوَ بن الْمَدِينِيِّ وَمُرَادُهُ أَنَّ يُونُسَ وَقَعَ فِي السَّنَدِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ فَنَسَبَهُ عَلِيٌّ لِيَتَمَيَّزَ فَإِنَّ فِي طَبَقَتِهِ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيَّ أَحَدَ الثِّقَاتِ المكثرين وَقد وَقع فِي رِوَايَة بن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنًّى عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ الْإِسْكَافِ وَلَيْسَ لِيُونُسَ هَذَا فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ وَهُوَ بَصْرِيٌّ وثقة أَحْمد وبن معِين وَغَيرهمَا.

     وَقَالَ  بن عدي لَيْسَ بالمشهور.

     وَقَالَ  بن سعد كَانَ مَعْرُوفا وَله أَحَادِيث.

     وَقَالَ  بن حِبَّانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ كَذَا قَالَ وَمن وَثَّقَهُ أعرف بِحَالهِ من بن حِبَّانَ وَالرَّاوِي عَنْهُ هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ وَهُوَ مِنَ الْمُكْثِرِينَ عَنْ قَتَادَةَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا وَفِي الْحَدِيثِ رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ لِأَنَّ هشاما وَيُونُسَ مِنْ طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الرقَاق لَكِن ذكر بن عَدِيٍّ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ رَوَاهُ عَنْ سَعِيدٍ فَقَالَ عَنْ يُونُسَ عَنْ قَتَادَةَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ أَوَّلًا عَنْ قَتَادَةَ بِوَاسِطَةٍ ثُمَّ حَمَلَهُ عَنْهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَاصِمِ بْنِ حَدْرَةَ فَقَالَ مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ الحَدِيث أخرجه بن مَنْدَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ كَانَ سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ حَفِظَهُ فَهُوَ حَدِيثٌ آخَرُ لِقَتَادَةَ لِاخْتِلَافِ مَسَاقِ الْخَبَرَيْنِ .

     قَوْلُهُ  عَلَى سُكُرُّجَةٍ بِضَمِّ السِّينِ وَالْكَافِ وَالرَّاءِ الثَّقِيلَةِ بَعْدَهَا جِيمٌ مَفْتُوحَةٌ قَالَ عِيَاض كَذَا قيدناه وَنقل عَن بن مَكِّيٍّ أَنَّهُ صَوَّبَ فَتْحَ الرَّاءِ.

قُلْتُ وَبِهَذَا جزم التوربشتي وَزَاد لِأَنَّهُ فَارس مُعَرَّبٌ وَالرَّاءُ فِي الْأَصْلِ مَفْتُوحَةٌ وَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْمَ الْأَعْجَمِيَّ إِذَا نَطَقَتْ بِهِ الْعَرَبُ لَمْ تُبْقِهِ عَلَى أَصْلِهِ غَالِبًا.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ قَالَهُ لَنَا شَيْخُنَا أَبُو مَنْصُورٍ اللُّغَوِيُّ يَعْنِي الْجَوَالِيقِيَّ بِفَتْحِ الرَّاءِ قَالَ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُ الصَّوَابُ أُسْكُرُّجَةُ وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَتَرْجَمَتُهَا مُقَرِّبُ الْخِلِّ وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ فَإِنْ حَقَّرْتَ حَذَفْتَ الْجِيمَ وَالرَّاءَ وَقُلْتَ أَسْكَرَ وَيَجُوزُ إِشْبَاعُ الْكَافِ حَتَّى تَزِيدَ يَاءً وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ فِي بَرَّيْهِمِ بَرَّيْهِيمُ أَنْ يُقَالَ فِي سُكَيْرَجَةٍ سكيريجه وَالَّذِي سبق أولي قَالَ بن مَكِّيٍّ وَهِيَ صِحَافٌ صِغَارٌ يُؤْكَلُ فِيهَا وَمِنْهَا الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ فَالْكَبِيرَةُ تَحْمِلُ قَدْرَ سِتِّ أَوَاقٍ وَقِيلَ مَا بَيْنَ ثُلُثَيْ أُوقِيَّةٍ إِلَى أُوقِيَّةٍ قَالَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْعَجَمَ كَانَتْ تَسْتَعْمِلُهُ فِي الْكَوَامِيخِ وَالْجَوَارِشِ لِلتَّشَهِّي وَالْهَضْمِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ السكرجة قَصْعَة مدهونة وَنقل بن قُرْقُولٍ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهَا قَصْعَةٌ ذَاتُ قَوَائِمَ مِنْ عُودٍ كَمَائِدَةٍ صَغِيرَةٍ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ تَرْكُهُ الْأَكْلَ فِي السُّكُرُّجَةِ إِمَّا لِكَوْنِهَا لَمْ تَكُنْ تُصْنَعُ عِنْدَهُمْ إِذْ ذَاكَ أَوِ اسْتِصْغَارًا لَهَا لِأَنَّ عَادَتَهُمُ الِاجْتِمَاعُ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ لِأَنَّهَا كَمَا تَقَدَّمَ كَانَتْ تُعَدُّ لِوَضْعِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعِينُ عَلَى الْهَضْمِ وَلَمْ يَكُونُوا غَالِبًا يَشْبَعُونَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَاجَةٌ بِالْهَضْمِ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ لِقَتَادَةَ الْقَائِلُ هُوَ الرَّاوِي .

     قَوْلُهُ  فَعَلَامَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي بِالْإِشْبَاعِ .

     قَوْلُهُ  يَأْكُلُونَ كَذَا عَدَلَ عَنِ الْوَاحِدِ إِلَى الْجَمْعِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُخْتَصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ بَلْ كَانَ أَصْحَابُهُ يَقْتَفُونَ أَثَرَهُ وَيَقْتَدُونَ بِفِعْلِهِ .

     قَوْلُهُ  عَلَى السُّفَرِ جَمْعُ سُفْرَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الطَّوِيلِ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَنَّ أَصْلَهَا الطَّعَامُ الَّذِي يَتَّخِذُهُ الْمُسَافِرُ وَأَكْثَرُ مَا يُصْنَعُ فِي جِلْدٍ فَنُقِلَ اسْمُ الطَّعَامِ إِلَى مَا يُوضَعُ فِيهِ كَمَا سُمِّيَتِ الْمَزَادَةُ رِوَايَةً ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ فَسَاقَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ سَاقَهُ فِي غَزْوَةَ خَيْبَرَ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أَوْرَدَهُ هُنَا بِعَيْنِهِ أَتَمَّ مِنْ سِيَاقِهِ هُنَا وَلَفْظُهُ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةَ ثَلَاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ وَزَادَ فِيهِ أَيْضًا بَيْنَ





[ قــ :5095 ... غــ :5387] قَوْلِهِ إِلَى وَلِيمَتِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ فَذَكَرَهُ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالسَّمْنُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَمْرٌو عَنْ أَنَسٍ بَنَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطْعٍ هُوَ أَيْضًا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْمَغَازِي مُطَوَّلًا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِتَمَامِهِ





[ قــ :5096 ... غــ :5388] .

     قَوْلُهُ  هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ وهب بن كيسَان هِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ حَمَلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ فِيهِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ أَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ كِلَاهُمَا عَنْ أَسْمَاءَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هِشَامًا حَمَلَهُ عَنْ أَبِيهِ وَعَنِ امْرَأَتِهِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ وَلَعَلَّ عِنْدَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لَيْسَ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  يُعَيِّرُونَ وَهُوَ بِالْعينِ الْمُهْملَة من الْعَار وبن الزُّبَيْرِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الشَّامِ عَسْكَرُ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ حَيْثُ كَانُوا يُقَاتِلُونَهُ مِنْ قِبَلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَوْ عَسْكَرُ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ قِيلَ الْأَفْصَحُ أَنْ يُعَدَّى التَّعْيِيرُ بِنَفْسِهِ تَقُولُ عَيَّرْتُهُ كَذَا وَقَدْ سُمِعَ هَكَذَا مِثْلُ مَا هُنَا .

     قَوْلُهُ  وَهَلْ تَدْرِي مَا كَانَ النِّطَاقَيْنِ كَذَا أَوْرَدَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الصَّوَابَ النِّطَاقَانِ بِالرَّفْعِ وَأَنَا لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي النُّسَخِ إِلَّا بِالرَّفْعِ فَإِنْ ثَبَتَ رِوَايَةً بِغَيْرِ الْأَلِفِ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ فِي الْأَصْلِ وَهَلْ تَدْرِي مَا كَانَ شَأْنُ النِّطَاقَيْنِ فَسَقَطَ لَفْظُ شَأْنٍ أَوْ نَحْوُهُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِي شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ فَأَوْكَيْتُ تَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ هُوَ الَّذِي أَمَرَهَا بِذَلِكَ لَمَّا هَاجَرَ مَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  يَقُولُ إِيهًا كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِبَعْضِهِمْ ابْنُهَا بِمُوَحَّدَةٍ وَنُونٍ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَقَدْ وُجِّهَ بِأَنَّهُ مَقُولُ الرَّاوِي وَالضَّمِيرُ لِأَسْمَاءَ وَابْنهَا هُوَ بن الزبير وَأغْرب بن التِّينِ فَقَالَ هُوَ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ ابْنُهَا وَذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ بِلَفْظِ إِيهًا اه وَقَولُهُ وَالْإِلَهُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ إِيهًا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِيهًا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِالتَّنْوِينِ مَعْنَاهَا الِاعْتِرَافُ بِمَا كَانُوا يَقُولُونَهُ وَالتَّقْرِيرُ لَهُ تَقُولُ الْعَرَبُ فِي اسْتِدْعَاءِ الْقَوْلِ مِنَ الْإِنْسَانِ إِيهًا وَإِيهْ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ ثَعْلَبٌ وَغَيْرُهُ إِذَا اسْتَزَدْتَ مِنَ الْكَلَامِ قُلْتَ إِيهْ وَإِذَا أَمَرْتَ بِقَطْعِهِ قُلْتَ إِيهًا اه وَلَيْسَ هَذَا الِاعْتِرَاضُ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ غَيْرَ ثَعْلَبٍ قَدْ جَزَمَ بِأَنَّ إِيهًا كَلِمَةُ اسْتِزَادَةٍ وَارْتَضَاهُ وَحَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ إِيهًا بِالتَّنْوِينِ لِلِاسْتِزَادَةِ وَبِغَيْرِ التَّنْوِينِ لِقَطْعِ الْكَلَامِ وَقَدْ تَأْتِي أَيْضًا بِمَعْنَى كَيْفَ .

     قَوْلُهُ  تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا شَكَاةٌ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَعْنَاهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْقَوْلِ الْقَبِيحِ وَلِبَعْضِهِمْ بِكَسْرِ الشِّينِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَهُوَ مَصْدَرُ شَكَا يَشْكُو شِكَايَةً وَشَكْوَى وَشَكَاةً وَظَاهِرٌ أَيْ زَائِلٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيِ ارْتَفَعَ عَنْكَ فَلَمْ يَعْلَقْ بِكَ وَالظُّهُورُ يُطْلَقُ على الصمود وَالِارْتِفَاعِ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه أَي يعلوا عَلَيْهِ وَمِنْه ومعارج عَلَيْهَا يظهرون قَالَ وتمثل بن الزُّبَيْرِ بِمِصْرَاعِ بَيْتٍ لِأَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ وَأَوَّلُهُ وَعَيَّرَهَا الْوَاشُونَ أَنِّي أُحِبُّهَا يَعْنِي لَا بَأْسَ بِهَذَا الْقَوْلِ وَلَا عَارَ فِيهِ قَالَ مُغَلْطَايْ وَبَعْدَ بَيْتِ الْهُذَلِيِّ فَإِنْ أَعْتَذِرْ مِنْهَا فَإِنِّي مُكَذَّبٌ وَإِنْ تَعْتَذِرْ يُرْدَدْ عَلَيْكَ اعْتِذَارُهَا وَأَوَّلُ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ هَلِ الدَّهْرُ إِلَّا لَيْلَةٌ وَنَهَارُهَا وَإِلَّا طُلُوعُ الشَّمْسِ ثُمَّ غِيَارُهَا أَبَى الْقَلْبُ الاام عَمْروٍ فَأَصْبَحَتْ تُحْرِّقُ نَارِي بِالشَّكَاةِ وَنَارُهَا وَبَعْدَهُ وَعَيَّرَهَا الْوَاشُونَ أَنِّي أُحِبُّهَا الْبَيْتَ وَهِيَ قَصِيدَةٌ تزيد على ثَلَاثِينَ بَيْتا وَتردد بن قُتَيْبَة هَل أنشأ بن الزُّبَيْرِ هَذَا الْمِصْرَاعَ أَوْ أَنْشَدَهُ مُتَمَثِّلًا بِهِ وَالَّذِي جَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَن هَذَا مثل مَشْهُور وَكَانَ بن الزُّبَيْرِ يُكْثِرُ التَّمَثُّلَ بِالشِّعْرِ وَقَلَّمَا أَنْشَأَهُ ثُمَّ ذكر حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي أَكْلِ خَالِدٍ الضَّبَّ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ بَعْدُ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَقَولُهُ عَلَى مَائِدَتِهِ أَيِ الشَّيْءُ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى الْأَرْضِ صِيَانَةً لِلطَّعَامِ كَالْمِنْدِيلِ وَالطَّبَقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكَلَ عَلَى الخوان لِأَن الْخِوَانَ أَخَصُّ مِنَ الْمَائِدَةِ وَنَفْيُ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَعَمِّ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَوَابِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ أَنَسًا إِنَّمَا نَفَى عِلْمَهُ قَالَ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ مَنْ عَلِمَ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَائِدَةِ فَقَالَ الزَّجَّاجُ هِيَ عِنْدِي مِنْ مَادَ يَمِيدُ إِذَا تَحَرَّكَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ مِنْ مَادَ يَمِيدُ إِذَا أَعْطَى قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَهِيَ فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنَ الْعَطَاءِ قَالَ الشَّاعِر وَكنت للمنتجعين مائدا