فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة

( قَولُهُ بَابُ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجِنَازَةِ)
أَيْ مَشْرُوعِيَّتُهَا وَهِيَ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَنقل بن الْمُنْذر عَن بن مَسْعُود وَالْحسن بن عَليّ وبن الزُّبَيْرِ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ مَشْرُوعِيَّتَهَا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وبن عُمَرَ لَيْسَ فِيهَا قِرَاءَةٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ .

     قَوْلُهُ  وقَال الْحَسَنُ إِلَخْ وَصَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ لَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الصَّبِيِّ فَأَخْبَرَهُمْ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا سَلَفًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ ثُمَّ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ وَلَا يَقْرَأُ إِلَّا فِي الْأُولَى إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ



[ قــ :1283 ... غــ :1335] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سَعْدٍ هُوَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيّ وَطَلْحَة هُوَ بن عبد الله بن عَوْف الْخُزَاعِيّ كَمَا نسبهما فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي تَنْبِيهٌ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بَيَانُ مَحَلِّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ بِلَفْظِ وَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى أَفَادَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ.

     وَقَالَ  إِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ  لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ جَمَعَ الْبُخَارِيُّ بَيْنَ رِوَايَتَيْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ وَسِيَاقُهُمَا مُخْتَلِفٌ اه فَأَمَّا رِوَايَةُ شُعْبَةَ فَقَدْ أخرجهَا بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِيُّ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ يَا بْنَ أَخِي إِنَّهُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ يَقْرَأُ قالَ نَعَمْ إِنَّهُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ سُفْيَانَ فَأَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْهُ بِلَفْظِ فَقَالَ إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ أَوْ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَجَهَرَ حَتَّى أَسْمَعَنَا فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سُنَّةٌ وَحَقٌّ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيق بن عَجْلَانَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ يَقُول صلى بن عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ فَجَهَرَ بِالْحَمْدِ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا جَهَرْتُ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ سُنَّةٌ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ كَذَا نُقِلَ الْإِجْمَاعُ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ شَهِيرٌ وَعَلَى الْحَاكِمِ فِيهِ مَأْخَذٌ آخَرُ وَهُوَ اسْتِدْرَاكُهُ لَهُ وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ.

     وَقَالَ  لَا يَصح هَذَا وَالصَّحِيح عَن بن عَبَّاسٍ .

     قَوْلُهُ  مِنَ السُّنَّةِ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْفَرْقَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّرَاحَةِ وَالِاحْتِمَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ بِالْأَبْوَاءِ فَكَبَّرَ ثُمَّ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ رَافِعًا صَوْتَهُ ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ عَبدك وبن عَبْدِكَ أَصْبَحَ فَقِيرًا إِلَى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ إِنْ كَانَ زَاكِيًا فَزَكِّهِ وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فَاغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ ثُمَّ كَبَّرَ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَمْ أَقْرَأْ عَلَيْهَا أَيْ جَهْرًا إِلَّا لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ الْحَاكِمُ شُرَحْبِيلُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ وَإِنَّمَا أَخْرَجْتُهُ لِأَنَّهُ مُفَسِّرٌ لِلطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ انْتَهَى وَشُرَحْبِيلُ مُخْتَلَفٌ فِي تَوْثِيقِهِ وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ عَلَى تَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى بِتَرْكِهَا فِي بَاقِي التَّكْبِيرَاتِ وَبِتَرْكِ التَّشَهُّدِ قَالَ وَلَعَلَّ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ لَا عَلَى وَجْهِ التِّلَاوَةِ وَقَولُهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الدُّعَاءَ سُنَّةٌ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى مَا يَجِيءُ عَلَى كَلَامِهِ مِنَ التَّعَقُّبِ وَمَا يَتَضَمَّنُهُ استدلاله من التعسف