فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: لا تتحرى الصلاة قبل غروب الشمس

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ لَا تُتَحَرَّى)

بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَالصَّلَاةُ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهَا فِي مَقَامِ الْفَاعِلِ أَوْ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالصَّلَاةَ بِالنَّصْبِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيِ الْمُصَلِّي وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ بن عُمَرَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبَيْنَ قَوْله فىالحديث عِنْدَ الْغُرُوبَ لِمَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  لَا يُتَحَرَّى كَذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ يَجُوزُ الْخَبَرُ عَنْ مُسْتَقَرِّ أَمْرِ الشَّرْعِ أَيْ لَا يَكُونُ إِلَّا هَذَا



[ قــ :569 ... غــ :585] .

     قَوْلُهُ  فَيُصَلِّيَ بِالنَّصْبِ وَالْمُرَادُ نَفْيُ التَّحَرِّي وَالصَّلَاةِ مَعًا وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيْ لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِ كَذَا فَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ.

     وَقَالَ  بن خَرُوفٍ يَجُوزُ فِي فَيُصَلِّي ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْجَزْمُ علىالعطف أَي لَا يتحَرَّى وَلَا يُصَلِّي وَالرَّفْعُ عَلَى الْقَطْعِ أَيْ لَا يَتَحَرَّى فَهُوَ يُصَلِّي وَالنَّصْبُ عَلَى جَوَابِ النَّهْيِ وَالْمَعْنَى لَا يَتَحَرَّى مُصَلِّيًا.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَا يَتَحَرَّى نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَيُصَلِّيَ بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ جَوَابُهُ كَأَنَّهُ قِيلَ لَا يَتَحَرَّى فَقِيلَ لِمَ فَأُجِيبَ خِيفَةَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَدَّرَ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ فِي الْمُوَطَّأِ لَا يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ وَمَعْنَاهُ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ





[ قــ :570 ... غــ :586] .

     قَوْلُهُ  عَنْ صَالِحٍ هُوَ بن كَيْسَانَ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ لِصَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَر شَيْئا قَوْله لَا صَلَاة قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَصِيغَةُ النَّفْي فِي أَلْفَاظِ الشَّارِعِ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ كَانَ الْأَوْلَى حَمْلُهَا علىنفى الْفِعْلِ الشَّرْعِيِّ لَا الْحِسِّيِّ لِأَنَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ الْحِسِّيِّ لَاحْتَجْنَا فِي تَصْحِيحِهِ إِلَى إِضْمَارٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الشَّرْعِيِّ لَمْ نَحْتَجْ إِلَى إِضْمَارٍ فَهَذَا وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالتَّقْدِيرُ لَا تُصَلُّوا وَحَكَى أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ إِعْلَامٌ بِأَنَّهُمَا لَا يُتَطَوَّعُ بَعْدَهُمَا وَلَمْ يُقْصَدِ الْوَقْتُ بِالنَّهْيِ كَمَا قُصِدَ بِهِ وَقْتُ الطُّلُوعِ وَوَقْتُ الْغُرُوبِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الشَّمْسُ نَقِيَّةً وَفِي رِوَايَةٍ مُرْتَفِعَةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْدِيَّةِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ وَقْتُ الطُّلُوعِ وَوقت الْغُرُوب وَمَا قَارَبَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْهِيَّةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَلَازَمَهُ أَنْ لَا يَقْصِدَ لَهَا الْمُكَلَّفُ إِذِ الْعَاقِلُ لَا يَشْتَغِلُ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ





[ قــ :571 ... غــ :587] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ هُوَ الْبَلْخِيُّ وَقِيلَ الْوَاسِطِيُّ وَلِكُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ مُرَجِّحٌ وَكِلَاهُمَا ثِقَةٌ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُعَاوِيَةَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ وَغَيْرِهِ عَنْ شُعْبَةَ خَطَبَنَا مُعَاوِيَةُ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُ شُعْبَةَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ حُمْرَانَ وَخَالفهُم عُثْمَان بن عُمَرَ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فَقَالَا عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَالطَّرِيقُ الَّتِي اخْتَارَهَا الْبُخَارِيُّ أَرْجَحُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِأَبِي التَّيَّاحِ فِيهِ شَيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  يُصَلِّيهِمَا أَيِ الرَّكْعَتَيْنِ وَلِلْحَمَوِيِّ يُصَلِّيهَا أَيِ الصَّلَاةَ وَكَذَا وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الرُّوَاةِ فِي قَوْلِهِ عَنْهَا أَوْ عَنْهُمَا وَكَلَامُ مُعَاوِيَةَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ مَنْ خَاطَبَهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ التَّطَوُّعِ الرَّاتِبِ لَهَا كَمَا يُصَلِّي بَعْدَ الظُّهْرِ وَمَا نَفَاهُ مِنْ رُؤْيَةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا قَدْ أَثْبَتَهُ غَيْرُهُ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ قَوْلُ عَائِشَةَ كَانَ لَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ لَكِنْ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ مُعَارَضَةٌ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ لِأَنَّ رِوَايَةَ الْإِثْبَاتِ لَهَا سَبَبٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فَأُلْحِقَ بِهَا مَا لَهُ سَبَبٌ وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ وَالنَّهْيُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا سَبَبَ لَهُ.
وَأَمَّا مَنْ يَرَى عُمُومَ النَّهْيِ وَلَا يَخُصُّهُ بِمَا لَهُ سَبَبٌ فَيَحْمِلُ إِنْكَارَ مُعَاوِيَةَ عَلَى مَنْ يَتَطَوَّعُ وَيَحْمِلُ الْفِعْلَ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ وَلَا يَخْفَى رُجْحَانَ الْأَوَّلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ





[ قــ :57 ... غــ :588] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبدة هُوَ بن سُلَيْمَانَ وَبَقِيَّةُ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ تَقَدَّمَ بِأَتَمِّ سِيَاقٍ فِي الْبَاب الَّذِي قبله