فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب كسب الرجل وعمله بيده

( قَولُهُ بَابُ كَسْبِ الرَّجُلِ وَعَمَلِهِ بِيَدِهِ)
عَطْفُ الْعَمَلَ بِالْيَدِ عَلَى الْكَسْبِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ الْكَسْبَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَمَلًا بِالْيَدِ أَوْ بِغَيْرِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَفْضَلِ الْمَكَاسِبِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أُصُولُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ وَالتِّجَارَةُ وَالصَّنْعَةُ وَالْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ أَطْيَبَهَا التِّجَارَةُ قَالَ وَالْأَرْجَحُ عِنْدِي أَنَّ أَطْيَبَهَا الزِّرَاعَةُ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إِلَى التَّوَكُّلِ.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِحَدِيثِ الْمِقْدَامِ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ أَطْيَبَ الْكَسْبِ مَا كَانَ بِعَمَلِ الْيَدِ قَالَ فَإِنْ كَانَ زِرَاعًا فَهُوَ أَطْيَبُ الْمَكَاسِبِ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ عَمَلَ الْيَدِ وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّوَكُّلِ وَلِمَا فِيهِ مِنَ النَّفْعِ الْعَامِّ لِلْآدَمِيِّ وَلِلدَّوَابِّ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ فِي الْعَادَةِ أَنْ يُوكَلَ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ.

قُلْتُ وَفَوْقَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْيَدِ مَا يُكْتَسَبُ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ بِالْجِهَادِ وَهُوَ مَكْسَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ أَشْرَفُ الْمَكَاسِبِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخِذْلَانِ كَلِمَةِ أَعْدَائِهِ وَالنَّفْعِ الْأُخْرَوِيِّ قَالَ وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِيَدِهِ فَالزِّرَاعَةُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ لِمَا ذَكَرْنَا.

قُلْتُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا بُحِثَ فِيهِ مِنَ النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي وَلَمْ يَنْحَصِرِ النَّفْعُ الْمُتَعَدِّي فِي الزِّرَاعَةِ بَلْ كُلُّ مَا يُعْمَلُ بِالْيَدِ فَنَفْعُهُ مُتَعَدٍّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَهْيِئَةِ أَسْبَابِ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلِفُ الْمَرَاتِبِ وَقَدْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى قَالَ بن الْمُنْذِرِ إِنَّمَا يَفْضُلُ عَمَلُ الْيَدِ سَائِرَ الْمَكَاسِبِ إِذَا نَصَحَ الْعَامِلُ كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قُلْتُ وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ أَنَّ الرِّزْقَ مِنَ الْكَسْبِ بَلْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ وَمِنْ فَضْلِ الْعَمَلِ بِالْيَدِ الشُّغْلُ بِالْأَمْرِ الْمُبَاحِ عَنِ الْبَطَالَةِ وَاللَّهْوِ وَكَسْرُ النَّفْسِ بِذَلِكَ وَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذِلَّةِ السُّؤَالِ وَالْحَاجَةِ إِلَى الْغَيْر ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ أَوَّلَهَا فِي التِّجَارَةِ وَالثَّانِي فِي الزِّرَاعَةِ وَالثَّالِثُ وَمَا بَعْدَهُ فِي الصَّنْعَةِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ



[ قــ :1986 ... غــ :2070] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الله هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَيْ قُرَيْشٌ وَالْمُسْلِمُونَ .

     قَوْلُهُ  حِرْفَتِي بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ أَيْ جِهَةَ اكْتِسَابِي وَالْحِرْفَةُ جِهَةُ الِاكْتِسَابِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَعَاشِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ كَسُوبًا لِمُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ عِيَالِهِ بِالتِّجَارَةِ مِنْ غَيْرِ عَجْزٍ تَمْهِيدًا عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِذَارِ عَمَّا يَأْخُذُهُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَشُغِلْتُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ إِنَّ الْقِيَامَ بِأُمُورِ الْخِلَافَةِ شَغَلَهُ عَنِ الِاحْتِرَافِ وَقد روى بن سعد وبن الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ انْظُرُوا مَا زَاد فِي مَا لي مُنْذُ دَخَلَتِ الْإِمَارَةُ فَابْعَثُوا بِهِ إِلَى الْخَلِيفَةِ بَعْدِي قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ نَظَرْنَا فَإِذَا عَبْدٌ نُوبِيٌّ كَانَ يَحْمِلُ صِبْيَانَهُ وَنَاضِحٌ كَانَ يَسْقِي بُسْتَانًا لَهُ فَبَعَثْنَا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ فَقَالَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ من بعده وَأخرج بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَزَادَ إِنَّ الْخَادِمَ كَانَ صَيْقَلًا يَعْمَلُ سُيُوفَ الْمُسْلِمِينَ وَيَخْدُمُ آلَ أَبِي بَكْرٍ وَمِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ وَفِيهِ قَدْ كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أُوَفِّرَ مَالَ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كُنْتُ أَصَبْتُ مِنَ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَفِيهِ وَمَا كَانَ عِنْدَهُ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ مَا كَانَ إِلَّا خَادِمٌ وَلِقْحَةٌ وَمِحْلَبٌ .

     قَوْلُهُ  آلُ أَبِي بَكْرٍ أَيْ هُوَ نَفْسُهُ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَقِيلَ أَرَادَ نَفْسَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ احترف حَكَاهُ الطِّيبِيُّ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَسَقُ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ أَسْنَدَ الِاحْتِرَافَ إِلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ عَاطِفًا لَهُ على فسيأكل فلوكان الْمُرَادُ الْأَهْلَ لَتَنَافَرَ انْتَهَى وَجَزَمَ الْبَيْضَاوِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ آلُ أَبِي بَكْرٍ عُدُولٌ عَنِ الْمُتَكَلِّمِ إِلَى الْغَيْبَةِ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ قَالَ وَقِيلَ أَرَادَ نَفْسَهُ وَالْأَوَّلُ مُقْحَمٌ لِقَوْلِهِ وَأَحْتَرِفُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ بَلِ الْمَعْنَى أَنِّي كُنْتُ أَكْتَسِبُ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَهُ وَالْآنَ أَكْتَسِبُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ الطِّيبِيُّ فَائِدَةُ الِالْتِفَاتِ أَنَّهُ جَرَّدَ مِنْ نَفْسِهِ شَخْصًا كَسُوبًا لِمُؤْنَةِ الْأَهْلِ بِالتِّجَارَةِ فَامْتَنَعَ لِشُغْلِهِ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الِاكْتِسَابِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِالْعِلَّةِ وَأَنَّ مَنِ اتَّصَفَ بِالشُّغْلِ الْمَذْكُورِ حَقِيقٌ أَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَعِيَالُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَخَصَّ الْأَكْلَ مِنْ بَيْنِ الِاحْتِيَاجَاتِ لِكَوْنِهِ أَهَمَّهَا وَمُعْظَمَهَا قَالَ بن التِّينِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ عَرَضِ الْمَالِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ قَدْرَ حَاجَتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ إِمَامٌ يَقْطَعُ لَهُ أُجْرَةً مَعْلُومَةً وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ.

قُلْتُ لَكِنْ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي كَانَ يَتَنَاوَلُهُ فُرِضَ لَهُ بِاتِّفَاق من الصَّحَابَة فروى بن سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ قَالَ لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ عَلَى رَأْسِهِ أَثْوَابٌ يَتَّجِرُ بِهَا فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالَ كَيْفَ تَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَمِنْ أَيْنَ أُطْعِمُ عِيَالِي قَالُوا نَفْرِضُ لَك فَفَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ شَطْرَ شَاةٍ .

     قَوْلُهُ  وَأَحْتَرِفُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَيَحْتَرِفُ قَالَ بن الْأَثِيرِ أَرَادَ بِاحْتِرَافِهِ لِلْمُسْلِمِينَ نَظَرَهُ فِي أُمُورِهِمْ وَتَمْيِيزَ مَكَاسِبِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ وَكَذَا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الْمَعْنَى أَكْتَسِبُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ بِالسَّعْيِ فِي مَصَالِحِهِمْ وَنَظْمِ أَحْوَالِهِمْ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يُقَالُ احْتَرَفَ الرَّجُلُ إِذَا جَازَى عَلَى خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ .

     قَوْلُهُ  أَحْتَرِفُ لَهُمْ أَيْ أَتَّجِرُ لَهُمْ فِي مَالِهِمْ حَتَّى يَعُودَ عَلَيْهِمْ مِنْ رِبْحِهِ بِقَدْرِ مَا آكُلُ أَوْ أَكْثَرُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِقَدْرِ مُؤْنَتِهِ إِلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ بِذَلِكَ كَمَا تَطَوَّعَ أَبُو بَكْرٍ.

قُلْتُ وَالتَّوْجِيهُ الَّذِي ذَكَرَهُ بن الْأَثِيرِ أَوْجَهُ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَيَّنَ السَّبَبَ فِي تَرْكِ الِاحْتِرَافِ وَهُوَ الِاشْتِغَالُ بِالْإِمَارَةِ فَمَتَى يَتَفَرَّغُ لِلِاحْتِرَافِ لِغَيْرِهِ إِذْ لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَافُ لَاحْتَرَفَ لِنَفْسِهِ كَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي الْمَالَ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ وَيَجْعَلُ رِبْحَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ رَوَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ أَكَلَ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنَ الْمَالِ أَيْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتَرَفَ فِي مَالِ نَفْسِهِ تَنْبِيهٌ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْوَقْفَ لَكِنَّهُ بِمَا اقْتَضَاهُ مِنْ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ كَانَ يَحْتَرِفُ لِتَحْصِيلِ مُؤْنَةِ أَهْلِهِ يَصِيرُ مَرْفُوعًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى بن مَاجَهْ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ تَاجِرًا إِلَى بُصْرَى فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ إِنَّ إِخْوَانِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَيَأْتِي حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لَهُ عَقِبَ حَدِيثِهَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :1987 ... غــ :071] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ كَذَا ثَبَتَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ إِلَّا رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَبُّوَيْهِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ فَمُحَمَّدٌ عَلَى هَذَا هُوَ الْمُصَنِّفُ وَعبد الله بن يزِيد هُوَ الْمُقْرِئ وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَرُبَّمَا رَوَى عَنْهُ بِوَاسِطَة وَسَعِيد هُوَ بن أَبِي أَيُّوبَ وَأَبُو الْأَسْوَدِ هُوَ النَّوْفَلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِيَتِيمِ عُرْوَةَ وَجَزَمَ الْحَاكِمُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا هُنَا هُوَ الذهلي قَوْله رَوَاهُ همام يَعْنِي بن يحيى عَن هِشَام يَعْنِي بن عُرْوَةَ وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ هُدْبَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ كَانَ الْقَوْمُ خَدَّامَ أَنْفُسِهِمْ وَكَانُوا يَرُوحُونَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَأَمَرُوا أَنْ يَغْتَسِلُوا وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ قُرَيْشُ بن أنس عَن هِشَام عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَالْبَزَّارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ عَنْ عُرْوَةَ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عمْرَة وَتقدم شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  كَانُوا عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ وَقَولُهُ يَكُونُ لَهُمْ أَرْوَاحٌ جَمْعُ رِيحٍ لِأَنَّ أَصْلَ رِيحِ رَوْحٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَيُقَالُ فِي جَمْعِهِ أَيْضًا أَرْيَاحٌ بِقِلَّةٍ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ





[ قــ :1988 ... غــ :07] .

     قَوْلُهُ  عَنْ ثَوْرٍ هُوَ بن يزِيد الشَّامي لَا بن زيد الْمدنِي قَوْله عَن الْمِقْدَام هُوَ بن مَعْدِي كَرِبَ الْكَنَدِيُّ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ بِحِمْصَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي الْأَطْعِمَةِ .

     قَوْلُهُ  مَا أَكَلَ أَحَدٌ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ بَنِي آدَمَ .

     قَوْلُهُ  طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ خَيْرٌ بِالرَّفْعِ وَهُوَ جَائِزٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ من كديديه وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِيَّةِ مَا يَسْتَلْزِمُ الْعَمَلَ بِالْيَدِ مِنَ الْغِنَى عَنِ النَّاسِ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْهُ مَا كَسَبَ الرَّجُلُ أَطْيَبَ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ وَلِابْنِ الْمُنْذِرِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَا أَكَلَ رَجُلٌ طَعَامًا قَطُّ أَحَلَّ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ وَفِي فَوَائِدِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ بَقِيَّةَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ حَدِيثِ الْبَابِ وَزَادَ مَنْ بَاتَ كَالًّا مِنْ عَمَلِهِ بَاتَ مَغْفُورًا لَهُ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَفِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَمِّهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَمِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّ دَاوُدَ إِلَخْ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَفِي رِوَايَتِهِ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ .

     قَوْلُهُ  لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَصْرِ بِخِلَافِ الَّذِي قَبْلَهُ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَيَأْتِي فِي تَرْجَمَةِ دَاوُدَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَوَقَعَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَن بن عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ وَاهٍ كَانَ دَاوُدُ زَرَّادًا وَكَانَ آدَمُ حَرَّاثًا وَكَانَ نُوحٌ نَجَّارًا وَكَانَ إِدْرِيسُ خَيَّاطًا وَكَانَ مُوسَى رَاعِيًا وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الْعَمَلِ بِالْيَدِ وَتَقْدِيمُ مَا يُبَاشِرُهُ الشَّخْصُ بِنَفْسِهِ عَلَى مَا يُبَاشِرُهُ بِغَيْرِهِ وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ دَاوُدَ بِالذِّكْرِ أَنَّ اقْتِصَارَهُ فِي أَكْلِهِ عَلَى مَا يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ كَانَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا ابْتَغَى الْأَكْلَ مِنْ طَرِيقِ الْأَفْضَلِ وَلِهَذَا أَوْرَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِصَّتَهُ فِي مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ بِهَا عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ خَيْرَ الْكَسْبِ عَمَلُ الْيَدِ وَهَذَا بَعْدَ تَقْرِيرِ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَلَا سِيَّمَا إِذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَدْحُهُ وَتَحْسِينُهُ مَعَ عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى فبهداهم اقتده وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ التَّكَسُّبَ لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ وَأَنَّ ذِكْرَ الشَّيْءِ بِدَلِيلِهِ أَوْقَعُ فِي نَفْسِ سَامِعِهِ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ .

     قَوْلُهُ  لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الِاسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ وَأَخْرَجَهُ هُنَاكَ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبَعْدَ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ وَهُنَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ مولى بن أَزْهَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَرْجَمَتِهِ فِي أَو اخر الصِّيَامِ وَحَدِيثُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي ذَلِكَ أَوْرَدَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا وَسَاقَهُ فِي بَابِ الِاسْتِعْفَافِ مِنَ الزَّكَاةِ بِتَمَامِهِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ وَقَولُهُ





[ قــ :1991 ... غــ :075] أَحْبُلَهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ حَبل مثل فلس وأفلس