فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة

( .

     قَوْلُهُ  كِتَابُ الشُّفْعَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ السَّلَمُ فِي الشُّفْعَةِ)

كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَسَقَطَ مَا سِوَى الْبَسْمَلَةِ لِلْبَاقِينَ وَثَبَتَ لِلْجَمِيعِ بَابُ الشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَالشُّفْعَةُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَغَلِطَ مَنْ حَرَّكَهَا وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ لُغَةً مِنَ الشَّفْعِ وَهُوَ الزَّوْجُ وَقِيلَ مِنَ الزِّيَادَةِ وَقِيلَ مِنَ الْإِعَانَةِ وَفِي الشَّرْعِ انْتِقَالُ حِصَّةِ شَرِيكٍ إِلَى شَرِيكٍ كَانَتِ انْتَقَلَتْ إِلَى أَجْنَبِيٍّ بِمِثْلِ الْعِوَضِ الْمُسَمَّى وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا إِلَّا مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ مِنْ إِنْكَارِهَا



[ قــ :2165 ... غــ :2257] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ هُوَ بن زِيَادٍ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى رِوَايَتِهِ فِي بَابِ بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَالِاخْتِلَافُ فِي قَوْلِهِ كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ أَوْ كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ يُشْعِرُ بِاخْتِصَاصِ الشُّفْعَةِ بِمَا يَكُونُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ بِخِلَافِ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ أَيْ بُيِّنَتْ مَصَارِفُ الطُّرُقِ وَشَوَارِعِهَا كَأَنَّهُ مِنَ التَّصَرُّفِ أَوْ مِنَ التَّصْرِيفِ.

     وَقَالَ  بن مَالِكٍ مَعْنَاهُ خَلَصَتْ وَبَانَتْ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الصِّرْفِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يؤد لَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِي الْمُشَاعِ وَصَدْرُهُ يُشْعِرُ بِثُبُوتِهَا فِي الْمَنْقُولَاتِ وَسِيَاقُهُ يُشْعِرُ بِاخْتِصَاصِهَا بِالْعَقَارِ وَبِمَا فِيهِ الْعَقَارُ وَقَدْ أَخَذَ بِعُمُومِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَعَنْ أَحْمَدَ تَثْبُتُ فِي الْحَيَوَانَاتِ دُونَ غَيْرِهَا من المنقولات وروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ أُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِرُوَاتِهِ قَالَ عِيَاضٌ لَوِ اقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْقِطْعَةِ الْأُولَى لَكَانَتْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى سُقُوطِ شُفْعَةِ الْجِوَارِ وَلَكِنْ أَضَافَ إِلَيْهَا صَرْفَ الطُّرُقِ وَالْمُتَرَتِّبِ عَلَى أَمْرَيْنِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرَتُّبُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِ الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَعَلَى ثُبُوتِهَا لِكُلِّ شَرِيكٍ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا شُفْعَةَ لِذِمِّيٍّ وَعَنِ الشَّعْبِيِّ لَا شُفْعَةَ لِمَنْ لَمْ يَسْكُنِ الْمِصْرَ تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ اخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ مَالِكٌ عَنْهُ عَن أبي سَلمَة وبن الْمُسَيَّبِ مُرْسَلًا كَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ وَالْمَاجِشُونُ عَنْهُ فَوَصَلَهُ بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَة أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَرَوَاهُ بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ لَكِنْ قَالَ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ مَوْصُولًا وَعَن بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَمَا سِوَى ذَلِكَ شُذُوذٌ مِمَّنْ رَوَاهُ وَيُقَوِّي طَرِيقَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ مُتَابَعَةُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ لَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ ثُمَّ سَاقَهُ كَذَلِكَ الثَّانِي حَكَى بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ إِلَخْ مُدْرَجٌ مِنْ كَلَامِ جَابِرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ فَهُوَ مِنْهُ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِدْرَاجُ بِدَلِيلٍ وَقَدْ نَقَلَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ عَن أَبِيه أَنه رجح رَفعهَا