فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا»

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا)
قَالَهُ أَبُو سعيد يُشِير إِلَى حَدِيثه السَّابِق قبل بِبَاب ثمَّ ذكر المُصَنّف فِي الْبَاب أَحَادِيث الحَدِيث الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ مِنْ طُرُقٍ ثَلَاثَةٍ الْأُولَى .

     قَوْلُهُ  لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا زَادَ فِي حَدِيثِ أبي سعيد غير رَبِّي وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا وَقَدْ تَوَارَدَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ عَلَى نَفْيِ الْخُلَّةِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ إِنَّ أَحْدَثَ عَهْدِي بِنَبِيِّكُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسٍ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا وَقَدِ اتَّخَذَ مِنْ أُمَّتِهِ خَلِيلًا وَإِنَّ خَلِيلِي أَبُو بَكْرٍ أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا أَخْرَجَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ فِي فَوَائِدِهِ وَهَذَا يُعَارِضُهُ مَا فِي رِوَايَةِ جُنْدَبٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَمَا قَدَّمْتُهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ فَإِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ أُبَيٍّ أَمْكَنَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَمَّا بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ تَوَاضُعًا لِرَبِّهِ وَإِعْظَامًا لَهُ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِمَا رَأَى مَنْ تَشَوُّفِهِ إِلَيْهِ وَإِكْرَامًا لِأَبِي بَكْرٍ بِذَلِكَ فَلَا يَتَنَافَى الْخَبَرَانِ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ نَحْوَ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ دُونَ التَّقْيِيدِ بِالْخَمْسِ أَخْرَجَهُ الْوَاحِدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَالْخَبَرَانِ وَاهِيَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :3489 ... غــ :3656] .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي فِي رِوَايَةِ خَيْثَمَةَ فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي فِي اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهَا قَبْلَ بَابٍ وَقَولُهُ



( قَولُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يَقْبَلِ الْهَدِيَّةَ لِعِلَّةٍ)
أَيْ بِسَبَبٍ يَنْشَأُ عَنْهُ الرِّيبَةُ كَالْقَرْضِ وَنَحْوِهِ .

     قَوْلُهُ  وقَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَخْ وَصله بن سَعْدٍ بِقِصَّةٍ فِيهِ فَرَوَى مِنْ طَرِيقِ فُرَاتِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ اشْتَهَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التُّفَّاحَ فَلَمْ يَجِدْ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَشْتَرِي بِهِ فَرَكِبْنَا مَعَهُ فَتَلَقَّاهُ غِلْمَانُ الدَّيْرِ بِأَطْبَاقِ تُفَّاحٍ فَتَنَاوَلَ وَاحِدَةً فَشَمَّهَا ثُمَّ رَدَّ الْأَطْبَاقَ فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ فَقُلْتُ أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقْبَلُونَ الْهَدِيَّةَ فَقَالَ إِنَّهَا لِأُولَئِكَ هَدِيَّةٌ وَهِيَ لِلْعُمَّالِ بَعْدَهُمْ رِشْوَةٌ وَوَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى وَقَولُهُ رِشْوَةٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَهِيَ مَا يُؤْخَذ بِغَيْر عوض ويعاب أَخذه.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ الرِّشْوَةُ كُلُّ مَالٍ دُفِعَ لِيَبْتَاعَ بِهِ مِنْ ذِي جَاهٍ عَوْنًا عَلَى مَا لَا يَحِلُّ وَالْمُرْتَشِي قَابِضُهُ وَالرَّاشِي مُعْطِيهِ وَالرَّائِشُ الْوَاسِطَةُ وَقَدْ ثَبَتَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي لَعْنِ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ وَالرَّائِشُ وَالرَّاشِي ثُمَّ قَالَ الَّذِي يُهْدِي لَا يَخْلُو أَنْ يَقْصِدَ وُدَّ الْمُهْدَى إِلَيْهِ أَوْ عَوْنَهُ أَوْ مَالَهُ فَأَفْضَلُهَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّعُ بِذَلِكَ الزِّيَادَةَ عَلَى وَجْهٍ جَمِيلٍ وَقَدْ تُسْتَحَبُّ إِنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَالْمُهْدِي لَا يَتَكَلَّفُ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَقَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِلْمَوَدَّةِ وَعَكْسِهَا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنْ كَانَ لِمَعْصِيَةٍ فَلَا يَحِلُّ وَهُوَ الرِّشْوَةُ وَإِنْ كَانَ لِطَاعَةٍ فَيُسْتَحَبُّ وَإِنْ كَانَ لِجَائِزٍ فَجَائِزٌ لَكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُهْدَى لَهُ حَاكِمًا وَالْإِعَانَةُ لِدَفْعِ مَظْلِمَةٍ أَوْ إِيصَالِ حَقٍّ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ الْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ حَاكِمًا فَهُوَ حَرَامٌ اه مُلَخَّصًا وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ عُمَرُ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ مَرْفُوعًا هَدَايَا الْعُمَّالُ غُلُولٌ وَفِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ضَعِيفَةٌ وَهَذَا مِنْهَا وَقِيلَ إِنَّهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى مِنْ قِصَّةِ بن اللُّتْبِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ ثَانِيَ حَدِيثَيِ الْبَابِ وَفِي الْبَابِ عَن أبي هُرَيْرَة وبن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ ثَلَاثَتُهَا فِي الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ فِي قِصَّةِ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْحَجِّ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ فِي قصَّة بن اللُّتْبِيَّةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَبَقَ فِي أَوَاخِرِ الزَّكَاةِ تَسْمِيَتُهُ وَضَبْطُ اللُّتْبِيَّةِ وَوَجْهُ دُخُولِهِمَا فِي التَّرْجَمَةِ ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الصَّعْبِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ قَبُولِهِ هَدِيَّتَهُ لِكَوْنِهِ كَانَ مُحْرِمًا وَالْمُحْرِمُ لَا يَأْكُلُ مَا صِيدَ لِأَجْلِهِ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمُهَلَّبُ رَدَّ هَدِيَّةِ مَنْ كَانَ مَالُهُ حَرَامًا أَوْ عُرِفَ بِالظُّلْمِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ فَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَابَ على بن اللُّتْبِيَّةِ قَبُولَهُ الْهَدِيَّةَ الَّتِي أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ كَانَ عَامِلًا وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ أَنَّهُ لَوْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ فِي تِلْكِ الْحَالَةِ لَمْ تُكْرَهْ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِغَيْرِ رِيبَة قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ أَنَّ هَدَايَا الْعُمَّالِ تُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُهَا إِلَّا إِنْ طَلَبَهَا لَهُ الْإِمَامُ وَفِيهِ كَرَاهَةُ قَبُولِ هَدِيَّةِ طَالِبِ الْعِنَايَةِ وَقَولُهُ



[ قــ :3490 ... غــ :3657] فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ حَتَّى نَظَرْتُ عُفْرَةَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْفَاءِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَهِيَ بَيَاضٌ لَيْسَ بالناصع



[ قــ :3490 ... غــ :3657] فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ التَّنُوخِيُّ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْخَلِيلِ فِي تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَوَدَّةِ وَالْخُلَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالصَّدَاقَةِ هلْ هِيَ مُتَرَادِفَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْخُلَّةُ أَرْفَعُ رُتْبَةً وَهُوَ الَّذِي يُشْعِرُ بِهِ حَدِيثُ الْبَابِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَلِيلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ وَقَدْ ثَبَتَتْ مَحَبَّتُهُ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ كَأَبِي بَكْرٍ وَفَاطِمَةَ وَعَائِشَةَ وَالْحَسَنَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا اتِّصَافُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْخُلَّةِ وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَحَبَّةِ فَتَكُونُ الْمَحَبَّةُ أَرْفَعَ رُتْبَةً مِنَ الْخُلَّةِ لِأَنَّهُ يُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ثَبَتَ لَهُ الْأَمْرَانِ مَعًا فَيَكُونُ رُجْحَانُهُ مِنَ الْجِهَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيُّ الْخَلِيلُ هُوَ الَّذِي يُوَافِقُكَ فِي خِلَالِكَ وَيُسَايِرُكَ فِي طَرِيقِكَ أَوِ الَّذِي يَسُدُّ خَلَلَكَ وَتَسُدُّ خَلَلَهُ أَوْ يُدَاخِلُكَ خِلَالَ مَنْزِلِكَ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ اشْتِقَاقُهُ مِمَّا ذُكِرَ وَقِيلَ أَصْلُ الْخُلَّةِ انْقِطَاعُ الْخَلِيلِ إِلَى خَلِيلِهِ وَقِيلَ الْخَلِيلُ مَنْ يَتَخَلَّلُهُ سِرُّكَ وَقِيلَ مَنْ لَا يَسَعُ قَلْبُهُ غَيْرَكَ وَقِيلَ أَصْلُ الْخُلَّةِ الِاسْتِصْفَاءُ وَقِيلَ الْمُخْتَصُّ بِالْمَوَدَّةِ وَقِيلَ اشْتِقَاقُ الْخَلِيلِ مِنَ الْخَلَّةِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَهِيَ الْحَاجَةُ فَعَلَى هَذَا فَهُوَ الْمُحْتَاجُ إِلَى مَنْ يُخَالُّهُ وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ أَمَّا خُلَّةُ اللَّهِ للْعَبد فبمعنى نَصره لَهُ ومعاونته الحَدِيث الثَّالِث حَدِيث بن الزُّبَيْرِ فِي الْمَعْنَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ مِنْهُ بِالْجَدِّ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَتَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بَعْضُ أَهْلِهَا وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عتبَة بن مَسْعُود وَكَانَ بن الزُّبَيْرِ جَعَلَهُ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ كُنْتُ عِنْد عبد الله بن عتبَة وَكَانَ بن الزُّبَيْرِ جَعَلَهُ عَلَى الْقَضَاءِ فَجَاءَهُ كِتَابُهُ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْجَدِّ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنَّهُ أَخِي فِي الدِّينِ وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ احْمَد من طَرِيق بن جريج عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا سِوَى اللَّهِ حَتَّى أَلْقَاهُ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ





[ قــ :349 ... غــ :3659] .

     قَوْلُهُ  أَتَتِ امْرَأَةٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا .

     قَوْلُهُ  أَرَأَيْتَ أَيْ أَخْبِرْنِي .

     قَوْلُهُ  إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ الْبِلَاذَرِيِّ قَالَتْ فَإِنْ رَجَعْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ تُعَرِّضُ بِالْمَوْتِ وَكَذَا عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق بن مَعْمَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ يُقَوِّي جَزْمَ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّهُ كَلَامٌ جَيِّدٌ وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ الْآتِي ذِكْرُهَا فِي الْأَحْكَامِ كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ وَمُرَادُهَا إِنْ جِئْتُ فَوَجَدْتُكَ قَدْ مِتَّ مَاذَا أَعْمَلُ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ قَائِلِ كَأَنَّهَا فَجَزَمَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ رَاوِي الْحَدِيثِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ مَنْ دُونَهُ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَى مَنْ نَدْفَعُ صَدَقَاتِ أَمْوَالِنَا بَعْدَكَ قَالَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهَذَا لَو ثَبت كَانَ أصرح فِي حَدِيث الْبَاب من الْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ لَكِنْ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ وَرَوَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيًّا فَسَأَلَهُ إِنِ أَتَى عَلَيْهِ أَجَلُهُ مَنْ يَقْضِيهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ سَأَلَهُ مَنْ يَقْضِيهِ بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُخْتَصَرًا وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مَوَاعِيدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّى الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ تَنْجِيزُهَا وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى اسْتِخْلَافِ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الْخَامِسُ





[ قــ :3493 ... غــ :3660] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ هُوَ الْمَرْوَزِيُّ بَغْدَادِيُّ الْأَصْلِ يُكَنَّى أَبَا سُلَيْمَانَ وَاسْمُ أَبِيهِ سُلَيْمَانُ وَصَفَهُ أَبُو زُرْعَةَ بِالْحِفْظِ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ إِسْلَامِ أَبِي بَكْرٍ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ بِالْجِيمِ هُوَ الْكُوفِيُّ قَوَّاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَجَمَاعَةٌ وَلَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَوَبَرَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُوَحَّدَةِ تَابِعِيٌّ صَغِير قَوْله عَن همام هُوَ بن الْحَارِثِ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ جَهْوَرِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ سَمِعْتُ هَمَّامَ بْنِ الْحَارِثِ وَهُوَ من كبار التَّابِعين وعمار هُوَ بن يَاسِرٍ وَالْإِسْنَادُ مِنْ إِسْمَاعِيلَ فَصَاعِدًا كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  وَمَا مَعَهُ أَيْ مِمَّنْ أَسْلَمَ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا خَمْسَةَ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ أَمَّا الْأَعْبُدُ فَهُمْ بِلَالٌ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّهُ أَسْلَمَ قَدِيمًا مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ كَانَ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ فَاشْتَرَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَعْتَقَهُ وَأَبُو فُكَيْهَةَ مَوْلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ذَكَرَ بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ أَسْلَمَ حِينَ أَسْلَمَ بِلَالٌ فَعَذَّبَهُ أُمَيَّةُ فَاشْتَرَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْتَقَهُ.
وَأَمَّا الْخَامِسُ فَيحْتَمل ان يُفَسر بشقران فقد ذكر بن السَّكَنِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَهُ مِنْ أَبِيهِ هُوَ وَأُمَّ أَيْمَنَ وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بَدَلَ أَبِي فُكَيْهَةَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يكون مِنْهُم أَبوهُ وَأمه فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ كَانُوا مِمَّنْ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ وَأُمُّهُ أَوَّلُ مَنِ اسْتُشْهِدَتْ فِي الْإِسْلَامِ طَعَنَهَا أَبُو جهل فِي قَلبهَا بِحَرْبَةٍ فَمَاتَتْ.
وَأَمَّا الْمَرْأَتَانِ فَخَدِيجَةُ وَالْأُخْرَى أُمُّ أَيْمَنَ أَوْ سُمَيَّةُ وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا تَبَعًا لِلدِّمْيَاطِيِّ أَنَّهَا أُمُّ الْفَضْلِ زَوْجِ الْعَبَّاسِ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي السَّابِقِينَ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَعُدَّ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى الْعَبَّاسِ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ حِينَ أَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ كَذَا عِنْد بن إِسْحَاقَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْأَحْرَارِ مُطْلَقًا وَلَكِنَّ مُرَادَ عَمَّارٍ بِذَلِكَ مِمَّنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ حِينَئِذٍ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا يُخْفُونَهُ مِنْ أَقَارِبِهِمْ وَسَيَأْتِي قَوْلُ سَعْدٍ انه كَانَ ثلث الْإِسْلَام وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ الىمن اطَّلَعَ عَلَى إِسْلَامِهِ مِمَّنْ سَبَقَ إِسْلَامُهُ الْحَدِيثُ السَّادِسُ





[ قــ :3494 ... غــ :3661] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ هُوَ الدِّمَشْقِيُّ ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَكُلُّهُمْ دِمَشْقِيُّونَ وَبُسْرٌ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْمُهْمَلَةِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّفْسِيرِ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ سَأَلْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ .

     قَوْلُهُ  أَمَّا صَاحِبُكُمْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَمَّا صَاحِبُكَ بِالْإِفْرَادِ .

     قَوْلُهُ  فَقَدْ غَامَرَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ خَاصَمَ وَالْمَعْنَى دَخَلَ فِي غَمْرَةِ الْخُصُومَةِ وَالْغَامِرُ الَّذِي يَرْمِي بِنَفْسِهِ فِي الْأَمْرِ الْعَظِيمِ كَالْحَرْبِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْغِمْرِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْحِقْدُ أَيْ صَنَعَ أَمْرًا اقْتَضَى لَهُ أَنْ يَحْقِدَ عَلَى مَنْ صَنَعَهُ مَعَهُ وَيَحْقِدُ الْآخَرُ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْأَعْرَافِ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ غَامَرَ أَيْ سَبَقَ بِالْخَيْرِ وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ عَن أبي ذَر وهوتفسير مُسْتَغْرَبٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَقَدْ عَزَاهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْمُثَنَّى أَيْضًا فَهُوَ سَلَفُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَقَسِيمُ قَوْلِهِ أَمَّا صَاحِبُكُمْ مَحْذُوفٌ أَيْ.
وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا .

     قَوْلُهُ  فَسَلَّمَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مِنَ السَّلَامِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ حَتَّى سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الرَّدِّ وَهُوَ مِمَّا يُحْذَفُ للْعلم بِهِ قَوْله كَانَ بيني وَبَين بن الْخَطَّابِ شَيْءٌ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي التَّفْسِيرِ مُحَاوَرَةٌ وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُرَاجَعَةٌ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى مُعَاتَبَةٌ وَفِي لَفْظٍ مُقَاوَلَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَانْصَرَفَ عَنْهُ مُغْضَبًا فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ نَدِمْتُ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ عَلَى مَا كَانَ .

     قَوْلُهُ  فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي التَّفْسِيرِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ .

     قَوْلُهُ  فَأَبَى عَلَيَّ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ فَتَبِعْتُهُ إِلَى الْبَقِيعِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ دَارِهِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنِ الْهِسِنْجَانِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَتَحَرَّزَ مِنِّي بِدَارِهِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ فَاعْتَذَرَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثًا أَيْ أَعَادَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

     قَوْلُهُ  يَتَمَعَّرُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ تَذْهَبُ نَضَارَتُهُ مِنَ الْغَضَبِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْعَرِّ وَهُوَ الْجَرَبُ يُقَالُ أَمْعَرَ الْمَكَانُ إِذَا أَجْرَبَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَتَمَغَّرُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَحْمَرُّ مِنَ الْغَضَبِ فَصَارَ كَالَّذِي صُبِغَ بِالْمَغْرَةِ وَلِلْمُؤَلِّفِ فِي التَّفْسِيرِ وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَجَلَسَ عُمَرُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَحَوَّلَ فَجَلَسَ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ قَامَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى إِعْرَاضَكَ إِلَّا لِشَيْءٍ بَلَغَكَ عَنِّي فَمَا خَيْرُ حَيَاتِي وَأَنْتَ مُعْرِضٌ عَنِّي فَقَالَ أَنْتَ الَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْكَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تقبل مِنْهُ وَوَقع فِي حَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ يَسْأَلُكَ أَخُوكَ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ فَلَا تَفْعَلْ فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا مِنْ مَرَّةٍ يَسْأَلُنِي إِلَّا وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ لَهُ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ بَعْدَكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُمَرَ مَا يَكْرَهُ .

     قَوْلُهُ  فَجَثَا بِالْجِيمِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَيْ بَرَكَ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ فِي الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ الَّذِي بَدَأَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْقِصَّةِ .

     قَوْلُهُ  مَرَّتَيْنِ أَيْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ مَرَّتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فَيَكُونُ مُعَلَّقًا بِقَوْلِهِ كُنْتُ أَظْلَمَ .

     قَوْلُهُ  وَوَاسَانِي فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ وَاسَانِي وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَهُوَ مِنَ الْمُوَاسَاةِ وَهِيَ بِلَفْظِ الْمُفَاعَلَةِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يَجْعَلُ يَدَهُ وَيَدَ صَاحِبِهِ فِي مَالِهِ سَوَاءً .

     قَوْلُهُ  تَارِكُو لِي صَاحِبِي فِي التَّفْسِيرِ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي وَهِيَ الْمُوَجَّهَةُ حَتَّى قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ إِنَّ حَذْفَ النُّونِ مِنْ خَطَأِ الرُّوَاةِ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ لَيْسَتْ مُضَافَةً وَلَا فِيهَا أَلِفٌ وَلَامٌ وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْحَذْفُ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ وَوَجَّهَهَا غَيْرُهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ صَاحِبِي مُضَافًا وَفُصِلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عِنَايَةً بِتَقْدِيمِ لَفْظِ الْإِضَافَةِ وَفِي ذَلِكَ جَمْعَ بَيْنَ إِضَافَتَيْنِ إِلَى نَفْسِهِ تَعْظِيمًا لِلصِّدِّيقِ وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ بن عَامِرٍ وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادَهُمْ شُرَكَائِهِمْ بِنَصْبِ أَوْلَادَهُمْ وَخَفْضِ شُرَكَائِهِمْ وَفَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافَيْنِ بِالْمَفْعُولِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ اسْتَطَالَ الْكَلَامَ فَحَذَفَ النُّونَ كَمَا يُحْذَفُ مِنَ الْمَوْصُولِ الْمُطَوَّلِ وَمِنْهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وخضتم كَالَّذي خَاضُوا .

     قَوْلُهُ  مَرَّتَيْنِ أَيْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ مَرَّتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

     قَوْلُهُ  فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا أَيْ لِمَا أَظْهَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ مِنْ تَعْظِيمِهِ وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَوَقَعَ لِأَبِي بَكْرٍ مَعَ رَبِيعَةَ بْنِ جَعْفَرَ قِصَّةٌ نَحْوَ هَذِهِ فَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ رَبِيعَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ أَرْضًا وَأَعْطَى أَبَا بَكْرٍ أَرْضًا قَالَ فَاخْتَلَفَا فِي عَذْقِ نَخْلَةٍ فَقُلْتُ أَنَا هِيَ فِي حَدِّي.

     وَقَالَ  أَبُو بَكْرٍ هِيَ فِي حَدِّي فَكَانَ بَيْنَنَا كَلَامٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ كَلِمَةً ثُمَّ نَدِمَ فَقَالَ رُدَّ عَلَيَّ مِثْلَهَا حَتَّى يَكُونَ قِصَاصًا فَأَبَيْتُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَالك وَلِلصِّدِّيقِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فَقَالَ أَجَلْ فَلَا تَرُدَّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ قُلْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ فَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ يَبْكِي وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ فَضْلُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَأَنَّ الْفَاضِلَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُغَاضِبَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَفِيهِ جَوَازُ مَدْحِ الْمَرْءِ فِي وَجْهِهِ وَمَحَلُّهُ إِذَا أُمِنَ عَلَيْهِ الِافْتِتَانُ وَالِاغْتِرَارُ وَفِيهِ ماطبع عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنَ الْبَشَرِيَّةِ حَتَّى يَحْمِلُهُ الْغَضَبَ عَلَى ارْتِكَابِ خِلَافِ الْأَوْلَى لَكِنِ الْفَاضِلُ فِي الدِّينِ يُسْرِعُ الرُّجُوعَ إِلَى الْأَوْلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى ان الَّذين اتَّقوا إِذا مسهم طيف من الشَّيْطَان تَذكرُوا وَفِيهِ أَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ وَلَوْ بَلَغَ مِنَ الْفَضْلِ الْغَايَةَ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ سُؤَالِ الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّحَلُّلِ مِنَ الْمَظْلُومِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ غَضِبَ عَلَى صَاحِبِهِ نَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ بِاسْمِهِ وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لَمَّا جَاءَ وَهُوَ غَضْبَانَ مِنْ عمر كَانَ بيني وَبَين بن الْخَطَّابِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ بِاسْمِهِ وَنَظِيرُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم الا إِن كَانَ بن أَبِي طَالِبٍ يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ وَفِيهِ أَنَّ الرُّكْبَةَ لَيْسَتْ عَوْرَةً الْحَدِيثُ السَّابِعُ





[ قــ :3495 ... غــ :366] .

     قَوْلُهُ  خَالِدٌ الْحَذَّاءِ حَدَّثَنَا هُوَ مِنْ تَقْدِيمِ الِاسْمِ عَلَى الصِّفَةِ وَقَدِ اسْتَعْمَلُوهُ كَثِيرًا وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ إِلَّا الصَّحَابِيَّ وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ .

     قَوْلُهُ  بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا بِفَتْحِ الْأُولَى عَلَى لَفْظِ جَمْعِ السِّلْسِلَةِ وَضَبَطَهُ كَذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ قِيلَ سُمِّيَ الْمَكَانُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ رَمْلٌ بعضه على بعض كالسلسلة وضبطها بن الْأَثِيرِ بِالضَّمِّ.

     وَقَالَ  هُوَ بِمَعْنَى السِّلْسَالِ أَيِ السَّهْلُ وَسَيَأْتِي شَرْحُهَا وَتَسْمِيَتُهَا فِي الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ زَادَ فِي رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَا رَسُولَ الله فَأَحبهُ أخرجه بن عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ إِسْمَاعِيل عَن قيس وَقع عِنْد بن سَعْدٍ سَبَبُ هَذَا السُّؤَالِ وَأَنَّهُ وَقَعَ فِي نَفْسِ عَمْرٍو لَمَّا أَمَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجَيْشِ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عِنْدَهُ فِي الْمَنْزِلَةِ عَلَيْهِمْ فَسَأَلَهُ لِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ فِي رِوَايَة قيس بن أبي حَازِم عَن عَمْرو عِنْد بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ.

قُلْتُ إِنِّي لَسْتُ أَعْنِي النِّسَاءَ إِنِّي اعني الرِّجَال وَفِي حَدِيث أنس عِنْد بن حِبَّانَ أَيْضًا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قِيلَ لَهُ لَيْسَ عَنْ أَهْلِكَ نَسْأَلُكَ وَعُرِفَ بِحَدِيثِ عُمَرَ اسْمُ السَّائِلِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَعَدَّ رِجَالًا زَادَ فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ.

قُلْتُ لِعَائِشَةَ أَيُّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ قَالَتْ أَبُو بَكْرٍ.

قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَتْ عُمَرُ.

قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَتْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.

قُلْتُ ثُمَّ مَنْ فَسَكَتَتْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّرَ بَعْضُ الرِّجَالِ الَّذِينَ أُبْهِمُوا فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِأَبِي عُبَيْدَةَ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا وَهِيَ تَقُولُ وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبِي الْحَدِيثُ فَيَكُونُ عَلِيٌّ مِمَّنْ أَبْهَمَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ يُعَارِضُ حَدِيثَ عَمْرٍو لَكِنْ يُرَجَّحُ حَدِيثَ عَمْرٍو أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مِنْ تَقْرِيرِهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِاخْتِلَافِ جِهَةِ الْمَحَبَّةِ فَيَكُونُ فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُمُومِهِ بِخِلَافِ عَلِيٍّ وَيَصِحُّ حِينَئِذٍ دُخُولُهُ فِيمَنْ أَبْهَمَهُ عَمْرٌو وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَقُولَ كَمَا تَقُولُ الرَّافِضَةُ مِنْ إِبْهَامِ عَمْرٍو فِيمَا رَوَى لِمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَدْ كَانَ النُّعْمَانُ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَلِيٍّ وَلَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنَ التَّحْدِيثِ بِمَنْقَبَةِ عَلِيٍّ وَلَا ارْتِيَابَ فِي أَنَّ عَمْرًا أَفْضَلُ مِنَ النُّعْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الثَّامِنُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الذِّئْبِ الَّذِي كَلَّمَ الرَّاعِيَ وَفِي قِصَّةِ الْبَقَرَةِ الَّتِي كَلَّمَتْ مَنْ حَمَّلَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا فِي إِسْنَادِهِ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ





[ قــ :3496 ... غــ :3663] .

     قَوْلُهُ  بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ الْحَدِيثُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الرَّاعِي وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْحَدِيثَ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ عِنْدَهُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَقَدْ وَقَعَ كَلَامُ الذِّئْبِ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ رَبِيعَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ أُنَيْسِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أُهْبَانَ بْنِ أَوْسٍ قَالَ كُنْتُ فِي غَنَمٍ لِي فَشَدَّ الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ مِنْهَا فَصِحْتُ عَلَيْهِ فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ يُخَاطِبُنِي.

     وَقَالَ  مَنْ لَهَا يَوْمَ تَشْتَغِلُ عَنْهَا تَمْنَعُنِي رِزْقًا رَزَقَنِيهِ اللَّهُ تَعَالَى فَصَفَّقْتُ بِيَدِي وَقُلْتُ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَعْجَبَ مِنْ هَذَا فَقَالَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ هَذِهِ النَّخَلَاتِ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ قَالَ فَأَتَى أُهْبَانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ وَأَسْلَمَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُهْبَانُ لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ حَاضِرَيْنِ ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ غَائِبَيْنِ فَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ أَبِي سَلَمَةَ فِي الْمُزَارَعَةِ وَفِيهِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَمَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي الْقَوْمِ أَيْ عِنْدَ حِكَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ لِمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ غَلَبَةِ صِدْقِ إِيمَانِهِمَا وَقُوَّةِ يَقِينِهِمَا وَهَذَا أَلْيَقُ بِدُخُولِهِ فِي مَنَاقِبِهِمَا .

     قَوْلُهُ  يَوْمَ السَّبُعِ قَالَ عِيَاضٌ يَجُوزُ ضَمُّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونُهَا إِلَّا أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالضَّمِّ.

     وَقَالَ  الْحَرْبِيُّ هُوَ بِالضَّمِّ وَالسُّكُونِ وَجَزَمَ بِأَنَّ المُرَاد بِهِ الْحَيَوَان الْمَعْرُوف.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ هُوَ بِالْإِسْكَانِ وَالضَّمُّ تَصْحِيفٌ كَذَا قَالَ.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ هُوَ بِالسُّكُونِ وَالْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ بِالضَّمِّ وَعَلَى هَذَا أَيِ الضَّمُّ فَالْمَعْنَى إِذَا أَخَذَهَا السَّبُعُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلَاصِهَا مِنْهُ فَلَا يَرْعَاهَا حِينَئِذٍ غَيْرِي أَيْ إِنَّكَ تَهْرُبُ مِنْهُ وَأَكُونُ أَنَا قَرِيبًا مِنْهُ أَرْعَى مَا يَفْضُلُ لِي مِنْهَا.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ مَنْ لَهَا يَوْمَ يَطْرُقُهَا السَّبُعُ أَيِ الْأَسَدُ فَتَفِرُّ أَنْتَ مِنْهُ فَيَأْخُذُ مِنْهَا حَاجَتَهُ وَأَتَخَلَّفُ أَنَا لَا رَاعِيَ لَهَا حِينَئِذٍ غَيْرِي وَقِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ الِاشْتِغَالِ بِالْفِتَنِ فَتَصِيرُ الْغَنَمُ هَمَلًا فَتَنْهَبُهَا السِّبَاعُ فَيَصِيرُ الذِّئْبُ كَالرَّاعِي لَهَا لِانْفِرَادِهِ بِهَا.
وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقِيلَ هُوَ اسْمُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْحَشْرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَزْهَرِيُّ فِي تَهْذِيبِ اللُّغَة عَن بن الْأَعْرَابِيِّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ تُعُقِّبَ هَذَا بِأَنَّ الذِّئْبَ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ رَاعِيًا لِلْغَنَمِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا وَقِيلَ هُوَ اسْمُ يَوْمِ عِيدٍ كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَشْتَغِلُونَ فِيهِ بِاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ فَيَغْفُلُ الرَّاعِي عَنْ غَنَمِهِ فَيَتَمَكَّنُ الذِّئْبُ مِنَ الْغَنَمِ وَإِنَّمَا قَالَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي مُبَالَغَةً فِي تَمَكُّنِهِ مِنْهَا وَهَذَا نَقَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقِيلَ هُوَ مِنْ سَبَعْتُ الرَّجُلَ إِذَا ذَعَرْتُهُ أَيْ مَنْ لَهَا يَوْمَ الْفَزَعِ أَوْ مِنْ أَسْبَعْتُهُ إِذَا أَهْمَلْتُهُ أَيْ مَنْ لَهَا يَوْمَ الْإِهْمَالِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ السَّبْعُ الْهَمَلُ وَأَسْبَعَ الرَّجُلُ أَغْنَامَهُ إِذَا تَرَكَهَا تَصْنَعُ مَا تَشَاءُ وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ النَّوَوِيُّ وَقِيلَ يَوْمَ الْأَكْلِ يُقَالُ سَبَعَ الذِّئْبُ الشَّاةَ إِذَا أَكَلَهَا وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ أَنَّهُ رُوِيَ بِسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَفَسَّرَهُ بِيَوْم الضّيَاع يُقَال اسبعت وأضيعت بِمَعْنى وَهَذَا نَقله بن دحْيَة عَن إِسْمَاعِيل القَاضِي عَن عَليّ بن الْمَدِينِيِّ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى وَقِيلَ الْمُرَادُ بِيَوْمِ السَّبْعِ يَوْمُ الشِّدَّةِ كَمَا رُوِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ أَجْرَأُ مِنْ سَبْعٍ يُرِيدُ أَنَّهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الشِّدَادِ الَّتِي يَشْتَدُّ فِيهَا الْخَطْبُ عَلَى الْمُفْتِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَبَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَيْهِ فِي الْمُزَارعَة وَوَقع عِنْد بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي آخِرِهِ فِي الْقِصَّتَيْنِ فَقَالَ النَّاسُ آمَنَّا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ التَّعَجُّبُ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَتَفَاوُتُ النَّاسِ فِي الْمَعَارِفِ الْحَدِيثُ التَّاسِعُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي رُؤْيَا النَّزْعِ مِنَ الْقَلِيبِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي التَّعْبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الحَدِيث الْعَاشِر حَدِيث بن عُمَرَ فِي الزَّجْرِ عَنْ جَرِّ الثَّوْبِ خُيَلَاءَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ لِشُحِّهِ عَلَى دِينِهِ وَلِشَهَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُنَافِي مَا يَكْرَهُ





[ قــ :3498 ... غــ :3665] .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ لِسَالِمٍ هُوَ مَقُولَةُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَسَيَأْتِي هُنَاكَ الْإِشَارَةُ إِلَى تَسْوِيَة بن عُمَرَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالْإِزَارِ فِي الْحُكْمِ الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ أَيْ شَيْئَيْنِ





[ قــ :3499 ... غــ :3666] .

     قَوْلُهُ  مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَيْ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ .

     قَوْلُهُ  فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ فِي طَلَبِ ثَوَابِ اللَّهِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ .

     قَوْلُهُ  دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ يَعْنِي الْجَنَّةَ كَذَا وَقَعَ هُنَا وَكَأَنَّ لَفْظَةَ الْجَنَّةِ سَقَطَتْ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَلِأَجْلِ مُرَاعَاةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى اللَّفْظِ زَادَ يَعْنِي وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصِّيَامِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ يُدْعَى مِنْ بَابِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ صَرِيحًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لِكُلِّ عَامِلٍ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُدْعَى مِنْهُ بِذَلِكَ الْعَمَلِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ .

     قَوْلُهُ  يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ لَفْظُ خَيْرٌ بِمَعْنَى فَاضِلٍ لَا بِمَعْنَى أَفْضَلَ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ قَدْ يُوهِمُ ذَلِكَ فَفَائِدَتُهُ زِيَادَةُ تَرْغِيبِ السَّامِعِ فِي طَلَبِ الدُّخُولِ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ بَيَانُ الدَّاعِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ أَيْ خَزَنَةُ كُلِّ بَابٍ أَيْ فُلُ هَلُمَّ وَلَفْظَةُ فُلُ لُغَةٌ فِي فُلَانٍ وَهِيَ بِالضَّمِّ وَكَذَا ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ وَقِيلَ إِنَّهَا تَرْخِيمُهَا فَعَلَى هَذَا فَتُفْتَحُ اللَّامُ .

     قَوْلُهُ  فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ وَإِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّة ثَمَانِيَةٌ وَبَقِيَ مِنَ الْأَرْكَانِ الْحَجُّ فَلَهُ بَابٌ بِلَا شَكٍّ.
وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُخْرَى فَمِنْهَا بَابُ الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا إِنَّ لِلَّهِ بَابًا فِي الْجَنَّةِ لايدخله إِلَّا مَنْ عَفَا عَنْ مَظْلِمَةٍ وَمِنْهَا الْبَابُ الْأَيْمَنُ وَهُوَ بَابُ الْمُتَوَكِّلِينَ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ وَلَا عَذَابَ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلَعَلَّهُ بَابُ الذِّكْرِ فَإِنَّ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مَا يُومِئُ إِلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَابَ الْعِلْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَبْوَابِ الَّتِي يُدْعَى مِنْهَا أَبْوَابُ مِنْ دَاخِلِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ زَادَ فِي الصِّيَامِ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا وَفِي الْحَدِيثِ إِشْعَارٌ بِقِلَّةِ مَنْ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الْمَذْكُورَة لَا وَاجِبَاتِهَا لِكَثْرَةِ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ الْعَمَلُ بِالْوَاجِبَاتِ كُلِّهَا بِخِلَافِ التَّطَوُّعَاتِ فَقَلَّ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ الْعَمَلُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّطَوُّعَاتِ ثُمَّ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ ذَلِكَ إِنَّمَا يُدْعَى مِنْ جَمِيعِ الْأَبْوَابِ عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِيمِ لَهُ وَإِلَّا فَدُخُولُهُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَلَعَلَّهُ بَابُ الْعَمَلِ الَّذِي يَكُونُ أَغْلَبَ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعَارِضُهُ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا تُفْتَحُ لَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِيمِ ثُمَّ عِنْدَ دُخُولِهِ لَا يَدْخُلُ إِلَّا مِنْ بَابِ الْعَمِلِ الَّذِي يَكُونُ أَغْلَبَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ الْإِنْفَاقُ فِي الصَّلَاةِ وَالْجِهَادِ وَالْعِلْمِ وَالْحَجِّ ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فِي غَيْرِهَا فَمُشْكِلٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ فِي الصَّلَاةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَسَائِلِهَا مِنْ تَحْصِيلِ آلَاتِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَتَطْهِيرِ ثَوْبٍ وَبَدَنٍ وَمَكَانٍ وَالْإِنْفَاقُ فِي الصِّيَامِ بِمَا يُقَوِّيهِ عَلَى فِعْلِهِ وَخُلُوصِ الْقَصْدِ فِيهِ وَالْإِنْفَاقُ فِي الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ بِتَرْكِ مَا يَجِبُ لَهُ مِنْ حَقٍّ وَالْإِنْفَاقُ فِي التَّوَكُّلِ بِمَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَرَضِهِ الْمَانِعِ لَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي طَلَبِ الْمَعَاشِ مَعَ الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ أَوْ يُنْفِقُ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ مِثْلُ ذَلِكَ طَلَبًا لِلثَّوَابِ وَالْإِنْفَاقُ فِي الذِّكْرِ عَلَى نَحْوٍ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ بَذْلُ النَّفْسِ فِيهِمَا فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي مَا يَبْذُلُهُ الْمَرْءُ مِنْ نَفْسِهِ نَفَقَةً كَمَا يُقَالُ أَنْفَقْتُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ عُمْرِي وَبَذَلْتُ فِيهِ نَفْسِي وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ زَوْجَيْنِ النَّفْسُ وَالْمَالُ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ إِلَّا بِالتَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ النَّفَقَةُ فِي الصِّيَامِ تَقَعُ بِتَفْطِيرِ الصَّائِمِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى بَابِ الصَّدَقَةِ .

     قَوْلُهُ  وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ قَالَ الْعُلَمَاءُ الرَّجَاءُ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ نَبِيِّهِ وَاقِعٌ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَدْخُلُ الْحَدِيثُ فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيث بن عَبَّاس عِنْد بن حِبَّانَ فِي نَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِالْوُقُوعِ لِأَبِي بَكْرٍ وَلَفْظُهُ قَالَ أَجَلْ وَأَنْتَ هُوَ يَا أَبَا بَكْرٍ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْءٍ عُرِفَ بِهِ وَأَنَّ أَعْمَالَ الْبَرِّ قَلَّ أَنْ تَجْتَمِعَ جَمِيعُهَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ عَلَى السَّوَاءِ وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُحِبُّونَ صَالِحِي بَنِي آدَمَ وَيَفْرَحُونَ بِهِمْ فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ كُلَّمَا كَانَ أَكْثَرَ كَانَ أَفْضَلَ وَأَنَّ تَمَنِّي الْخَيْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَطْلُوبٌ الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْوَفَاةِ وَقِصَّةِ السَّقِيفَةِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَفَاةِ فِي مَكَانِهَا فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي.
وَأَمَّا السَّقِيفَةُ فَتَتَضَمَّنُ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ بِالْخِلَافَةِ وَقَدْ أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ أَيْضًا مِنْ طَرِيق بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ فِي الْحُدُودِ وَذَكَرَ شَيْئًا مِنْهَا فِي الْأَحْكَامِ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ عَنْ عمر أَيْضا وأتمها رِوَايَة بن عَبَّاسٍ وَسَأَذْكُرُ هُنَا مَا فِيهَا مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ