فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب السواك

( قَولُهُ بَابُ السِّوَاكِ)
هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْآلَةِ وَعَلَى الْفِعْلِ وَهُوَ المُرَاد هُنَا قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ هَذَا التَّعْلِيقُ سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي قِصَّةِ مبيت بن عَبَّاسٍ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ لِيُشَاهِدَ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا بِلَفْظِهِ هَذَا فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ وَاقْتَضَى كَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ بجيد



[ قــ :241 ... غــ :244] قَوْله عَن أبي بردة هُوَ بن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَسْتَنُّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ السِّنِّ بِالْكَسْرِ أَوِ الْفَتْحِ إِمَّا لِأَنَّ السِّوَاكَ يَمُرُّ عَلَى الْأَسْنَانِ أَوْ لِأَنَّهُ يَسُنُّهَا أَيْ يُحَدِّدُهَا .

     قَوْلُهُ  يَقُولُ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ السِّوَاكُ مَجَازًا .

     قَوْلُهُ  أُعْ أُعْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر وَأَشَارَ بن التِّينِ إِلَى أَنَّ غَيْرَهُ رَوَاهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وبن خُزَيْمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ عَنْ حَمَّادٍ بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ عَلَى الْهَمْزَةِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي عَنْ عَارِمٍ وَهُوَ أَبُو النُّعْمَانِ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَلِأَبِي دَاوُدَ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ هَاءٍ وَلِلْجَوْزَقِيِّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ بَدَلَ الْهَاءِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَشْهَرُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الروَاة لتقارب مخارج هَذِه الأحرف وَكلهَا تَرْجِعُ إِلَى حِكَايَةِ صَوْتِهِ إِذْ جَعَلَ السِّوَاكَ عَلَى طَرَفِ لِسَانِهِ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْمُرَادُ طَرَفُهُ الدَّاخِلُ كَمَا عِنْدَ أَحْمَدَ يَسْتَنُّ إِلَى فَوْقُ وَلِهَذَا قَالَ هُنَا كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ وَالتَّهَوُّعُ التَّقَيُّؤُ أَيْ لَهُ صَوْتٌ كَصَوْتِ الْمُتَقَيِّئِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ السِّوَاكِ عَلَى اللِّسَانِ طُولًا أَمَّا الْأَسْنَانُ فَالْأَحَبُّ فِيهَا أَنْ تَكُونَ عَرْضًا وَفِيهِ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَلَهُ شَاهِدٌ مَوْصُولٌ عِنْدَ الْعُقَيْلِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ وَفِيهِ تَأْكِيدُ السِّوَاكِ وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَسْنَانِ وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنْظِيفِ وَالتَّطَيُّبِ لَا مِنْ بَابِ إِزَالَةِ الْقَاذُورَاتِ لِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَفِ بِهِ وَبَوَّبُوا عَلَيْهِ اسْتِيَاكُ الْإِمَامِ بِحَضْرَةِ رَعِيَّتِهِ





[ قــ :4 ... غــ :45] .

     قَوْلُهُ  عَنْ حُذَيْفَةَ هُوَ بن الْيَمَانِ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  يَشُوصُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَالشَّوْصُ بِالْفَتْحِ الْغَسْلُ وَالتَّنْظِيفُ كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْمُحْكَمِ الْغَسْلُ عَنْ كُرَاعٍ وَالتَّنْقِيَةُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ والدلك عَن بن الْأَنْبَارِيِّ وَقِيلَ الْإِمْرَارُ عَلَى الْأَسْنَانِ مِنْ أَسْفَلُ إِلَى فَوْقُ وَاسْتَدَلَّ قَائِلُهُ بِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّوْصَةِ وَهِيَ رِيحٌ تَرْفَعُ الْقَلْبَ عَنْ مَوْضِعِهِ وَعَكسه الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ هُوَ دَلْكُ الْأَسْنَانِ بِالسِّوَاكِ أَوِ الْأَصَابِع عرضا قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ السِّوَاكِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ لِأَنَّ النَّوْمَ مُقْتَضٍ لِتَغَيُّرِ الْفَمِ لِمَا يَتَصَاعَدُ إِلَيْهِ مِنْ أَبْخِرَةِ الْمَعِدَةِ وَالسِّوَاكُ آلَةُ تَنْظِيفِهِ فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ مُقْتَضَاهُ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ عَامٌّ فِي كُلِّ حَالَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَصَّ بِمَا إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ.

قُلْتُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّلَاةِ بِلَفْظِ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ يَشْهَدُ لَهُ وَكَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ السِّرُّ فِي ذِكْرِهِ فِي التَّرْجَمَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَثِيرًا مِنْ أَحْكَامِ السِّوَاكِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الصِّيَامِ كَمَا سَتَأْتِي فِي أَمَاكِنِهَا إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى



( قَولُهُ بَابُ دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الْأَكْبَرِ)
وَقَالَ عَفَّانُ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَا رِوَايَةٍ.

قُلْتُ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ عَفَّانَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقه

[ قــ :4 ... غــ :46] .

     قَوْلُهُ  أَرَانِي بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَوَهِمَ مَنْ ضَمَّهَا وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي رَآنِي بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيِّ عَنْ صَخْرٍ أَرَانِي فِي الْمَنَامِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ فَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنَ الرُّؤْيَا .

     قَوْلُهُ  فَقِيلَ لِي قَائِلُ ذَلِكَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا سَيَذْكُرُ من رِوَايَة بن الْمُبَارَكِ .

     قَوْلُهُ  كَبِّرْ أَيْ قَدِّمِ الْأَكْبَرَ فِي السِّنِّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَيِ الْبُخَارِيُّ اخْتَصَرَهُ أَي الْمَتْن نعيم هُوَ بن حَمَّاد وَأُسَامَة هُوَ بن زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ وَرِوَايَةُ نُعَيْمٍ هَذِهِ وَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ عَنْهُ بِلَفْظِ أَمَرَنِي جِبْرِيلُ أَنْ أُكَبِّرَ وَرَوَيْنَاهَا فِي الْغَيْلَانِيَّاتِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُوسَى عَنْ نُعَيْمٍ بِلَفْظِ أَنْ أُقَدِّمَ الْأَكَابِرَ وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَاب بن الْمُبَارَكِ عَنْهُ بِغَيْرِ اخْتِصَارٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُمْ بِلَفْظِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَنُّ فَأَعْطَاهُ أَكْبَرَ الْقَوْمِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أُكَبِّرَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْقَضِيَّةُ وَقَعَتْ فِي الْيَقَظَةِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِوَايَةِ صَخْرٍ أَنَّ ذَلِكَ لَمَّا وَقَعَ فِي الْيَقَظَةِ أَخْبَرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا رَآهُ فِي النَّوْمِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِذَلِكَ بِوَحْيٍ مُتَقَدِّمٍ فَحَفِظَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَحْفَظْ بَعْضٌ وَيشْهد لرِوَايَة بن الْمُبَارَكِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَنُّ وَعِنْدَهُ رَجُلَانِ فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَن أعْط السِّوَاك الْأَكْبَر قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ تَقْدِيمُ ذِي السِّنِّ فِي السِّوَاكِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالْمَشْيُ وَالْكَلَامُ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ هَذَا مَا لَمْ يَتَرَتَّبِ الْقَوْمُ فِي الْجُلُوس فَإِذا ترتبوا فَالسنة حِينَئِذٍ تَقْدِيم الْأَيْمَنِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ فِيهِ فِي الْأَشْرِبَةِ وَفِيهِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ سِوَاكَ الْغَيْرِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ إِلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَغْسِلَهُ ثُمَّ يَسْتَعْمِلَهُ وَفِيهِ حَدِيثٌ عَنْ عَائِشَةَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي السِّوَاكَ لِأَغْسِلَهُ فَأَبْدَأُ بِهِ فَأَسْتَاكُ ثُمَّ أَغْسِلُهُ ثُمَّ أَدْفَعُهُ إِلَيْهِ وَهَذَا دَالٌّ عَلَى عَظِيمِ أَدَبِهَا وَكَبِيرِ فِطْنَتِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَغْسِلْهُ ابْتِدَاءً حَتَّى لَا يَفُوتَهَا الِاسْتِشْفَاءُ بِرِيقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ غَسَلَتْهُ تَأَدُّبًا وَامْتِثَالًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِأَمْرِهَا بِغَسْلِهِ تَطْيِيبَهُ وَتَلْيِينَهُ بِالْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ