فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي

( قَولُهُ بَابُ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِيَ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ لِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَقَدْ مَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهَا إِلَى الْجَوَازِ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ انْحَطَّتْ عَلَيْهِمُ الصَّخْرَةُ فِي الْغَارِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ قَوْلُ أَحَدِهِمْ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرْقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ فَأَبَى فَعَمَدْتُ إِلَى الْفَرْقِ فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا فَإِنَّ فِيهِ تَصَرُّفَ الرَّجُلِ فِي مَالِ الْأَجِيرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا ثَمَّرَهُ لَهُ وَنَمَّاهُ وَأَعْطَاهُ أَخَذَهُ وَرَضِيَ وَطَرِيقُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَالْخِلَافُ فِيهِ شَهِيرٌ لَكِنْ يَتَقَرَّرُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاقَهُ مَسَاقَ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ عَلَى فَاعِلِهِ وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَبَيَّنَهُ فَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا وَفِي اقْتِصَارِ الْبُخَارِيِّ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ لِهَذَا الْحُكْمِ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ فِي فَضْلِ الْخَيْلِ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ فِي قِصَّةِ بَيْعِهِ الشَّاةَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِاسْتِدْلَالَ لِهَذَا الْحُكْمِ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِفَرْقٍ فِي الذِّمَّةِ وَلَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ الْفَرْقُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ اسْتَمَرَّ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجَرِ لِأَنَّ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالْقَبْضِ فَلَمَّا تَصَرَّفَ فِيهِ الْمَالِكُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ سَوَاءٌ اعْتَقَدَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَجِيرِهِ ثُمَّ إِنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَا اجْتَمَعَ مِنْهُ على الْأَجِير بِرِضا مِنْهُ وَالله أعلم قَالَ بن بطال وَفِيه دَلِيل على صِحَة قَول بن الْقَاسِمِ إِذَا أَوْدَعَ رَجُلٌ رَجُلًا طَعَامًا فَبَاعَهُ الْمُودَعُ بِثَمَنٍ فَرَضِيَ الْمُودِعُ فَلَهُ الْخِيَارُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَ طَعَامِهِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ قَالَ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ فِيهِ خِيَارٌ وَاسْتَدَلَّ بِهِ لِأَبِي ثَوْرٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّ مَنْ غَصَبَ قَمْحًا فَزَرَعَهُ إِنَّ كُلَّ مَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ مِنَ الْقَمْحِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْحِنْطَةِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْفَرْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ حَدِيثِ أَهْلِ الْغَارِ فِي أَوَاخِرِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَولُهُ



[ قــ :2129 ... غــ :2215] فِي هَذِه الطَّرِيق أخبرنَا بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ فِيهِ إِدْخَال الْوَاسِطَة بَين بن جريج وَنَافِع وبن جريح قَدْ سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنْ نَافِعٍ فَفِيهِ دَلَالَةٌ على قلَّة تَدْلِيس بن جُرَيْجٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مُوسَى مِنْ نَوْعِ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ وَقَولُهُ فِي الْمَتْنِ الْحِلَابُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ آخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ الْإِنَاءُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ أَوِ الْمُرَادُ اللَّبَنُ وَقَولُهُ يَتَضَاغَوْنَ بِمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ يَتَبَاكَوْنَ مِنَ الضُّغَاءِ وَهُوَ الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ وَقَوله فُرْجَة بِضَم الْفَاء وَيجوز الْفَتْح وَالْفرق تقدم فِي الزَّكَاة والذرة بِضَم الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء مَعْرُوف