فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق

( قَولُهُ بَابُ هَلْ لِلْأَسِيرِ أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَخْدَعَ الَّذِينَ أَسَرُوهُ حَتَّى يَنْجُوَ مِنَ الْكَفَرَةِ)
فِيهِ الْمسور عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى قِصَّةِ أَبِي بَصِيرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهَا فِي أَوَاخِرِ الشُّرُوطِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ أَيْضًا وَلِهَذَا لَمْ يَبُتَّ الْحُكْمَ فِيهَا قَالَ الْجُمْهُورُ إِنِ ائْتَمَنُوهُ يَفِ لَهُمْ بِالْعَهْدِ حَتَّى قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَهْرُبَ مِنْهُمْ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فَقَالَ لَوْ خَرَجَ بِهِ الْكَافِرُ لِيُفَادِيَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَالطَّبَرِيُّ إِعْطَاؤُهُ الْعَهْدَ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلٌ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ لَا يَفِيَ لَهُمْ بِهِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيَّةُ يَجُوزُ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالُوا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ عَهْدٌ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهُمْ بِكُلِّ طَرِيقٍ وَلَوْ بِالْقَتْلِ وَأَخْذِ الْمَالِ وَتَحْرِيقِ الدَّارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي قِصَّةِ أَبِي بَصِيرٍ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ تَسَلَّمَهُ لِيَرُدَّهُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ وَلِهَذَا تَعَرَّضَ لِلْقَتْلِ فَقَتَلَ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ وَانْفَلَتَ الْآخَرُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى قَولُهُ بَابُ إِذَا حَرَّقَ الْمُشْرِكُ الْمُسْلِمَ هَلْ يُحَرَّقْ أَيْ جَزَاءً بِفِعْلِهِ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ تَلِيقُ أَنْ تُذْكَرَ قَبْلَ بَابَيْنِ فَلَعَلَّ تَأْخِيرَهَا مِنْ تَصَرُّفِ النَّقَلَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا سَقَطَا جَمِيعًا لِلنَّسَفِيِّ وَثَبَتَ عِنْدَهُ تَرْجَمَةُ إِذَا حَرَّقَ الْمُشْرِكُ تلو تَرْجَمَة لَا يُعَذِّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى تَخْصِيصِ النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ لَا يُعَذِّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْقِصَاصِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ وَلَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِالرِّعَاءِ لَكِنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ الْعُرَنِيِّينَ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ قَالَ بن بَطَّالٍ وَلَوْ لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ لَكَانَ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إِذا جَازَ سَمْلُ أَعْيُنِهِمْ وَهُوَ تَعْذِيبٌ بِالنَّارِ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ فَجَوَازُهُ إِنْ فَعَلُوهُ أَوْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي بَابِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَهُوَ فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الْوُضُوءِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْغُسْلِ وَقَوله



[ قــ :2884 ... غــ :3018] حَدثنَا مُعلى بِضَم الْمِيم وَهُوَ بن أَسَدٍ وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَآخَرِينَ وَقَولُهُ فِيهِ أَبْغِنَا رِسْلًا أَيْ أَعِنَّا عَلَى طَلَبِهِ وَالرِّسْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ الدَّرُّ مِنَ اللَّبَنِ وَالذَّوْدُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ الثَّلَاثُ مِنَ الْإِبِلِ إِلَى الْعَشْرَةِ وَالصَّرِيخُ صَوْتُ الْمُسْتَغِيثِ وَتَرَجَّلَ بِالْجِيمِ أَيِ ارْتَفَعَ