فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من بايع مرتين

( قَولُهُ بَابُ مَنْ بَايَعَ مَرَّتَيْنِ)
أَيْ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ



[ قــ :6820 ... غــ :7208] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سَلَمَةَ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعَةِ فِي الْحَرْبِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ رِوَايَةِ الْمَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَفِيهِ بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ فَلَمَّا خف النَّاس قَالَ يَا بن الْأَكْوَعِ أَلَا تُبَايِعُ .

     قَوْلُهُ  قَدْ بَايَعَتُ فِي الْأَوَّلِ قَالَ وَفِي الثَّانِي وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي الْأُولَى بِالتَّأْنِيثِ قَالَ وَفِي الثَّانِيَةِ وَالْمُرَادُ السَّاعَةُ أَوِ الطَّائِفَةُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَكِّيٍّ فَقُلْتُ قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَيْضًا فَبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ وَزَادَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ قَالَ عَلَى الْمَوْتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ هُنَاكَ.

     وَقَالَ  الْمُهلب فِيمَا ذكره بن بَطَّالٍ أَرَادَ أَنْ يُؤَكِّدَ بَيْعَةَ سَلَمَةَ لِعِلْمِهِ بِشُجَاعَتِهِ وَعَنَائِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَشُهْرَتِهِ بِالثَّبَاتِ فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ بِتَكْرِيرِ الْمُبَايَعَةِ لِيَكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَضِيلَةٌ.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَلَمَةُ لَمَّا بَادَرَ إِلَى الْمُبَايَعَةِ ثُمَّ قَعَدَ قَرِيبًا وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ يُبَايِعُونَ إِلَى أَنْ خَفُّوا أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ أَنْ يُبَايِعَ لِتَتَوَالَى الْمُبَايَعَةُ مَعَهُ وَلَا يَقَعُ فِيهَا تَخَلُّلٌ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مَبْدَأِ كُلِّ أَمْرٍ أَنْ يَكْثُرَ مَنْ يُبَاشِرُهُ فَيَتَوَالَى فَإِذَا تَنَاهَى قَدْ يَقَعُ بَيْنَ مَنْ يَجِيءُ آخِرًا تَخَلُّلٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اخْتِصَاصُ سَلَمَةَ بِمَا ذُكِرَ وَالْوَاقِعُ ان الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ بن بَطَّالٍ مِنْ حَالِ سَلَمَةَ فِي الشُّجَاعَةِ وَغَيْرِهَا لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ بَعْدُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَقَعَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ حَيْثُ اسْتَعَادَ السَّرْحَ الَّذِي كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَغَارُوا عَلَيْهِ فَاسْتَلَبَ ثِيَابَهُمْ وَكَانَ آخِرُ أَمْرِهِ أَنْ أَسْهَمَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ تَفَرَّسَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَبَايَعَهُ مَرَّتَيْنِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْحَرْبِ مَقَامَ رَجُلَيْنِ فَكَانَ كَذَلِكَ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ إِعَادَةَ لَفْظِ الْعَقْدِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ فَسْخًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ.

قُلْتُ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فسخا كَمَا قَالَ الْجُمْهُور