فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب (لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا)

( قَولُهُ بَابُ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا)
سَقَطَ لَفْظُ بَابُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ



[ قــ :4314 ... غــ :4567] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر أَي بن أَبِي كَثِيرٍ الْمَدَنِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ إِلَى شيخ البخارىقوله إِنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ وَأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ كَانَ يَعْتَذِرُ عَنِ التَّخَلُّفِ مِنَ الْمُنَافِقين وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ الَّذِي بَعْدَهُ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ أَجَابَ مِنَ الْيَهُودِ بِغَيْرِ مَا سُئِلَ عَنْهُ وَكَتَمُوا مَا عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ مَعًا وَبِهَذَا أَجَابَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ وَحَكَى الْفَرَّاءُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْلِ الْيَهُودِ نَحْنُ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةِ وَالطَّاعَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُقِرُّونَ بِمُحَمَّدٍ فَنَزَلَتْ وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ نَحْوَ ذَلِكَ وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ وَلَا مَانِعَ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَوْ نَزَلَتْ فِي أَشْيَاءَ خَاصَّةٍ وَعُمُومُهَا يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ أَتَى بِحَسَنَةٍ فَفَرِحَ بِهَا فَرَحَ إِعْجَابٍ وَأَحَبَّ أَنْ يَحْمَدَهُ النَّاسُ وَيُثْنُوا عَلَيْهِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ





[ قــ :4315 ... غــ :4568] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا هِشَام هُوَ بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ قَوْله عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ فِي رِوَايَةِ عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج أَخْبرنِي بن أبي مليكَة وَسَيَأْتِي وَكَذَا أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَن بن جُرَيْجٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ هُوَ اللَّيْثِيُّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ لَهُ صُحْبَةً وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ الْأَعْمَالِ عَنْ عمر قَوْله أَن مَرْوَان هُوَ بن الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الَّذِي وَلِيَ الْخِلَافَةَ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَقُلْ رَافِعٌ هَذَا لَمْ أَرَ لَهُ ذكرا فِي كتاب الرُّوَاةِ إِلَّا بِمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى بن عَبَّاسٍ فَبَلَّغَهُ الرِّسَالَةَ وَرَجَعَ إِلَى مَرْوَانَ بِالْجَوَابِ فَلَوْلَا أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ مَرْوَانَ مَا قَنَعَ بِرِسَالَتِهِ لَكِنْ قَدْ أَلْزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْبُخَارِيَّ أَنْ يصحح حَدِيث يسرة بْنِ صَفْوَانَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَإِنَّ عُرْوَةَ وَمَرْوَانَ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَبعث مَرْوَان حرسيه إِلَى يسرة فَعَادَ إِلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْهَا فَصَارَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَة عُرْوَة عَن رَسُول مَرْوَان عَن يسرة وَرَسُولُ مَرْوَانَ مَجْهُولُ الْحَالِ فَتَوَقَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ لِذَلِكَ فَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ شَبيهَة بِحَدِيث يسرة فَإِنْ كَانَ رَسُولُ مَرْوَانَ مُعْتَمَدًا فِي هَذِهِ فَلْيُعْتَمَدْ فِي الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ سَمَّى رَافِعًا وَلَمْ يُسَمِّ الْحَرَسِيَّ قَالَ وَمَعَ هَذَا فَاخْتُلِفَ على بن جُرَيْجٍ فِي شَيْخِ شَيْخِهِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهِشَام عَنهُ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ.

     وَقَالَ  حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّد عَن بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْملك بن جريج عَن أَبِيه عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَصَارَ لِهِشَامٍ مُتَابِعٌ وَهُوَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلِحَجَّاجِ بن مُحَمَّد متابع وَهُوَ مُحَمَّد وَأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ عَن بن جُرَيْجٍ كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ لِي مِنَ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ بن عَبَّاسٍ لَمَّا أَجَابَ فَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ عَن بن عَبَّاس وَإِنَّمَا قصّ عَلْقَمَة سَبَب تحديث بن عَبَّاسٍ بِذَلِكَ فَقَطْ وَكَذَا أَقُولُ فِي حُمَيْدِ بن عبد الرَّحْمَن فَكَأَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ حَمَلَهُ عَنْ كُلِّ مِنْهُمَا وَحَدَّثَ بِهِ بن جريج عَن كل مِنْهُمَا فَحدث بِهِ بن جُرَيْجٍ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا وَقَدْ روى بن مَرْدَوَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى سَبَبِ إِرْسَالِهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عِنْدَ مَرْوَانَ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ فَذَكَرَ الْآيَةَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَاكَ إِنَّمَا ذَاكَ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَصْرٌ وَفَتْحٌ حَلَفُوا لَهُمْ عَلَى سُرُورِهِمْ بِذَلِكَ لِيَحْمَدُوهُمْ عَلَى فَرَحِهِمْ وَسُرُورِهِمْ فَكَأَنَّ مَرْوَانَ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ هَذَا يَعْلَمُ بِهَذَا فَقَالَ أَكَذَلِكَ يَا زَيْدُ قَالَ نَعَمْ صَدَقَ وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ مَرْوَانَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ بِنَحْوِ مَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَكَأَنَّ مَرْوَانَ أَرَادَ زِيَادَة الِاسْتِظْهَار فَأرْسل بوابه رَافعا إِلَى بن عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ عَقِبَ الْحَدِيثَ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جُرَيْجٍ فَيُرِيدُ أَنَّهُ تَابَعَ هِشَامَ بْنَ يُوسُفَ على رِوَايَته إِيَّاه عَن بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ وَرِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَصَلَهَا فِي التَّفْسِيرِ وَأَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ إِسْنَادَ حَجَّاجٍ عَقِبَ هَذَا وَلَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ بَلْ قَالَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بِهَذَا وَسَاقَهُ مُسْلِمٌ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ إِنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى بن عَبَّاس فَقل لَهُ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ هِشَامٍ .

     قَوْلُهُ  لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعِينَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودًا فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ .

     قَوْلُهُ  فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ وَهَذَا أَوْضَحُ .

     قَوْلُهُ  بِمَا أَتَوْا كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْقصرِ بِمَعْنى جاؤوا أَيْ بِالَّذِي فَعَلُوهُ وَلِلْحَمَوِيِّ بِمَا أُوتُوا بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ أَيْ أُعْطُوا أَيْ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي كَتَمُوهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَرِحُوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ التِّلَاوَةَ الْمَشْهُورَةَ عَلَى أَنَّ الْأُخْرَى قِرَاءَةُ السُّلَمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُوَافَقَةُ الْمَشْهُور أولى مَعَ مُوَافَقَته لتفسير بن عَبَّاس قَوْله ثمَّ قَرَأَ بن عَبَّاسٍ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكتاب فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْآيَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّ اللَّهَ ذَمَّهَمْ بِكِتْمَانِ الْعِلْمِ الَّذِي أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوهُ وَتَوَعَّدَهُمْ بِالْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّد بن ثَوْر الْمَذْكُورَة فَقَالَ بن عَبَّاسٍ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي التَّوْرَاةِ إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَنْبِيهٌ الشَّيْءُ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ الْيَهُودَ لَمْ أَرَهُ مُفَسَّرًا وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ صِفَتِهِ عِنْدَهُمْ بِأَمْرٍ وَاضِحٍ فَأَخْبَرُوهُ عَنْهُ بِأَمْرٍ مُجْمَلٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ ليبيننه للنَّاس وَلَا يكتمونه قَالَ مُحَمَّدٌ وَفِي قَوْلِهِ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا قَالَ بِكِتْمَانِهِمْ مُحَمَّدًا وَفِي قَوْلِهِ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا قَالَ قَوْلهم نَحن على دين إِبْرَاهِيم