فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب فضل اللهم ربنا لك الحمد

( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ)
فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَكَ الْحَمْدُ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَفِيه رد على بن الْقَيِّمِ حَيْثُ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدِ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّهُمَّ وَالْوَاوِ فِي ذَلِكَ وَثَبَتَ لَفْظُ بَابٍ عِنْدَ مَنْ عَدَا أَبَا ذَرٍّ وَالْأَصِيلِيَّ وَالرَّاجِحُ حَذْفُهُ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  إِذَا قَالَ الْإِمَامُ إِلَخْ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَعَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ بَلْ فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُومِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَكُونُ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَالْوَاقِعُ فِي التَّصْوِيرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ التَّسْمِيعَ فِي حَالِ انْتِقَالِهِ وَالْمَأْمُومَ يَقُولُ التَّحْمِيدَ فِي حَالِ اعْتِدَالِهِ فَ.

     قَوْلُهُ  يَقَعُ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْخَبَرِ وَهَذَا الْمَوْضِعُ يَقْرُبُ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّأْمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُؤَمِّنُ بَعْدَ قَوْلِه وَلَا الضَّالِّينَ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ يُؤَمِّنُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا أَنَّهُ يَقُولُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ لَكِنَّهُمَا مُسْتَفَادَانِ مِنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ صَرِيحَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّأْمِينِ وَكَمَا مَضَى فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَفِي غَيْرِهِ وَيَأْتِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ.
وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مِنْ أَنَّ مَعْنَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ طَلَبُ التَّحْمِيدِ فَيُنَاسِبُ حَالَ الْإِمَامِ.
وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَتُنَاسِبُهُ الْإِجَابَةُ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَيُقَوِّيهِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَفِيهِ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ فَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَدُلُّ مَا ذَكَرْتُمْ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ إِذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ طَالِبًا وَمُجِيبًا وَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ التَّأْمِينِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ دَاعِيًا وَالْمَأْمُومِ مُؤَمِّنًا أَنْ لَا يَكُونَ الْإِمَامُ مُؤَمِّنًا وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَيْعَلَةِ وَالْحَوْقَلَةِ لِسَامِعِ الْمُؤَذِّنِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْمَعُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالْجُمْهُورِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَشْهَدُ لَهُ وَزَادَ الشَّافِعِي أَن الْمَأْمُوم يجمع بَينهمَا أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَلم يثبت عَن بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الشَّافِعِيَّ انْفَرَدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ نُقِلَ فِي الْإِشْرَافِ عَنْ عَطَاءٍ وبن سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا الْقَوْلُ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِلْمَأْمُومِ.
وَأَمَّا الْمُنْفَرد فَحكى الطَّحَاوِيّ وبن عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنهمَا وَجَعَلَهُ الطَّحَاوِيُّ حُجَّةً لِكَوْنِ الْإِمَامِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى اتِّحَادِ حُكْمِ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لَكِنْ أَشَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إِلَى خِلَافٍ عِنْدَهُمْ فِي الْمُنْفَرِدِ



[ قــ :775 ... غــ :796] .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ .

     قَوْلُهُ  فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ مَا يَقُولُ الْمَأْمُومُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَاقِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابِ التَّأْمِينِ



( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ)

كَذَا لِلْجَمِيعِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ إِلَّا للاصيلى فَحَذفهُ وَعَلِيهِ شرح بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَالرَّاجِحُ إِثْبَاتُهُ كَمَا أَنَّ الرَّاجِحَ حَذْفُ بَابٍ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ إِلَّا بِتَكَلُّفٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَوَّلًا بَابُ مَا يَقُولُ الْإِمَامُ وَمَنْ خَلْفَهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ اسْتَطْرَدَ إِلَى ذِكْرِ فَضْلِ هَذَا الْقَوْلِ بِخُصُوصِهِ ثُمَّ فَصَلَ بِلَفْظِ بَابٍ لِتَكْمِيلِ التَّرْجَمَةِ الْأُولَى فَأَوْرَدَ بَقِيَّةَ مَا ثَبَتَ عَلَى شَرْطِهِ مِمَّا يُقَالُ فِي الِاعْتِدَالِ كَالْقُنُوتِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ وَجَّهَ الزين بن الْمُنِيرِ دُخُولَ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ تَحْتَ تَرْجَمَةِ فَضْلِ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَقَالَ وَجْهُ دُخُولِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْقُنُوتَ لَمَّا كَانَ مَشْرُوعا فِي الصَّلَاة كَانَت هِيَ مِفْتَاحُهُ وَمُقَدِّمَتُهُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ سَبَبُ تَخْصِيصِ الْقُنُوتِ بِمَا بَعْدَ ذِكْرِهَا انْتَهَى وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَقَدْ تُعُقِّبَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ لَمْ يَقَعْ فِيهِ قَوْلُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ وَقَعَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ اخْتِصَارٌ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحَدِيثِ أَنَسٍ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا أَوْرَدَهُ اسْتِطْرَادًا لِأَجْلِ ذِكْرِ الْمَغْرِبِ قَالَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ رِفَاعَةَ فَظَاهِرٌ فِي أَنَّ الِابْتِدَارَ الَّذِي تَنْشَأُ عَنْهُ الْفَضِيلَةُ إِنَّمَا كَانَ لِزِيَادَةِ قَوْلِ الرَّجُلِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتِ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ صِفَةً فِي التَّحْمِيدِ جَارِيَةً مَجْرَى التَّأْكِيدِ لَهُ تَعَيَّنَ جَعْلُ الْأَصْلِ سَبَبًا أَوْ سَبَبًا لِلسَّبَبِ فَثَبَتَتْ بِذَلِكَ الْفَضِيلَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَرْجَمَ بَعْضُهُمْ لَهُ بِبَابِ الْقُنُوتِ وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ رِوَايَتِنَا



[ قــ :776 ... غــ :797] قَوْله حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ وَيَحْيَى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ .

     قَوْلُهُ  لَأُقَرِّبَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورَةِ لَأُقَرِّبَنَّ لَكُمْ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ إِنِّي لَأَقْرَبُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى آخِرِهِ قِيلَ الْمَرْفُوعُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وُجُودُ الْقُنُوتِ لَا وُقُوعُهُ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَيُوَضِّحُهُ مَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ النِّسَاءِ مِنْ رِوَايَةِ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى مِنْ تَخْصِيصِ الْمَرْفُوعِ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ شَهْرًا وَنَحْوُهُ لِمُسْلِمٍ لَكِنْ لَا يُنَافِي هَذَا كَوْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قنت فِي غير الْعشَاء وَظَاهر سِيَاقُ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ جَمِيعَهُ مَرْفُوعٌ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَعَقُّبِ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْقُنُوتَ فِي النَّازِلَةِ لَا يَخْتَصُّ بِصَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ وَاسْتَشْكَلَ التَّقْيِيدَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ بِشَهْرٍ لِأَنَّ الْمَحْفُوظَ أَنَّهُ كَانَ فِي قِصَّةِ الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ مَأْسُورًا بِمَكَّةَ وَبِالْكَافِرِينَ قُرَيْشٌ وَأَنَّ مُدَّتَهُ كَانَتْ طَوِيلَةً فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ بِشَهْرٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَتَعَلَّقُ بِصِفَةٍ مِنَ الدُّعَاءِ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ .

     قَوْلُهُ  فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْآخِرَةِ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ بَيَانُ الْخِلَافِ فِي مُدَّةِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَحْوَالِ مَنْ سَمَّى مِنْهُمْ وَقَدِ اخْتَصَرَ يَحْيَى سِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَطَوَّلَهُ الزُّهْرِيُّ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَتَمَّ مِمَّا سَاقَهُ هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  إِسْمَاعِيلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ نُسِبَ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ وَاسْمُ أَبِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ .

     قَوْلُهُ  كَانَ الْقُنُوتُ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَاحْتُجَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِزَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْحَاكِمِ وَقَدِ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ وَلَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدٌ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ النَّقْلِ عَنْ أَنَسٍ فِي الْقُنُوتِ فِي مَحَلِّهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَفِي أَيِّ الصَّلَوَاتِ شُرِعَ وَهَلِ اسْتَمَرَّ مُطْلَقًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ فِي حَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ حَيْثُ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَ ذَلِكَ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  الْمُجْمِرِ بِالْخَفْضِ وَهُوَ صِفَةٌ لِنُعَيْمٍ وَلِأَبِيهِ





[ قــ :778 ... غــ :799] .

     قَوْلُهُ  عَن على بن يحيى فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ يَحْيَى حَدَّثَهُ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ وَفِيهِ رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ لِأَنَّ نُعَيْمًا أَكْبَرُ سِنًّا مِنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى وَأَقْدَمُ سَمَاعًا وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ وَهُمْ مِنْ بَيْنِ مَالِكٍ وَالصَّحَابِيِّ هَذَا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةِ.
وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ شَرَفِ الصُّحْبَةِ فَيَحْيَى بْنُ خَلَّادٍ وَالِدُ عَلِيٍّ مَذْكُورٌ فِي الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ قِيلَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّكَهُ لَمَّا وُلِدَ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَ التَّسْمِيعِ وَقَعَ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ فَيَكُونُ مِنْ أَذْكَارِ الِاعْتِدَالِ وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ الِانْتِقَالَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ أَيْ فَلَمَّا شَرَعَ فِي رَفْعِ رَأْسِهِ ابْتَدَأَ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ وَأَتَمَّهُ بَعْدَ أَنِ اعْتَدَلَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ زَادَ الْكشميهني وَرَاءه قَالَ بن بَشْكُوَالٍ هَذَا الرَّجُلُ هُوَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ رَاوِي الْخَبَرِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيِّ عَنْ عَمِّ أَبِيهِ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَطَسْتُ فَقُلْتُ الْحَمد لله الحَدِيث ونوزع فِي تَفْسِيرُهُ بِهِ لِاخْتِلَافِ سِيَاقِ السَّبَبِ وَالْقِصَّةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ عُطَاسَهُ وَقَعَ عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُنِّي عَنْ نَفْسِهِ لِقَصْدِ إِخْفَاءِ عَمَلِهِ أَوْ كَنَّى عَنْهُ لِنِسْيَانِ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِاسْمِهِ.
وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فَلَا يَتَضَمَّنُ إِلَّا زِيَادَةً لَعَلَّ الرَّاوِيَ اخْتَصَرَهَا كَمَا سَنُبَيِّنُهُ وَأَفَادَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزُّهْرَانِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ يَحْيَى أَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ كَانَتِ الْمَغْرِبَ .

     قَوْلُهُ  مُبَارَكًا فِيهِ زَادَ رِفَاعَةُ بْنُ يَحْيَى مُبَارَكًا عَلَيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى فَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  مُبَارَكًا عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَأْكِيدًا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقِيلَ الْأَوَّلُ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ وَالثَّانِي بِمَعْنَى الْبَقَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَارك فِيهَا وَقدر فِيهَا أقواتها فَهَذَا يُنَاسِبُ الْأَرْضَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ لَا الْبَقَاءُ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ التَّغَيُّرِ.

     وَقَالَ  تَعَالَى وباركنا عَلَيْهِ وعَلى إِسْحَاق فَهَذَا يُنَاسِبُ الْأَنْبِيَاءَ لِأَنَّ الْبَرَكَةَ بَاقِيَةٌ لَهُمْ وَلَمَّا كَانَ الْحَمْدُ يُنَاسِبُهُ الْمَعْنَيَانِ جَمَعَهُمَا كَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى فَفِيهِ مِنْ حُسْنِ التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا هُوَ الْغَايَةُ فِي الْقَصْدِ .

     قَوْلُهُ  مَنِ الْمُتَكَلِّمُ زَادَ رِفَاعَةُ بْنُ يَحْيَى فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ فَقَالَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ أَنَا قَالَ كَيْفَ.

قُلْتُ فَذَكَرَهُ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ كَالْجَوْهَرِيِّ أَنَّ الْبِضْعَ يَخْتَصُّ بِمَا دُونَ الْعِشْرِينَ .

     قَوْلُهُ  أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلَ فِي رِوَايَةِ رِفَاعَةَ بْنِ يَحْيَى الْمَذْكُورَةِ أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا أَوَّلَ ولِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا قَالَ السُّهَيْلِيُّ رُوِيَ أَوَّلُ بِالضَّمِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ قُطِعَ مِنَ الْإِضَافَةِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ انْتَهَى.
وَأَمَّا أَيُّهُمْ فَرَوَيْنَاهُ بِالرَّفْعِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ يَكْتُبُهَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِأَبِي الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يكفل مَرْيَم قَالَ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ وَالْعَامِلُ فِيهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ يُلْقُونَ وَأَيُّ اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ مَقُولٌ فِيهِمْ أَيُّهمْ يَكْتُبُهَا وَيَجُوزُ فِي أَيِّهِمِ النَّصْبُ بِأَنْ يُقَدَّرَ الْمَحْذُوفُ فَيَنْظُرُونَ أَيَّهُمْ وَعِنْدَ سِيبَوَيْهِ أَيٌّ مَوْصُولَةٌ وَالتَّقْدِيرُ يَبْتَدِرُونَ الَّذِي هُوَ يَكْتُبُهَا أَوَّلَ وَأَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ ذَلِكَ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ رِوَايَتَيْ يَكْتُبُهَا وَيَصْعَدُ بِهَا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَهَا ثُمَّ يَصْعَدُونَ بِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةَ غَيْرُ الْحَفَظَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ الْحَدِيثَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الطَّاعَاتِ قَدْ يَكْتُبُهَا غَيْرُ الْحَفَظَةِ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ تَأْخِيرُ رِفَاعَةَ إِجَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كَرَّرَ سُؤَالَهُ ثَلَاثًا مَعَ أَنَّ إِجَابَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ بَلْ وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ رِفَاعَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْأَلِ الْمُتَكَلِّمَ وَحْدَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ لَمْ تَتَعَيَّنِ الْمُبَادَرَةُ بِالْجَوَابِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ وَلَا مِنْ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ فَكَأَنَّهُمُ انْتَظَرُوا بَعْضُهُمْ لِيُجِيبَ وَحَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَبْدُو فِي حَقِّهِ شَيْءٌ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِيمَا فَعَلَ وَرَجَوْا أَنْ يَقَعَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى سُكُوتَهُمْ فَهِمَ ذَلِكَ فَعَرَّفَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ رِفَاعَةَ بن يحيى عِنْد بن قَانِعٍ قَالَ رِفَاعَةُ فَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَالِي وَأَنِّي لَمْ أَشْهَدْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا فَقَالَ أَنا قلتهَا لم أرد بهَا إلاخيرا وللطبرانى مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فَسَكَتَ الرَّجُلُ وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ هَجَمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ كَرِهَهُ فَقَالَ مَنْ هُوَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِلَّا صَوَابًا فَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتُهَا أَرْجُو بِهَا الْخَيْرَ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُصَلُّونَ لَمْ يَعْرِفُوهُ بِعَيْنِهِ إِمَّا لِإِقْبَالِهِمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ فِي حَقِّهِمْ وَالْعُذْرُ عَنْهُ هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَالْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ عَمَّنْ قَالَ أَنْ يَتَعَلَّمَ السَّامِعُونَ كَلَامَهُ فَيَقُولُوا مِثْلَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ إِحْدَاثِ ذِكْرٍ فِي الصَّلَاةِ غَيْرِ مَأْثُورٍ إِذا كَانَ غير مُخَالف للمأثور وَعَلَى جَوَازِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ مَا لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى مَنْ مَعَهُ وَعَلَى أَنَّ الْعَاطِسَ فِي الصَّلَاةِ يَحْمَدُ اللَّهَ بِغَيْرِ كَرَاهَةٍ وَأَنَّ الْمُتَلَبِّسَ بِالصَّلَاةِ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَعَلَى تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ بِالذِّكْرِ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بن بَطَّالٍ جَوَازَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّبْلِيغِ خَلْفَ الْإِمَامِ.
وَتَعَقَّبَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ سَمَاعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَوْتِ الرَّجُلِ لَا يَسْتَلْزِمُ رَفْعَهُ لِصَوْتِهِ كَرَفْعِ صَوْتِ الْمُبَلِّغِ وَفِي هَذَا التعقب نظر لِأَن غَرَض بن بَطَّالٍ إِثْبَاتُ جَوَازِ الرَّفْعِ فِي الْجُمْلَةِ وَقَدْ سبقه إِلَيْهِ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْأَجْنَبِيَّ يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ وَلَوْ كَانَ سِرًّا قَالَ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ الْمَشْرُوعُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا وَلَوْ كَانَ جَهْرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُبَلِّغِ فِي بَابِ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ فَائِدَةٌ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي اخْتِصَاصِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِهَذَا الذِّكْرِ أَنَّ عَدَدَ حُرُوفِهِ مُطَابِقٌ لِلْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فَإِن الْبضْع من الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ وَعَدَدَ الذِّكْرِ الْمَذْكُورِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ حَرْفًا وَيُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الزِّيَادَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي رِوَايَةِ رِفَاعَةَ بْنِ يَحْيَى وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  مُبَارَكًا عَلَيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُتَبَادَرُ إِلَيْهِ هُوَ الثَّنَاءُ الزَّائِدُ عَلَى الْمُعْتَادِ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ حَمْدًا كَثِيرًا إِلَخْ دُونَ قَوْلِهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلتَّأْكِيدِ وَعَدَدُ ذَلِكَ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ حَرْفًا.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَهُوَ مُطَابِقٌ لِعَدَدِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي سِيَاقِ رِفَاعَةَ بْنِ يَحْيَى وَلِعَدَدِهَا أَيْضًا فِي سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَابِ لَكِنْ عَلَى اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ