فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب كراهية التطاول على الرقيق، وقوله: عبدي أو أمتي

( قَولُهُ بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ)
أَيِ التَّرَفُّعِ عَلَيْهِمْ وَالْمُرَادُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ .

     قَوْلُهُ  عَبْدِي أَوْ أَمَتِي أَيْ وَكَرَاهِيَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَلِذَلِكَ اسْتَشْهَدَ لِلْجَوَازِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالصَّالِحِينَ مِنْ عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ وَبِغَيْرِهَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْجَوَازِ ثُمَّ أَرْدَفَهَا بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ فِي ذَلِكَ لِلتَّنْزِيهِ حَتَّى أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَّا مَا سَنذكرُهُ عَن بن بَطَّالٍ فِي لَفْظِ الرَّبِّ .

     قَوْلُهُ  وقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَحُكْمُهُ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَسَيَأْتِي تَامًّا فِي الْمَغَازِي مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ سَيِّدُكُمْ سَقَطَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ وَثَبَتَ لِلْبَاقِينَ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ قُلْنَا الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ قَالَ وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ بَلْ سَيِّدُكُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَكَانَ عَمْرٌو يَعْتَرِضُ عَلَى أَصْنَامِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يُولِمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَزَوَّجَ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ وَرَوَاهُ بن عَائِشَةَ فِي نَوَادِرِهِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلًا وَزَادَ قَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ فِي ذَلِكَ.

     وَقَالَ  رَسُولُ اللَّهِ وَالْقَوْلُ .

     قَوْلُهُ  لِمَنْ قَالَ مِنَّا مَنْ تُسَمُّونَ سَيِّدَا فَقَالُوا لَهُ جَدُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى الَّتِي نُبَخِّلُهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ أَسْوَدَا فَسَوَّدَ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ لِجُودِهِ وَحُقَّ لِعَمْرٍو بِالنَّدَى أَنْ يُسَوَّدَا انْتَهَى وَالْجَدُّ بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الدَّال هُوَ بن قَيْسِ بْنِ صَخْرِ بْنِ خَنْسَاءَ بْنِ سِنَانِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ غَنْمٍ بِسُكُونِ النُّون بن كَعْبِ بْنِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَهُ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ حَمَلَهُ مَعَهُ فِي بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ يُرْمَى بِالنِّفَاقِ وَيُقَالُ إِنَّهُ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ وَعَاشَ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ.
وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّ الْمِيمِ الْخَفِيفَةِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ بن زيد بن حرَام بمهملتين بن كَعْبِ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلِمَةَ قَالَ بن إِسْحَاقَ كَانَ مِنْ سَادَاتِ بَنِي سَلِمَةَ وَذَكَرَ لَهُ قِصَّةً فِي صَنَمِهِ وَسَبَبِ إِسْلَامِهِ وَقَولُهُ فِيهِ تَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ إِلَهًا لَمْ تَكُنْ أَنْتَ وَكَلْبٌ وَسَطَ بِئْرٍ فِي قَرْنِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَعُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ حَتَّى أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُرَانِي أَمْشِي بِرِجْلِي هَذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ نَعَمْ وَكَانَتْ عَرْجَاءَ زَادَ عُمَرُ فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ رَحِمَهُ الله وَقد روى بن مَنْدَه وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْأَمْثَالِ وَالْوَلِيدُ بْنُ أَبَانَ فِي كِتَابِ الْجُودِ لَهُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلِمَةَ قَالُوا جَدُّ بْنُ قَيْسٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ سَيِّدُكُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ وَهُوَ بِسُكُونِ الْعين الْمُهْملَة بن صَخْرٍ يَجْتَمِعُ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ فِي صَخْرٍ وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ تُحْمَلَ قِصَّةُ بِشْرٍ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ قَتْلِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَمَاتَ بِشْرٌ الْمَذْكُورُ بَعْدَ خَيْبَرَ أَكَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الشَّاةِ الَّتِي سُمَّ فِيهَا وَكَانَ قَدْ شهد الْعقبَة وبدرا ذكره بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْ إِطْلَاقِ السَّيِّدِ عَلَى الْمَخْلُوقِ وَهُوَ فِي حَدِيثِ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَالْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَدْ صَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ عَلَى إِطْلَاقِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَالِكِ وَالْإِذْنُ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ يَأْخُذُ بِهَذَا وَيَكْرَهُ أَنْ يُخَاطِبَ أَحَدًا بِلَفْظِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ بِالسَّيِّدِ وَيَتَأَكَّدُ هَذَا إِذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ غَيْرَ تَقِيٍّ فَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدًا الْحَدِيثَ وَنَحْوُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ غَيْرَ هَذَيْنِ المعلقين سَبْعَة أَحَادِيث حَدِيثا بن عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى فِي الْعَبْدِ الَّذِي لَهُ أَجْرَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَا مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْغَرَضُ مِنْهُمَا



[ قــ :2439 ... غــ :2550] .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيث بن عُمَرَ إِذَا نَصَحَ سَيِّدَهُ





[ قــ :440 ... غــ :551] وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَيُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ ثَالِثُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُحَمَّدٌ شَيْخُ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَبَّوَيْهِ فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ وَكَذَا حَكَاهُ الْجَيَّانِيُّ عَنْ رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ وَحُكِيَ عَنِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ الذُّهْلِيُّ.

قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ شَيْخَ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا وَكَلَامُ الطَّرْقِيِّ يُشِيرُ إِلَيْهِ





[ قــ :441 ... غــ :55] .

     قَوْلُهُ  لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ إِلَخْ هِيَ أَمْثِلَةٌ وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ دُونَ غَيْرِهَا لِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْمُخَاطَبَاتِ وَيَجُوزُ فِي أَلِفِ اسْقِ الْوَصْلُ وَالْقَطْعُ وَفِيهِ نَهْيُ العَبْد أَن يَقُول لسَيِّده رَبِّي وَكَذَلِكَ نَهْيُ غَيْرِهِ فَلَا يَقُولُ لَهُ أَحَدٌ رَبُّكَ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَقُولُ لِعَبْدِهِ اسْقِ رَبَّكَ فَيَضَعُ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ لِنَفْسِهِ وَالسَّبَبُ فِي النَّهْيِ أَنَّ حَقِيقَةَ الرُّبُوبِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الرَّبَّ هُوَ الْمَالِكُ وَالْقَائِمُ بِالشَّيْءِ فَلَا تُوجَدُ حَقِيقَةُ ذَلِكَ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ سَبَبُ الْمَنْعِ أَنَّ الْإِنْسَانَ مَرْبُوبٌ مُتَعَبِّدٌ بِإِخْلَاصِ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ وَتَرْكِ الْإِشْرَاكِ مَعَهُ فَكَرِهَ لَهُ الْمُضَاهَاةَ فِي الِاسْمِ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي مَعْنَى الشِّرْكِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَأَمَّا مَا لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ فَلَا يُكْرَهُ إِطْلَاقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِضَافَةِ كَقَوْلِه رب الدَّار وَرب الثَّوْب.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِأَحَدٍ غَيْرِ اللَّهِ رَبٌّ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ إِلَهٌ اه وَالَّذِي يَخْتَصُّ بِاللَّهِ تَعَالَى إِطْلَاقُ الرَّبِّ بِلَا إِضَافَةٍ أَمَّا مَعَ الْإِضَافَةِ فَيَجُوزُ إِطْلَاقُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ وَقَوله ارْجع إِلَى رَبك وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فَلِبَيَانِ الْجَوَازِ وَقِيلَ هُوَ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَرُدُّ مَا فِي الْقُرْآنِ أَوِ الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ الْإِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ وَاتِّخَاذِ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَادَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ النَّهْيَ عَنْ ذِكْرِهَا فِي الْجُمْلَةِ .

     قَوْلُهُ  وَلْيَقُلْ سَيِّدِي مَوْلَايَ فِيهِ جَوَازُ إِطْلَاقُ الْعَبْدِ عَلَى مَالِكِهِ سَيِّدِي قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الرَّبِّ وَالسَّيِّدِ لِأَنَّ الرَّبَّ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِي السَّيِّدِ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْفَرْقُ وَاضِحٌ إِذْ لَا الْتِبَاسَ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ فَلَيْسَ فِي الشُّهْرَةِ وَالِاسْتِعْمَالِ كَلَفْظِ الرَّبِّ فَيَحْصُلُ الْفَرْقُ بِذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّيِّدُ اللَّهُ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا أَطْلَقَهُ لِأَنَّ مَرْجِعَ السِّيَادَةِ إِلَى مَعْنَى الرِّيَاسَةِ عَلَى مَنْ تَحْتَ يَدِهِ وَالسِّيَاسَةِ لَهُ وَحُسْنِ التَّدْبِيرِ لِأَمْرِهِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الزَّوْجُ سَيِّدًا قَالَ.
وَأَمَّا الْمَوْلَى فَكَثِيرُ التَّصَرُّفِ فِي الْوُجُوهِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ وَلِيٍّ وَنَاصِرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يُقَالُ السَّيِّدُ وَلَا الْمَوْلَى عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ إِلَّا فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ إِطْلَاقِ مَوْلَايَ أَيْضًا.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَهُ وَزَادَ وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَوْلَايَ فَإِنَّ مَوْلَاكُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ سَيِّدِي فَقَدْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَعْمَشِ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ حَذَفَهَا.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ حَذْفُهَا أَصَحُّ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ الْمَشْهُورُ حَذْفُهَا قَالَ وَإِنَّمَا صِرْنَا إِلَى التَّرْجِيحِ لِلتَّعَارُضِ مَعَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّارِيخِ انْتَهَى وَمُقْتَضَى ظَاهِرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ إِطْلَاقَ السَّيِّدِ أَسْهَلُ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَوْلَى وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَعَارَفِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يُطْلَقُ عَلَى أَوْجُهٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا الْأَسْفَلُ وَالْأَعْلَى وَالسَّيِّدُ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى الْأَعْلَى فَكَانَ إِطْلَاقُ الْمَوْلَى أَسْهَلَ وَأَقْرَبَ إِلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلَفْظِ الْمَوْلَى إِثْبَاتًا وَلَا نَفْيًا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِلَفْظِ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَلَا أَمَتِي وَلَا يَقُلِ الْمَمْلُوكُ رَبِّي وَرَبَّتِي وَلَكِنْ لِيَقُلِ الْمَالِكُ فَتَايَ وَفَتَاتِي وَالْمَمْلُوكُ سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي فَإِنَّكُمُ الْمَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ اللَّهُ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ النَّهْيَ عَنِ الْإِطْلَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْخطابِيّ وَيُؤَيّد كَلَامه حَدِيث بن الشِّخِّيرِ الْمَذْكُورُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَنْ مَالِكٍ تَخْصِيصُ الْكَرَاهَةِ بِالنِّدَاءِ فَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ يَا سَيِّدِي وَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي أَمَتِي زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ وَنَحْو مَا قَدمته من رِوَايَة بن سِيرِينَ فَأَرْشَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْعُبُودِيَّةِ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهَا اللَّهُ تَعَالَى وَلِأَنَّ فِيهَا تَعْظِيمًا لَا يَلِيقُ بِالْمَخْلُوقِ اسْتِعْمَالُهُ لِنَفْسِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ رَاجِعٌ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنَ الْكِبْرِ وَالْتِزَامِ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِالْمَرْبُوبِ .

     قَوْلُهُ  وَلْيَقُلْ فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي زَادَ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وجاريتي فأرشد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَا يُؤَدِّي الْمَعْنَى مَعَ السَّلَامَةِ مِنَ التعاظم لِأَن لفظ الَّتِي وَالْغُلَامِ لَيْسَ دَالًّا عَلَى مَحْضِ الْمِلْكِ كَدَلَالَةِ الْعَبْدِ فَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْفَتَى فِي الْحُرِّ وَكَذَلِكَ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ مَنِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى جِهَةِ التَّعَاظُمِ لَا مَنْ أَرَادَ التَّعْرِيفَ انْتَهَى وَمَحَلُّهُ مَا إِذَا لَمْ يَحْصُلِ التَّعْرِيفُ بِدُونِ ذَلِكَ اسْتِعْمَالًا لِلْأَدَبِ فِي اللَّفْظِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيث بن عُمَرَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ وَقد تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا وَالْمُرَادُ مِنْهُ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْعَبْدِ وَكَأَنَّ مُنَاسَبَتَهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِعِتْقِ كُلِّهِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا لَكَانَ بِذَلِكَ مُتَطَاوِلًا عَلَيْهِ الْخَامِسُ حَدِيثه كلكُمْ رَاع وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْأَحْكَامِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا





[ قــ :443 ... غــ :554] .

     قَوْلُهُ  وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ نَاصِحًا لَهُ فِي خِدْمَتِهِ مُؤَدِّيًا لَهُ الْأَمَانَةَ نَاسَبَ أَنْ يُعِينَهُ وَلَا يَتَعَاظَمَ عَلَيْهِ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ فَاجْلِدُوهَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا ذِكْرُ الْأَمَةِ وَأَنَّهَا إِذَا عَصَتْ تُؤَدَّبُ فَإِنْ لَمْ تنجع وَإِلَّا بِيعَتْ وَكُلُّ ذَلِكَ مُبَايِنٌ لِلتَّعَاظُمِ عَلَيْهَا