فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قوله: {إذ يبايعونك تحت الشجرة} [الفتح: 18]

قَوْله بَاب هُوَ الَّذِي أنزل السكينَة)
ذكر فِيهِ حَدِيث الْبَراء فِي نزُول السكينَة وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مَعَ شَرْحِهِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ جَابِرٍ



[ قــ :4577 ... غــ :4840] كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْمَغَازِي وَثَانِيهَا قَوْله على بن عبد الله هُوَ بن الْمَدِينِيِّ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ وَهُوَ اللَّبَقِيُّ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ قَافٍ خَفِيفَةٍ وَبِهِ جَزَمَ الْكَلَابَاذِيُّ





[ قــ :4578 ... غــ :4841] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ الْمُزَنِيِّ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَذْفِ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيِ الرَّمْيِ بِالْحَصَى بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَبِ .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيَّ فِي الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَذَا لِأَبِي ذَرٍّ عَنِ السَّرخسِيّ يَأْخُذُ مِنْهُ الْوَسْوَاسُ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ الْمَرْفُوعُ وَالْمَوْقُوفُ الَّذِي عَقَّبَهُ بِهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُمَا بِتَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ بَلْ وَلَا هَذِهِ السُّورَةِ وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْأَوَّلَ لِقَوْلِ الرَّاوِي فِيهِ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ فَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِالتَّرْجَمَةِ وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ وَذَكَرَ الْمَتْنَ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَا الْقَصْدِ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَأَوْرَدَهُ لِبَيَانِ التَّصْرِيحِ بِسَمَاعِ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَهَذَا مِنْ صَنِيعِهِ فِي غَايَةِ الدِّقَّةِ وَحُسْنِ التَّصَرُّفِ فَلِلَّهِ دَرُّهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ نَهَى أَوْ زَجَرَ أَنْ يُبَالَ فِي الْمُغْتَسَلِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ ذِكْرِ الْوَسْوَاسِ الَّتِي عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَهْمٌ نَعَمْ أَخْرَجَ أَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَفَعَهُ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَشْعَثَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الطَّبَرَيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا وَهَذَا التَّعَقُّبُ وَارِدٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَإِسْمَاعِيلُ ضَعِيفٌ الْحَدِيثُ الْثَّالِثُ





[ قــ :4580 ... غــ :4843] .

     قَوْلُهُ  عَنْ خَالِدٍ هُوَ الْحَذَّاءُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ هَكَذَا ذَكَرَ الْقَدْرَ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ فِي إِيرَادِ الْأَشْيَاءِ التَّبَعِيَّةِ بَلْ تَارَةً يَقْتَصِرُ عَلَى مَوْضِعِ الْحَاجَةِ مِنَ الْحَدِيثِ وَتَارَةً يَسُوقُهُ بِتَمَامِهِ فَكَأَنَّهُ يَقْصِدُ التَّفَنُّنَ بِذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِحَدِيثِ ثَابِتٍ الْمَذْكُورِ طَرِيقٌ أُخْرَى فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ الْحَدِيثُ الْرَّابِعُ





[ قــ :4581 ... غــ :4844] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَعْلَى هُوَ بن عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيِّ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ بِمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ خَفِيفَةٍ وَآخِرُهُ هَاءٌ مُنَوَّنَةٌ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْجِزْيَةِ .

     قَوْلُهُ  أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ أَسْأَلُهُ لَمْ يَذْكُرِ الْمَسْئُولَ عَنْهُ وَبَيَّنَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ وَلَفْظُهُ أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فِي مَسْجِدِ أَهْلِهِ أَسْأَلُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ يَعْنِي الْخَوَارِجَ قَالَ كُنَّا بِصِفِّينَ فَقَالَ رَجُلٌ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ كُنَّا بِصِفِّينَ هِيَ مَدِينَةٌ قَدِيمَةٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ بَيْنَ الرَّقَّةِ وَمَنْبِجَ كَانَتْ بِهَا الْوَاقِعَةُ الْمَشْهُورَةُ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ رَجُلٌ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ سَاقَ أَحْمَدُ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ هَذَا الرَّجُلُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمَّا كَادَ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَغْلِبُونَهُمْ أَشَارَ عَلَيْهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ وَالدُّعَاءِ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا فِيهَا وَأَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ تَقَعَ الْمُطَاوَلَةُ فَيَسْتَرِيحُوا مِنَ الشِّدَّةِ الَّتِي وَقَعُوا فِيهَا فَكَانَ كَمَا ظَنَّ فَلَمَّا رَفَعُوهَا وَقَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ وَسَمِعَ مَنْ بِعَسْكَرِ عَلِيٍّ وَغَالِبُهُمْ مِمَّنْ يَتَدَيَّنُ قَالَ قَائِلُهُمْ مَا ذُكِرَ فَأَذْعَنَ عَلِيٌّ إِلَى التَّحْكِيمِ مُوَافَقَةً لَهُمْ وَاثِقًا بِأَنَّ الْحَقَّ بِيَدِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فَذَكَرَ الزِّيَادَةَ نَحْوَ مَا أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ كُنَّا بِصِفِّينَ قَالَ فَلَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِأَهْلِ الشَّامِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ أَرْسِلِ الْمُصْحَفَ إِلَى عَلِيٍّ فَادْعُهُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَنْ يَأْبَى عَلَيْكَ فَأَتَى بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أَوْلَى بِذَلِكَ بَيْنَنَا كِتَابُ اللَّهِ فَجَاءَتْهُ الْخَوَارِجُ وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءُ وَسُيُوفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا نَنْتَظِرُ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَلَا نَمْشِيَ إِلَيْهِمْ بِسُيُوفِنَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ عَلِيٌّ نَعَمْ زَادَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ أَنَا أَوْلَى بِذَلِكَ أَيْ بِالْإِجَابَةِ إِذَا دُعِيتُ إِلَى الْعَمَلِ بِكِتَابِ اللَّهِ لِأَنَّنِي وَاثِقٌ بِأَنَّ الْحَقَّ بِيَدِي .

     قَوْلُهُ  وقَال سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ أَيْ فِي هَذَا الرَّأْيِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ أَنْكَرُوا التَّحْكِيمَ وَقَالُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ فَقَالَ عَلِيٌّ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ وَأَشَارَ عَلَيْهِمْ كِبَارُ الصَّحَابَةِ بِمُطَاوَعَةِ عَلِيٍّ وَأَنْ لَا يُخَالَفَ مَا يُشِيرُ بِهِ لِكَوْنِهِ أَعْلَمَ بِالْمَصْلَحَةِ وَذَكَرَ لَهُمْ سَهْلَ بْنُ حُنَيْفٍ مَا وَقَعَ لَهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَّهُمْ رَأَوْا يَوْمَئِذٍ أَنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى الْقِتَالِ وَيُخَالِفُوا مَا دُعُوا إِلَيْهِ مِنَ الصُّلْحِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْأَصْلَحَ هُوَ الَّذِي كَانَ شَرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي كِتَابِ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُدَيْبِيَةِ مُسْتَوفى فِي كتاب الشُّرُوط