فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من أجاب إلى كراع

( قَولُهُ بَابُ مَنْ أَجَابَ إِلَى كُرَاعٍ)
بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ هُوَ مُسْتَدَقُّ السَّاقِ مِنَ الرِّجْلِ وَمِنْ حَدِّ الرُّسْغِ مِنَ الْيَدِ وَهُوَ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِمَنْزِلَةِ الْوَظِيفِ مِنَ الْفَرَسِ وَالْبَعِيرِ وَقِيلَ الْكُرَاعُ مَا دون الكعب من الدَّوَابّ.

     وَقَالَ  بن فَارِسٍ كُرَاعُ كُلِّ شَيْءٍ طَرَفُهُ



[ قــ :4901 ... غــ :5178] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدَانُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَأَبُو حَمْزَةَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ هُوَ الْيَشْكُرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي حَازِمٍ تَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَهُوَ لَا يَرْوِي عَنْ مَشَايِخِهِ إِلَّا مَا ظَهَرَ لَهُ سَمَاعُهُمْ فِيهِ وَأَبُو حَازِمٍ هَذَا هُوَ سَلْمَانُ بِسُكُونِ اللَّامِ مَوْلَى عَزَّةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدٍ الزَّايِ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ الرَّاوِي عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ قَرِيبًا فَإِنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا مَدَنِيَّيْنِ لَكِنَّ رَاوِي حَدِيث الْبَاب أكبر من بن دِينَارٍ .

     قَوْلُهُ  وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ وَتَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ ذِرَاعٌ وَكُرَاعٌ بِالتَّغْيِيرِ وَالذِّرَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الْكُرَاعِ وَفِي الْمَثَلِ أَنْفَقَ الْعَبْدُ كُرَاعًا وَطَلَبَ ذِرَاعًا وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَكَذَا وَقَعَ لِلْغَزالِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُرَاعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَكَانُ الْمَعْرُوفُ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْمَغَازِي وَزَعَمَ أَنَّهُ أَطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِجَابَةِ وَلَوْ بَعُدَ الْمَكَانُ لَكِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الْإِجَابَةِ مَعَ حَقَارَةِ الشَّيْءِ أَوْضَحُ فِي الْمُرَادِ وَلِهَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُرَاعِ هُنَا كُرَاعُ الشَّاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ فِي حَدِيثِ يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسَنَ شَاةٍ وَأَغْرَبَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ وَلَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعِ الْغَمِيمِ وَلَا أَصْلَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَصَحَّحَهُ مَرْفُوعًا لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ وَلَوْ دُعِيتُ لِمِثْلِهِ لَأَجَبْتُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ وَادِعٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَكْرَهُ الْهَدِيَّةَ فَقَالَ مَا أَقْبَحَ رَدَّ الْهَدِيَّةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَيُسْتَفَادُ سَبَبُهُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَاضُعِهِ وَجَبْرِهِ لِقُلُوبِ النَّاسِ وَعَلَى قَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَإِجَابَةِ مَنْ يَدْعُو الرَّجُلَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الَّذِي يَدْعُوهُ إِلَيْهِ شَيْءٌ قَلِيلٌ قَالَ الْمُهَلَّبُ لَا يَبْعَثُ عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى الطَّعَامِ إِلَّا صِدْقُ الْمَحَبَّةِ وَسُرُورُ الدَّاعِي بِأَكْلِ الْمَدْعُوِّ مِنْ طَعَامِهِ وَالتَّحَبُّبِ إِلَيْهِ بِالْمُؤَاكَلَةِ وَتَوْكِيدِ الذِّمَامِ مَعَهُ بِهَا فَلِذَلِكَ حَضَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِجَابَةِ وَلَوْ نَزَرَ الْمَدْعُوُّ إِلَيْهِ وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى الْمُوَاصَلَةِ وَالتَّحَابِّ وَالتَّآلُفِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ لِمَا قَلَّ أَوْ كثر وَقبُول الْهَدِيَّة كَذَلِك