فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب البكران يجلدان وينفيان

( قَولُهُ بَابُ الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لفظ خبر أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِثْلَهُ وَزَادَ وَالثَّيِّبَانِ يجلدان ويرجمان وَأخرج بن الْمُنْذِرِ الزِّيَادَةَ بِلَفْظِ وَالثَّيِّبَانِ يُرْجَمَانِ وَاللَّذَانِ بَلَغَا سِنًّا يُجْلَدَانِ ثُمَّ يُرْجَمَانِ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مَسْرُوقٍ الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ وَالثَّيِّبَانِ يُرْجَمَانِ وَلَا يُجْلَدَانِ وَالشَّيْخَانِ يُجْلَدَانِ ثُمَّ يُرْجَمَانِ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي بَابِ رَجْمِ الْمُحْصَنِ وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ الِاتِّفَاقَ عَلَى نَفْيِ الزَّانِي إِلَّا عَن الْكُوفِيّين وَوَافَقَ الْجُمْهُور مِنْهُم بن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَسَأَذْكُرُهُ فِي بَابِ لَا تَغْرِيبَ عَلَى الْأَمَةِ وَلَا تُنْفَى وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالتَّغْرِيبِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ بِالتَّعْمِيمِ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ لَا يُنْفَى الرَّقِيقُ وَخَصَّ الْأَوْزَاعِيُّ النَّفْيَ بِالذُّكُورِيَّةِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَقَيَّدَهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَاحْتَجَّ مَنْ شَرَطَ الْحُرِّيَّةَ بِأَنَّ فِي نَفْيِ الْعَبْدِ عُقُوبَةً لِمَالِكِهِ لِمَنْعِهِ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ نَفْيِهِ وَتَصَرُّفُ الشَّرْعِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُعَاقَبَ إِلَّا الْجَانِي وَمِنْ ثَمَّ سَقَطَ فَرْضُ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ عَنِ الْعَبْدِ.

     وَقَالَ  بن الْمُنْذِرِ أَقْسَمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ أَنَّهُ يَقْضِي فِيهِ بِكِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَلَيْهِ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ لِكِتَابِ اللَّهِ وَخَطَبَ عمر بذلك على رُؤُوس النَّاسِ وَعَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَاخْتُلِفَ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يُنْفَى إِلَيْهَا فَقِيلَ هُوَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَقِيلَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ إِلَى يَوْمَيْنِ وَقِيلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقِيلَ مِنْ عَمَلٍ إِلَى عَمَلٍ وَقِيلَ إِلَى مِيلٍ وَقِيلَ إِلَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ نَفْيٍ وَشَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ الْحَبْسَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُنْفَى إِلَيْهِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابِ لَا تَغْرِيبَ عَلَى الْأَمَةِ وَلَا نَفْيَ وَمِنْ عَجِيبِ الِاسْتِدْلَالِ احْتِجَاجُ الطَّحَاوِيِّ لِسُقُوطِ النَّفْيِ أَصْلًا بِأَنَّ نَفْيَ الْأَمَةِ سَاقِطٌ بِقَوْلِهِ بِيعُوهَا كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ قَالَ وَإِذَا سَقَطَ عَنِ الْأَمَةِ سَقَطَ عَنِ الْحُرَّةِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا وَيَتَأَكَّدُ بِحَدِيثِ لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ قَالَ وَإِذَا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ عَلَى النِّسَاءِ نَفْيٌ انْتَفَى أَنْ يَكُونَ عَلَى الرِّجَالِ كَذَا قَالَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ إِذَا سَقَطَ خُصَّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ وَهُوَ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا .

     قَوْلُهُ  الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رأفه فِي دين الله الْآيَةَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِلَى قَوْلِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْجَلْدَ ثَابِتٌ بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَامَ الْإِجْمَاعُ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْبِكْرِ وَهُوَ غَيْرُ الْمُحْصَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُحْصَنِ فِي بَابِ رَجْمِ الْمُحْصَنِ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْجَلْدِ فَعَنْ مَالِكٍ يَخْتَصُّ بِالظَّهْرِ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ اللِّعَانِ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا جَلْدٌ فِي ظَهْرِكَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يُفَرَّقُ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَيُتَّقَى الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَيُجْلَدُ فِي الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالتَّعْزِيرِ قَائِمًا مُجَرَّدًا وَالْمَرْأَةَ قَاعِدَةً وَفِي الْقَذْفِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا يُجَرَّدُ أَحَدٌ فِي الْحَدِّ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ لِلنَّفْيِ ذِكْرٌ فَتَمَسَّكَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا لَا يُزَادُ عَلَى الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَشْهُورٌ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَدْ عَمِلُوا بِمِثْلِهِ بَلْ بِدُونِهِ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ وَجَوَازِ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مائَة وَالرَّجم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ كُنَّ يُحْبَسْنَ فِي الْبُيُوتِ إِنْ مَاتَتْ مَاتَتْ وَإِنْ عَاشَتْ عَاشَتْ لَمَّا نَزَلَ واللاتي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا حَتَّى نَزَلَتْ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مائَة جلدَة قَوْله قَالَ بن عُيَيْنَةَ رَأْفَةٌ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَسقط فِي لبَعْضهِم ولبعضهم بن علية بلام وتحتانية ثَقيلَة وَعَلِيهِ جرى بن بَطَّالٍ وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ ذَكَرَ مُغَلْطَايْ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ رَآهُ فِي تَفْسِيرِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة قلت وَوَقع نَظِيره عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَيْهِ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ يُقَامُ وَلَا يُعَطَّلُ وَالْمُرَادُ بِتَعْطِيلِ الْحَدِّ تَرْكُهُ أَصْلًا أَوْ نَقْصُهُ عَدَدًا وَمَعْنًى وَقَولُهُ تَعَالَى وَلْيَشْهَدْ عذابهما طَائِفَة نقل بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ الِاجْتِزَاءَ بِوَاحِدٍ وَعَنْ إِسْحَاقَ اثْنَيْنِ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ثَلَاثَةٍ وَعَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيٍّ أَرْبَعَةٍ وَعَنْ رَبِيعَةَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَعَنِ الْحسن عشرَة وَنقل بن أَبِي شَيْبَةَ بِأَسَانِيدِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَدْنَاهَا رَجُلٌ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ إِنْ نعف عَن طَائِفَة مِنْكُم قَالَ هُوَ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَعَنْ عَطَاءٍ اثْنَانِ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ثَلَاثَةٌ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا



[ قــ :6474 ... غــ :6831] قَوْله عبد الْعَزِيز هُوَ بن أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ هَكَذَا اخْتَصَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مِنَ السَّنَدِ ذِكْرَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنَ الْمَتْنِ سِيَاقَ قِصَّةِ الْعَسِيفِ كُلِّهَا وَاقْتَصَرَ مِنْهَا عَلَى قَوْلِهِ يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَام وَيحْتَمل أَن يكون بن شِهَابٍ اخْتَصَرَهُ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَولُهُ جَلْدَ مِائَةٍ بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِلَفْظِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ بِجَلْدِ مِائَةٍ وتغريب عَام وَقَوله قَالَ بن شِهَابٍ هُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ هُوَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ عُرْوَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ لَكِنَّهُ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ أَخْرَجُوهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْهُ وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَوَوْهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ .

     قَوْلُهُ  غَرَّبَ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تِلْكَ السُّنَّةَ زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ حَتَّى غَرَّبَ مَرْوَانُ ثُمَّ تَرَكَ النَّاسُ ذَلِكَ يَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ .

     قَوْلُهُ  عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ هَكَذَا خَالَفَ عُقَيْلٌ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ فِي شَيْخِ الزُّهْرِيِّ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَتْنُ مُخْتَصَرًا مِنْ قِصَّةِ الْعَسِيفِ فَقَدْ وَافَقَ عَبْدُ الْعَزِيزِ جَمِيعَ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّ شَيْخَهُ عِنْدَهُمْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ لَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا آخَرَ فَالرَّاجِحُ قَوْلُ عُقَيْلٍ لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَكِنْ قَدْ رَوَى عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ الْحَدِيثَ الْآخَرَ مُوَافِقًا لِعَبْدِ الْعَزِيزِ أَخْرَجَهُمَا النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حجين بِمُهْملَة ثمَّ جِيم مصغر بن الْمثنى عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن بن شِهَابٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الْوِلَاءِ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْهُ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمسيب عَنهُ وبن شِهَابٍ صَاحِبُ حَدِيثٍ لَا يُسْتَنْكَرُ مِنْهُ حَمْلُهُ الْحَدِيثَ عَنْ جَمَاعَةٍ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ .

     قَوْلُهُ  بِنَفْيٍّ عَامٍّ وَبِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ أَنْ يُنْفَى عَامًا مَعَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اللَّيْثِ وَعُرِفَ أَنَّ الْبَاءَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ بِمَعْنَى مَعَ وَالْمُرَادُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ مَا ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَلْدُ الْمِائَةِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا الْجَلْدُ لِكَوْنِهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّفْيَ تَعْزِيرٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءا من الْحَدِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَيْهِ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ الْكُلِّ حَدَّهُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى رَاوِيهِ فِي لَفْظِهِ فَهُوَ أَرْجَحُ مِنْ حِكَايَةِ الصَّحَابِيِّ مَعَ الِاخْتِلَافِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ كَوْنَ حَدِيثَيِ الْبَاب وَاحِدًا مَعَ أَنه اخْتلف على بن شِهَابٍ فِي تَابِعِيِّهِ وَصَحَابِيِّهِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي عَنْ عُمَرَ عِنْدَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَقَعَتْ عِنْدَ عُقَيْلٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَفِي آخِرِ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ بن شِهَابٍ وَكَانَ عُمَرُ يَنْفِي مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ وَإِلَى خَيْبَرَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَقُرْبِهَا فِي النَّفْيِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ وَالَّذِي تَحَرَّرَ لِي مِنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ أَنَّ فِي حَدِيثَيِ الْبَابِ اخْتِصَارًا مِنْ قِصَّةِ الْعَسِيفِ وَأَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ كَانَ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ جَمِيعًا فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُمَا بِتَمَامِهِ وَرُبَّمَا حَدَّثَ عَنْهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ بِاخْتِصَارٍ وَكَانَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ بِاخْتِصَارٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ إِنْ أُخِذَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ مَعَ إِقَامَةِ الْحَدِّ وَجَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالنَّفْيِ فِي حَقِّ الزَّانِي الَّذِي لَمْ يُحْصَنْ خِلَافًا لَهُمْ أَيْضًا إِنْ قُلْنَا إِنَّ الْجَمِيعَ حَدٌّ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ الَّذِي فِيهِ النَّفْيُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ النُّورِ لِأَنَّ فِيهَا الْجَلْدَ بِغَيْرِ نَفْيٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ التَّارِيخِ وَبِأَنَّ الْعَكْسَ أَقْرَبُ فَإِنَّ آيَةَ الْجَلْدِ مُطْلَقَةٌ فِي حَقِّ كُلِّ زَانٍ فَخُصَّ مِنْهَا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ الثَّيِّبُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ خُلُوِّ آيَةِ النُّورِ عَنِ النَّفْيِ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّتِهِ كَمَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ خُلُوِّهَا مِنَ الرَّجْمِ ذَلِكَ وَمِنَ الْحُجَجِ الْقَوِيَّةِ أَنَّ قِصَّةَ الْعَسِيفِ كَانَتْ بَعْدَ آيَةِ النُّور لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَهِيَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى قِصَّةِ الْعَسِيِفِ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَضَرَهَا وَإِنَّمَا هَاجر بعد قصَّة الْإِفْك بِزَمَان