فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب سؤال القاتل حتى يقر، والإقرار في الحدود

( .

     قَوْلُهُ  بَاب سُؤال الْقَاتِل حَتَّى يقر)

وَالْإِقْرَار فِي الْحُدُودِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَبَعْدَهُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيِّ وَالْجَارِيَةِ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَفِيِّ وَكَرِيمَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِحَذْفِ بَابٍ وَقَالُوا بَعْدَ قَوْلِهِ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَإِذًا لَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ الْقَاتِلَ حَتَّى أَقَرَّ وَالْإِقْرَارُ فِي الْحُدُودِ وَصَنِيعُ الْأَكْثَرِ أَشْبَهُ وَقَدْ صَرَّحَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّ التَّرْجَمَةَ الْأُولَى بِلَا حَدِيثٍ قُلْت وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ أَصْلٌ فِي اشْتِرَاطِ التَّكَافُؤِ فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَهُمُ الْكُوفِيُّونَ فَقَالُوا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ الذِّمِّيِّ وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ أَوْلَى فَتُحْمَلُ النَّفْسُ عَلَى الْمُكَافِئَةِ وَيُؤَيِّدُهُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ لَوْ قَذَفَ عَبْدًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ قَالَ وَيُؤْخَذُ الْحُكْمُ مِنَ الْآيَةِ نَفْسِهَا فَإِنَّ فِي آخِرِهَا فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَالْكَافِرُ لَا يُسَمَّى مُتَصَدِّقًا وَلَا مُكَفَّرًا عَنْهُ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَتَصَدَّقُ بِجُرْحِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِسَيِّدِهِ.

     وَقَالَ  أَبُو ثَوْرٍ لَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَانَتِ النَّفْسُ أَوْلَى بِذَلِكَ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ وَأَنَّ الْأُنْثَى تُقْتَلُ بِالذَّكَرِ وَيُقْتَلُ بِهَا إِلَّا أَنَّهُ وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَعَلِيٍّ وَالتَّابِعِينَ كَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الذَّكَرَ إِذَا قَتَلَ الْأُنْثَى فَشَاءَ أَوْلِيَاؤُهَا قَتْلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَلَهُمُ الدِّيَةُ كَامِلَةً قَالَ وَلَا يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ لَكِنْ هُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ أَحَدِ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ وَيَدُلُّ عَلَى التَّكَافُؤِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالْأَعْوَرَ لَوْ قَتَلَهُ الصَّحِيحُ عَمْدًا لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَجِبْ لَهُ بِسَبَبِ عَيْنِهِ أَوْ يَدِهِ دِيَةٌ .

     قَوْلُهُ  فِي التَّرْجَمَةِ سُؤَالُ الْقَاتِلِ حَتَّى يُقِرَّ أَيْ مَنِ اتُّهِمَ بِالْقَتْلِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ



[ قــ :6513 ... غــ :6876] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا همام هُوَ بن يَحْيَى .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ عَنْ هَمَّامٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ حَدَّثَنَا أَنَسٌ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ يَهُودِيًّا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ .

     قَوْلُهُ  رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ الرَّضُّ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّضْخُ بِمَعْنًى وَالْجَارِيَةُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَمَةً وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً لَكِنْ دُونَ الْبُلُوغِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ خَرَجَتْ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ بِالْمَدِينَةِ فَرَمَاهَا يَهُودِيٌّ بِحَجَرٍ وَتَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي الطَّلَاقِ بِلَفْظِ عَدَا يَهُودِيٌّ عَلَى جَارِيَةٍ فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا وَرَضَخَ رَأْسَهَا وَفِيهِ فَأَتَى أَهْلُهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَهَذَا لَا يُعَيِّنُ كَوْنَهَا حُرَّةً لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِأَهْلِهَا مَوَالِيهَا رَقِيقَةً كَانَتْ أَوْ عَتِيقَةً وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا لَكِنْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهَا مِنَ الْأَنْصَارِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ رَضَّ رَأْسَهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ رَمَاهَا بِحَجَرٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ رَضَخَ رَأْسَهَا لِأَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهَا بِأَنَّهُ رَمَاهَا بِحَجَرٍ فَأَصَابَ رَأْسَهَا فَسَقَطَتْ عَلَى حَجَرٍ آخَرَ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  عَلَى أَوْضَاحٍ فَمَعْنَاهُ بِسَبَبِ أَوْضَاحٍ وَهِيَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ وَضَحٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هِيَ حُلِيُّ الْفِضَّةِ وَنَقَلَ عِيَاضٌ أَنَّهَا حُلِيٌّ مِنْ حِجَارَةٍ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ حِجَارَةَ الْفِضَّةِ احْتِرَازًا مِنَ الْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ أَوِ الْمَنْقُوشَةِ .

     قَوْلُهُ  فَقِيلَ لَهَا مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا أَفُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَشْخَاصِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هَمَّامٍ أَفُلَانٌ أَفُلَانٌ بِالتَّكْرَارِ بِغَيْرِ وَاوِ عَطْفٍ وَجَاءَ بَيَانُ الَّذِي خَاطَبَهَا بِذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ بِلَفْظِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانٌ قَتَلَكِ وَبَيْنَ فِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا مَنْ قَتَلَكِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى سَمَّى الْيَهُودِيَّ زَادَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي الْأَشْخَاصِ وَالْوَصَايَا فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِي هَذَا بَيَانُ الْإِيمَاءِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُ كَانَ تَارَةً دَالًّا عَلَى النَّفْيِ وَتَارَةً دَالًّا عَلَى الْإِثْبَاتِ بِلَفْظِ فُلَانٌ قَتَلَكِ فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا فَأَعَادَ فَقَالَ فُلَانٌ قَتَلَكِ فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا فَقَالَ لَهَا فِي الثَّالِثَةِ فُلَانٌ قَتَلَكِ فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ فُلَانًا الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الطَّلَاقِ وَكَذَا الْآتِيَةُ بَعْدَ بَابَيْنِ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لَا قَالَ فَفُلَانٌ لِرَجُلٍ آخَرَ يَعْنِي عَنْ رَجُلٍ آخَرَ فَأَشَارَتْ أَنْ لَا قَالَ فَفُلَانٌ قَاتِلُهَا فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَقَرَّ فِي الْوَصَايَا فَجِيءَ بِهِ يَعْتَرِفُ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى اعْتَرَفَ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَاعْتَرَفَ وَلَا فَأَقَرَّ إِلَّا هَمَّامَ بْنَ يَحْيَى قَالَ الْمُهَلَّبُ فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى أَهْلِ الْجِنَايَاتِ ثُمَّ يَتَلَطَّفَ بِهِمْ حَتَّى يُقِرُّوا لِيُؤْخَذُوا بإقرارهم وَهَذَا بِخِلَاف مَا إِذا جاؤوا تَائِبِينَ فَإِنَّهُ يُعْرِضُ عَمَّنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ إِذَا أَقَرَّ وَسِيَاقُ الْقِصَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْيَهُودِيَّ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِنَّمَا أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ تَجِبُ الْمُطَالَبَةُ بِالدَّمِ بِمُجَرَّدِ الشَّكْوَى وَبِالْإِشَارَةِ قَالَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ وَصِيَّةِ غَيْرِ الْبَالِغِ وَدَعْوَاهُ بِالدَّيْنِ وَالدَّمِ.

قُلْتُ فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَوْنُ الْجَارِيَةِ دُونَ الْبُلُوغِ.

     وَقَالَ  الْمَازِرِيُّ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْقِصَاصَ بِغَيْرِ السَّيْفِ وَقَتْلَ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ.

قُلْتُ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِمَا فِي بَابَيْنِ مُفْرَدَيْنِ قَالَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّدْمِيَةِ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُعْتَبَرْ لَمْ يَكُنْ لِسُؤَالِ الْجَارِيَةِ فَائِدَةٌ قَالَ وَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ مُجَرَّدًا لِأَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّهُ يُفِيدُ الْقَسَامَةَ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى ثُبُوتِ قَتْلِ الْمُتَّهَمِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمَجْرُوحِ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ اعْتَرَفَ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَنَازَعَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَالَ لَمْ يَقُلْ مَالِكٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِهِ بِثُبُوتِ الْقَتْلِ عَلَى الْمُتَّهَمِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمَجْرُوحِ وَإِنَّمَا قَالُوا إِنَّ قَوْلَ الْمُحْتَضَرِ عِنْدَ مَوْتِهِ فُلَانٌ قَتَلَنِي لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ فَيُقْسِمُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مِنْ عَصَبَتِهِ بِشَرْطِ الذُّكُورِيَّةِ وَقَدْ وَافَقَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْجُمْهُورَ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالتَّدْمِيَةِ أَنَّ دَعْوَى مَنْ وَصَلَ إِلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَهِيَ وَقْتُ إِخْلَاصِهِ وَتَوْبَتِهِ عِنْدَ مُعَايَنَةِ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا قَالُوا وَهِيَ أَقْوَى مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ إِذَا وَجَدَ قُرْبَ وَلِيِّهِ الْمَقْتُولِ رَجُلًا مَعَهُ سِكِّينٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ غَيْرَ مَنْ مَعَهُ السِّكِّينُ .

     قَوْلُهُ  فَرَضَّ رَأْسَهُ بِالْحِجَارَةِ أَيْ دَقَّ وَفِي رِوَايَةِ الْأَشْخَاصِ فَرَضَخَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ أَنَّ هَمَّامًا قَالَ كُلًّا مِنَ اللَّفْظَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الَّتِي تَلِيهَا فَقَتَلَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَمَضَى فِي الطَّلَاقِ بِلَفْظِ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْأَشْخَاصِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقُتِلَ بَيْنَ حَجَرَيْنِ قَالَ عِيَاضٌ رَضْخُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَرَمْيُهُ بِالْحِجَارَةِ وَرَجْمُهُ بِهَا بِمَعْنًى وَالْجَامِع أَنه رُمِيَ بِحَجَرٍ أَوْ أَكْثَرَ وَرَأْسُهُ عَلَى آخَرَ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ أَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ حَيَّةً وَالْقَوَدُ لَا يَكُونُ فِي حَيٍّ.
وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَفُلَانٌ قَتَلَكِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا مَاتَتْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَجُودُ بِنَفْسِهَا فَلَمَّا مَاتَتِ اقْتَصَّ مِنْهُ وَادَّعَى بن الْمُرَابِطِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِ الْقَتِيلِ.
وَأَمَّا مَا جَاءَ أَنَّهُ اعْتَرَفَ فَهُوَ فِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ وَهَذَا مِمَّا عُدَّ عَلَيْهِ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَقَتَادَةُ حَافِظٌ زِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِهَا فَلَمْ يَتَعَارَضَا وَالنَّسْخُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الذِّمِّيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُعَاهَدًا أَوْ مستأمنا وَالله أعلم