فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وايم الله»

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَايْمُ اللَّهِ)
بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِفَتْحِهَا وَالْمِيمُ مَضْمُومَةٌ وَحَكَى الْأَخْفَشُ كَسْرَهَا مَعَ كَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ اسْمٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَحَرْفٌ عِنْدَ الزَّجَّاجِ وَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَهَمْزَةُ قَطْعٍ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ جَمْعُ يَمِينٍ وَعِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ وَاحْتَجُّوا بِجَوَازِ كَسْرِ هَمْزَتِهِ وَفَتْحِ مِيمِهِ قَالَ بن مَالِكٍ فَلَوْ كَانَ جَمْعًا لَمْ تُحْذَفْ هَمْزَتُهُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا أُصِيبَ بِوَلَدِهِ وَرِجْلِهِ لَيْمُنُكَ لَئِنِ ابْتَلَيْتَ لَقَدْ عَافَيْتَ قَالَ فَلَوْ كَانَ جَمْعًا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ بِحَذْفِ بَعْضِهِ قَالَ وَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ لُغَةً جَمَعْتُهَا فِي بَيْتَيْنِ وَهُمَا هَمْزُ ايْمٍ وَايْمُنُ فَافْتَحْ وَاكْسِرْ أَوْ أَمِ قُلْ أَوْ قُلْ مِ أَوْ مَنْ بِالتَّثْلِيثِ قَدْ شُكِلَا وَايْمُنُ اخْتِمْ بِهِ وَاللَّهِ كُلًّا أَضِفْ إِلَيْهِ فِي قسم تستوف مَا نقلا قَالَ بن أبي الْفَتْح تلميذ بن مَالك فَإِنَّهُ أَمِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهَيْمِ بِالْهَاءِ بَدَلَ الْهَمْزَةِ وَقَدْ حَكَاهَا الْقَاسِمُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُعَلِّمُ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي أَوَائِلِ هَذَا الشَّرْحِ فِي آخِرِ التَّيَمُّمِ لُغَاتٍ فِي هَذَا فَبَلَغَتْ عِشْرِينَ وَإِذَا حُصِرَ مَا ذُكِرَ هُنَا زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ أَصْلُهُ يَمِينُ اللَّهِ وَيُجْمَعُ أَيْمُنًا فَيُقَالُ وَأَيْمُنُ الله حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدَة وانشده لِزُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى فَتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا وَمِنْكُمْ بِمَقْسَمَةٍ تَمُورُ بِهَا الدِّمَاءُ وَقَالُوا عِنْدَ الْقَسَمِ وَأَيْمُنُ اللَّهِ ثُمَّ كَثُرَ فَحَذَفُوا النُّونَ كَمَا حَذَفُوهَا مِنْ لَمْ يَكُنْ فَقَالُوا لَمْ يَكُ ثُمَّ حَذَفُوا الْيَاءَ فَقَالُوا أَمِ اللَّهِ ثُمَّ حَذَفُوا الْأَلْفَ فَاقْتَصَرُوا عَلَى الْمِيمِ مَفْتُوحَةً ومضمومة ومكسورة وَقَالُوا أَيْضا من الله بكسرالميم وَضَمِّهَا وَأَجَازُوا فِي أَيْمُنِ فَتْحَ الْمِيمِ وَضَمَّهَا وَكَذَا فِي أَيْمِ وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَ الْأَلِفَ وَجَعْلَ الْهَمْزَةَ زَائِدَةً أَوْ مُسَهَّلَةً وَعَلَى هَذَا تَبْلُغُ لُغَاتُهَا عِشْرِينَ.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِيُّ قَالُوا أَيْمُ اللَّهِ وَرُبَّمَا حَذَفُوا الْيَاءَ فَقَالُوا أَمِ اللَّهِ وَرُبَّمَا أَبْقَوُا الْمِيمَ وَحْدَهَا مَضْمُومَةً فَقَالُوا مُ اللَّهِ وَرُبَّمَا كَسَرُوهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ حَرْفًا وَاحِدًا فَشَبَّهُوهَا بِالْبَاءِ قَالُوا وَأَلِفُهَا أَلِفُ وَصْلٍ عِنْدَ أَكثر النَّحْوِيين وَلم يَجِيء أَلِفُ وَصْلٍ مَفْتُوحَةً غَيْرُهَا وَقَدْ تَدْخُلُ اللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ فَيُقَالُ لَيْمُنُ اللَّهِ قَالَ الشَّاعِرُ فَقَالَ فَرِيقُ الْقَوْمِ لَمَّا نَشَدْتُهُمْ نَعَمْ وَفَرِيقٌ لَيْمُنُ الله مَا نَدْرِي وَذهب بن كيسَان وبن دُرُسْتَوَيْهِ إِلَى أَنَّ أَلِفَهَا أَلِفُ قَطْعٍ وَإِنَّمَا خُفِّفَتْ هَمْزَتُهَا وَطُرِحَتْ فِي الْوَصْلِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَحكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ قَالَ ايْمُ اللَّهِ مَعْنَاهُ اسْمُ اللَّهِ أُبْدِلَ السِّينُ يَاءً وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ لِأَنَّ السِّينَ لَا تُبْدَلُ يَاءً وَذَهَبَ الْمُبَرِّدُ إِلَى أَنَّهَا عِوَضٌ مِنْ وَاوِ الْقَسَمِ وَأَنَّ مَعْنَى



[ قــ :6281 ... غــ :6627] قَوْلِهِ وَايْمُ اللَّهِ وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ وَنقل عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ يَمِينَ اللَّهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ فَقُلْتُ يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا وَلَوْ قَطَّعُوا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصَالِي وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إِنَّهُ يَمِينٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ نَوَى الْيَمِينَ انْعَقَدَتْ وَإِنْ نَوَى غَيْرَ الْيَمِينِ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينًا وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا إِنْ نَوَى وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا الِانْعِقَادُ وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِي مَعْنَاهُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَقَوْلِهِ تَاللَّهِ وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ أَحْلِفُ بِاللَّهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَفَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لَعَمْرُ اللَّهِ شَاعَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ عُرْفًا بِخِلَافِ ايْمُ اللَّهِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ بِالِانْعِقَادِ مُطْلَقًا بِأَنَّ مَعْنَاهُ يَمِينُ اللَّهِ وَيَمِينُ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَصِفَاتُهُ قَدِيمَةٌ وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّ قَوْلَ وَايْمُ اللَّهِ كَقَوْلِهِ وَحَقِّ اللَّهِ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَدِ اسْتَغْرَبُوهُ وَوَقَعَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مَا يُقَوِّيهِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالِانْعِقَادِ مُطْلَقًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ إِلَّا عَلَى التَّقْدِيرِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ وَحقّ الله ثمَّ ذكر حَدِيث بن عُمَرَ فِي بَعْثِ أُسَامَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي آخِرِ الْمَغَازِي وَفِي الْمَنَاقِبِ وَضُبِطَ .

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَايْمُ اللَّهِ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ وَاللَّهُ اعْلَم