فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل

قَوْله بَاب حَدِيث زيد بن عَمْرو بن نفَيْل)
هُوَ بن عَمِّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَسَبُهُ فِي تَرْجَمَتِهِ وَهُوَ وَالِدُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَحَدِ الْعَشَرَةِ وَكَانَ مِمَّنْ طَلَبَ التَّوْحِيدَ وَخَلَعَ الْأَوْثَانَ وَجَانَبَ الشِّرْكَ لَكِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ وَالْفَاكِهِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ حَلِيفِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو إِنِّي خَالَفْتُ قَوْمِي وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَمَا كَانَا يَعْبُدَانِ وَكَانَا يُصَلِّيَانِ إِلَى هَذِهِ الْقِبْلَةِ وَأَنَا أَنْتَظِرُ نَبِيًّا مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ يُبْعَثُ وَلَا أَرَانِي أُدْرِكُهُ وَأَنَا أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَإِنْ طَالَتْ بك حَيَاة فاقره مِنِّي السَّلَامَ قَالَ عَامِرٌ فَلَمَّا أَسْلَمْتُ أَعْلَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَبَرِهِ قَالَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْجَنَّةِ يَسْحَبُ ذُيُولًا وَرَوَى الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ خَرَجَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو وَوَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَطْلُبَانِ الدِّينَ حَتَّى أَتَيَا الشَّامَ فَتَنَصَّرَ وَرَقَةُ وَامْتَنَعَ زَيْدٌ فَأَتَى الْمُوصِلَ فَلَقِيَ رَاهِبًا فَعَرَضَ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ فَامْتَنَعَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ بن عُمَرَ الْآتِي فِي تَرْجَمَتِهِ وَفِيهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَسَأَلْتُ أَنَا وَعُمَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ زَيْدٍ فَقَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَرَحِمَهُ فَإِنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ زَيْدًا كَانَ بِالشَّامِ فَبَلَغَهُ مَخْرَجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ يُرِيدُهُ فَقُتِلَ بِمَضْيَعَةٍ من ارْض البلقاء.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ لَمَّا تَوَسَّطَ بِلَادَ لَخْمٍ قَتَلُوهُ وَقِيلَ إِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسِ سِنِينَ عِنْدَ بِنَاءِ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ



[ قــ :3650 ... غــ :3826] .

     قَوْلُهُ  بِأَسْفَلَ بَلْدَحَ هُوَ مَكَانٌ فِي طَرِيقِ التَّنْعِيمِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا لَامٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَيُقَالُ هُوَ وَادٍ .

     قَوْلُهُ  فَقُدِّمَتْ بِضَمِّ الْقَافِ .

     قَوْلُهُ  إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْجُرْجَانِيِّ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةً قَالَ عِيَاضٌ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ.

قُلْتُ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ تُوَافِقُ رِوَايَةَ الْجُرْجَانِيِّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَالْفَاكِهِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ كَانَتِ السُّفْرَةُ لِقُرَيْشٍ قَدَّمُوهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا فَقَدَّمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرٍو فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا.

     وَقَالَ  مُخَاطِبًا لِقُرَيْشٍ الَّذِينَ قَدَّمُوهَا أَوَّلًا إِنَّا لَا نَأْكُلُ مَا ذُبِحَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ لَكِنْ لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ لَهُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي رِوَايَة أحد وَقد تبعه بن الْمُنِيرِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ مَا فِيهِ .

     قَوْلُهُ  عَلَى أَنْصَابِكُمْ بِالْمُهْمَلَةِ جَمْعُ نُصُبٍ بِضَمَّتَيْنِ وَهِيَ أَحْجَارٌ كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا لِلْأَصْنَامِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا لِلْأَصْنَامِ وياكل مَا عدا ذَلِك وان كَانُوا لايذكرون اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَكُنْ نَزَلَ بَعْدُ بَلْ لَمْ يَنْزِلِ الشَّرْعُ بِمَنْعِ أَكْلِ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ الْمَبْعَثِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ.

قُلْتُ وَهَذَا الْجَواب أولى مِمَّا ارْتَكَبهُ بن بطال وعَلى تَقْدِير ان يكون زيد بن حَارِثَة ذبح على الْحجر الْمَذْكُورَة فَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا ذَبَحَ عَلَيْهِ لِغَيْرِ الْأَصْنَامِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَمَا ذُبِحَ على النصب فَالْمُرَادُ بِهِ مَا ذُبِحَ عَلَيْهَا لِلْأَصْنَامِ ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقِيلَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ شَيْءٌ.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ فَهُوَ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي قَدَّمْتُهُ وَهُوَ عِنْد احْمَد وَكَانَ بن زَيْدٍ يَقُولُ عُذْتُ بِمَا عَاذَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ يَخِرُّ سَاجِدًا لِلْكَعْبَةِ قَالَ فَمَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَهُمَا يَأْكُلَانِ مِنْ سُفْرَةٍ لَهُمَا فَدَعَيَاهُ فَقَالَ يَا بن أخي لااكل مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ قَالَ فَمَا رُؤِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ مُرْدِفِي فَذَبَحْنَا شَاةً عَلَى بَعْضِ الْأَنْصَابِ فَأَنْضَجْنَاهَا فَلَقِينَا زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُطَوَّلًا وَفِيهِ فَقَالَ زَيْدٌ إِنِّي لَا آكُلُ مِمَّا لِمَ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ يُجَانِبُ الْمُشْرِكِينَ فِي عَادَاتِهِمْ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الذَّبْحِ وَكَانَ زَيْدٌ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ لَقِيَهُمْ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ فَإِنْ قِيلَ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوْلَى مِنْ زَيْدٍ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ مِنْهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَكَلَ فَزَيْدٌ إِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِرَأْيٍ يَرَاهُ لَا بِشَرْعٍ بَلَغَهُ وَإِنَّمَا كَانَ عِنْدَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَقَايَا مِنْ دَيْنِ إِبْرَاهِيمَ وَكَانَ فِي شَرْعِ إِبْرَاهِيمَ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ لَا تَحْرِيمُ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا نَزَلَ تَحْرِيمُ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ الشَّرْعِ لَا تُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ مَعَ أَنَّ الذَّبَائِحَ لَهَا أَصْلٌ فِي تَحْلِيلِ الشَّرْعِ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى نُزُولِ الْقُرْآنِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا بَعْدَ الْمَبْعَثِ كَفَّ عَنِ الذَّبَائِحِ حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ.

قُلْتُ وَقَولُهُ إِنَّ زَيْدًا فَعَلَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ إِنَّهُ تَلَقَّاهُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّ حَدِيثَ الْبَابِ بَيَّنَ فِيمَا قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَإِنَّ ذَلِك قَالَه زيد بِاجْتِهَادِهِ لَا بِنَقْلٍ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا وَزَيْدٌ يُصَرِّحُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَّبِعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمِلَّةِ الْمَشْهُورَةِ فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ إِنَّهَا كَالْمُمْتَنِعِ لِأَنَّ النَّوَاهِيَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ تَقْرِيرِ الشَّرْعِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُتَعَبِّدًا قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ فَعَلَى هَذَا فَالنَّوَاهِي إِذَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ ذَبَحْنَا شَاةً عَلَى بَعْضِ الْأَنْصَابِ يَعْنِي الْحِجَارَةَ الَّتِي لَيست باصنام وَلَا معبودة وانما هِيَ مِنْ آلَاتِ الْجَزَّارِ الَّتِي يَذْبَحُ عَلَيْهَا لِأَنَّ النُّصُبَ فِي الْأَصْلِ حَجَرٌ كَبِيرٌ فَمِنْهَا مايكون عِنْدَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَصْنَامِ فَيَذْبَحُونَ لَهُ وَعَلَى اسْمِهِ وَمِنْهَا مَا لَا يُعْبَدُ بَلْ يَكُونُ مِنْ آلَاتِ الذَّبْحِ فَيَذْبَحُ الذَّابِحُ عَلَيْهِ لَا لِلصَّنَمِ أَوْ كَانَ امْتِنَاعُ زَيْدٍ مِنْهَا حَسْمًا لِلْمَادَّةِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ





[ قــ :3651 ... غــ :387] .

     قَوْلُهُ  قَالَ مُوسَى هُوَ بن عُقْبَةَ وَالْخَبَرُ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ وَقَدْ شَكَّ فِيهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ مَا أَدْرِي هَذِهِ الْقِصَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْ رِوَايَةِ الْفُضَيْلِ بْنِ مُوسَى أَمْ لَا ثُمَّ سَاقَهَا مُطَوَّلَةً مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَكَذَا أَوْرَدَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَالْفَاكِهِيُّ بِالْإِسْنَادَيْنِ مَعًا .

     قَوْلُهُ  لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا يُحَدِّثُ بِهِ عَن بن عُمَرَ قَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ فِي الذَّبَائِحِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُوسَى بِغَيْرِ شَكٍّ وَسَاقَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَا الثَّانِيَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ بِالشَّكِّ أَيْضًا فَكَانَ الشَّكُّ فِيهِ مِنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ .

     قَوْلُهُ  يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ أَيْ دِينِ التَّوْحِيدِ .

     قَوْلُهُ  وَيَتَّبِعُهُ بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ غين مُعْجَمَةٌ أَيْ يَطْلُبُهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ الْيَهُودِ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الْمَذْكُورِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرٍو مَالِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفُوا عَلَيْكَ أَيْ أَبْغَضُوكَ وَهُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ النُّونِ بَعْدَهَا فَاءٌ قَالَ خَرَجْتُ أَبْتَغِي الدِّينَ فَقَدِمْتُ عَلَى الْأَحْبَارِ فَوَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُشْرِكُونَ بِهِ .

     قَوْلُهُ  فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ أَيْضًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ لِي شَيْخٌ مِنْ أَحْبَارِ الشَّامِ إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ دِينٍ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَعْبُدُ اللَّهَ بِهِ إِلَّا شَيْخًا بِالْجَزِيرَةِ قَالَ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ قَدْ ظَهَرَ بِبِلَادِكَ وَجَمِيعُ مَنْ رَأَيْتَهُمْ فِي ضَلَالٍ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ خَرَجَ فِي أَرْضِكَ نَبِيٌّ أَوْ هُوَ خَارِجٌ فَارْجِعْ وَصَدِّقْهُ وَآمِنْ بِهِ قَالَ زَيْدٌ فَلَمْ أَحُسَّ بِشَيْءٍ بَعْدُ.

قُلْتُ وَهَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زَيْدًا رَجَعَ إِلَى الشَّامِ فَبُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ بِهِ فَرَجَعَ وَمَاتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَا أَسْتَطِيعُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ لِي قُدْرَةً عَلَى عَدَمِ حَمْلِ ذَلِكَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِتَخْفِيفِ النُّونِ ضَمِيرِ الْقَائِلِ وَفِي رِوَايَةٍ بِتَشْدِيدِ النُّونِ بِمَعْنَى الِاسْتِبْعَادِ وَالْمُرَادُ بِغَضَبِ اللَّهِ إِرَادَةُ إِيصَالِ الْعِقَابِ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ الْإِبْعَادُ عَنْ رَحْمَتِهِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا بَرَزَ أَيْ خَارِجَ أَرْضِهِمْ .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فَانْطَلَقَ زَيْدٌ وَهُوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا ثُمَّ يَخِرُّ فَيَسْجُدُ لِلَّهِ





[ قــ :3651 ... غــ :388] .

     قَوْلُهُ  وقَال اللَّيْثُ كتب إِلَى هِشَام أَي بن عُرْوَةَ وَهَذَا التَّعْلِيقُ رُوِّينَاهُ مَوْصُولًا فِي حَدِيثِ زُغْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بزغبة عَن اللَّيْث واخرج بن إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَأَخْرَجَهُ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ .

     قَوْلُهُ  مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي زَادَ أَبُو أُسَامَةَ فِي رِوَايَتِهِ وَكَانَ يَقُولُ إِلَهِي إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَدِينِي دين إِبْرَاهِيم وَفِي رِوَايَة بن أَبِي الزِّنَادِ وَكَانَ قَدْ تَرَكَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ وَترك أكل مَا يذبح على النصب وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَكَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَوْ أَعْلَمُ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيْكَ لَعَبَدْتُكَ بِهِ وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُهُ ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ بِرَاحَتِهِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ هُوَ مَجَازٌ وَالْمُرَادُ بِإِحْيَائِهَا إِبْقَاؤُهَا وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن أَبِي الزِّنَادِ وَكَانَ يَفْتَدِي الْمَوْءُودَةَ أَنْ تَقْتُلَ وَالْمَوْءُودَةُ مَفْعُولَةٌ مِنْ وَأَدَ الشَّيْءَ إِذَا أَثْقَلَ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَ الْوَأْدِ اعْتِبَارًا بِمَا أُرِيدَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَدْفِنُونَ الْبَنَاتِ وَهُنَّ بِالْحَيَاةِ وَيُقَالُ كَانَ أَصْلُهَا مِنَ الْغَيْرَةِ عَلَيْهِنَّ لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الْعَرَبِ حَيْثُ سَبَى بِنْتَ آخَرَ فَاسْتَفْرَشَهَا فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يَفْتَدِيَهَا مِنْهُ فَخَيَّرَهَا فَاخْتَارَتِ الَّذِي سَبَاهَا فَحَلَفَ أَبُوهَا لَيَقْتُلَنَّ كُلَّ بِنْتٍ تُولَدُ لَهُ فَتُبِعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ شَرَحْتُ ذَلِكَ مُطَوَّلًا فِي كِتَابِي فِي الْأَوَائِلِ وَأَكْثَرُ مَنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ مِنَ الْإِمْلَاقِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى