فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب لا يجوز نكاح المكره

( قَولُهُ بَابُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُكْرَهِ)
الْمُكْرَهُ بِفَتْح الرَّاء قَوْله وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء إِلَى قَوْلِهِ غَفُورٌ رَحِيمٌ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ وَزَادَ الْقَابِسِيُّ لَفْظَ إِكْرَاهِهِنَّ وَعِنْدَ النَّسَفِيِّ الْآيَةَ بَدَلَ قَوْلِهِ إِلَخْ وَكَذَا لِلْجُرْجَانِيِّ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ الْآيَةَ كُلَّهَا وَالْفَتَيَاتُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالتَّاءِ جَمْعُ فَتَاةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَمَةُ وَكَذَا الْخَادِمُ وَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَحِكْمَةُ التَّقْيِيدِ بقوله إِن أردن تَحَصُّنًا أَن الْإِكْرَاه لايتأتى إِلَّا مَعَ إِرَادَةِ التَّحَصُّنِ لِأَنَّ الْمُطِيعَةَ لَا تُسَمَّى مُكْرَهَةً فَالتَّقْدِيرُ فَتَيَاتِكُمُ اللَّاتِي جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِالْبِغَاءِ وَخَفِيَ هَذَا عَلَى بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ فَجَعَلَ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ فِيمَا قَبْلَ ذَلِك وَأنْكحُوا الايامى مِنْكُم وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ بَابَيْنِ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ مُنَاسَبَةَ الْآيَةِ لِلتَّرْجَمَةِ وَجَوَّزَ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مَطْلُوبُ التَّرْجَمَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إِذَا نَهَى عَنِ الْإِكْرَاهِ فِيمَا لَا يَحِلُّ فَالنَّهْيُ عَنِ الْإِكْرَاهِ فِيمَا يحل أولى قَالَ بن بَطَّالٍ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمُكْرَهِ وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ قَالُوا فَلَوْ أُكْرِهَ رَجُلٌ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَكَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفًا صَحَّ النِّكَاحُ وَلَزِمَتْهُ الْأَلْفُ وَبَطَلَ الزَّائِدُ قَالَ فَلَمَّا أَبْطَلُوا الزَّائِدَ بِالْإِكْرَاهِ كَانَ أَصْلُ النِّكَاح بالاكراه أَيْضا بَاطِلا فَلَوْ كَانَ رَاضِيًا بِالنِّكَاحِ وَأُكْرِهَ عَلَى الْمَهْرِ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ اتِّفَاقِيَّةً يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْزَمُ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ وَالْوَطْءِ لَمْ يحد وَلم يلْزمه شَيْء وان وطىء مُخْتَارًا غَيْرَ رَاضٍ بِالْعَقْدِ حُدَّ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ خَنْسَاءَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَمَدٌّ بِنْتِ خِدَامٍ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ وَجَارِيَةَ جَدُّ الرَّاوِيَيْنِ عَنْهَا بِجِيمٍ وَيَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَأَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ بِكْرٍ وَذَكَرَ مَا وَرَدَ فِيهِ من الِاخْتِلَاف ثَانِيهمَا



[ قــ :6580 ... غــ :6946] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْفِرْيَابِيُّ وَشَيْخُهُ الثَّوْرِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون البيكندي وَشَيْخه بن عُيَيْنَةَ فَإِنَّ كُلًّا مِنَ السُّفْيَانَيْنِ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَن بن جُرَيْجٍ لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْفِرْيَابِيُّ إِذَا أَطْلَقَ سُفْيَانَ أَرَادَ الثَّوْرِيَّ وَإِذَا أَرَادَ بن عُيَيْنَةَ نَسَبَهُ .

     قَوْلُهُ  ذَكْوَانُ يَعْنِي مَوْلَى عَائِشَةَ .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ قَالَ نَعَمْ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بن مُحَمَّد وَأَبُو عَاصِم عَن بن جرير سَمِعت بن أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ قَالَ ذَكْوَانُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجَارِيَةِ يَنْكِحُهَا أَهْلُهَا هَلْ تُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا فَقَالَ نَعَمْ تُسْتَأْمَرُ وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِمَضْمُونِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَإِرْشَادٌ إِلَى السَّلَامَةِ مِنْ إبِْطَال العقد وَقَوله سكاتها هُوَ لُغَةٌ فِي السُّكُوتِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الذُّهْلِيِّ وَأَحْمَدَ عَنْ يُوسُفَ عَنْ الْفِرْيَابِيِّ بِلَفْظِ سُكُوتُهَا وَفِي رِوَايَةِ حَجَّاجٍ وَأَبِي عَاصِمٍ ذَلِكَ إِذْنُهَا إِذَا سَكَتَتْ وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ من طَرِيق اللَّيْث عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ بِلَفْظِ صَمْتُهَا وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ أَيْضًا هُنَاكَ وَبَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ إِنْكَاحِ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ الْبِكْرَ الْكَبِيرَةَ وَأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا خِلَافَ فِي صِحَة اجباره لَهَا