فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا جَزَاؤُهُ فَجَهَنَّمُ}

( كِتَابُ الدِّيَاتِ)
بِتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ جَمْعُ دِيَةٍ مِثْلُ عِدَاتٍ وَعِدَةٍ وَأَصْلُهَا وَدْيَةٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ تَقُولُ وَدَى الْقَتِيلَ يَدِيهِ إِذَا أَعْطَى وَلِيَّهُ دِيَتَهُ وَهِيَ مَا جُعِلَ فِي مُقَابَلَةِ النَّفْسِ وَسُمِّيَ دِيَةً تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ وَفَاؤُهَا مَحْذُوفَةٌ وَالْهَاءُ عِوَضٌ وَفِي الْأَمْرِ دِ الْقَتِيلَ بِدَالٍ مَكْسُورَةٍ حَسْبُ فَإِنْ وَقَفْتَ قُلْتَ دِهْ وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ تَحْتَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِصَاصِ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ عَلَى مَالٍ فَتَكُونُ الدِّيَةُ أَشْمَلَ وَتَرْجَمَ غَيْرُهُ كِتَابَ الْقِصَاصِ وَأَدْخَلَ تَحْتَهُ الدِّيَاتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْعَمْدِ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ كَذَا لِلْجَمِيعِ لَكِنْ سَقَطَتِ الْوَاوُ الْأُولَى لِأَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفُرْقَانِ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَبَيَانُ الِاخْتِلَافِ هَلْ لِلْقَاتِلِ تَوْبَةٌ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ وَأَخْرَجَ اسْما عيل الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَجَبَتْ حَتَّى نَزَلَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لمن يَشَاء.

قُلْتُ وَعَلَى ذَلِكَ عَوَّلَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي أَنَّ الْقَاتِلَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عُبَادَةَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْقَتْلَ وَالزِّنَا وَغَيْرَهُمَا وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّةُ الَّذِي قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ثُمَّ قَتَلَ الْمُكَمِّلَ مِائَةً وَقَدْ مَضَى فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ مَرْفُوعَة الحَدِيث الأول حَدِيث بن مَسْعُودٍ



[ قــ :6499 ... غــ :6861] أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ إِثْمِ الزُّنَاةِ وَقَولُهُ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ مُطْلَقًا أَعْظَمُ.

قُلْتُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الذَّنْبُ أَعْظَمَ مِنْ غَيْرِهِ وَبَعْضُ أَفْرَادِهِ أَعْظَمَ مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَجْهُ كَوْنِهِ أَعْظَمَ أَنَّهُ جَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ ضَعْفَ الِاعْتِقَادِ فِي أَنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ الحَدِيث الثَّانِي حَدِيث بن عُمَرَ





[ قــ :6500 ... غــ :686] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَلِيٌّ كَذَا لِلْجَمِيعِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ فِي تَقْيِيدِهِ وَلَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْكَلَابَاذِيُّ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّهُ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ لَمْ يُدْرِكْ إِسْحَاقَ بْنَ سَعِيدٍ .

     قَوْلُهُ  لَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَنْ .

     قَوْلُهُ  فِي فُسْحَةٍ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَبِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ سَعَةٍ .

     قَوْلُهُ  مِنْ دِينِهِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الدِّينِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ ذَنْبِهِ فَمَفْهُومُ الْأَوَّلِ أَنْ يَضِيقَ عَلَيْهِ دِينُهُ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِالْوَعِيدِ عَلَى قَتْلِ الْمُؤْمِنِ مُتَعَمِّدًا بِمَا يُتَوَعَّدُ بِهِ الْكَافِرُ وَمَفْهُومُ الثَّانِي أَنَّهُ يَصِيرُ فِي ضِيقٍ بِسَبَبِ ذَنْبِهِ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِبْعَادِ الْعَفْوِ عَنْهُ لاستمراره فِي الضّيق الْمَذْكُور.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ الْفُسْحَةُ فِي الدِّينِ سَعَةُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ حَتَّى إِذَا جَاءَ الْقَتْلُ ضَاقَتْ لِأَنَّهَا لَا تَفِي بِوِزْرِهِ وَالْفُسْحَةُ فِي الذَّنْبِ قَبُولُهُ الْغُفْرَانَ بِالتَّوْبَةِ حَتَّى إِذَا جَاءَ الْقَتْلُ ارْتَفَعَ الْقَبُولُ وَحَاصِله أَنه فسره على رَأْي بن عُمَرَ فِي عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ .

     قَوْلُهُ  مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَا لَمْ يَتَنَدَّ بِدَمٍ حَرَامٍ وَهُوَ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ نُونٍ ثُمَّ دَالٍ ثَقِيلَةٍ وَمَعْنَاهُ الْإِصَابَةُ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْمُخَالَطَةِ وَلَوْ قَلَّتْ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيّ فِي المعجم الْكَبِير عَن بن مَسْعُودٍ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا مثل حَدِيث بن عُمَرَ مَوْقُوفًا أَيْضًا وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا نُزِعَ مِنْهُ الْحَيَاءُ ثُمَّ أورد عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ وَهُوَ الْمَسْعُودِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَد الَّذِي قبله بالسند الْمَذْكُور إِلَى بن عُمَرَ





[ قــ :6501 ... غــ :6863] .

     قَوْلُهُ  إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالرَّاء وَحكى بن مَالِكٍ أَنَّهُ قُيِّدَ فِي الرِّوَايَةِ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَالصَّوَابُ التَّحْرِيكُ وَهِيَ جَمْعُ وَرْطَةٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَهِيَ الْهَلَاكُ يُقَالُ وَقَعَ فُلَانٌ فِي وَرْطَةٍ أَيْ فِي شَيْءٍ لَا يَنْجُو مِنْهُ وَقَدْ فَسَّرَهَا فِي الْخَبَرِ بِقَوْلِهِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  سَفْكُ الدَّمِ أَيْ إِرَاقَتُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَتْلُ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ إِرَاقَةَ الدَّمِ عَبَّرَ بِهِ .

     قَوْلُهُ  بِغَيْرِ حِلِّهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ بِغَيْرِ حَقِّهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلَفْظِ الْآيَة وَهل الْمَوْقُوف على بن عمر منتزع من الْمَرْفُوع فَكَأَن بن عُمَرَ فَهِمَ مِنْ كَوْنِ الْقَاتِلِ لَا يَكُونُ فِي فُسْحَةٍ أَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ فَأَهْلَكَهَا لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِقَوْلِهِ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ بِخِلَافِ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَهُوَ أَشَدُّ فِي الْوَعِيدِ وَزَعَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ غَلَطٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الْغَلَطِ وَأَظُنُّهُ مِنْ جِهَةِ انْفِرَادِ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بِهَا فَقَدْ رَوَاهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ وَغَيْرُهُمَا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ قَتَلَ عَامِدًا بِغَيْرِ حَقٍّ تَزَوَّدْ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ فَإِنَّكَ لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ زَوَالُ الدُّنْيَا كُلِّهَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ لَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا قَالَ بن الْعَرَبِيِّ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْبَهِيمَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْوَعِيدُ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ بِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَكيف بِالْمُسلمِ فَكَيْفَ بِالتَّقِيِّ الصَّالِحِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ





[ قــ :650 ... غــ :6864] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الْأَعْمَشِ هَذَا السَّنَدُ يَلْتَحِقُ بِالثُّلَاثِيَّاتِ وَهِيَ أَعْلَى مَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَهَذَا فِي حُكْمِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَعْمَشَ تَابِعِيٌّ وَإِنْ كَانَ رَوَى هَذَا عَنْ تَابِعِيٍّ آخَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ التَّابِعِيَّ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ صُحْبَةٌ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَوَاخِرِ الرِّقَاقِ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ وَهُوَ أَبُو وَائِلٍ الْمَذْكُورُ قَالَ سَمِعت عبد الله وَهُوَ بن مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ ذَكَرْتُ شَرْحَهُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَطَرِيقَ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْمَرْءُ صَلَاتُهُ وَنُنَبِّهُ هُنَا عَلَى أَنَّ النَّسَائِيَّ أخرجهُمَا فِي حَدِيث وَاحِد أوردهُ من طَرِيق أبي وَائِل عَن بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَوْصُولَةٌ وَهُوَ مَوْصُولٌ حَرْفِيٌّ وَيَتَعَلَّقُ الْجَارُّ بِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوَّلُ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْقَضَاءُ فِي الدِّمَاءِ أَيْ فِي الْأَمْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدِّمَاءِ وَفِيهِ عِظَمُ أَمْرِ الْقَتْلِ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ إِنَّمَا يَقَعُ بِالْأَهَمِّ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَخْتَصُّ بِالنَّاسِ وَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْبَهَائِمِ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ مَفَادَهُ حَصْرُ الْأَوَّلِيَّةِ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ وَلَيْسَ فِيهِ نفي الْقَضَاء بَين الْبَهَائِم مثلا بَعْدَ الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ





[ قــ :6503 ... غــ :6865] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدَانُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ اللَّيْثِيُّ وَعُبَيْدُ الله بالصغير هُوَ بن عدي أَي بن الْخِيَارِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ النَّوْفَلِيُّ لَهُ إِدْرَاكٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ والمقداد بن عَمْرو هُوَ الْمَعْرُوف بن الْأَسْوَدِ .

     قَوْلُهُ  إِنْ لَقِيتُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ إِنِّي لَقِيتُ كَافِرًا فَاقْتَتَلْنَا فَضَرَبَ يَدِي فَقَطَعَهَا وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ وَالَّذِي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمِقْدَادَ عَنِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ بِلَفْظِ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ الْحَدِيثَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْأَكْثَرِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ لَاذَ بِشَجَرَةٍ أَيِ الْتَجَأَ إِلَيْهَا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ وَالشَّجَرَةُ مِثَالٌ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَيْ دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ الْقَتْلُ لَيْسَ سَبَبًا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْآخَرِ لَكِنْ عِنْدَ النُّحَاةِ مُؤَوَّلٌ بِالْإِخْبَارِ أَيْ هُوَ سَبَبٌ لِإِخْبَارِي لَكَ بِذَلِكَ وَعِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ الْمُرَادُ لَازِمُهُ كَقَوْلِهِ يُبَاحُ دَمُكَ إِنْ عَصَيْتَ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكَافِرَ مُبَاحُ الدَّمِ بِحُكْمِ الدِّينِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَإِذَا أَسْلَمَ صَارَ مُصَانَ الدَّمِ كَالْمُسْلِمِ فَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ دَمُهُ مُبَاحًا بِحَقِّ الْقِصَاصِ كَالْكَافِرِ بِحَقِّ الدِّينِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِلْحَاقَهُ فِي الْكُفْرِ كَمَا تَقَوَّلَهُ الْخَوَارِجُ مِنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِ بِالْكَبِيرَةِ وَحَاصِلُهُ اتِّحَادُ الْمَنْزِلَتَيْنِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَأْخَذِ فَالْأَوَّلُ أَنَّهُ مِثْلُكَ فِي صَوْنِ الدَّمِ وَالثَّانِي أَنَّكَ مِثْلُهُ فِي الهدر وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ قَالَ مَعْنَاهُ إِنَّكَ صِرْتَ قَاتِلًا كَمَا كَانَ هُوَ قَاتِلًا قَالَ وَهَذَا مِنَ الْمَعَارِيضِ لِأَنَّهُ أَرَادَ الْإِغْلَاظَ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ دُونَ بَاطِنِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَاتِلٌ وَلَمْ يُرِدْ أَنه صَار كَافِرًا بقتْله إِيَّاه وَنقل بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ مَعْنَاهُ فَقَالَ أَيْ أَنَّكَ بِقَصْدِكَ لِقَتْلِهِ عَمْدًا آثِمٌ كَمَا كَانَ هُوَ بِقَصْدِهِ لِقَتْلِكَ آثِمًا فَأَنْتُمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْعِصْيَانِ وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنْتَ عِنْدَهُ حَلَالُ الدَّمِ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ وَكُنْتَ مِثْلَهُ فِي الْكُفْرِ كَمَا كَانَ عِنْدَكَ حَلَالَ الدَّمِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ بِشَهَادَةِ التَّوْحِيدِ كَمَا أَنَّكَ مَغْفُورٌ لَكَ بِشُهُودِ بَدْرٍ وَنقل بن بطال عَن بن الْقَصَّارِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ أَيْ فِي إِبَاحَةِ الدَّمِ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ رَدْعَهُ وَزَجْرَهُ عَنْ قَتْلِهِ لَا أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا قَالَ أَسْلَمْتُ حَرُمَ قَتْلُهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْكَافِرَ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمُسْلِمَ الَّذِي قَتَلَهُ إِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ قَتْلَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَرَفَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ وَإِنَّمَا قَتَلَهُ مُتَأَوِّلًا فَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي إِبَاحَتِهِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي مُخَالَفَةِ الْحَقِّ وَارْتِكَابِ الْإِثْمِ وَإِنِ اخْتَلَفَ النَّوْعُ فِي كَوْنِ أَحَدِهِمَا كُفْرًا وَالْآخَرِ مَعْصِيَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ إِنْ قَتَلْتَهُ مُسْتَحِلًّا لِقَتْلِهِ فَأَنْتَ مِثْلُهُ فِي الْكُفْرِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِيَّةِ أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ بِشَهَادَةِ التَّوْحِيدِ وَأَنْتَ مَغْفُورٌ لَكَ بِشُهُود بدر وَنقل بن التِّينِ أَيْضًا عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ أَوَّلَهُ عَلَى وَجه آخر فَقَالَ يفسره حَدِيث بن عَبَّاسٍ الَّذِي فِي آخِرِ الْبَابِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّائِذُ بِالشَّجَرَةِ الْقَاطِعُ لِلْيَدِ مُؤْمِنًا يَكْتُمُ إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ غَلَبُوهُ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَأَنْتَ شَاكٌّ فِي قَتْلِكَ إِيَّاهُ أَنَّى يُنْزِلُهُ اللَّهُ مِنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ كَمَا كَانَ هُوَ مَشْكُوكًا فِي إِيمَانِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ قَطَعَ يَدَ الْمُؤْمِنِ وَهُوَ مِمَّنْ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَجَازَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا جَازَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ وَلَوْ أَفْضَى إِلَى قَتْلِ مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَإِنَّ دَمَهُ يَكُونُ هَدَرًا فَلِذَلِكَ لَمْ يُقِدِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَدِ الْمِقْدَادِ لِأَنَّهُ قَطَعَهَا مُتَأَوِّلًا.

قُلْتُ وَعَلَيْهِ مُؤَاخَذَاتٌ مِنْهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ بِهَذَا التَّكَلُّفِ مَعَ ظُهُورِ اخْتِلَافِهِمَا وَإِنَّمَا الَّذِي ينطبق على حَدِيث بن عَبَّاسٍ قِصَّةُ أُسَامَةَ الْآتِيَةُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ حَيْثُ حَمَلَ عَلَى رَجُلٍ أَرَادَ قَتْلَهُ فَقَالَ إِنِّي مُسْلِمٌ فَقَتَلَهُ ظَنًّا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مُتَعَوِّذًا مِنَ الْقَتْلِ وَكَانَ الرَّجُلُ فِي الْأَصْلِ مُسْلِمًا فَالَّذِي وَقَعَ لِلْمِقْدَادِ نَحْوُ ذَلِكَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ.
وَأَمَّا قِصَّةُ قَطْعِ الْيَدِ فَإِنَّمَا قَالَهَا مُسْتَفْتِيًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ وَقَعَتْ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَإِنَّمَا تَضَمَّنَ الْجَوَابُ النَّهْيَ عَنْ قَتْلِهِ لِكَوْنِهِ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فَحُقِنَ دَمُهُ وَصَارَ مَا وَقَعَ مِنْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ عَفْوًا وَمِنْهَا أَنَّ فِي جَوَابِهِ عَنْ الِاسْتِشْكَالِ نَظَرًا لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَدْفَعَ بِالْقَوْلِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمُسْلِمِ قَتْلَهُ إِنِّي مُسْلِمٌ فَيَكُفُّ عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَادِرَ لِقَطْعِ يَدِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ وَنَحْوِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ إِسْلَامِ مَنْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ كَافٍ فِي الْكَفِّ عَلَى أَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهُوَ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ السُّؤَالِ عَنِ النَّوَازِلِ قَبْلَ وُقُوعِهَا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَرْجِيحُهُ.
وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَنْدُرُ وُقُوعُهُ.
وَأَمَّا مَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَادَةً فيشرع السُّؤَال عَنهُ ليعلم الحَدِيث الْخَامِس .

     قَوْلُهُ  وقَال حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ هُوَ الْقَصَّابُ الْكُوفِيُّ لَا يُعْرَفُ اسْمُ أَبِيهِ وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُقَدَّمٍ وَالِدِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيِّ عَنْ حَبِيبٍ وَفِي أَوَّلِهِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فِيهَا الْمِقْدَادُ فَلَمَّا أَتَوْهُمْ وَجَدُوهُمْ تَفَرَّقُوا وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ لَمْ يَبْرَحْ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَهْوَى إِلَيْهِ الْمِقْدَادُ فَقَتَلَهُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مِقْدَادُ قَتَلْتَ رَجُلًا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَكَيْفَ لَكَ بِلَا اله إِلَّا الله فَأنْزل الله يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا الْآيَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمِقْدَادِ كَانَ رَجُلًا مُؤْمِنًا يُخْفِي إِيمَانَهُ إِلَخْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ حَبِيبٌ وَتَفَرَّدَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ عَنْهُ.

قُلْتُ قَدْ تَابَعَ أَبَا بَكْرٍ سُفْيَان الثَّوْريّ لكنه أرْسلهُ أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ عَنِ الثَّوْرِيِّ كَذَلِكَ وَلَفْظُ وَكِيعٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ خَرَجَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ فِي سَرِيَّةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا إِلَى قَوْلِهِ فَنَزَلَتْ وَلَمْ يَذْكُرِ الْخَبَرَ الْمُعَلَّقَ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَبَيَّنْتُ الِاخْتِلَافَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَطَرِيقَ الْجمع وَللَّه الْحَمد (