فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها ودعائهن بالبركة

( قَولُهُ بَابُ الْأَنْمَاطِ)
وَنَحْوِهِ لِلنِّسَاءِ أَيْ مِنَ الْكَلَلِ وَالْأَسْتَارِ وَالْفُرُشِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَالْأَنْمَاطُ جَمْعُ نَمَطٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمِيمِ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَقَولُهُ وَنَحْوُهُ أَعَادَ الضَّمِيرَ مُفْرَدًا عَلَى مُفْرَدِ الْأَنْمَاطِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْجَوَازِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاتِهِ فَأَخَذْتُ نَمَطًا فَنَشَرْتُهُ عَلَى الْبَابِ فَلَمَّا قَدِمَ فَرَأَى النَّمَطَ عَرَفْتُ الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِهِ فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَالطِّينَ قَالَ فَقَطَعْتُ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَنْمَاطَ لَا يُكْرَهُ اتِّخَاذُهَا لِذَاتِهَا بَلْ لِمَا يُصْنَعُ بِهَا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي سَتْرِ الْجُدُرِ فِي بَابِ هَلْ يَرْجِعُ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا مِنْ أَبْوَاب الْوَلِيمَة قَالَ بن بَطَّالٍ يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَشُورَةَ لِلْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ لِقَوْلِ جَابِرٍ لِامْرَأَتِهِ أَخِّرِي عَنِّي أَنْمَاطَكِ كَذَا قَالَ وَلَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِامْرَأَةِ جَابِرٍ حَقِيقَةً فَلِذَلِكَ أَضَافَهَا لَهَا وَإِلَّا فَفِي نَفْسِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ سَتَكُونُ لَكُمْ أَنْمَاطٌ فَأَضَافَهَا إِلَى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِيَ اسْتَدَلَّتْ بِهِ امْرَأَةُ جَابِرٍ عَلَى الْجَوَازِ قَالَ وَفِيهِ أَنَّ مَشُورَةَ النِّسَاءِ لِلْبُيُوتِ مِنَ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ الْمُتَعَارَفِ كَذَا قَالَ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ حَدِيث عَائِشَة وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ قَولُهُ بَابُ النِّسْوَةِ الَّتِي يُهْدِينَ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ اللَّاتِي بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَهُوَ أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  وَدُعَائِهِنَّ بِالْبَرَكَةِ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَسَقَطَتْ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَلَا أَبُو نُعَيْمٍ وَلَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَكِنْ إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً فَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ طَرِيقِ بَهِيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ يَتِيمَةً كَانَتْ فِي حِجْرِهَا رَجُلًا مِنِ الْأَنْصَارِ قَالَتْ وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهْدَاهَا إِلَى زَوْجِهَا فَلَمَّا رَجَعْنَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُلْتُمْ يَا عَائِشَةُ قَالَتْ.

قُلْتُ سَلَّمْنَا وَدَعَوْنَا اللَّهَ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ انْصَرَفْنَا



[ قــ :4884 ... غــ :5162] .

     قَوْلُهُ  إِنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا صَرِيحًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ يَتِيمَةً فِي حِجْرِ عَائِشَةَ وَكَذَا لِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَوَقع عِنْد بن ماجة من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنْكَحَتْ عَائِشَةُ قَرَابَةً لَهَا وَلِأَبِي الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ عَائِشَةَ زَوَّجَتْ بِنْتَ أَخِيهَا أَوْ ذَاتَ قَرَابَةٍ مِنْهَا وَفِي أَمَالِي الْمَحَامِلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ نَكَحَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَنْصَارِ بَعْضَ أَهْلِ عَائِشَةَ فَأَهْدَتْهَا إِلَى قُبَاءٍ وَكُنْتُ ذَكَرْتُ فِي الْمُقَدِّمَةِ تَبَعًا لِابْنِ الْأَثِيرِ فِي أُسْدِ الْغَابَةِ فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّ اسْمَ هَذِهِ الْيَتِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْفَارِعَةُ بِنْتُ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَأَنَّ اسْمَ زَوْجِهَا نُبَيْطُ بْنُ جَابِرٍ الْأَنْصَارِيُّ.

     وَقَالَ  فِي تَرْجَمَةِ الْفَارِعَةِ أَنَّ أَبَاهَا أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ أَوْصَى بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُبَيْطَ بْنَ جَابِرٍ ثُمَّ سَاق من طَرِيق الْمعَافى بْنِ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيِّ حَدِيثَ عَائِشَةَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ أَوَّلًا مِنْ طَرِيقِ بَهِيَّةَ عَنْهَا ثُمَّ قَالَ هَذِهِ الْيَتِيمَةُ هِيَ الْفَارِعَةُ الْمَذْكُورَةُ كَذَا قَالَ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ تَفْسِيرِهَا بِهَا مَا وَقَعَ مِنَ الزِّيَادَةِ أَنَّهَا كَانَتْ قَرَابَةَ عَائِشَةَ فَيَجُوزُ التَّعَدُّدُ وَلَا يَبْعُدُ تَفْسِيرُ الْمُبْهَمَةِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِالْفَارِعَةِ إِذْ لَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدٌ بِكَوْنِهَا قَرَابَةَ عَائِشَةَ .

     قَوْلُهُ  مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ فَقَالَ فَهَلْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا جَارِيَةً تَضْرِبُ بِالدُّفِّ وَتُغَنِّي.

قُلْتُ تَقُولُ مَاذَا قَالَ تَقُولُ أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّانَا وحياكم وَلَوْلَا الذَّهَب الْأَحْمَر مَا حلت بواديكم وَلَوْلَا الْحِنْطَة السمراء مَا سَمِنَتْ عَذَارِيكُمْ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ بَعْضُهُ وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَوَّلُهُ إِلَى قَوْلِهِ وَحَيَّاكُمْ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ الْأَنْصَار يعجبهم اللَّهْو فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الْمَحَامِلِيِّ أَدْرِكِيهَا يَا زَيْنَبُ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُغَنِّي بِالْمَدِينَةِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الْمُغَنِّيَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَاضِي فِي الْعِيدَيْنِ حَيْثُ جَاءَ فِيهِ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تُغَنَّيَانِ وَكُنْتُ ذَكَرْتُ هُنَاكَ أَنَّ اسْمَ إِحْدَاهُمَا حَمَامَةُ كَمَا ذَكَرَهُ بن أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ لَهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَأَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الْأُخْرَى وَقَدْ جَوَّزْتُ الْآنَ أَنْ تَكُونَ هِيَ زَيْنَبَ هَذِهِ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ قَالَ أَنَّهُ رَخَّصَ لَنَا فِي اللَّهْوِ عِنْدَ الْعُرْسِ الْحَدِيثَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ لَهُ أَتُرَخِّصُ فِي هَذَا قَالَ نَعَمْ إِنَّهُ نِكَاحٌ لَا سِفَاحٌ أَشِيدُوا النِّكَاحَ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير عِنْد احْمَد وَصَححهُ بن حبَان وَالْحَاكِم أعْلنُوا النِّكَاح زَاد التِّرْمِذِيّ وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَلِأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ وَاضْرِبُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْأَحَادِيثُ الْقَوِيَّةُ فِيهَا الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِنَّ الرِّجَالُ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّه بِهن