فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب طواف القارن

قَولُهُ بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ
أَيْ هَلْ يَكْتَفِي بِطَوَافٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ طَوَافَيْنِ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَفِيهِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طافوا طَوافا وَاحِدًا وَحَدِيث بن عُمَرَ فِي حَجَّةِ عَامِ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا كَمَا فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى وَفِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ رَفْعُ احْتِمَالٍ قَدْ يُؤْخَذُ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ طَوَافًا وَاحِدًا أَيْ طَافَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا طَوَافًا يُشْبِهُ الطَّوَافَ الَّذِي لِلْآخَرِ وَالْحَدِيثَانِ ظَاهِرَانِ فِي أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِلَّا طَوَافٌ وَاحِدٌ كَالْمُفْرِدِ وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ أَصْرَحَ مِنْ سِيَاقِ حَدِيثَيِ الْبَابِ فِي الرَّفْعِ وَلَفْظُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَفَاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ وَأَعَلَّهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ الدَّرَاوَرْدِيَّ أَخْطَأَ فِيهِ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَتَمَسَّكَ فِي تَخْطِئَتِهِ بِمَا رَوَاهُ أَيُّوبُ وَاللَّيْثُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ نَافِعٍ نَحْوَ سِيَاقِ مَا فِي الْبَابِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لِابْنِ عُمَرَ وَأَنَّهُ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ رَوَى هَذَا اللَّفْظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اه وَهُوَ تَعْلِيلٌ مَرْدُودٌ فَالدَّرَاوَرْدِيُّ صَدُوقٌ وَلَيْسَ مَا رَوَاهُ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عِنْدَ نَافِعٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ وَسَعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ وَطُرُقُهُ عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِمَا ضَعِيفَةٌ وَكَذَا أَخْرَجَ من حَدِيث بن مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ نَحْوَ ذَلِكَ وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَالْمُخَرَّجُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ الِاكْتِفَاءُ بِطَوَافٍ وَاحِدٍ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ إِنْ ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ طَافَ طَوَافَيْنِ فَيُحْمَلُ عَلَى طَوَافِ الْقُدُومِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَأما السَّعْي مرَّتَيْنِ فَلم يثبت.

     وَقَالَ  بن حَزْمٍ لَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ أَصْلًا.

قُلْتُ لَكِنْ رَوَى الطَّحَاوِيّ وَغَيره مَرْفُوعا عَن عَليّ وبن مَسْعُودٍ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ لَا بَأْسَ بِهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ وَلَمْ أَرَ فِي الْبَابِ أَصَحَّ مِنْ حَدِيثي بن عُمَرَ وَعَائِشَةَ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ أجَاب الطَّحَاوِيّ عَن حَدِيث بن عُمَرَ بِأَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي كَيْفِيَّةِ إِحْرَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِحَجَّةٍ ثُمَّ فَسَخَهَا فَصَيَّرَهَا عُمْرَةً ثُمَّ تَمَتَّعَ بِهَا إِلَى الْحَجِّ كَذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ مَعَ جَزْمِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا وَهَبْ أَنَّ ذَلِكَ كَمَا قَالَ فَلِمَ لَا يكون قَول بن عُمَرَ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ أَمَرَ مَنْ كَانَ قَارِنًا أَن يقْتَصر على طواف وَاحِد وَحَدِيث بن عُمَرَ الْمَذْكُورُ نَاطِقٌ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَارِنًا فَإِنَّهُ مَعَ قَوْلِهِ فِيهِ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ فِعْلَ الْقِرَانِ حَيْثُ قَالَ بَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَهَذَا مِنْ صُوَرِ الْقِرَانَ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ سَمَّاهُ تَمَتُّعًا لِأَنَّ الْإِحْرَامَ عِنْدَهُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَيْفَ كَانَ يُسَمَّى تَمَتُّعًا ثُمَّ أَجَابَ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِأَنَّهَا أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا.
وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا يَعْنِي الَّذِينَ تَمَتَّعُوا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لِأَنَّ حَجَّتَهُمْ كَانَتْ مَكِّيَّةً وَالْحَجَّةُ الْمَكِّيَّةُ لَا يُطَافُ لَهَا إِلَّا بَعْدَ عَرَفَةَ قَالَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهَا جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمْعُ مُتْعَةٍ لَا جَمْعُ قِرَانٍ انْتَهَى وَإِنِّي لَكَثِيرُ التَّعَجُّبِ مِنْهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَيْفَ سَاغَ لَهُ هَذَا التَّأْوِيلُ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مُفَصِّلٌ لِلْحَالَتَيْنِ فَإِنَّهَا صَرَّحَتْ بِفِعْلِ مَنْ تَمَتَّعَ ثُمَّ مَنْ قَرَنَ حَيْثُ قَالَتْ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ حَلُّوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى فَهَؤُلَاءِ أَهْلُ التَّمَتُّعِ ثُمَّ قَالَتْ.
وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا إِلَخْ فَهَؤُلَاءِ أَهْلُ الْقِرَانِ وَهَذَا أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى إِيضَاحٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا وَمِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْإِجْزَاءِ وَإِنْ كَانَ الْعُلَمَاءُ اخْتَلَفُوا فِيمَا كَانَتْ عَائِشَةُ مُحْرِمَةً بِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ حَلَفَ طَاوُسٌ مَا طَافَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ بَيَانُ ضَعْفِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وبن مَسْعُودٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى آلُ بَيْتِ عَلِيٍّ عَنْهُ مِثْلَ الْجَمَاعَةِ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ عَنْ عَلِيٍّ لِلْقَارِنِ طَوَافٌ وَاحِدٌ خِلَافَ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَمِمَّا يُضَعِّفُ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَمْثَلَ طُرُقِهِ عَنهُ رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أدينة عَنْهُ وَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى مَنِ ابْتَدَأَ الْإِهْلَالَ بِالْحَجِّ أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَأَنَّ الْقَارِنَ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ وَالَّذِينَ احْتَجُّوا بِحَدِيثِهِ لَا يَقُولُونَ بِامْتِنَاعِ إِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ فَإِنْ كَانَتِ الطَّرِيقُ صَحِيحَةً عِنْدَهُمْ لَزِمَهُمُ الْعَمَلُ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا.

     وَقَالَ  بن الْمُنْذر احْتج أَبُو أَيُّوب مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بِأَنَّا أَجَزْنَا جَمِيعًا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ سَفَرًا وَاحِدًا وَإِحْرَامًا وَاحِدًا وَتَلْبِيَةً وَاحِدَةً فَكَذَلِك يُجزئ عَنْهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُمَا خَالَفَا فِي ذَلِكَ سَائِرَ الْعِبَادَاتِ وَفِي هَذَا الْقِيَاسِ مبَاحث كَثِيرَة لانطيل بِهَا وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَلَفَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ بَعْدَ أَنْ دَخَلَتْ فِيهِ إِلَى عَمَلٍ آخَرَ غَيْرِ عَمَلِهِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُتَّبَعَ فِي ذَلِكَ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ وَهِيَ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ حَدِيث عَائِشَة وَسَيَأْتِي الْكَلَام على حَدِيث بن عُمَرَ فِي أَبْوَابِ الْمُحْصِرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنُنَبِّهُ هُنَاكَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِيهِ



[ قــ :1570 ... غــ :1639] .

     قَوْلُهُ  لَا آمَنُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْمِيمِ الْخَفِيفَةِ أَيْ أَخَافُ وَلِلْمُسْتَمْلِي لَا أَيْمَنُ بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ فَقِيلَ إِنَّهَا إِمَالَةٌ وَقِيلَ لُغَةٌ تَمِيمِيَّةٌ وَهِيَ عِنْدَهُمْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنْ حِيلَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَإِنْ يُحَلْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ سَاكِنَةٌ وَقَولُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ أَيِ الَّذِي طَافَهُ يَوْمَ النَّحْرِ لِلْإِفَاضَةِ وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَرَادَ طَوَافَ الْقُدُومِ فَحَمَلَهُ عَلَى السَّعْي.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ إِذَا وَصَلَ بِالسَّعْيِ يُجْزِئُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ تَرَكَهُ جَاهِلًا أَوْ نَسِيَهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ غَيْرَهُ وَغَيْرَ أَصْحَابِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ إِنْ حُمِلَ





[ قــ :1571 ... غــ :1640] .

     قَوْلُهُ  طَوَافُهُ الْأَوَّلُ عَلَى طَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنَّهُ أَجْزَأَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَانَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا وَلَوْ تَعَمَّدَهُ لَا بِقَيْدِ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ لَا إِذَا حَمَلْنَا قَوْلَهُ طَوَافُهُ الْأَوَّلُ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ عَلَى السَّعْيِ وَيُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الثَّانِي حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا طَوَافَهُ الْأَوَّلَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا حمل عَلَيْهِ حَدِيث بن عُمَرَ الْمَذْكُورُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ هُنَا عقب الطَّرِيق الثَّانِيَة لحَدِيث بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ تَعْلِيَةُ السَّنَدِ الْمَذْكُورِ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ وَلَفْظُهُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَا حَدَّثَنَا اللَّيْثُ مِثْلَهُ وَأَبُو إِسْحَاقَ هَذَا إِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَمْلِي فَقَدْ سَقَطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُتَيْبَةَ وبن رُمْحٍ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَعْقِلٍ النَّسَفِيَّ الرَّاوِيَ عَنِ البُخَارِيّ وَالله أعلم